نكتب بقلوب نقية صافية
د.عوض محمد يعيش
د.عوض محمد يعيش

 آحياناً لانكتب من باب الترف … وأحيانا لا نكتب من باب الضيق … لكننا لا نكتب لنستعطف أحداً ولا نكتب لنستفز احد.., لا نكتب دايماً من وجع او لنشتكي أحد،، لكننا نكتب لنتظاهر ان كل شيء في حياتنا طيب لأن كل شيء فعلاً في قلوبنا جميل … وقد نكتب لوجع ونشتكي همومنا وبثنا لأنفسنا رغم انه لم يعد أحد منا اليوم الا وبه اوجاع ويعاني من قهر وظلم.. لذلك نكون في امس الحاجة للكتابة كعلاج ومحاولة للتنفيس، باعتبار الكتابة افضل الخيارات الممكنة وأضعفها فاعلية في التعامل مع القهر والظلم والأوجاع كلها، ،،،

نحتاج نكتب لأن الكثير منا يعيش حالة عزلة مع الآمال والأحلام لذلك نحتاج لنسرق لحظات من الآمنا لنعيشها ولو في راحة خيالية ويلزمنا فيها بالضرورة ان نسمع نكتة راقية او ان نستمتع بسماع لحن طروب او نقرأ قصيدة "صغيرة" جميلة او لنشاهد منظر خلاب من مناظر محافظة إب الجميلة ارضها، الطيبون أهلها …. نعم اننا نكتب لنريح عقولنا, او لإرضاء ضمائرنا ا ولنسكب الامنا في صورة حروف وجُمل تئن من خيبات الزمن فنواسي بها انفسنا ويشد كل واحد منا أزر صاحبه.. وبنيه..وصاحبته… واخيه … واخته .. بل وامه وابيه -ان كانا لازالا اواحدهما على قيد الحياة- …

نكتب عن أوجاعنا لنستدعي الأمل والأحلام ونتذكر اننا كنا منذ مدة وجيزة نعيش سعداء في وطننا ولم نكن كما نحن عليه اليوم نعيش في زمن قوم حولوا اغلب سكان البلاد- الى مجرد اسماء لأشخاص تعساء … جوعى… مشردون … وغرباء في وطنهم ليست غربة جسدية بل غُربة اقسى منها الى حد بعيد انها غُربة وعي .. غربة ثقافة.. غربة فكر.. غربة هوية.. غُربة اجتماعية .. .. غربة سياسية غربة وجدان .. غربة متعددة الأبعاد .. غربة إجبارية قاسية ظالمة ، …

نكتب لنتوسل بتلك السعادة التي عشناها في ذلك الزمن القريب لتزيح عنا قليلاً من البؤوس، والهموم والأوجاع والآلام…ولنتذكر سعادتنا لننسى معاناتنا .. ولنتذكر افراحنا لننسى همومنا - في واقع مؤلم نعيشه, وزمن صعب… زمن اتراحنا فيه غيبت افراحنا … نكتب لنبعث امل ما لجيل يعيش غسق حاضر بائس لعله يستنير ببعض حروف كلمات ابائه أو على الأقل لنغيض أو لئك الذين تريحهم أوجاعنا ويتلذذون بتأوهاتنا ويشمتون لما حل بنا وببلادنا.. ولا يرون فينا شيئاً جميلاً لنقول لهم بأننا لا نزال بفضل من الله نجتر سعادتنا الماضية ونتشبث بالأمل في مستقبل قادم فننسى شماتتكم وظلمكم وظلم بني جلدتنا الذين صموا آذانهم عن سماع أنين جوعنا وتضوراتنا في شمال الوطن وجنوبه وفي شرقه وغربه…

نكتب لنبعث للقاصي والداني اننا نحب وطننا اليمن وبما لنا من الامل اننا سنراه باذن الله يمناً ينعم بقضاء عادل حُر مستقل… يمناً خالياً من الفساد والفاسدين ومن الطغاة والمستبدين… ولنقول لساسة بلادنا الذين لا أخلاق لهم وقادتها سفّاكو الدماء وتجار حروبها السفاحين كفى حروباً ..كفى عبثاً باليمن … تعبنا وتعبنا لا يفوق فقط المليارات تلك التي قبضتموها وتقبضونها ثمناً لدمائنا وارواحنا وقهرنا و جوعنا ووطننا،،، فتعبنا لا يقدر بثمن وعزاؤنا ثقتنا التي لا حدود لها في ان الله بظلمكم سيخسف بكم حتماً،، ويسخر للبلاد بصبر اهلها خيراً منكم،،، يقيننا هذا كبير.. كبير قوي.. وحينئذٍ يفرح اليمنيون كل اليمنيون في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب …

نكتب لنحلم بحياة تشبه حياة إخواننا من البشر في شعوب هذا العالم المترامي الأطراف… نبحث عن السلام والأمن والإستقرار والعيش في ظل دولة مدنية يغيب عنها الخطاب المذهبي والعنصري والمناطقي والفئوي … نكتب لنُجبر كسوراً عميقة في قلوبنا وارواحنا لا يراها الا الله وحده ولا يحس بها الا نحن وحدنا …نكتب عن أناتنا كمواطنين مقهورين موجوعين مظلومين من طغاة تناسلوا وتكاثروا كالسرطان في جسد هذه الأمة التي زاد من الامها عدوان خارجي غاشم فاجر طامع في الإستيلاء على الأرض وفي مضاعفة إستعباد الانسان …

نكتب عن اوجاع سجناء أبرياء ارهقتهم جدران زنا زين المستكبرين في الشمال والجنوب والوسط وآخرون غيبتهم سجون الأشقاء الأعداء … نكتب عن عذابات مواطنين أرهقتهم الحياة وقذفت بهم الاقدار ليعيشوا وجهاً لوجه مع العذاب في زمن اعوج وتحت رحمة ساسة ظالمين، جبابرة ،عتاة قساة، يرتكبون في حق عباد الله الحنث العظيم، طماعين، لا يكرمون اليتيم، ولا يحضون على طعام المسكين يأكلون التراث اكلاً لما، و يحبون المال حباً جماً …. يتهبشون بوتيرة عالية هنا وهناك على مدار العام بثقافة همجية لخلس جلود الناس دون رحمة وتحت عناوين ومسميات لا حصر لها وما انزل الله بها من سلطان…. نكتب لأن الكتابة حياة ونحن مواطنون نستحق الحياة الكريمة فنكتب للوطن…للحياة… للكرامة… للتاريخ ..للأدب … للحب … للفن … للجمال.. للوفاء … للنبل…للسلام …. للحرية….

نكتب لنحلم بعدالة وأمن وتنمية وعودة اهلنا المهجرين والمشردين في اصقاع الارض ونكتب لينعم بالرواتب والحوافز والمكافئات كل موظفي الحكومة دون تمييز، … نكتب ليكون مبدأ تكافؤ الفرص عملياً هو المعيار دون غيره في تولي المناصب والوظايف العامة في عموم البلاد شمالها وجنوبها وشرقها وغربها.! نكتب من اجل وطن مسحوق قسى عليه الأهل والأشقاء والأصدقاء… ليتكالبون عليه ويجعلون منا مجتمعاً همجياً متخلفاً ،، مكبلاً باصفاد الخرافات والشعوذة… تخاريف السراديب والحسينيات هنا…. وخرافات وحزاوي حلقات الأئمة هناك،،، كلهم هؤلآء واولئك يريدونا مجتمعاً ينخر التجهيل في وعيه بقوة بكرة واصيلاً في شماله والجنوب واطرافه والوسط ...!

نكتب بصدق وفق ما تمليه علينا قناعاتنا .. نكتب بقلب سليم لكل من اتاه الله قلباً سليماً … نكتب ولا ندعي الصواب المطلق أو نزعم امتلاك الحقيقة المطلقة،، لكنا نكتب بقلوب نظيفة مبرأةً من العصبيات المقيتة …نكتب بقلوب نقية صافية …. نكتب ونحن على علم بتعدد القراءات لما نكتب …نكتب ونحن ندرك تفاوت حظوظ الناس في الفهم وفي النباهة لقراءة مابين السطور… فلا نعتب على من جرهم سؤ فهمهم الى مستنقعات سؤ الظن… ولا نحنق على من اعطى لما نكتب معاني لم تكن في وعينا..،

فنحن كما قال القائل:" مادمت امشي مستقيماً فلا يهمني ان ظهر ظلي للناس اعوجاً.".! لكنا لا نغمط من قرأها قراءة صحيحة ووعاها بمعناها الحقيقي الذي اردناه بها. جزيل الشكر والاعجاب والتقدير لكل من يقرأ ما نكتب دائماً بوعي نظيف.. وعقل يمني خالص… وقلب جمهوري حصيف راق… منزه عن الادران كلها.


في الجمعة 10 مارس - آذار 2023 04:50:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=46299