أنثى الضحك للرازحي2
د.عبدالمنعم الشيباني
د.عبدالمنعم الشيباني

هذه هي الحلقة الثانية من قراءة نقدية بعنوان :(( أنثى الضحك للرازحي)) واقرأوا مرة أخرى- إنْ شئتم- الحلقة الأولى على صفحات هذا الموقع الشاعري القشيب حسب الرابط هنا .

يقول الشاعر عبد الكريم الرازحي مهدياً القصيدة: "إلى الزميل والصديق الضحوك محمد المقالح الذي يقبع الآن في سجون يمن الاكتئاب بتهمة اقتراف الضحك".

النص

في مهرجان الضحك

ضحكنا كثيراً

ضحكنا إلى أن بلغنا تخوم البكاء

إلى أن تعبنا

من الضحك كدنا نموت

من الضحك متنا

نسينا مع الضحك شكل الكلامْ

***

في مهرجان الكلام

ضحكنا بدون رقيبٍ

بجدِّيةٍ لا تُطاقُ

جُبنا الشوارع

نمشي ونضحكُ

من كل شيءٍ

ومن أي شيءٍ

من الشعراء

من بعضهم

يحضر المهرجان

يجيء بصحبة نُقادهِ

ناقدُ عن يمينٍ

ناقدُ آخرُ عن يسارٍ

تصيح «ابتسام:

كيف تسيرُ بلا ناقدٍ؟

أيُّ رعبٍ

وأيُّ جنون؟

وفي شارعٍ مثخنً بالزحامْ

تفجَّرت الضحكاتُ

تفجَّر مقَهىً على شارعين

تشظىَّ الزجاج من الضحكات

ومن قهقهاتِ ابتسام

لها ضحكةُ أصلها غامضُ

تتفرَّعُ مثل قرون الأيائلِ

أصداؤها،

صوتُ بعض المعادن حين تَجنُّ

وصوتُ جنون الرخام

***

هي أنثى الضحك

كلما ضحكتْ أبدعتْ

أطلقت قمراً في الهواء

سربَ يمام

ونافورةً من حَمَامْ

***

ذات ضحكٍ مُريعٍ

ضحكنا إلى أن فُجعنا

إلى أن فُجعتُ بصوت «ابتسام:

حين نعودُ سيقتلنا الاكتئاب

هو الضحكُ جُرمٌ

فلا تستطيعُ

ولا أنا أقوى على الابتسام. ْ

هو الضحكُ قلتُ الملاذ الأخير

وفي يمنِ القات والإكتئاب

كلُّ ضحكٍ حرامُ

وكلُّ ضحوكٍ

عدوُّ النظامْ..

***

تجسيد لصورة الضحوك ابتسام

تعالوا نتخيل الشاعر وهو يمشي مع امرأة نا ضجة 34 سنة، طويلة وممتلئة وذات أرداف ثقيلة ، وأسنان بيضاء ، ابتسام تضحك ببراءة وبصوت عالٍ ، يمران من شارع العشرين في صنعاء المؤدي إلى شارع هايل ،يسيران معاً جنباً إلى جنب ، وأن ضحكات ابتسام العالية دليل برائتها وثقتها بنفسها ودليل حيوية الأنثى الممتلئة تضحك فيتهشم زجاج المحل ولم تبال- من فرط ثقتها بنفسها- ما سيقوله الناس في الشارع..

إبتسام هي القصيدة رفيقة الشاعر تمشي معه في أحلام اليقظة

لـ ابتسام صورتان حسية مجسدة، ومعنوية هي القصيدة ترافق الشاعر في أحلام اليقظة، يمشي ومعه القصيدة، وهي حالة تنتاب كل شاعر أو أديب أو مفكر، يمشي ومعه الفكرة أو القصيدة يضحكان معاً أو يثوران..(((ابتسام الرازحي))) قصيدته التي لا تفارق ظله، وهي ابتسام معنوية غير مجسدة وهي ظل لامرأة مجسدة ..وقد نجح التصوير مقنعاً القراء بالتجسيد مرة وبالخيال مرة أخرى..

الضحك في مواجهة سلطة الاكتئاب

قراءة لما يسمى بـ(أدب البوست كولونيالزم)-مرحلة مابعد الاستعمار-ومفاده أن انسحاب الإستعمار أورثه أنظمة تمارس نفس دور القوة والإستعلاء والاعتداء على حرية المجتمع....،يعمد الأدباء والشعراء والكتّاب الى استراتيجيات وتقنيات للمواجهة مثل الرمز والأسطورة الشعبية والنكتة ، وعند الرازحي ((استراجية الضحك في مواجهة عدوانية النظام الذي يفرض الكآبة على المجتمع))..تقنية المواجهة هي الضحك في وجه واقع النظام القمعي الذي يحرم الابتسامة ويفرض خريطة العبوس على ارجاء الوطن.. يقول لك النظام: ((ممنوع الضحك))،ممنوع الشِّعر،وممنوع أنْ تكتب..

قوة القصيدة ابتسام أقوى من قوة ((الممنوع))

ضحكات ابتسام القصيدة تقنية واستراتيجية للشاعر لمواجهة استراتيجية النظام الذي يحرم الضحك ولكن للقصيدة قوتها تتشظى كالقنبلة النووية ولها انشطارات وتفرعات هل يقوى النظام على ايقافها؟..تحديات القصيدة ابتسام وضحكاتها العجيبة وتفرعاتها في الكون إبداعاً عجيباً ((يطلق قمراً في الهواء..سرب يمام...ونافورةً من حمام......))، هكذا هو الشاعر كلما وقعت نظرته على الأشياء تنبعث فيها الحياة بقوتها وبهجتها.. في رواية الكاتب الروسي بوريس باسترناخ ((دكتور زيفاجو)) يصور البطل زيفاجو- الشاعر والطبيب- أنه مصدر حيوية للكون والطبيعة، ينظر الى الأرض الجرداء فتستحيل رياضاً غنّاءة في مواجهة نظام القمع العسكري السوفيتي الذي يصم معارضيه بأنهم ((ثورة مضادة يجب سحقهم))...، مشروع شاعرنا الرازحي هو البهجة والحيوية والإبتسامة ((مشروع الضحك)):

هي أنثى الضحك

كلما ضحكتْ أبدعتْ

أطلقتْ قمراً في الهواء

سربَ يمام

ونافورةً من حَمَامْ

***

ذات ضحكٍ مُريعٍ

ضحكنا إلى أن فُجعنا

إلى أن فُجعتُ بصوت «ابتسام:

حين نعودُ سيقتلنا الاكتئاب

هو الضحكُ جُرمٌ

فلا تستطيعُ

ولا أنا أقوى على الابتسام. ْ

هو الضحكُ قلتُ الملاذ الأخير

وفي يمنِ القات والإكتئاب

كلُّ ضحكٍ حرامُ

وكلُّ ضحوكٍ

عدوُّ النظامْ..

***

** الشاعر والقاص اليمني الشاب هشام محمد: تحية طيبة-- راسلني على الإيميل أدناه

 

يتبع الحلقة القادمة

شاعر وناقد يمني

a.monim@m.com

 
في الأحد 24 أكتوبر-تشرين الأول 2010 03:57:04 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=8163