احداث ايران.. الشامتون
سعد بن عمر
سعد بن عمر

الأحداث الإيرانية التي وقعت بعد إعلان نتيجة الانتخابات الإيرانية وأعلن فيها فوز المرشح محمود احمدي نجاد لفترة رئاسية ثانية أبانت كثيرا من مواضع الضعف لخبراء العلاقات الدولية في كثير من الدول التي تهتم بالشأن الإيراني وعلى رأس تلك الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي أظهرت خطا سياسيا بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس الأمريكي اوباما في جامعة القاهرة وكان موجها إلى العالم الإسلامي. وبدأ الرئيس اوباما بتطبيق ما صرح به في كلمته بالتعامل مع إيران على وجه المساواة وفتح الحوار المباشر معها مما خلق كثيرا من الشك والريبة لدول الخليج العربية التي خشيت أن يكون هذا الحوار على حساب الدول الخليجية التي تخشى كثيرا من التفاهم الأمريكي الإيراني .

وقد حذت عدد من الدول العربية حذو الولايات المتحدة وبريطانيا والمجموعة الأوروبية بشكل عام في تلقف الأخبار التي تتحدث عن التغيير القادم بالمرشح المفضل لدى هذه الدول .

وسخرت بعض الدول العربية قنواتها الإعلامية لإظهار الشارع الإيراني بأنه قام بثورة على الثورة وبدأت في تضخيم الأخبار والإيعاز بأن هناك شيئاً قادماً في هذه الدولة التي أخذت كثيرا من وقت المهتمين بالشأن الشرق أوسطي وإحداثه وخاصة التطور النووي الإيراني ومحاولة إيقافه .

وأصبح مهما لوكالات الإنباء الموجهة نقل اجتماع نفر قليل في الشارع الإيراني بنية الاحتجاج على النتائج، او مظاهرة مرخصة او لم ترخص وبدأت بتحريض الشارع الإيراني وتمجيد أفعالهم وتهويل الأحداث حتى أصبح وكأن هذه الوسائل إذاعات موجهة من المعارضة الإيرانية .

والذي يعرفه الكثير أن الشعب الإيراني يتحدث غالبيته اللغة الفارسية أي أن التهويل الإعلامي هذا لا يخدم المرشحين و مناصريهم والتوجيه الإعلامي هذا قليل من يستمع اليه من الشارع الإيراني بل المستمعون هم الراصدون في وزارة الخارجية الإيرانية والقنوات الأخرى التي تهتم بوجهه النظر الخارجية عن إيران و ما يحدث تجاهها .

والتحريض العربي الواضح هذا قد يكون مردوده عكسياً وقد تناسى القائمون على الحملة ذلك. فالتحريض اليومي على المظاهرات والاحتجاجات والتصوير من قبل وكالات الإنباء وكأن إيران وراء ستار حديدي كأنما يفيد الشعوب العربية التي تعيش الحالة المتصورة هذه .

فعندما كنت أشاهد أحدى هذه القنوات تخيلت لو إن المواطنين يشاهدون هذه القناة مثلي انهم سيقومون (بالمشاعيب) صباحا إلى الدوائر الحكومية القريبة منهم ذات الخدمات السيئة فضلا عن المطالب السياسية .

فالثورة الإسلامية لاقت تهيبا وتخوفا في بداياتها خشية من تصديرها وتأثيرها على الشعوب العربية فكيف بالشعوب العربية الآن والوضع السياسي من إمكانية التأثر لما قد يحث في إيران ما زال قائما، والشعوب تنقل عدوى الأفكار والثورات بينها وما حصل بعد تفكك الاتحاد السوفييتي عنا ببعيد، فسلامتك من سلامة جارك .

وقد استعجلت بعض الدول العربية الذي يسرها هذا التغيير وتتمناه في تأييد التظاهرات الطلابية والدفاع إعلاميا عن المرشحين وبالذات المرشح مير حسين موسوي لعدة أسباب :

1- رغبتهم في تغيير الرئيس الإيراني احمدي نجاد لان في حلول مرشح آخر مكانه قد يكون أكثر انفتاحا وديمقراطية على الغرب .

2- أنهم يرون في المرشح موسوي ما قد يخفف من نفوذ إيران الخارجي وتأثيره في حزب الله لبنان والحركات الإسلامية، وذلك بإيقاف الدعم المادي أولا وبالاهتمام بالشأن الإيراني الداخلي، وهو ما ظهر في بعض خطاباته الانتخابية، مما يسهل على دعاة السلام من تمرير الخطط الإسرائيلية في نظرتها للسلام .

3- عزل سورية عن حليفها الأقوى في المنطقة مما يسهل عليهم عملية دخول سورية في عملية السلام بناء على التصور الإسرائيلي لا على العدل والأرض مقابل السلام .

4- إمكانية السيطرة على المشاريع النووية الإيرانية أما بالتأكد من سلامتها وذلك بالتفتيش المستمر عليها من قبل لجان الطاقة أو بالمشاركة في بنائها لتبقى تحت المراقبة .

والنظام الإيراني الحالي قد يكون من أفضل النظم تداولا للسلطة في منطقة الشرق الأوسط فعلى مدار 30 عاما هو عمر الثورة تولى خمسة رؤساء معظمهم لفترتين، والفترة الرئاسية أربع سنوات فقط ولك أن تعلم ان لدينا رؤساء الفترة الواحدة لبعضهم أربعون عاما فقط .

وفيما ساعد النظام الانتخابي الذي يتندرون على نتائجه هنا ويطالبون بالمرشح الذي يعتقدون انه حصل على النسبة الأكبر على تقدم الدولة الإيرانية وتطورها في جميع المجالات :

*** فقد بنوا المفاعلات النووية لتوليد الطاقة وبنينا الاستوديوهات للرقص والغناء .

*** ولقد بنوا سفنا وطوربيدات واكتفوا بالذخيرة محليا وبنينا تسجيلات واسطوانات (روتانا) و (ا.ر.ت ).

*** ولقد أطلقوا صاروخا للفضاء الخارجي.. وأطلقنا قنوات فضائية للشعر الشعبي ومزاين الإبل ومزاين البرتقال والفواكه .

*** وانتخبوا كل أربع سنوات رئيسا.. وظللنا نقول الزعيم الأوحد.. وزعيم المرحلة، والزعيم الرمز.. والزعيم الخالد وزعيم الوفاق، والزعيم الضرورة .

وما جرى في إيران إذا سلمنا أن كل منتخبي موسوي تظاهروا مناصرة له فأين من حساباتنا الذين صوتوا للمرشحين الآخرين بمعنى أن الشعب منقسم في الولاءات والتوجهات إلى عدة توجهات بقي مع المحافظين مناصرين قد يكونون الأكثرية وقد يكون هذا الحماس والتشفي أساء أكثر مما أصاب وستكون نتائجه عكس ما تصور القائمون على تلك الحملات كالتالي :

*** فهي أعادت العلاقات العربية الإيرانية ـ لدى البعض - إلى المربع الأول بدلا من التقدم وتحسينها في المجالات الاقتصادية والسياسية وعلى ساحة الخلافات والتفاهم في القضايا المختلف عليها ذات الاهتمام المشترك .

*** كشفت بعض الأنظمة العربية عن كرهها الشديد للرئيس الإيراني نجاد مما يجعل عودة الثقة أمرا تحفه الصعوبة والحاجة إلى فترة زمنية قد تستغرق مدة ولايته الثانية .

*** ستكون ردة الفعل الإيرانية من قبل المحافظين في زيادة تسخين الملفات الساخنة أصلا في جنوب اليمن وشماله، وفي أفغانستان، ولبنان وفلسطين وكلما قد تطاله الدبلوماسية الإيرانية، فضلا عن الملف العراقي .

أما الولايات المتحـــدة وحلفاؤها فقد ظهر ضعف الدور الذي يمكن أن تلعبه في التأثير على الشأن الإيراني الداخلي وذلك في اللجوء إلى الإعلام وهي وسيلة العالم الثالث الرخيصة التي تظهر النوايا وتعجز عن الفعل (في المقال التالي إمكانية الفعل وإرهاصاته .

*' كاتب سعودي

saadbinomar@hotmail.com

 
في الإثنين 13 يوليو-تموز 2009 05:42:43 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=5560