شبام حضرموت مانهاتن الصحراء

عجيبة في هيكلها، عظيمة في بنائها، شامخة في بناياتها لا يكاد احد يصدق أن مثل هذه المدينة العملاقة الطينية موجودة في أقصى جنوب الجزيرة العربية في قلب وادي حضرموت، نعم إنها شبام حضرموت.. ناطحات سحاب طينيه مغروسة في الصحراء (كالكعك بكريمة السكر ) كما شبهتها عالمة الآثار الدكتورة سلمى الصافي..

حالما يشدك الشوق لزيارة شبام فأنت حتما ستنتقل من عصر النهضة الصناعية والاليكترونية المعقدة إلى عصر الحضارة الزاهية القديمة المبسطة، وعندما تدلف إحدى البوابات الرئيسيه لأحد منازلها ستشم رائحة البخور ينقلك ذلك المشهد وتلك البوابة المنقوشة بأروع النقوش وتلك الرائحة المنعشة إلى 1000 سنه قبل الميلاد حيث التاريخ القديم المتمثل في حضارة زاهية دامت لقرون عديدة.

وحينما ترى ( الخادمه) تخبز الخبز من دقيق القمح أو الذرة في ( التنور) وتشم رائحة الخبز الفريد من نوعه وتجلس على حصيره ( سعف النخل) وأمامك سفره من حصير أيضا ويقدم لك ذلك الخبز على صحن من حصير أيضا لا تصدق انك تعيش في القرن العشرين حيث الحضارة المصطنعة وإنما ترى انك تعيش في قرن ذي حضارة زاهية جميله غير مصطنعه وبيئة صافية لا يكدرها الدخان ولا عوادم السيارات وضجيج الآلات والمصانع.

وحينما تجلس في مجلس الرجال ( المحضره ) وتقلب عينيك في ذلك المجلس فترى الاعمده التي تحمل السقف المزخرفة والمنقوشة وكذا الخزائن المحفورة في الجدران ذات الأبواب المنحوته وتنظر إلى خارج المنزل من نافذة ذات فتحه أو فتحات مزركشة وملونة بأحسن الألوان، ثم تقدم لك القهوة ( من البن اليافعي) او اليمني ( من المخا) ينتقل بك الخيال إلى حضارات عظيمة سادت ثم بادت..

بساطه في المعيشة مع فن في التشييد والبناء يزينه تواضع وحلم وكرم فماذا تريد أكثر من هذا ؟ تستنشق عبير التاريخ وتستلهم حضارة القرون والممالك اليمنية القديمة كل ذلك في منزل من منازل شبام العالية.

موقعها المتميز..

الناظر الى وادي حضرموت يرى ان موقع المدينة قد اختير بعناية فائقة فهي تقع بين ( جبل الخبه ) جنوبا والقارة ( قارة آل عبدالعزيز ) شمالا،لاتمر قافلة من الشرق الى الغرب او العكس الا عبرها..

اختير الموقع لتكون بحق عاصمة الوادي وملتقى القوافل المحملة بثروات ذلك الزمان البخور واللبان والمر والصبر والرياش القادمة من الشرق من ظفار ارض اللبان ومن الشحر الميناء القديم لحضرموت الذي تجلب إليه لطائف الهند والصين ومنه الى مدينة شبام وشبوه عاصمة مملكة حضرموت ومأرب عاصمة السبئيين ثم الى مصر او الشام وكذلك من قنا أيضا الميناء الثاني لحضرموت..

وحاصلات البخور واللبان هي بمثابة معدن الذهب في عصرنا هذا فهو ثروة لمنتجيه وتعتبر البلدان التي يأتي منها مقدسه حيث يستعمل في المعابد الفرعونية والفينيقية والهندوسية فهو بهذا ماده مقدسه في نظرهم يتقربون بها إلى أصنامهم.. وكان الحضارم يتنقلون مع قوافلهم تلك المحملة بالنفائس واللطائف عبر الممالك القديمة فاكتسبوا بذلك معرفه بالحضارات والأديان وخبره في التجارة وتسيير القوافل فكانت مدينة شبام مركزا لتلك القوافل وسوقا تجاريا بل ومهدا لحضارة سادت ثم بادت..

اصل التسمية والنسب..!

سميت بهذا الاسم ( شبام ) نسبة إلى اسم ملكها ( شبام بن حضرموت بن سبأ الاصغر ) وفي رواية اخرى ان سكان شبوة عند تهدمها نزحوا الى هذا الموقع وسط الوادي وسموها ( شباه ) تم تحولت التاء الى ميم، وهذا ما يشير اليه الهمداني.

لكن البعض من المهتمين بتأريخ المنطقة يرى ان اسم شبام ربما يكون اسما لأحد الملوك او المكاربة ( حكام قدماء ) أو كاهنا أو قائد كبيرا في المنطقة في ذلك الوقت خاصة وان كثيرا من المدن تسمى بهذا الاسم، مثل شبام كوكبان وشبام الغراس وشبام حراز وغيرها من المناطق، ويقال ان اسم المنطقة يعود الى كونه اول باني لمدينة شبام حضرموت..

وتنسب شبام الى بانيها الحميري شبام بن الحارث بن حضرموت الأصغر بن سبأ الأصغر بن كعب بن سهل من زيد الجمهور ويرتفع النسب الى الهميسع بن حمير بن سبأ الأكبر من قحطان وهذه النسبة قد تكون نسبة بناء وإنشاء او ربما نسبة سكنى واستيطان

كانت من المدن المعروفة والمشهورة فيما بين القرن 14 قبل الميلاد والسادس بعد الميلاد كما ذكر ذلك المؤرخ جورجي زيدان في كتابه ( العرب قبل الاسلام ) وعدد مدنا كانت قائمه في تلك الفترة ذات حضارة وهي ( مأرب وصرواح ومعين ونجران وصنعاء وشبوه وشبام وتريم وظفار وريدان )..

وبحسب المؤرخين فإن مدينة شبام القديمة اكبر مما هي الآن، والدليل على ذلك ماذكره الهمداني عنها، اذ قال: أما قبيلة حضرموت فمساكنهم الجهة الشرقية والوسط من وادي حضرموت وأولى بلادهم شبام، وسكنها حضرموت ( قبيلة ) وبها 30 مسجدا _ أي في عصره _ إذ أن بها حاليا 6 مساجد جامعة، ونصفها خربتها كندة ( قبيله حضرمية مشهورة )، وسكانها بنو فهر بن حمير وبنو فهر بن سبأ بن حضرموت ومساحتها توازي تقريبا اثنى عشر مليون متر مربع..

ووصفها الهمداني أيضا في كتابه المشهور ( صفة جزيرة العرب ) بما يلي: شبام مدينة في حضرموت وسوق الجميع قصبة حضرموت، وقد تحدث عنها كثيرا المؤرخان ياقوت الحموي والقزويني، ومن ملوكها المشهورين قيسبة بن كلثوم السكوني الكندي المولود بشبام عام 6 قبل ميلاد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) والمتوفي العام 37 هجرية، وكان قائدا عسكريا شارك في فتح مصر العام 20 هجرية.

أسماؤها

لكل مدينة من مدن حضرموت عدة اسماء تدل على حقب تاريخية مرت بها او ملوك حكموها او منجات اشتهرت بها، ومن هذا المنطلق فقد أطلق على مدينة شبام أكثر من عشرة أسماء فهي بالإضافة إلى شبام، بيحم، الصفراء، العاليه، البلاد، مدينة حضرموت، ام الجهه، الوالده، الزرافه، الدمنه، وام القصور العوالي، ناطحات السحاب، منهاتن الشرق الى غيرها من الاسماء والصفات التي اطلقت عليها لجمالها وطيب هوائها ودماثة أخلاق ساكنيها..

سكانها ومنتجاتها قديما وحديثا.

لم يسكنها غير العرب القحطانيون في الازمنه القديمه الى القرن السادس والسابع الهجري حيث خالطهم من العدنانيين جماعه من الساده العلويون وبعض من قريش فكان ساكنوها من قبيلة حضرموت التي تنسب الى حضرموت بن سبأ الاصغر من حمير بن سبأ وقبيلة الصدف وهو مالك بن مرتع بن معاويه بن عفير بن كندي من كهلان في سبأ وقبيلة السكون وهو السكن بن اشرس بن كندي وبعض قبيلة تجيب السكونيه، ثم جاورتهم بها قبيلة كنده وكنده هو ثور بن مرتع بن معاويه بن عفير بن كندي اخو الصدف بن مرتع..

وفي القرن الاول الهجري نزلت بها جماعه من الازد من بني مازن من كهلان بن سبأ ثم خالطهم في الازمنه المتأخره بعض قبيلة يافع من ذي رعين الحميريه وطوائف من همدان الكهلانيه وقضاعه الحميريه واغلب سكناهم ضواحي المدينه والقرى المحيطه بها.. وجميع طبقات المجتمع هم من هذه القبائل التي ذكرنا وانما اصبح التمييز الطبقي عند غلبة الجهل وتقلبات الدول وضياع الأنساب

اشتهرت المدينه وساكنوها بالتجاره والزراعه فكما اسلفنا كانت ملتقى القوافل وفي عصور متأخرة كانت مركزا تجاريا حتى ان البعض اسماها بورصة حضرموت لأن الاسعار تزيد وتنقص حسبما هو جار في شبام ويتأثر بذلك جميع وادي حضرموت اما غلاتها الزراعيه فكانت قبل اجتياح السيول لها وللوادي عموما هي الكروم ــ الأعناب ــ بأنواعها والتين وبعض الفواكه وتكثر بها زراعة النخيل والحبوب من القمح والذرة البيضاء والصفراء اما في الوقت الحاضر فلا يوجد بها غير النخيل والقمح والذره وبعض أنواع البقوليات والخضروات..

طريقة بنائها الفريد

بنيت المدينة على الطراز القديم، إذ أن شوارعها ضيقة ملتوية لكن موقعها الذي اختير لبنـاء ( أقدم ناطحات سحاب ) في العالم اختير مركزا دفاعيا لمدينة حصينة.

مدينة المدن اليمنية وأكثرها شموخا، كانت ولازالت عنوان لقدرة العامل اليمني على الابداع وعبقرية البناء الذي مازال حتى وقتنا الراهن مميزا في العمارة، ان بيوت ومنازل المدينة المختلفة المبنية من اللبن ترتفع بشكل مثير للإعجاب، ويترواح سمك جدران الدور الأرضي للمنزل الحضرمي في شبام بين مترين وثلاثة امتار، لكن هذا السمك يتناقص نحو الأعلى حتى الحافة العليا للبيت، وعادة ما تطلى المنطقة العليا من المنزل بطبقة كبيرة من الجير الأبيض ( النورة ).

الدور السياسي

اعتبرت مدينة شبام منذ القدم العاصمة السياسية والاقتصادية لوادي حضرموت بل ولحضرموت كلها، وتقول مصادر التاريخ انه عندما اعتنق الحضارم الدين الإسلامي في العام العاشر الهجري أرسل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) زياد بن لبيد البياضي ليكون عاملا له على حضرموت واتخذ شبام مقرا له لإقامته متنقلا بينها وبين مدينة العلم المعروفة في حضرموت، وهي مدينة تريم.

وقد انطلقت من هذه المدينة ثورة عبدالله بن يحيى الكندي العام 128 هجرية ضد الحكم الاموي واستمرت منطلقا وقاعدة لمقاومة الحكم العباسي بحضرموت، وانتشر فيها آنذاك المذهب الاباضي ومركزه الرئيسي شبام الذي انتهى في القرن السادس الهجري.

وذكر الطيب ابو مخرمة في القلادة انها مقر وعاصمة لدولة بني آل دغار بن أحمد من عام 64 هجرية الى عام 504 هجرية، استولى آل يماني بن الاعلم عليها واتخذوها عاصمة لهم حتى 616 هجرية، ثم استولى عليها ابن مهدي واستمرت شبام عاصمة سياسية لوادي حضرموت حتى العام 928 هجرية، حيث اصبحت سيئون العاصمة السياسية لحضرموت من قبل السلطان بدر بوطويرق الكثيري، لكنها ظلت عاصمة تجارية واقتصادية، حيث كانت منذ إنشائها مركزًا تجارياً هاماً تنطلق منها القوافل التجارية الى الحجاز والعراق براً وعبر مينا بئر علي والشحر الى الهند والصين، واهم المواد المصدرة البخور و اللبان والمر لاستخدامه في المعابد الوثنية في ذلك الوقت.

أهم معالمها التاريخية

بداية لابد من الإشارة أن شبام ( كمدينة متكاملة ) معلم تاريخي بارز وتبرزاهم معالم هذه المدينة التاريخية في سورها المحيط بها من كل الاتجاهات وهو مبني على الطراز القديم، ولها بوابة وحيدة كانت تغلق ليلاً، وبيوتها عبارة عن ناطحات سحاب هي الأولى على مستوى العالم، مبنية من الطين النيئ، وتتراوح طوابقها من 6 الى 16 طابق، وارتفاع كل طابق ما بين 4 إلى 6 أمتار، وتمتاز بالنقوش والزخارف على أبوابها ونوافذها المصنوعة من الخشب المحلي (السدر) شجر النبق، وتعمّر البيوت إلى أكثر من500 سنة إذا وجدت الصيانة الدورية لها.

كما ان من أبرز معالمها الجامع الكبير المسمى (جامع هارون الرشيد) الذي تم تشييده العام 166 هجرية، بالإضافة إلى مسجد ( الخوقة ) الذي كان مركزاً للاباضية ( فرقة من الخوارج ).

وهناك أيضا القصر الشمالي الذي بني في الفترة (617 هجرية) وكان مقراً لحكم الدولة المتعاقبة اتخذه ابن مهدي في ذات العام مقرا له وفي (618 هجرية) حفر خندقاً أحاط بالحصن ممتدا إلى مسجد الخوقة وحفر علي بن عمر الكثيري بئرا بجانبه سنة 836 هجرية وهو مازال قائماً الى الان بعد ان ازيلت منه ثلاثة طوابق، وقد تحول حاليا الى مقرا للهيئه العامة للمحافظه على المدن التاريخية في حضرموت حيث يسهم في إعادة بناء ماعبثت به ايادي الاهمال.

وقد اعتبرت اليونسكو مدينة شبام من ضمن قائمة مدن التراث الانساني، ونفذت فيها العديد من المشاريع للحفاظ عليها خوفا من الاندثار، بخاصة في ظل الهجمه الشرسة للبناء المسلح الذي بدا يغير ملامح كثير من المدن اليمنية القديمة، ومنها شبام..

حوادث الدمار التي مرت بالمدينة

مرت على المدينة حوادث وأحداث منها الدمار الأول الذي أتى على أجزاء كبيرة منها عند تهدم سد مأرب الذي كانت مياهه تصل حتى وادي حضرموت وذلك مابين 420 و450 بعد الميلاد ثم كان الدمار الثاني عندما حاصرها القائد اسعد تالب الجدني في عهد الملك ذمر علي يهبر من 320 ـــ 450 بعد الميلاد فدمر أسوارها وحصونها ودك كثيرا من دورها وظهرت كمدينه قويه منيعه في النقوش الحميريه ( المسند) في عهد مملكة ( سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات ) مابين 300 ـــ 320 بعد الميلاد وفي العهد الإسلامي تم تدميرها من الجيوش المهاجمه واجتياحها بفعل السيول ومن ذلك الدمار الذي لحقها بعد سقوط الدولة الاباضيه الأولى والتي كانت مركزا من مراكزهم وقلعه من قلاعهم الحصينه فقدم الى حضرموت شعيب البارقي احد قادة جيوش الامويين 131 هـ فهدم سورها وكثير من دورها والدمار الثاني كان بعد200 هـ عندما تحاربت كنده القبيله مع حضرموت القبيله فتهدم قريبا من نصف المدينه وكان بها اذ ذاك تقريبا 30 مسجدا ثم كان لأجتياح السيول دور كبير في اخذ ماتبقى منها، ففي عام 656 اجتاح المدينه ومدن حضرموت عموما سيل عظيم كان اسمه جاحش دليل على قوته الذي دمر بلدانا كثيره وهلك فيه اكثر من 400 انسان ثم كان السيل العظيم المسمى ( الهميم) الذي اجتاح وادي حضرموت 698 هـ ودمر كثيرا من دور شبام وخرب الأراضي الزراعية بها وجرف قطعه كبيرة من شبام بها سبعه مساجد ودورا كثيرة في الجانب الجنوبي من المدينه وهذا السيل هو الذي غير معالم المدينه فأصبح مجرى السيول في جانبها الجنوبي الذي خط سيل الهميم للسيول طريقا فيه بعد ان كان مجراها في الجهه الشماليه من المدينه واصبحت بقية شبام قائمه على شبه أكمه قريبا من شكلها الحالي.

مميزات البناء الشبامي

عرف الشباميون فن بناء ناطحات السحاب من مواد بسيطة من طين وتبن وخشب قبل ان يعرف الغرب ناطحات سحابهم بأكثر من خمسه قرون، ومن مميزات البناء الشبامي للبيوت أن اغلب بيوت المدينة تكاد تكون متشابكة يربط بينها باب يسمى ( المسلف ) تنفذ منه النساء من طابقهن والرجال من طابقهم إلى البيت المجاور حتى ان الشخص يستطيع أن يمر من بيت إلى آخر إلى عشره أو عشرين منزلا دون ان يخرج الى الشارع، وهذه مفيدة في حالة الحروب والحصار.

كما ان هناك ميزة اخرى في البناء الشبام وهي عمل فتحات فوق النوافذ في داخل الغرف خاصة بالتهوية ولدخول أشعة الشمس وتصميم غرف المنازل بهذا الشكل هو صحي لتجدد الهواء بها ودخول الشمس إليها.

أما الحمامات فهي بحد ذاتها عجيبة في هندستها وخاصة منفذ المخلفات الذي يسمى ( مخوال ) فكل فتحه في حمام طابق تختلف عن الفتحة التي تعلوها وبهذه الطريقة يكون منفذ كل حمام مختلف ولكنه يصب في موقع واحد..

مساجدها العامرة والقديمة

اما مساجد المدينه فمنها القديم ومنها الجديد والذي يشار إليه بالاهميه وكونه أثرا فذا قديما فاثنان هما المسجد الجامع بالمدينة ومسجد ( باذيب) قديم في بنائه ولا يستبعد ان يكون امتدادا لجامع قديم من عهد الصحابي الجليل زياد بن لبيد رضي الله عنه ويقال ان لجامع شبام اوقافا من عهد الخليفه العباسي هارون الرشيد ومعروف ان لبني العباس الخلفاء خؤولة في قبيلة كنده فالظن انه جدد او عمر بطلب منهم، وكنده فيهم امراء في حضرموت ولكن المثبوت انه بني او جددت عمارته سنة 215 هـ كما ذكرت ذلك بعض المخطوطات، وهندسة البناء بسيطه وانما يرى فيها الناظر فنا معماريا قديما وبداخله إحساس عجيب بعظمة الإسلام وبساطته.

وفي الجامع منبر قديم أيضا لازال موجودا حتى اليوم مع وجود بعض الترميمات عليه وهو من خشب أمر به الملك المنصور عمر بن علي بن رسول ملك اليمن وذلك سنة 643هـ عندما امتد سلطان بني رسول الى حضرموت وقد قيل ان لهذا المنبر شبيها به به يوجد في المتحف البريطاني بلندن.

اما مسجد باذيب فقد بناه الشيخ الموقر عبد الرحمن بن عبدالله باذيب الازدي سنة 604هـ ولازال أثرا قائما وهو في بناؤه مشابها للمسجد الجامع من حيث التصميم ويتميز كذلك بالبساطة مع جمال الشكل وهندسة البناء.

ومن الآثار الاخرى طريقة ري الحقول الزراعية من سدود ومخارج ومجاري لتلك السيول فيوجد في شرق المدينه مخرج للمياه يسمى ( شقيه) بكسر الشين..

وفي غرب المدينه موضع به السد الطيني المسمى ( الموزع ) ومنه تتفرع مجاري المياه وتسمى السواقي ــ جمع ساقيه ــ وهي عبارة عن مجرى تحيط به اسوام ــ جمع سوم وهو الزبير من الارض ــ كما يوجد في تلك السواقي نظام لتصريف المياه وتوزيعها، وهناك موضع يقال له ( بد الحاكم ) ــ بضم الباء ــ وهو عباره عن شبه بئر تتحكم في تسيير تلك المياه.

شخصيات زارتها وانبهرت بها..

حظيت مدينة شبام بما لم تحظ به مدينه أخرى في حضرموت من حيث اهتمام السياح الاوربين خاصة والزائرين العرب بل إن بعض الرحالة حاول جاهدا الوصول إليها ولم يفلح، وقد أطلق عليها السياح الأوروبيين ( مانهاتن الصحراء ) وأطلق عليها زائروها العرب ( ناطحات السحاب اليمنية ) وهي فعلا تستحق تلك التسميات بل وأكثر لان مبانيها الجميلة المعمرة لأكثر من خمسمائة عام تعانق السحاب وترتفع عاليا في السماء بحث تبدأ من سبعة ادوار لتصل إلى ستة عشر طابقا شامخا في وجه السنين والحقب..

وأول من وقع نظره على مدينة شبام منهم هو الألماني ( ليوهرش ) سنة 1893 م، كما زارها المستشرق الإنجليزي الدكتور سرجنت الذي أرسلته جامعة لندن لدراسة الشعر العامي في حضرموت سنة 1947 م وكان مهتما بتراثها حتى انه جمع بعضا منها من نوادر وفكاهات الأديب احمد بركات الشبامي وأصدر كتابا مطبوعا اسمه ( مختارات من الأدب العامي الحضرمي ) وزارها الرحالة والسياسي ( فلبي ) الذي اشتهر بالحاج عبد الله فلبي ودخلها مرارا المستشار السياسي الإنجليزي ( انجرامس ) وغير هؤلاء كثير.

كما زارها مؤخرا أمين عام منظمة اليونسكو سابقا احمد مختار امبو ورئيس المانيا الاتحاديه وزارها من العرب والمسلمين كثير من المسؤولين والصحفيين والكتاب من السعوديه، الكويت، مصر، العراق، السودان، عمان وغيرها من الدول.


في الأربعاء 11 أكتوبر-تشرين الأول 2006 01:31:49 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=617