خيبة اليهو.د.ي ..أزمة النصر المستحيل
حسين الصوفي
حسين الصوفي
 

الدمار الساحق الذي حققه الطوفان في ٧ أكتوبر، لم يزلزل كيان العدو المحتل فحسب، بل وصل إلى عقر دار البيت الأبيض، وسكب الرعب كله دفعة واحدة في قلب بايدن، وسلب عقل وزير خارجيته الذي هرع بلا قناع إلى "الدولة الوهم" وقال بهلع ارتباك وذهول: " جئتكم كيهو.د.ي، جدي يهود.ي، جدتي كذلك، لست وزير خارجية"!.

لقد انتهى الأمر وإلى الأبد، تلك حقيقة الطوفان، إنها اللحظة الأهم في التاريخ الحديث، سيردد أبو عبيدة في كل ظهور له ومع كل بيان مسنود بالوثائق صوتا وصورة، سيكرر الحقيقة التي نعيشها الآن، : "إن كل جرائمكم البشعة ضد شعبنا الصابر العظيم، لن يغير من حجم الانتصار الذي حققه طوفان الأقصى"، السابع من أكتوبر عنوان تحول جذري، فجر الطوفان أسدل الستار نهائيا على قرن كامل من المذلة والوجع والهوان، لقد أشرقت شمس عالم جديد، والدنيا، كل الدنيا، الآن تعيش على التقويم اليومي للطوفان.

*** وطبقا لتقويم الطوفان، فقد أتمننا أربعين يوما، ونتائجها خارقة ومذهلة، وتفوق الخيال، رصيد الانجازات القسامية تزدحم بالأرقام التاريخية: ميدانيا: - نحو ٢٠٠ دبابة وعربة عسكرية، دمرتها قذائف الياسين.

  • مئات الجنود الصهاينة تم قتلهم، بحسب التقديرات فإن عدد قتلى العدو تزيد عن ألف خلال نحو عشرة أيام، وهو رقم غير مسبوق إطلاقا. - الصواريخ القسامية تقصف الهدف الذي تريد، في التوقيت الذي تشاء، وصافرات الإنذار لم تتوقف يوما في كل شبر من الأراضي المحتلة. - إدارة المعركة في الميدان فاعلة ومتصاعدة ومدهشة، و "القيادة والسيطرة" التي تتمتع بها غرفة أركان القسام لا مثيل لها في التاريخ حسب الخبير العسكري اللواء فايز الدويري.
  • - نجاح باهر في صيد واستهداف القواعد العسكرية على امتداد مناطق غلاف غزة المحتلة، ونجاحات نوعية لعمليات خلف خطوط العدو، بالإضافة إلى اختراق طائرات الرصد لكل تكنولوجيا العدو وداعميه.
  • - الضفة تلتهم قدرات الاحتلال المنهكة والخائفة، تدمير ثلاث عربات، قتل عدد من الجنود، وعجز كامل لقوات الاحتلال عن اقتحام مخيم جنين منذ أربعين ليلة، بكل دباباته وطائراته وسلاحه التكنولوجي المتطور، ولا يزال الرعب كامن من مباغتة خطيرة للنسخة الثانية للطوفان من قلب الضفة. استراتيجيا:
  • - ملف الأسرى يعتبر الورقة الأضخم بيد المقاومة، وخيوط اللعبة تتحكم بها بدهاء وحنكة، حسب الخطة التي وضعها محمد الضيف.
  • وعند الحديث عن ملف الأسرى، فإنه يتطلب منا خيال واسع للغاية، يستطيع تكوين صورة ليوم الانتصار الكبير الذي سيتحقق عند لحظة كل أسرى أبطال فلسطين بمن فيهم إولئك الذين قضوا أربعين سنة في سجون الاحتلال، مجرد الخيال فقط يهتز جسمك بالقشعريرة، وهي مقدمات حقيقية لصفحة جديدة تاريخية ضمن نتائج انتصار الطوفان.
  • - السابع من أكتوبر مزق تمزيقا عميقا، ما يسمى بدولة الاحتلال، لقد كتب تاريخ انتهاء الاستعمار، وأمضى الضيف على شهادة وفاتهم، والايام المقبلة ستشهد ارتدادات الزلزال الكبير، والتساقط الأخير للاحتلال، على كل الأصعدة، اجتماعيا واقتصاديا وعسكريا، واستخباراتيا، وهو ما يعني حرفيا، استئصال نهائي، وإن أخذ الأمر حتى سنتين أو ثلاث أو خمس، فستكون عبارة عن منازعة منهكة. - احتضار مشروع التطبيع، وغرق "صفقة القرن" وهذا يعني بالضرورة عودة الروح العربية والشخصية الإسلامية وانحسار مشروع المخنثين، والمثليين وأصحاب أقنعة حقوق الإنسان والديمقراطيات الوهمية.
  • - احتضار الأمم المتحدة وغروب مائة عام من الهيمنة الناعمة، وأفول الأذرع الفاسدة والمخالب القذرة لتمزيق الأوطان تحت شعارات براقة ولافتات خادعة.
  • - تهاوي أكذوبة، محور المقاومة، وغرقها في دماء الضحايا، ودفنها في أكفان أطفال غزة وحلب وتعز وبغداد، وبيروت، إنها النسخة الأشد خطرا والذراع الغامضة للاستعمار ومشروع الغرب الهمجي الذي سعوا ويسعون عبره لتمزيق الأمة العربية والإسلامية ودفنها في حروب طائفية وقتال هوياتي لا آخر له، والطوفان قضى على هذه العصابات وفي الطريق لإغلاق ملفها. إعلاميا واجتماعيا:
  • سقطت المؤسسات والأجهزة والأبواق التي ضللت العقول لعقود، واحتلت الوعي ونشرت الخراب والدمار والعداوة للفطرة وللنفوس السوية. في أوروبا والغرب وفي العالم كله، يخرج الملايين بشكل غير مسبوق لتحدي أنظمتهم، والتضامن مع الضحية الأسطورية، ومواقع التواصل تحفل بفيديوهات نموذجية للمنبهرين بصمود العظماء من أهل غزة الذين قدموا نموذج ناصع للشخصية المؤمنة القوية المتسلحة باليقين، والواثقة بالله، ومشاهد الذين يذرفون دموعهم وهم يشهرون إسلامهم بسبب هذا الرضى الخارق والإيمان العظيم، تكشف ملامح هذا التحول التاريخي الكبير. دمعة أخيرة، وأمل كبير:
  • التضحيات الغزيرة، والدماء الثجاجة، والجرائم الأبشع في التاريخ التي تمارس ضد أهلنا في غزة، مؤلمة وموجعة وبالغة القهر حقا، لكنها والله أنها صورة حقيقية للهزيمة الأعظم لهذا الاستعمار، هزيمة أعظم حاملة طائرات، وهزيمة أقوى أجهزة استخبارات، وهزيمة تكنولوجيا الفضاء ومراقبة النمل، هزموا كلهم وانتصر الأبطال في إنتزاع حرية الأسرى، والاحتفاظ بعربون الحرية الكبير وعودة الأرض لأهلها، وعودة الأمة لذاتها، وعودتنا نحن إلى مجدنا، وانسحاق هذا السواد الخانق الذي احتل أرضنا وأوطاننا وقرار أمتنا ونمط حياتنا وتحكم حتى بلقمة العيش وحليب الأطفال. تحاصرت العراق ١٣ سنة، واحتلها العدو في بضعة أيام، وكانت فاتورة الاحتلال في العراق نحو ثلاثة مليون ضحية ولا يزال الدم نازف. الجزائر بلد المليون شهيد، التضحيات كيفما كانت موجعة، ومهما أوغل العدو في جرائمه فلن يغير من الحقيقة شيء.
  • والحقيقة أنه يبحث عن انتصار مستحيل، والحقيقة أن طوفان الأقصى شهادة ميلاد عالم جديد، وقرار إعدام قرن قذر، والسابع من أكتوبر شمس ساطعة لن تحجبها المجازر البشعة ولا الخذلان النذل، ولا حتى الإحباط الذي يعترينا مع كل قطرة دم نازفة. بعد الوجع عافية، وبعد الشدة فرج، والنصر مع الصبر، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

في الخميس 16 نوفمبر-تشرين الثاني 2023 06:18:57 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=46657