الأسئلة التي أربكت حميد الأحمر
د.فيصل الحذيفي
د.فيصل الحذيفي
في برنامج قناة الجزيرة « بلاحدود » تجاوز حميد الأحمر الحدود : حدود العقلانية وحدود الدولة ، والتزم الحدود : حدود القبيلة ، وحدود المال السياسي، لقد تنصل عن مساهمته في التنمية الاجتماعية والدعم المالي للقبيلة أو المجتمع الذي يتحدث باسمه باعتباره مظلوما وهو الذي سيحرره من الظلم، هو يتحدث عن ظلم أحمر السلطة ، ولا يأبه إلى ظلم أحمر القبيلة ، فكلاهما ناهبان وقبليان ومستغلان، غنما من الشعب مغانم لا حدود لها ولم يغرم أي منهما من ماله الخاص شيئا يذكر ، علما بأن لا أحد منهما له مال خاص ، وكل ما نمى من هذا المال فهو إما مال منهوب من البلاد أو مسكوب من خارج الحدود، ولا يدري المراقب ما هي الصفة التي يعطيها آل الأحمر في القبيلة لأنفسهم صناعة العلاقة ما فوق الدولة مع السعودية دون حساب أو تهمة أو تجريم أو تخوين، بينما سبق أن حوكم الأصنج وزير خارجية اليمن الأسبق بتهمة العمالة للسعودية وبيع أسرار دولة هي أصلا بلا أسرار. إن ذوي النزعة المناطقية المريضة يقولون بأن تهمة الخيانة للبلد تطبق على اليمنيين من المناطق السفلى القريبة من البحر والقريبة من القاع ولا تنطبق أيا من هذه التهم على سكان اليمن الأعلى القريبين من السماء وعلى قمم الجبال بحكم الجغرافيا والاستيلاء على السلطة الأبدية من القرن الثاني الهجري إلى اليوم.

وتظل مثل هذه العلاقة الخاصة بين القبيلة والدول خارج سياق الدولة محيرة ، حتى أننا كمتخصصين في علوم السياسة وعلم الاجتماع لانجد تصنيفا نضع في سياقه هذه العلاقة بين القبيلة والدول خارج الحدود؟ هل القبيلة ضمن الدولة وبالتالي فلا يجوز إقرار علاقة القبيلة بالدول باعتبارها خارج الدستور والقانون ، أم نضع الدولة ضمن القبيلة وبالتالي فإن للقبيلة وضعا يتجاوز الدولة في مجال السوسيو بوليتك وهي حالة خاصة في الدولة اليمنية.

وبالعودة إلى مقابلة حميد الأحمر في برنامج الجزيرة ، فإن بعض الكتاب والمعلقين وضعوا كلامه فوق المعجزات ونحن نذكرهم بأنه أدنى مما يقوله الصحافيون منذ عقد من الزمن وعلى أساس ذلك حوكموا وسجنوا وصودرت صحفهم ، الجديد في حديث حميد الأحمر هو الوسيلة التي نقل بها حديثة «قناة الجزيرة» والجمهور المتلقي « الناطقون باللغة العربية» أما محتوى حديثه فلا جديد فيه يذكر بكل المقاييس إلا في الأسئلة التي عجز حميد الأحمر الإجابة عنها.

لقد تلعثم حميد الأحمر ولم يستطع إقناع المشاهدين العقلاء وليس المغفلين بالإجابة عن السؤالين:

السؤال الأول : لديك مال وشركات ماذا قدمت لليمن ؟ الرجل كان عاجزا عن الادعاء بانه قدم لليمن شيئا يذكر فكان تلعثمه هو الجواب وحتى أنه لم يقدم للقبيلة التي ينتمي إليها أي مشروع (مدرسة أو جامعة ، أو مستشفى أو منح دراسية أو تحويلهم من أفراد بدويين يحسنون فقط القتل وإعادة إنتاج السلوك الهمجي إلى أفراد مدنيين يساهمون في البناء والانتماء إلى الدولة الحديثة بدلا من التقوقع في دهاليز ظلمات القبيلة ، القبيلة التي تدعي الكرم والنخوة ونصرة المظلوم ...الخ . وهذه صفات إنسانية عامة يشترك فيها النصارى واليهود والمسلمين والأمم كانت قبائل أو مجموعات مدنية وللتذكير فقط فإن دعم الغرب المالي للفلسطينيين أكثر من دعم العرب والقبائل والأمم الجاهلة شديدة التخلف) ولنا أن نغني موال : يا عيني على الكرم العربي.

السؤال الثاني : كيف تجرؤ على قول مثل هذا الكلام ضد الرئيس صالح وتنوي العودة دون خوف على نفسك ؟ لقد استدعى حميد الأحمر حضور القبيلة في وعيه وليس الدولة ، وبالتالي حضور البداوة على القيم الإنسانية ، لم يرتكن في إجابته الضحلة على قيمة ما يدعو إليه وهو نسف لأي علاقة له بالقيم والمبادئ التي يدعو إليها كالعدل ورفع المظالم والحرية والمساواة ، هذا الرجل لا يملك أي ثقافة مدنية يستند إليها مثله مثل الرئيس الصالح باعتبارهما قبائل يفكران خارج سياق الدولة ، فالرئيس صالح ظل يتدرب على الخطاب طيلة ثلاثين سنة حتى أصبح يتقن تركيب بعض الكلام والقوالب التي تكررت في خطاباته التي كتبت له وقالها آلاف المرات ، وحميد الأحمر ظل منذ انتخابات 2006 يتدرب على قوالب الإجابات التي وردت في سياق برنامج بلاحدود حتى وكأنه في قاعة امتحان شفوي يراهن بإصرار على النجاح وتجنب الإخفاق أمام الرأي العام اليمني والعربي، وعندما ورد سؤالان خارج التدريب الممتد طيلة أربع سنوات فشل فشلا ذريعا عن الإجابة.

النتيجة المؤلمة لكل ذي بصيرة

1- سياسيا : الزعماء الحمر في اليمن – سواء كانوا في السلطة أو في القبلية أو في الأحزاب – هم غير صالحين لقيادة الدولة وإنما لقيادة القبيلة، وفشل الدولة اليمنية حاليا ترجع إلى سبب قيادتهم للدولة، والمجاميع القبلية المسلحة المدعومة من السلطة والتي تجيد الفيد والقنص والقتل تحت مسمى الشجاعة والرجولة ، علينا أن نلعن الرجولة والنخوة التي تسفك دماء الغير وتسلب حقوقهم وأموالهم بحق أو بغير وجه حق وتهدم النظام والقانون .

2- اجتماعيا: الزعماء الحمر في اليمن : يأخذون ولايعطون وهذه عادتهم، وإذا كان لهم أي عطاء فمن أموال الغير لامن أموالهم ، وحتى التجار الذين نشأوا في ظل الزعماء الحمر فليس لهم أي أياد بيضاء على اليمن واليمنيين ، منذ الصغر نتذكر مساجد نصلي فيها، ومدارس درس فيها أبناء اليمن، ومشاريع خيرية استفاد منها يمنيون كثيرون هي لأناس خيرين، حتى أن مؤسسة بن محفوظ تدعم آلاف الطلاب اليمنيين من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتمنحهم المال للدراسة في الجامعات خارج اليمن.

ولكي يصبح حميد الأحمر زعيما سياسيا عليه أن يعلن انتماءه للدولة قبل القبيلة : لقد تعالى بخطابه على الدولة – وليس على السلطة حيث له الحق - باعتباره ابنا للقبيلة وليس شخصا مدنيا يمكن الوثوق به في بناء مجتمع مدني ودولة مدنية، وهو في خطاباته وأقرانه من متطفلي السياسة عادة ما يخلطون بين مفهوم الدولة والسلطة ويرمون عليها وحدها فقط القيام بالمشاريع والخدمات، أما هم فلا واجب عليهم. هو يتنصل عن واجباته تجاه جمهور من اليمنيين يستعمل مليونين منهم شركة سبا فون للاتصال فضلا عن المساهمين والمودعين في بنك سبأ.

على حميد الأحمر أن يفعل ما فعله أقرانه من رجال الأعمال الخيرين الذين لهم أياد بيضاء على اليمن، في بناء المدارس والمساجد والمكتبات والكليات ودعم المعوزين والمحتاجين عينيا ونقديا وعلاجا في مستشفيات العالم هكذا فعل بيت هائل سعيد وباشماخ وبن محفوظ وبقشان وعذبان والعيسي واخوان ثابت وآخرون لا أتذكرهم، وكل قدم للمجتمع بحسب خطته في تصور الواجب الذي هو عليه ، الرئيس الصالح يقدم مشاريع خيرية وجوائز ولكن من المال العام وأموال الحكومة وليس الخاص، وعبد الله الأحمر وأولاده نكصوا عن عمل ذو قيمة سواء للقبيلة التي تقدم لهم دماء أبنائها فداء لهم أو لليمن ، بينما رجال أعمال آخرون لهم مال وفير وليس لهم مساهمة في خدمة المجتمع، هم منسيون وهم أحياء فما بالك إن ماتوا ، نذكر نموذج آل الأحمر على اختلافهم والرويشان حليفهم وشاهر عبد الحق وآخرون.

نقول لحميد الأحمر رويدك ياهذا فالمثل الشائع أن القصعة الفارغة تحدث صوتا ودويا لأنها فارغة بينما المليئة تظل كاتمة للصوت. ومازال في الوقت متسع لتبدأ بجدية بالأفعال لابالرعود غير الممطرة . ولتتيقن أنه لن يكون لك ذرة من احترام في قلوب العقلاء، ولن يذكرك التاريخ مهما علا صوتك في قعقعة النضال الكلامي ما لم تحدد لنفسك إستراتيجية في خدمة القبيلة والوطن كله. والمجال فيه متسع لفعل الخير :

1.تحديد منح سنوية للمتفوقين اليمنيين ممن لم تشملهم المنح الرسمية أو الجامعات اليمنية

2.تحديد جوائز سخية للمتفوقين اليمنيين والمبدعين والمخترعين على مستوى المحافظات

3. تحديد وقفية لمبلغ مالي في دعم المرضى الحرجين للعلاج في الداخل أو الخارج

4.بناء مدارس تنتشر في كل اليمن بالتدريج بدءا من القبيلة التي تنتمي إليها عملا بالقاعدة الشرعية الأقربون أولى بالمعروف ، ألا تعلم يا هذا أن بيت هائل سعيد لهم في كل محافظة مدرسة ومسجد وأعمال أخرى وقد امتد فعلهم إلى المديريات.

5. بناء جامعة أو معاهد مهنية للطلبة الفقراء واليتامى المبدعين والمهمشين في خطط السلطة

6. تسجيل حالات من الضمان الاجتماعي للفقراء والمعوزين بمقرر ثابت .

7. تخصيص بعض الشقق السكنية لكبار السن والنساء الأرامل والمطلقات المعوزات وفاقدي العائل على الأقل ربع العشر من مشاريعك السكنية.

عند ذلك فقط سنرفع لك القبعة ونرمي لك المشدة احتراما وسنصفق لك ودا وسنسير وراءك كبديل سياسي صاعد يسبق فعله قوله ، أما أن تبيعنا كلاما لايقنع سوى قلة من المغفلين وان تحمسوا، ونحن نقول للزعماء الحمر في السلطة والقبيلة والأحزاب إن التاريخ اليمني لن يكتب كما تقولون وكما يشاء الدائمون والعابرون على السلطة بحكم الأمر الواقع، ولكن سيعيد المجتمع بمثقفيه وعلمائه وعقلائه كتابة التاريخ وفقا للوقائع واستنطاقها، ولن يكون التسليم بأقوال أناس صنعوا من أنفسهم ثوارا وهم ليسو أكثر من أصحاب ثأر قبلي مع خصومهم .

نقول للزعماء الحمر رويدكم فقد كبر الناس عن الخديعة.

HODAIFAH@YAHOO.COM


في الثلاثاء 18 أغسطس-آب 2009 05:10:04 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=5722