الشيخ علي عبدالخالق القرني
أبو أنس العياشي
أبو أنس العياشي

الكتابة من مثلي عن هذا الجبل الأشم له صعوبته وشدته ..وقد منّ الله علي بالالتقاء به في كثير من المناسبات ..والمعلومات عن هذا الشيخ الجليل والمربي الفاضل شحيحة جدا..ونحسبه والله حسيبه أنه من الأتقياء الأخفياء ولا نزكي على الله أحدا.

وهذه المعلومات التي جمعتها من خلال صحبته زمنا يسيرا ..ومن خلال بعض طلبته المقربين منه حفظه الله

وهي مواقف أكثر منها ترجمة ..وأحسب أنه لو علم بهذه النبذة لغضب جدا..لكن ماذا نفعل ؟!! حبنا له في الله يقودنا لما نراه خيرا إن شاء الله..وأحسب أن ما أطرحه يكاد معلوما للجميع أو جلهم ..وربما البعض لديه أكثر مما لدي فيتحفنا به جزاه ربي خيرا.

اسمه :علي بن عبد الخالق القرني

عمله :عمل مدرس بالمعهد العلمي بمكة المكرمة

وكانيدرس شرح بن عقيل لألفية بن مالك والمقرر في المعهد العلمي هو تهذيب للشرح معد من قبل جامعة الإمام محمد بن سعود ويدرس كذلك مادة المطالعة..ويدرس طلبة الصف الثالث الثانوي.

الشيخ طلب التقاعد هذا العام لعام1430لهجرة ويبدوا انه يريد التفرغ لدعوة أكثر..وكان للشيخ دروس أسبوعية داخل المعهد من أهمها تدريس كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري..وقد منّ الله علي بلقائه والاستفادة منه فلله الحمد.

سكنه:مكة المكرمة (حي الهجرة)

الشيخ متزوج ولكنه لم يرزق بالذرية والذي اعلم ان الشيخ لو تزوج بأخرى لرزق بالأولاد بعد فضل الله لكن الشيخ متزوج من أبنة عمه وهي زوجة فاضله وفضل البقاء معها بمفردها.

والشيخ كما هو معروف للجميع صاحب بلاغة وفصاحة وبيان قلما تجد نظيرها اليوم حتى لكأنه يغرف البلاغة من بحر والشيخ يتكلم بالفصحى العربيه حتى وأن كان حديثا عابراَ .

والشيخ صاحب تواضع جم وقريب من كل حوله حتى إنه في بعض الأحيان يعتب على بعض طلبته الذين يحملون رقمه على انقطاع أخبارهم وعدم سماع أصواتهم .

ويحرص دائما على الوقوف إلى جانبهم ومواساتهم وقضاء حوائجهم وبذل الشفاعة لهم..وحدثنا الثقاة أنه لا يرد سائلا أبدامهما كان وينفق نفقة من لا يخشى الفقر بل اننى اعرف طلاب يمنين يسافرون ويرجعون على نفقة الشيخ الخاصة.

اذا التقيت بالشيخ لأول مرة يفاجئك بأبتسامه وكأنه يعرفك منذ زمن أوكأن هناك شىء ماء يجذبك نحوه فهو سوف يسألك عن أهلك وأولادك وقريتك وبلدك بكل دقه ولايمل ثم يسألك عن علماء ودعاة بلدك ويده بيدك قابضه عليها بقوه.

والشيخ عندما يقود سيارته و يشاهد من يبحث عن سيارة تقله فإنه يركبه و يوصله إلى مكانه المنشود ويحرص على معرفة من يركب معه وهل له حاجة أو يحتاج مساعدة .

سيارة الشيخ مليئه دائما بكتب وأشرطه حيث انه اذا ألتقى بأى احد أعطاه..كذلك اذا طلبت منه اشرطه للتوزيع باليمن فأنه يعطيك الكثير من أشرطته على نفقته الخاص ويزودك بأجرة النقل ويحملك مسؤولية التوزيع باليمن.

وقد رزقه الله فراسة عجيبة وسرعة بديهة وحسن جواب وطرفة رائقة يشهد بذلك كل من جالسه..يقول أحد طلابه : كان من عادة المعهد أن يقيم حفلا لختام أنشطته وتوضع بعض الفقرات لهذا الحفل وكان الشيخ يشرف بنفسه على فقرات الحفل , يقول الطالب فأعددت موضوعا عن الشجرة بشكل عام وقمت بترشيح عدد من الطلاب لأداء هذه الفقرة وعرضت الموضوع على الشيخ فأخذ الموضوع وقال سأرد عليك الليلة باتصال.

واتصل الشيخ وقام بتغيير الموضوع ليصبح عن النخلة بعد أن كان عن الشجرة وكان تغيير الشيخ له في غاية الروعة والجمال , قال الطالب : فقابلني أحد الأستاذة وسألني عن موضوع الشجرة فقلت له :أبشرك .. الشيخ علي قطع كل الأشجار ولم يُـبق إلا على النخلة ! فضحك الأستاذ وتعجب فأخبرته الخبر ..قال الطالب: و ما إن قابلت الشيخ قبل عرض الفقرة حتى قال لي مبتسما : اتق الله يا فلان !! أنا أقطع الأشجار ! وأين ؟ في مكة !!.

وأما هيبته ووقاره في نفوس طلابه ومن حوله فحدث ولا حرج فكأنك تقف أمام رجل من الرعيل الأول زهد ووقار رغم ان الدنيا اتته صاغره لكنه رفضها .

يقول أحد طلابه : كنا في المعهد قبل الانصراف نصلي الظهر في مصلى المعهد..وكان المصلى إذا امتلأ ارتج بكلام الطلاب وتعالي أصواتهم بشكل مزعج مؤسف فعينت إدارة المعهد عددا من الطلاب لإسكات هؤلاء وفرض الهدوء في المصلى ونجح الأمر إلى حدما لكن ليس بالشكل المطلوب.

يقول : فكان الطالب يسكت هذا وهذا ويسكت هذا وهذا ولكن فجأة يعم هدوء عجيب ويلزم الجميع الصمت فجأة أتدرون لماذا ؟! لأنهم شاهدوا الشيخ علي يدخل !.

ويقول : أحيانا ونحن في الفصل وقبل دخول الشيخ تجد الكثير منا في قيل وقال والبعض في خارج الفصل ولكن إذا رأينا الشيخ قادما فمباشرة كلٌ إلى مكانه وكأنه ألف! ولايحدث هذا إلا مع الشيخ حفظه الله .

ومما ذكر لي من مواقف عن الشيخ من قبل طلابه هذان الموقفان العجيبان :

يقول أحد طلابه :كنا مرة في الفصل والشيخ يشرح للتلاميذ وفجأة صدر من أحد الطلاب موقف مزعج فنبهه الشيخ وحذره وماهي إلا دقائق حتى تكرر الإزعاج من نفس الطالب فأوقفه الشيخ ولم تمض دقائق حتى تكرر الموقف أيضا فطلب الشيخ من الطالب أن يأتي ويقف بجواره فامتثل وماهي إلا دقائق حتى تكرر الإزعاج أيضا فوعظنا الشيخ موعظة حتى كان الواحد يتمنى لو كان غائبا ذلك اليوم بل البعض يقول : شعرت وكأنني سأذوب أسفل الطاولة وشعر البعض بغصة في نفسه من شدة كلمات الشيخ وتأثره حتى كاد أن يبكي !

أما الموقف الثاني فقد قام أحد الطلاب بأمر أزعج الشيخ كثيرا حتى رأينا أثر ذلك عليه فقام من وقته وخرج من الفصل ونحن لانعرف لماذا ؟ وماهي إلا دقائق حتى عاد الشيخ وعليه آثار بلل الماء ! فعلمنا أن الشيخ توضأ ثم عاد !!!

والشيخ صاحب عبرة ونفس جياشة

يقول أحد طلابه :كان الشيخ يدرسنا مادة المطالعة وكان الكتاب المقرر فيها ( مع الرعيل الأول )

يقول : فكان الشيخ أحيانا يسترسل في ذكر بعض المواقف وما نشعر إلا و دموعه تتقاطر ونفسه تجيش فلا نملك إلا أن نشاطره تلك الدموع و العبرات !! قال وكان ذلك يحدث كثيرا .

قلت : نعم .. وهذا يحدث حتى في بعض محاضراته .

والشيخ مرجع لكل من حوله فترى هذا يسأله في الفقه و آخر في البلاغة وثالث في الأصول وهو يجيب بسمت وهدوء وفوق ذلك فهو ممن يشاهدون في دروس أهل العلم فحدثني من رآه في درس الشيخ (العجلان ) في الحرم.

ومن شاهده في درس الشيخ ( الشنقيطي ) في مسجد العمرة أو التنعيم أو عائشة كلها اسم لهذا المسجد وأما في رمضان فالشيخ لايظهر إلا في النهار في المعهد أما في الليل فلا يعرف له مكان أبدا .

وكثيرون يسألون عنه إدارة المعهد فيجيبونهم إذا رأدتم الشيخ فتعالوا له في المعهد ..

طبعا الجميع يعرف أن الشيخ لايظهر في وسائل الإعلام أبدا مقروءة كانت أو مشاهدة ولا أحد يعرف وجهة نظره في ذلك !! البعض يقول : أنه يأخذ بقول ( الظهور يقصم الظهور ) لكن لم نتحقق من صحة هذا ..

لكننى سألته ذات مره وقال يأبني هناك من هو أفضل منى في تقديم الدعوة للمسلمين

والشيخ لايسمح لأحد أن يصوره أبدا .

في المحاضرة قبل الأخيرة والتى من الله عليا بحضورها..وهي بعنوان الرضاب المعسول في جود الرسول

قام أحد الحاضرين بتصوير الشيخ فتوقف الشيخ عن المحاضره ثم خاطب الجميع وقال اننى لا أسمح لأحد ان يصورني وسوف أحاججه امام الله الم ينفرها او يمسحها فرتج المسجد وكل من قام بالتصوير مسحها

وكنت لأول مرة أرى الشيخ يلبس نظارة

وكان تاريخ المحاضرة بعد وفاة والد الشيخ رحمه الله بعدة أيام حتى أن البعض شكك في حضور الشيخ

لكنه حضر وأجاد وأمتع وذكر في المحاضرة موقفا لوالده فجاشت نفسه وخنقته العبرة

كثير من القنوات الإسلامية وفدت على الشيخ للقاء به لكنه رفض بشده ولم يجبهم الشيخ في هذا الأعوام اعتكف على سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم حيث قال :وهذا ميدانا اخض فيه واضع وليت لي فيه جذع لنغرف من بحره لنغرف من بحره ونراوى من دره ونشرف المسامع بدرره فمن نفحا الى عرفا وأيماضا وأكليلى مع رضاب سائغا طعمه لي كل وقت منه كأسا دهاق واليوم ذا الزرياب يبدوا لنا من شرفا يعلوا جميع المرام.

فهو قد اعتكف على وصف الحبيب وشمائله صلى الله عليه وسلم أخر محاضره له بعنوان(الزرياب الأبريز في وفاء النبي العزيز)

ومحاضرات الشيخ غالبا تكون في مكة بل أكثرها ثم الطائف ثم جدة ومحاضراته خارج هذه المدن نادر جدا جدا .

وله في كل سنة محاضرة ( هذا في الغالب ) البعض يقول أن الشيخ يحرص على إعداد محاضراته إعدادا جيدا حتى تخرج بصورة طيبة وشبهوا محاضرات الشيخ بحوليات ( زهير ) لكن هذا غير وارد ولم أتحقق منه والشيخ بما نعرفه عنه يستطيع إعداد محاضرته في أقل من هذا بكثير هذا غير أنه في كثير من كلماته التي يلقيها في بعض المناسبات يلقيها ارتجالا ولا يتعثر ولا يتلعثم ..

وباستطاعة الشيخ أن يرتجل محاضراته كذلك ولكن الوقوف أمام الناس له رهبته المعهودة وأذكر أنني سألته مرة عن سر الرهبة التي تنتاب البعض عندما يقف خطيبا أو متحدثا أمام ملأ فأجابني بما معناه : ومن الذي لايسلم منها !!

ومحاضرات الشيخ إذا سجلت فإنه يشترط على التسجيلات التي تقوم بالتسجيل ألا تحتفظ بحقوق نشر وطباعة الشريط بل حقوق النسخ لكل مسلم .. وهذا تجده في كل محاضرات الشيخ ولا نعلم أحدا مثله في هذا الشأن إلا الشيخ ( محمد المنجد ) والله أعلم.

والشيخ يحج سنويا على قدميه وأثناء مبيته بمنى فإن أغلب الليل يقضيه في إلقاء الكلمات متنقلا بين الخيام .

من المواقف التي حدثني بها بعض طلبته قال : في إحدى المرات وبعد أن انتهى الشيخ من شرح الدرس وبقي متسع من الوقت رأى الشيخ أن اثنين من الطلبة يتبادلان بعض الأوراق فسأل عنها فأجاباه نتساجل فقام الشيخ مباشرة بوضع تحدٍّ شعري بين الطلبة فسأل أول سؤال : من يأتني ببيت شعر معتل الأول والآخر( يبدأ بحرف علة وينتهي به ) ؟ فأعيتهم الإجابة فقال محدثي ففطنت لبيت فقلت عندي إجابة قال هاتها فقال : يقولون ليلى بالعراق مريضة .. ألا ليتني كنت الطبيب المداويا ..فقال الشيخ مبتسما : قف .. يا هذا .. هداك ربي .. أتشبب في الفصل ؟!.

قال الطالب وكان هذا في آخر أيام السنة الدراسية حيث يكثر الغياب و أغلب الدروس تكون منتهية قال فكنا نحرص بعد ذلك على الحضور من أجل أن نتنافس على تحديات الشيخ التي يطرحها ويمتعنا بها وكان أحيانا يضع أسئلة نحوية في غاية الروعة واللطافه لكن الذكي من يعرف الإجابة الصحيحة مع سهولة الأسئلة ووضوحها .. وكان أحيانا يكتب جملة على السبورة ثم يسأل : هل هذه الجملة مستقيمة أم لا ؟ ولماذا ؟

وأما الإعراب فهو الذي يحرص عليه غالبا .. قال الطالب : وفي بعض الأحيان كنا نعرب إعرابا مختصرا جدا حتى لا نتعتع في الإجابة ! فيرد الشيخ : هذا إعراب علماء .. وأنا أريد إعراب طلاب !

وأحيانا يضع مسابقة فقهية وغير ذلك ...

والشيخ حفظه الله شاعر وشاعر مجيد ..ولأنه كثيرا ما يستشهد في محاضراته بأبيات شعرية فيخفى ويخلط على الكثيرين بين أبيات الشيخ والشواهد التي ينقلها .

ذكر لي أحد طلبته أنه أرسل رسالة للشيخ عبر الجوال يقول فيها : ما غبت عن قلبي فديتك لحظة وكفى بقلبك لي بذاك شهيدا لكن حظ العين منك فقدته فالشوق مني لايزال جديدا.. قال فرد الشيخ :

الصبح يرقب خيطه في لهفة

 و أنا أردد أحرفي ترديدا

إن كان شوقك قد سرى بك ليلة

فالشوق مني لا يزال مديدا

الشيخ يحب أهل اليمن حبا منقطع النضير وهذا ما نلمسه نحن اليمنين حينما نكون بحضرته فهو دائما يقول انا منهم وهم مني وبلادي بلاد القرن بلاد اليمن طلبنا منه زيارة اليمن وقال اذا فكرت بزياره الى خارج المملكة فستكون لليمن أولاً.

الشيخ من الذين ذهبوا لأفغانستان ايا الحرب مع الأتحاد السوفيتي.

(قصة)

هذه القصة يحكيها الشيخ بنفسه ..

يقول الشيخ كنت اصلي برمضان في سطوح الحرم بمكة المكرمة وبعد الأنتهاء من صلاة التراويح كان يصلى الى جواري طالب يمني يرى عليه اثر الصلاح (طبعا الشيخ من المعروف انه عند انتهائه من الصلاة يسلم على من بجواره ويبدء يسأله عن حاله وأهله وبلده بعد التعرف على بلده ثم يسأل عن الدعوة في بلده وعلمائها وطلابها) يقول الشيخ التفت الى الرجل الذى يصلي بجوارى وبدئت اسأله ثم يجيبني بكل فصاحه وعزه ومما أخبر به الشيخ..انه من طلاب جامعة الأيمان ثم قال له الشيخ من من العلماء الذين تأخذ منهم العلم فقعد الطالب يعد له علماء ودعاة ومن بينهم الشيخ علي القرني فقال له الشيخ علي لكن الشيخ علي ليس بعالم وأنما يأخذ من بطون الكتب ويلقيه فهو كما ترى ليس له حلق علم فقال له الطالب اذا كان الشيخ علي ليس بعالم فمن أذا العلماء يقول الشيخ :فنحدرت منى دمعه لحسن ظن الناس بي ولم يشعر بها أخي الذي بجواري فقال له الشيخ ماهي أمنيتك فقال له طالب جامعة الأيمان أمنيتي ان ارى الشيخ علي القرني.. قال له الشيخ وهل استمعت له من قبل قال الطالب نعم قال الشيخ مثل ماذا ..

قال الشيخ فنطلق الطالب يلقي على بعض محاضرتي لحيث وهو يحفظها عن ظهر قلب قال الشيخ هل تريد ان ترى علي القرني قال الطالب ياليت فقال له الشيخ انا علي القرني فنبهت الطالب وضم الشيخ وتعانقا وفرحا فرحا شديدا وأخذه الشيخ معه الى بيته وزوده بالكتب والأشرطة .

حفظ الله الشيخ علي القرني على تواضعه الجم !!!

هذا ما تيسر لي جمعه و بسطه

وهكذا نحسب شيخنا والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا

وأشعر أن الموضوع جاء مبعثرا..لكن منذ زمن وأنا أتردد في طرحه ..وقد جاء بالصورة التي رأيتموها فعذرا لكم رعاكم الله..وإن يسر الله وتذكرت شيئا عن الشيخ حفظه الله فسأضيفه إن شاء الله..ومن عنده مزيد علم فليتحفنا به..


في الجمعة 27 فبراير-شباط 2009 05:03:17 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=4949