لماذا يثير طلاب اليمن الفوضى في برلين؟ (2)
بقلم/ عمار بدر الدين
نشر منذ: 11 سنة و 10 أشهر و 22 يوماً
الأحد 27 يناير-كانون الثاني 2013 01:01 م

-  تستيقظ صباحاً تبدأ روتينك العادي بفتح بريدك الإلكتروني، تجد رسالة من قسم الامتحانات في الجامعة يطلب منك تحديد المواد التي تريد أن تتقدم لإمتحانها .. بقي من الوقت شهر من الزمن .. في هذا الوقت يجب عليك أن تنهي جميع حصص المعامل و أن تجهز نفسك للإمتحانات .. تخرج من غرفتك و تتجه إلى صندوق البريد تفتحه لتجد رسائل بإنتظارك .. رسائل تعرفها و تعرفك .. رسائل تجد في الأولى مطالبة بإيجار السكن مع غرامة التأخير .. و في الثانية المطالبة بتسديد التأمين الصحي مع غرامة التأخير .. و في الثالثة المطالبة بتسديد فاتورة التلفون و الإنترنت مع غرامة التأخير .. ثلاث رسائل غرامات تصلك شهريا في أفضل الأحوال .. تبدأ حينها عملية حسابية للزمن .. لتتوصل من خلالها الى نتيجة مؤلمة لوقت وصول المنحة المالية للربع القادم .. حيث تكتشف أن المنحة التالية يتبقى لها أكثر من شهر و نصف الى أن تصل ..  حينها لا تملك من أمرك الا أن تقوم بخطوتين .. هاتان الخطوتان هما شيء روتيني يتكرر كل ترم مع أغلب الطلبة .. الأولى : تتصل لمكتب تشغيل عمال تسأل عن عمل لهذا الشهر .. و الثانية تذهب إلى قسم الامتحانات في الجامعة لتختار مادتين او ثلاث كحد أقصى من المواد المتاح لك امتحانها

- الأزمة العالمية زادت الوضع المعيشي للطلاب في ألمانيا سوءً ، فتكاليف المعيشة زادت بشكل مؤثر بسبب ارتفاع اسعار كل شيء ابتداءً من المواد الغذائية و التأمين الصحي و المواصلات و انتهاءً بأجور السكن التي ارتفعت أكثر من 50% ، بينما في نفس الوقت انخفضت المساعدات المالية بفعل انخفاض سعر الدولار أمام اليورو .

 - 100% من طلاب اليمن في ألمانيا يعملون في الإجازات ، و 80% يعملون أثناء الدراسة بمعدل يومين على الأقل في الأسبوع .. لا تكاد تجد طالباً يمنياً في ألمانيا لم يغسل صحون في مطعم أو يشتغل عاملا في مصنع أو عامل نظافة في مبنى أو مستشفى أو حارساً في معرض أو مرافقاً لكبار السن في دار العجزة .. بل تجد أن الكثير منهم قد إمتهن كل هذه المهن أو جلها.   

- على مدار السنوات الماضية وتحديداً منذ أخر زيادة للمساعدات المالية 2005 للطلاب المبتعثين في كافة دول العالم كان طلاب ألمانيا يبعثون مناشاداتهم و رسائلهم للداخل لرفع المساعدات المالية أو على الأقل تحويلها لليورو و خصوصاً في ظل إنخفاض الدولار مقابل اليورو الذي شهدته السنوات الماضية قبل أن يستعيد الدولار توازنه أمام اليورو في الآونة الأخيرة .. و تم تشكيل عدة لجان لمناقشة وضع و مشاكل طلاب اليمن في ألمانيا ، كان أبرز هذه اللجان لجنة التعليم العالي بمجلس النواب برئاسة الشيخ / حسين الأحمر التي إلتقت بالطلاب في برلين في مايو 2008 و حينها وعد الشيخ الأحمر برفع المساعدة المالية للطلاب في مدة أقصاها عام واحد ، ولكن كانت هذه اللجنة كغيرها تنسى الطلبة و همومهم بمجرد الوصول لأرض الوطن بعد رحلة سياحية فاخرة ..

- في عام 2010 بعث إتحاد طلاب اليمن في ألمانيا رسائل مناشدات عديدة إبتداءً بوزير التعليم العالي و مروراً بلجنة التعليم العالي في مجلس النواب وصولاً إلى رئيس الوزراء و انتهاءً بالرئيس السابق ..

وكان الإهمال وعدم الإكتراث هو الجواب على كل هذه الرسائل من كل من أرسلت إليهم .. و في بداية 2011 أقر الاتحاد عمل إعتصام مفتوح داخل السفارة إلا أن أحداث الثورة الشبابية أجلت الفكرة ، و إعتبر الطلاب أن الوضع في اليمن لا يحتمل أي ضغط إضافي و أن تحقيق التغيير بالثورة الشبابية بما فيه مصلحة الوطن هو المطلب الأهم و ذو الأولوية ..

- في 7 يناير 2013 و بعد مراسلات عديدة أيضا مع الداخل بكل مستوياته قام بها الإتحاد في النصف الثاني من 2012.. وجد طلاب اليمن في ألمانيا أن الحل الأخير هو تنفيذ إعتصام في سفارة بلادنا في برلين و الضغط على الداخل لتحسين الوضع المعيشي للطلبة برفع المساعدات المالية و إعتماد الرسوم الدراسية و حل مشاكلهم و أبرزها مشكلة الملحق الثقافي وتفعيل دور الملحقية الثقافية .. إعتصامهم استمر 12 يوما بطريقة حضارية جدا ، لم يغلقوا السفارة و لم يتشاجروا مع أحد من أعضاء البعثة الدبلوماسية بإستثناء طردهم للملحق الثقافي (إيقافه كان مطلب رئيسي ) .. بل حتى لم يستجيبوا لطلبات الصحافة الألمانية بتغطية إعتصامهم و التي كانت تحاول بإستمرار تغطية فعاليات الإعتصام ، رفضوها لأنهم يحترمون بلادهم و يعتبرون أنفسهم سفراء اليمن الحبيب في أرض ألمانيا .. لذا اعتبروا ما يحدث شأنا داخليا خاصاً ..

- رفع الطلبة إعتصامهم بعد 12 يوماً من الإعتصام المفتوح والمبيت داخل أروقة السفارة والملحقية .. بعد تكليف الحكومة لجنة لمناقشة أوضاعهم و حل مشاكلهم .. و أمهل طلاب اليمن في ألمانيا اللجنة و الحكومة شهراً لتنفيذ مطالبهم المستحقة ، أو العودة للإعتصام حتى تحقيق تلك المطالب الضرورية .

- وهنا أظن أن الجميع يجد العذر لطلاب اليمن في ألمانيا في إعتصامهم ، و بل أطمح كما يطمح طلاب اليمن في ألمانيا أن يجدوا الدعم و المساندة من الجميع .. فلا تتخلوا عنهم .. و قبل ذلك لا تخونهم أو تنتقصوا من حبهم لوطنهم و سمعته.

amar33us@hotmail.com