آخر الاخبار
قناة عدن الفضائية مقبرة بدون رفاتنا
بقلم/ صلاح محمد العمودي
نشر منذ: 12 سنة و 8 أشهر و 3 أيام
الإثنين 16 إبريل-نيسان 2012 06:59 م
قناة عدن الفضائية كانت احد أهم الأهداف العسكرية وصدرت اثناء حرب صيف 94 أوامر عليا بتحويلها الى مقبرة تضم رفاتنا حتى يتم إسكات نيران صوتها الذي ارعبهم كثيرا ووصفوه بأنه يؤدي دور عدد من الالوية لكن مشيئة الله وموقعها الجغرافي والتحصينات الدفاعية المحيطة بها تدخلت لإفشال مخططهم ,ظلت المحاولات قائمة ولكن دون جدوى حتى سكتت اصوات المدافع وظل المبنى قائما ولم يصب بأذى ولكننا كنا نشعر باهتزازه وتهتز معه مدينة التواهي بكاملها على اثر سقوط صاروخ هنا و قذيفة سلاح ثقيل هناك فكان لا خيار أمامنا إلا انتظار الموت اذا ما انتهى الأجل والتأقلم مع فجائع اصوات مضاد الطيران وانفجارات الصواريخ وهزات ارتطامها بالجبال او مياه البحر , كان هذا يحدث يوميا اما قبل ان نخلد الى النوم او نصحو على كوابيسها ,كانت ايام عصيبة عشناها داخل مبنى القناة التي بقيت صامدة بصمودنا ولهذا كان الانتقام منها ومنا شديدا ظل قائما منذ اجتياحهم لعدن وحتى يومنا هذا

لا أريد ان ادخل في تفاصيل اخرى خارجة عن سياق الموضوع وليس وقتها الان ولا ان اسرد ما تعرضنا له من مخاطر جراء هذه الحرب القذرة فعدن كلها أصبحت تحت نيران القصف العشوائي بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة برا وجوا وبحرا وبالتالي هناك من عاش ظروفا أصعب وهناك من اقتحمت قذائف الموت عشش نومهم ومساكنهم المتواضعة فيما لقي بعضهم ربه وهو في دور العبادة او على باب الله في طريقه للبحث عن لقمة عيش لأطفاله او شربة ماء تروي عطشهم بالإضافة الى حالات اخرى مختلفة او مشابهه كان ضحاياها من المدنيين الذين عاشوا حالة هلع وفزع ونزوح مستمر من مكان الى اخر بحثا عن الهروب الآمن من قصف عشوائي ظل يلاحقهم كظلهم اينما خطت اقدامهم هذا فقط جزء من مشهد عام يطول شرحه ساده الدمار والحرائق وروائح البارود والدماء وأصداء فتاوى الابادة من علماء الحرب 

اعود الى موضوعي الرئيس حول كيف صمدت القناة في وجه قرار الحرب بتحويلها الى مقبرة وكيف انصاعت له في زمن السلم ولكن دعوني اولا ان أضعكم في مشهد ليلة الفاجعة الأولى فقط وتأثيرها بين أوساطنا فقد انسحب بعدها بعضهم لظروف صحية وكبر السن بينما اختفى آخرون دون اشعار فكان امرا مفيدا قلص من كابوس الترويج لمشاعر الخوف والفزع ورجح كفة الاجواء التي تبعث على التفاؤل بالصمود حتى نهاية المشوار فالذي حدث ان احدهم كان يسأل عن المكان الأنسب والآمن للنوم اتقاء من الغارات الجوية فقلت له ,العاصم هو الله وحده لكن إذا ما أصاب الصاروخ القادم هدفه سيتحول المبنى الى مقبرة تضم رفاتنا,,لم اكمل حديثي حتى سمع دوي انفجار اهتز على إثره المبنى بعدها لم يرى بعضنا الاخر مع اننا في غرفة واحدة ,استفز الاهتزاز مشاعر الاتربة النائمة فهاجت في وجوهنا لتحجب عنا الرؤية وتسيطر على الجو العام لفترة طويلة من الزمن بسبب انعدام التهوية كان تأثيرها مزعجا ومفجعا على كبار السن والذين يعانون من اضطرابات في جهازهم التنفسي وهؤلاء تعذر بعدها بقاؤهم وانسحبوا كما ذكرنا سابقا ,,كانت هذه فقط حكاية ليلة واحدة من ليالي الرعب.

من تلك الليلة شعرنا إننا أصبحنا طرفا مباشرا في الحرب بل احد أهم أهدافها العسكرية , هذا التطور في الموقف لم يغير من الامر شيئا بل جاء متأخرا بعد ان تقدمنا وازدادت ثقتنا في انفسنا .وعليه بدأ فصل جديد من المواجهة فإذا ما تعددت الغارات الجوية وازدادت شراسة القصف علينا في الليل كان ذلك اعترافا منهم اننا قد أبلينا بلاء حسنا في قصفنا الإعلامي عليهم بالنهار وهكذا ظلت الحرب سجالا حتى جرى ما جرى وهذا يحتاج موضوعا اخر

 في 7/7/94 يوم خميس في صباح ذلك اليوم القي القبض على قناة عدن وكان أمر تحويلها الى مقبرة مازال قائما فسلمه العسكريون الى المدنيين الذين ابدوا زهوهم بالنصر على خصم عنيد وشرس يستحق الاحترام والانتقام في آن واحد ,فعرف كل ما يحترم طريقه الى صنعاء عبر (دينات )الفجر ثم تعود الى عدن محملة بكوادر الانتقام التابعة للشرعية الدستورية من صغار السن وعديمي الخبرة والكفاءة للسيطرة على مناصبها القيادية وامتيازاتها المالية ,وفرضوا طوقا محكما من الاهمال والتجاهل وقطعوا عنها كل منافذ الماء والهواء حتى مساعدات فاعلي الخير وعلى رأسهم المستثمر خليجي 20 وأطبقوا بيديهم على انفاس كل شي حيا من حجرها الى بشرها فلم يعد يسمع لها صوت ولا ترى فيها صورة حتى زر تشغيلها وإغلاقها نقل الى صنعاء لتتحكم به كيفما شاءت فتدهور حالها وساءت أوضاعها وانصاعت لقرار تحويلها الى مقبرة ولكن بدون رفاتنا مقابل ان يتفيد ميزانيتها رئيسها وعصابته بعد خصميات من يهمه الأمر في صنعاء 

أخر رؤساء القناة غادر منصبه في الأسبوع الماضي مخلفا وراءه عجزا ماليا يقال انه يتجاوز الستين مليون ريال لكن الرقم الصحيح ستكشف عنه لجنة التحقيق التي سيرسلها الوزير العمراني بعد خروجه من غرفة الإنعاش الاختياري عام 2999 أي بعد 987 عاما من الان ,,نتمنى ألا ينسى اذا ما ظل على قيد الحياة فالأعمار بيد الله

amodisalah@yahoo.com

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
فضل حنتوس
على خُطى الأسد... الحوثي في مأزق خطير!
فضل حنتوس
كتابات
صانعوا الإرهارب القدامى!
علي بن عبدالله
ياسر عبدالله بن دحيمبأي ذنبٍ قتلت ؟!
ياسر عبدالله بن دحيم
مشاهدة المزيد