عوائق حكومية
ابو الحسنين محسن معيض
ابو الحسنين محسن معيض

رن جوالُ الدكتورِ حسن اخصائي جراحة المخ والاعصاب والعمود الفقري الساعة الخامسة مساء وسمع صوتَ زميله عبد السلام الطبيب المناوب في قسم الطواري يقول في عجلة ولهفة شديدتين: هناك حالة طارئة تستدعي وجودك حادثة سير اسرع فالوضع خطير ..

كان هذا يوم الجمعة وقد وعد أولاده بالنزهة في أرجاء المدينة فعمله الطبي لا يسمح له بقضاء وقت كثير معهم ولكن إنقاذَ حياة إنسان أهمُ عنده من نزهة تعوض في وقت لاحق ... استاذن زوجته واولاده الذين تبرموا ولكنهم باتوا يتفهمون الوضع جيدا

وانطلق مسرعا بسيارته في طرقات المدينة تتتمثل أمام عينيه صورةُ مصاب لا بد من الوصول إليه في أسرع وقت ...

أمامه إشارة مرور خضراء أسرع ليتجاوزها اقترب منها.... تغيرت الى اللون الاصفر .. أسرع أكثر تجاوزها حين تغيرت إلى لون النار الأحمر... تنفس الصعداء فهمه أن يصلَ المستشفى سريعا ... وفجأة ظهرت وراءه سيارةُ نجدةٍ قد أطلقت بوقَها وصوتُ سائقِها أمراً سيارة الدكتور حسن بالتوقف .. وقف جانبا بسيارته و نزلمسرعا قبل أن تقف سيارة النجدة ...

اقبل نحو الشرطي وقد اخرج بطاقتيه الشخصية والوظيفية الخاصة بعمله في المستشفى ...

قائلا بصوت متهدج : أرجوك هناك حالة طارئة تحتاج إلى إسعاف وقد تلقيت هاتفا من ..... وفي شدة وغلظة قاطعه صوت الشرطي ذي الكرش الممتلئ والوجه المتورم : ما لي من هذا الهراء ..لقد قطعت إشارة المرور ..ابرز رخصتك و ....  ـ يارجل حصلت حادثة على الطريق وحياة انسان ستضيع إن لم ....

قاطعه بحدة الشرطي : الأعمار بيد الله مالي وله .. الرخصة والوثائق بسرعة

ـ الا تفهم ما اقول لك .. لا حول ولا قوة الا بالله ....

ـ رخصتك بسرعة أو أخذك إلى الحجز ...

 اخرج الدكتور رخصته وأوراقه الأخرى ودفعها للشرطي وهو يقول : خذ ولكن بالله عليك أسرع ..

وفي تثاقل وتمطط مقيت أخذ الشرطي يكتب المخالفة بينما الدكتور حسن يتحرك يمنة ويسرة ويزفر بالهواء متضايقا ...

أسرع يا أخي الا تعني لك حياة الناس شيئا ... هز رأسه ومضى يكتب في تثاقل عجيب ....

ـ عند باب الطوارئ استقبل الدكتور عبد السلام زميله الجراح : ما الذي أخرك هكذا أسرع غرفة العمليات جاهزة منذ مد... ة

وقف أمام المصاب وبداء بيد خبيرة يتعامل مع الحدث ... بعد حوالي ساعتين خرج الدكتور حسن من غرفة العمليات ...

استقبله أبو المصاب قائلا بلوعة وتوجس : خيرا يا دكتور .... طمني ..

رد بكل أسى وإشفاق : أحسن الله عزائكم في ولدكم لم نستطع إنقاذه ..

للأسف لقد فقد كثيرا من الدماء وتأخر الوقت على إسعافه .. أجهش الحاضرون بالبكاء ...

وهناك في زاوية من المستشفى وقف مترنحا يضرب رأسه في الحائط .. متشنجا يبكي ابن أخيه الميت 

شرطيٌ ذو كرش ممتلئة ووجه متورم !!


في السبت 29 مايو 2010 08:13:19 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=7211