تونس أمام مفترق طرق...فهل ستدخل الفوضى العمياء؟
سمير عبيد
سمير عبيد

أشارات مهمة:

(1)

 ماحصل في تونس هي ليست ثورة، وكذلك هو ليس أنقلاب عسكري، بل هي "فورة دم" غلت في عروق الشرائح المهمشة بسبب الأوضاع المعيشية السيئة جدا ، وبسبب الأهمال المؤدلج والمستمر من قبل النظام التونسي، وخصوصا ضد الطبقات الفقيرة، وهو نفس الغليان الشعبي الذي حدث في عام 1979 ضد نظام الشاه الإيراني في إيران ،ولكن بأختلاف الأهداف والأسباب والجغرافية.

فعندما تحركت الدماء في عروق بعض الشباب في تونس للمطالبة بـ " الكرامة"، وأيقاف الفساد المستشري في تونس، والذي كانت تدير شبكاته عائلة وحاشية الرئيس بن علي،فمباشرة راحت الطبقات الشعبية المسحوقة والباحثة عن الأمل والحرية لمساندة هيجان وغليان الشباب، وكان الغليان أو الثورة بقيادة الشباب والنساء، ولا ننسى بأن نظام الرئيس بن علي مارس أبشع أنواع الحرب النفسية واللوجستية ضد الإسلاميين المتحزبين، وضد الإسلاميين الربانيين أي ضد الذين يمارسون عباداتهم بشكل صوفي وعقائدي، وهذا حقهم لأنهم مسلمون وفي بلد مسلم، ويفترض أن يمارسوا شعائرهم بحرية تامة، ومارس حربا طويلا ضد الحرية الشخصية والفكرية، وخصوصا ضد الحجاب، وبالتالي تأطرت الشرائح الإجتماعية الرافضة لأساليب وسياسات النظام المنبهر بالغرب ،فكان الأطار شعبيا، وبدليل ليست هناك قيادات للثورة، بل هناك أصوات داعمة للثورة من صحفيين وحقوقيين ونقابيين وغيرهم، ومن هنا فكر زين العبادين والقيادات الحزبية المقربة له بسرقة الثورة " سنعود لها" فنسجوا المسرحية.

 فالرئيس بن علي كان يمارس مخطط أو تجرية أستنساخ الشعب التونسي، وفصله عن ماضيه وموروثه، أي كان يمارس محاولة تهميش وربما أبادة الطبقات الفقيرة والطبقات الرافضة والتي أصبحت تمثل الأكثرية، والمراهنة فقط على الطبقة الوسطى والصفوة، وبعد أن زجها في مشروع " الغربنة والأوربة"، ولكن عندما تمادى كثيرا أنكسرت الجرّة ،وفاض سائلها ،فأنكشف المستور وهو أن الرئيس بن علي مجرد هالة مخيفة خالية من أية شجاعة، بدليل خوفه ورعبه أثناء ألقاء الخطاب الأخير، والسماح لعائلته بالهرب، وحتى قبل الخطاب أي منذ بداية الأحداث، وهذه صورة يجب أن تستفاد منها الشعوب العربية، كي تعرف بأن هؤلاء الحكام مجرد هالة كارتونية هم وأنظمتهم وحاشياتهم.

(2)

حاول الرئيس بن علي الصمود أو الثبات لبعض الوقت، وكان يظن بأن هناك أمدادا قد يصل اليه من الأوربيين الذين راهن عليهم وطيلة فترة حكمة، وعندما فتح لهم تونس لا بل أصبح بخدمتهم وخدمة مشاريعهم وسياساتهم ومخططاتهم، ولكن عندما شعر بأن هناك جفاء أوربي متفق عليه مقابل صمت أميركي، راح ليقلّد سياسات " الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي" وخصوصا عندما لمس بأن الجيش التونسي ليس معه بل مع الشعب التونسي، وعندما وجد نفسه أي الجيش في موقف وموقع لا يُحسد عليه ،ومثلما حصل مع الجيش الإيراني بزمن نظام الشاه في إيران،فراح فنزل الى الشارع والتف حول الشعب التونسي فكسب الشعب، والشعب كسب الجيش وعندما تبادل القبلات والتهاني معه، وباشر الجيش التونسي وبحجة تطبيق الأمن ليؤمن خروج الرئيس بن علي، وتسهيل أنتقال السلطة ولو مؤقتا وضمن لعبة نسجب على عجل، وكان مشهد القبلات بين أفراد الجيش والمتظاهرين عبارة عن رسالة زلزلت الأرض تحت أقدام الرئيس المخلوع بن علي، فحاول بن علي مخاطبة الشعب تحت شعار " الود والمسكنة" وعلى طريقة الشاه الإيراني ،ولكنه لم يلمس أي تعاطف من الثائرين، بل كان الشهداء يتساقطون في شوارع العاصمة وأثناء القاء الخطاب المرتجف، وعندما تسارعت الأحداث وتطوقت وزارة "الداخلية" التونسية سارع الشاه "بن علي" ليقلّد السياسات الأخيرة للشاه الإيراني " محمد رضا بهلوي" وعندما عين "شاهبور بختيار" رئيسا للحكومة في إيران، وراح الشاه بن علي ليُعين " محمد الغنوشي" ومن خلال خطاب كتبه الغنوشي على ورقة بالية وعادية، وأكد بأنه أستلم المهمة حسب الفقرة "56" من الدستور التونسي لأن الرئيس بن علي غير قادر الآن لقيادة الدولة ولم يوضح نوع السبب، وكذلك لم يخوله الرئيس وهو الشرط الدستوري، وبنفس الوقت لم يعلن موقف الرئيس ومكان تواجده ، وهنا بدأ الألتفاف الدستوري والقانوني الفضيع عندما تركت "الفقرة 57" وهي التي توضح الأمور، وتم القفز عليها وهذا أ، ومن ثم عندما تم القفز على النهج الدستوري الذي ينص بأن يكون رئيس البرلمان هو "الرئيس الفعلي لتونس ولـ 60 يوما، ثم يصار الى أنتخابات نيابية"

فما حصل وحسب ورقة "محمود الغنوشي" وديباجتها هو ألتفاف على الشعب والثائرين والرأي العالم، وبهذا فأن الرئيس بن علي لم يُخلع ،ولا زال رئيسا وحسب الدستور، وله الحق برفع دعوى ضد الغنوشي الذي ورط نفسه ولن يستطع فعل أي أنجاز، فشاهبور بختيار أيضا وعد بالأصلاحات وأطلاق الحريات وتطبيق ما أتفق عليه في إيران ولكنه لم يتمكن، فالغنوشي أستمد القوة والوصول لسدة الرئاسة من بن علي، وهذا يعني أن الرئيس المخلوع بن علي يحكم من خلال صورة وهيكل الغنوشي ، ومن خلال صفقة أشرفت عليها " أطراف أوربية أستخبارية، وواشنطن، والأخيرة أجبرت السعودية لقبول بن علي ضيفا مؤقتا وليس لاجئا" فالولايات المتحدة بقيت هي اللاعب القوي، ومن وراء الكواليس، وهي التي كانت توجه "شاهبور بختيار" لتمهد لعودة الشاه لأنها كانت خائفة على مصالحها في إيران والمنطقة، فكانت تمهد لعودة الشاه ومثلما عاد وأسقط حكومة" مصدق" الشعبية في خمسينيات القرن المنصرم، واليوم تمارس واشنطن الدور نفسه، أي هي التي رتبت الصفقة، و تحرك "الغنوشي" خوفا على مصالحها ومن ثم تمهيدا لعودة الرئيس بن علي، ولأن لم يعد فعلى الأقل بقاء هيكلية النظام وحزب بن علي حاكما أو له السلطة العليا في تونس، وسيبقى بن علي يدير غرفة العمليات الخاصة من مدينة " جدة السعودية" بشكل مؤقت لحين أنجلاء الغيوم من فوق تونس الخضراء، فواشنطن لن تساند ثورة دون معرفة ميول وأتجاهات قادتها ، فكيف وأن ثورة تونس شعبية ولم تفرز قيادة سياسية أو ميدانية، وبالتالي أنتظرت واشنطن أياما، وعندما لم تلحظ أن هناك قيادة للثورة سارعت لنسج مسرحية خروج الرئيس ودعم الغنوشي رئيسا مؤقتا.. وعندما أبرقت وعبر القنصل الأميركي العسكري في تونس بتحذيرها لقيادة الجيش التونسي من القيام بالأنقلاب العسكري.

فالشاه وعندما طار هاربا لم تستقبله واشنطن ولا فرنسا، بل حط في القاهرة بأوامر أميركية، وها هو التاريخ يعيد نفسه مع بن علي، فواشنطن التي ليس لها تلك المصالح الخطيرة والمهمة في تونس ولكنها تسعى للتوسع هناك فهي التي دربت ودرسّت بن علي، ومعها باريس التي تعتبر عراب النظام التونسي وصاحبة الإرث الإستعماري في تونس رفضتا أستقبال بن علي فحط في السعودية ضمن صفقة تشبه صفقة الشاه.

ولكن السؤال:

هل سيعاند "محمد الغنوشي" ولن يتنازل عن الحكم مثلما عاند " شاهبور بختيار" وعندما خاطب الأمام الخميني " أهلا بك مواطنا عاديا، ولكن تأتي كحاكم فهذا لن يكون لأني مرتاح على كرسي الحكم"؟ وحينها أصر الشعب الإيراني على أسقاط بختيار، وأعتبر كلام بختيار أهانة للشعب الإيراني و للثورة والثوار ولقادتها فراح فأسقط حكومة بختيار التي عينها الشاه الإيراني أملا بالعودة للحكم، واليوم فالكرة في ملعب الشعب التونسي وقبل أن يستفحل "الغنوشي" المستخدم من قبل قوى هي التي أمرت الرئيس بن علي بالخروج من تونس، وهي التي أمرت الرياض بأستقابله وحمايته كضيف.

ولكن علينا أن نعرّج الى موضوع في غاية الأهمية، لأننا تطرقنا الى الثورة الإيرانية وعلينا تثبيت نقطة مهمة، فصحيح أن الثورة الإيرانية جاءت من أجل الحرية، وأنهاء الديكتاتورية والقمع السياسات العنصرية التي كان يمارسها نظام الشاه الإيراني، ولكن العنصر الأهم هي الرؤية التي كان يحملها الأمام الخميني ورجالات الدين وهي تأسيس دولة " المهدي المنتظر" في إيران، وحسب الروايات الشيعية التي تؤمن بعودة الأمام الغائب وهو الذي يملأ الأرض عدلا.

القراءة الآنية والمستقبلية للأحداث التونسية

بعد المقدمة والأشارات التي أوردناها، نعتقد بأن هناك مؤامرة قادها الرئيس بن علي ومساعديه، وبعض الأحزاب المحسوبة والممولة من الأتحاد الأوربي لسرقة الثورة في تونس، وبدعم من بعض الأنظمة العربية التي تتمنى زرع الأنكسار وبسرعة عند الشعب التونسي لكي تزرعه عند شعوبها كي لا تفكر بالثورة ضدها، ولكي لا تكون الثورة التونسية محفز نفسي ومعنوي للشعوب العربية الأخرى لكي تتخلص من حكامها وعلى نفس الطريفة التونسية.

 فالثورة التونسية ومثلما قلنا عنها هي مجرد " فورة دم" بدليل لم تفرز قيادة ميدانية أو سياسية على الأرض " وهنا مكمن الخطر" وهو السبب الذي جعل الجيش التونسي يأخذ زمام المبادرة ، ويرتب الصفقة مع النظام والرئيس من جهة، ويقوم بتهدئة خطوار الثائرين من جهة أخرى، لأنه عرف أي الجيش بأن الثورة عاطفية بدليل لم تفرز أي قيادة ،وأن تركت هكذا سوف تتطور وستحرق تونس تماما ،لأنها وفي حالة وصولها للقصر و أسقاط رأس النظام على طريقة الرئيس الروماني "شاوشيسكو" حينها تبرد الخواطر، وماذا بعد؟ هنا تبدأ المآساة عندما يلتفت الثوار فلم يجدوا نظاما ولا بنية تحتية ولا دولة، بل يجدوا ركاما مع غياب للمؤسسات والدولة، فحينها سوف يكون الثوار خصوما للشعب والنظام، وتدخل تونس في الحرب الأهلية، أو تضطر للدخول في نظام الحكومة الأنقلابية وبقيادة العسكر، ومن هنا حسبتها واشنطن فسارعت لترويض الجيش التونسي والأستفادة منه في أنجاح المسرحية.

فالمشهد الميداني، ولحد هذه اللحظة يشير بأن الثورة قد سرقت من حيث المبدأ ولصالح "محمد الغنوشي" الذي قبل أن يكون واجهة أخرى لنظام زين العابدين وبدعم أميركي وغربي، ولكن الغنوشي محاصر بأدوات الرئيس بن علي، وبالتالي لن يفعل شيئا وسوف يكون أسير لهذه الأدوات، وحينها ربما سيدخل الجيش على الطريقة الموريتانية فيقيل "الغنوشي" ويأخذ زمام المبادرة مثلما أخذها الجنرال " عبد العزيز" في موريتانيا ،وهنا سوف يُساند الجيش التونسي من قبل الجزائر وليبيا وحتى أيطاليا وأسبانيا خوفا من أن تصبح تونس بؤرة للإرهاب والتنظيمات الإرهابية التي ستنطلق نحو الضفة الأخرى للبحر المتوسط،

ولكن وعلى مايبدو قد فكر الخبير الأمني والإستخباري وهو الرئيس المخلوع بن علي بالأمر، أي فكر بأن هناك أحتمالين " أما يعصي الغنوشي ويبقى بمنصبه، أو يسارع الجيش لخطف الحكم" وحينها سيطبق الرئيس التونسي شعار " عليّ وعلى أعدائي" من خلال تحريك "المليشيات المدنية + الحرس الرئاسي الخاص" وبالفعل قد حركها ،وباشرت في السلب والنهب والترويع في المدن التونسية لكي يوسع مهام الجيش ويسحبه من تونس، أي أن المليشيات المدنية قد باشرت بممارسة حرب الأستنزاف ضد الجيش التونسي حاليا من خلال ثورة السلب والنهب والترويع، من أجل أضعاف وتشتيت الجيش أولا ،وتغيير مزاج الناس ثانيا لكي تسارع الناس للمقارنة بين الأمن الذي كان يطبقه نظام الرئيس وبقوة في المدن وبين الأمن المفقود بزمن الغنوشي والجيش، لكي يعود التعاطف مع نظام بن علي ومثلما تعاطف العراقيون مع نظام صدام في موضوع الأمن، وربما سينجح بن علي في هذا، خصوصا وأن الثوار قد تراخوا وبردوا.

 فيفترض بالثوار عدم التراخي ، والإصرار على أستقالة الغنوشي وحزب الرئيس بن علي، ويصار الى توكيل الجيش التونسي من خلال " أنبثاق مجلس عسكري يرأسه رئيس البرلمان، ولمدة 6 أشهر يصار من خلالها لأنتخابات جديدة يمنع بموجبها ترشيح القيادات الأولى والوسطى لحزب الرئيس بن علي... مع تقديم منح مالية فورية لمجلس الثوار لتأسيس رابطة أو تجمع ينتمي له الثوار الذين فجروا الثورة، وليكن أسمه " تجمع بو عزيزي " ليكون لهم دور كبير في المستقبل السياسي في تونس، والسماح لمعارضة الخارج بالعودة والمشاركة في الإنتخابات"فهنا ربما يحدث التوازن، لأننا نتوقع عدم سكوت الثوار وسوف تتشكل خلايا نقطية وخيطية للقيام بالهجمات غير المنسقة ضد مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية والحزبية، وربما ستنهار العلاقة الحسنة بين الجيش والثوار وسوف يكون خصما ومن هنا ورويدا رويدا تنزلق تونس في الفوضى العمياء.

ماهي القراءة المستقبلية؟

للأسف أن القراءة التي بحوزتنا الآن هي قراءة متشائمة جدا، لأن ثورة الشعب التونسي في طريقها للتبخر بفعل العامل المحلي والعربي والإقليمي والدولي أولا، وبفعل غياب التنظيم، وغياب القيادات الكاريزمية التي تحتوي الثوار ولا تخدعهم، بل تؤطرهم في أطار قوي ومؤثر، فيفترض أن تبرز قيادة للثورة ،ولا يجوز أن تكون بهذه الفوضى، فالحالة الآن في تونس كحالة الثوار العراقيين ضد نظام الرئيس صدام عام 1991 وعندما فشلوا ببلورة قيادات ميدانية وسياسية فراح النظام فنظم صفوفه فسحق الثوار وثورتهم وأعاد السيطرة على المدن العراقية التي خرجت عن سيطرته والتي كان عددها 14 محافظة، لذا نحن لا نتوقع بروز قيادة للثورة التونسية في الوقت الحالي ، وربما ستبرز قيادات مختلفة ولكن بعد حين ،وسوف تتصارع فيما بينها وستكون فائدة الصراع لصالح بقايا نظام بن علي، فنظام بن علي لا زال بقواعده وقوي جدا، وأن الذي حصل هو تغيير شكلي من خلال خروج الرئيس بن علي وربما مؤقتا، فبن علي وشبحه وظله لا زال يهيمن في تونس.

ولكن عندما تتعقد الأمور في تونس سوف تفلت من زمام السيطرة، ونحن نتابع ونشعر بأن هناك "أطرافا عربية لها تحالف وثيق وإستراتيجي مع أطراف دولية وإسرائيلية، وبالسر لديها تحالف مع منظمات إرهابية ومتطرفة ـ نفعية ومستأجرة ـ وليس بالضرورة عقائدية، وأن واشنطن تعلم بهذا التحالف لأنه يخدم مصالحها" سوف تأخذ زمام المبادرة في تونس، وبما أن بن علي يمتلك مليشيات مدنية وبأعداد هائلة، وهي مدربة وجاهزة، وهناك الأفواج الكثيرة التي كانت تحت عنوان الحرس الخاص وهي مدربة وجاهزة ايضا، فسوف يتم أستغلالها ومثلما حصل في العراق بعد أنهيار نظام صدام حسين، لذا نتوقع سوف يكون تونس عضو جديد في مشروع " الفوضى الخلاقة" والتي هي عمياء في جميع فصولها، وسوف تكون تونس أرضا خصبة للتنظيمات الإرهابية والمتشددة الوافدة، ولن نستبعد بروز تنظيمات القاعدة في تونس، لأن هناك مخططات دولية مدعومة بقوة من بعض الأطراف العربية ضد " ليبيا، وضد الجزائر، وضد مصر، وضد شمال أفريقيا" لها علاقة بمشروع "الشرق الأوسط الكبير" والذي يعتمد على المشروع الصهيوني المؤمن بتفتيت الأوطان الى دولات "عرقية، وأثنية، وطائفية، ودينية، وحزبية، وقبلية" علما أن تسمية الشرق الأوسط الكبير هي تسمية دبلوماسية لـ "إسرائيل الكبرى".

فالذي نتوقعه سوف تكون تونس على كف عفريت في حالة تقاعس الجيش عن فهم المخططات الخطيرة، وفي حالة بقاء الثوار بدون قيادة، ويسكتوا عن سرقة ثورتهم، حينها سوف يكون تونس بلدا مخطوفا و القرار فيه على الطريقة اللبنانية، خصوصا وأن الأطراف العربية التي عبثت في لبنان بل هيمنت على لبنان ولمراحل وشعرت بالخسارة أخيرا هناك لها يد ودور في أحداث مسرحية خروج الرئيس الى الرياض تحديدا، وسوف يكون لها دور كبير جدا في جعل تونس بلا قرار وطني وعلى الطريقة اللبنانية، خصوصا وأن هناك غرفة عمليات في دولة مجاورة لتونس، يديرها طرف أستخباري عربي مدعوم من واشنطن وإسرائيل كان ولا زال له الدور الخفي والكبير في أحداث لبنان ومنذ عقود ولا زال قد باشر بمهمته في تونس ليكون له موطأ قدم ليزاحم التواجد "القطري + الإيراني" في دول المغرب العربي، فأن زمام المبادرة أصبح بيد هذا الطرف العربي الذي لا يحبه الشعب التونسي، ولا يحبه الجانب الليبي والجزائري، بل يعتبر خصما الى ليبيا والجزائر والى إيران، وسوف يكون له دور خطير في تونس، خصوصا وهو الممول الرئيسي لبعض التنظيمات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية وحسب وثائق " وكيليكس" الأخيرة.

 ويبقى السؤال:

هل دخلت دول شمال أفريقيا في مشروع الفوضى الخلاقة؟

الجواب:

 نعم ، مع شديد الأسف، فالسودان قد أنشطر، وفي طريقه ليكون ساحة للقاعدة وغيرها، ومصر عبارة عن تفاحة متدلية، وبدلا من أن تحتفظ بسيناء سوف تفقد سيناء والصعيد، وتونس سوف تكون عامل مهدد الى الجزائر وليبيا.

 أما المغرب فسوف يكون موقفها كموقف سوريا ، فتارة بدور ألأطفائي وتارة بدور المحايد، ولكن لن ترضى عن المغرب الجزائر ولييبا وسوف يحدث شد وتجاذب على مستوى خطير ومؤثر لأن المغرب يحتوي على غرفة العمليات وعلى الأدوات اللوجستية الخاصة بمشروع الفوضى الخلاقة في شمال أفريقيا، ويحتوي غرفة العمليات وأدوات الطرف العربي المناكف الى ليبيا والجزائر، والمحارب للتواجد القطري والإيراني في المغرب العربي.. وهذا يعني أن الصراع المتصاعد في شمال أفريقيا هو صراع بين أقطاب أقليميه صاعدة ضد أقطاب دولية وإسرائيلية وبالعكس، وهناك الأنظمة العربية المنقسمة والتي توزعت بين القطبين المتصارعين!.

فرحم الله شهداء الثورة التونسية وعميدهم الشهيد محمد بو عزيزي، ونسأل الله أن يتكرر سيناريو بن علي مع جميع الديكتاتوريين في الوطن العربي، لكي تتنفس شعوب المنطقة نسيما عنوانه الحرية والكرامة.

 •كاتب ومحلل في شؤون الأمن القومي

Sam.samir350@gmail.com


في السبت 15 يناير-كانون الثاني 2011 07:16:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=8779