عصيد التاريخ اليمني للمؤرخ الشهير ابن أبو أصبع
عبدالباري الروحاني

العصيد اليمني الشهيرة يواصل يحيى منصور أبو أصبع رئيس اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني فرع صنعاء عصد التاريخ اليمني وتاريخ حزبه برواية تاريخه الشخصي والحزبي كرة واحدة في مناسبات العزاء والأفراح التي يمثل بها فرع حزبه الحوثي وكان آخرها إحياء ذكرى وفاة العميد يحيى المتوكل أحد الأذرع الرئيسية للرئيس السابق علي عبدالله صالح في دولته وحزبه وإلى آخر يوم في حياته عندما كان يزور محافظات جنوبية لترتيب اللمسات الأخيرة لاكتساح حزب صالح للانتخابات والحصول على الأغلبية الكاسحة. وكالإدمان ينتهز أبو أصبع مثل هذه المناسبات لرواية تاريخه النضالي في مواجهة نظام الجمهورية العربية اليمنية القمعي قبل الوحدة مع أنه عاش في ظلها في أمان إلى حد كبير لم يحلم به قادة حزبه لأنفسهم في عرينهم في عدن نفسها وعينه علي صالح في ثمانينات القرن الماضي ملحقا وقنصلا في روسيا والصين وغيرهما ودعمه في انتخابات 1997 التي قاطعها حزبه ليصل إلى عضوية مجلس النواب ويتمرغ في ظل دولة ج.ع.ي التي عادت بعد حرب 1994 حسب التوصيف الرسمي في تاريخ أبو أصبع. 

 المتابعون لمسلسل أبو أصبع التاريخي وجدوا أنه دون ان يدري كشف الفوارق الكبيرة بين نظام حزبه القديم وبين دولة علي صالح ونظام صنعاء بشكل عام فقد عاش وهو أحد الجبهة الوطنية على علاقة وثيقة بالرئيس الغشمي يلتقي به كما يشاء ويزوره في بيته ويقبل منه تحويلاته المالية واكتسب ثقته لدرجة أن الغشمي كلفه بشق الحزب الاشتراكي من الداخل باعتباره شيخ شمالي احق بالزعامة، وامتد به العمر إلى أن صار مؤرخا مهتما برواية التاريخ وخلال تلك السنوات لم يصبه ما أصاب قادة حزبه ومؤسسيه ورفاقه في دولة الجنوب من سجون واعتقالات وتصفيات بينية في الزنازن ومقرات الحزب والمعسكرات حسب الضرورة التاريخية وعمل مع دولة علي عبدالله صالح في أمان ورخاء ملحقا في سفارات الاتحاد السوفيتي والصين والجزائر وما خفي كان أعظم وأدسم.

المتابعون للمسلسل الأصبعي لاحظوا تحمس القيادي الاشتراكي الحداثي العتيد للفقيد يحيى المتوكل لمواقفه المؤيدة لنظام الحزب في عدن وللحزب الاشتراكي وهي معلومة ليست جديدة فالكل يعرف ذلك ويعرف أسبابه ويعرف أيضا أن المتوكل كان الأب الروحي للحركة الإمامية بعد انبعاثها مستهل الثمانينات وظل ممثلها في سلطة علي صالح يدافع عن رموزها وفي مرة اقتحم من يصفه أبوأصبع بأنه كان يحلم بالدولة المدنية ودولة النظام والقانون سجن المباحث في صنعاء ليخرج ربيبه المرتضى المحطوري الإمامي العتيد من الحجز رغم أنف القانون والقضاء وظل يدعم هو وغيره من أبناء السلالة في السلطة جماعة المذهب في صعدة وتعزيز تواجدها في مختلف مؤسسات الدولة استغلالا لمخاوف صالح من جماعات الدراويش السنية التي كانت نائمة مطمئنة لصالح وفق مبدأ طاعة ولي الأمر والحاكم المتغلب وإن تآمر عليها مع الروافض ونهب مالها وجلد ظهرها وكل ذلك فعله المتوكل تمهيدا لعودة الدولة التي سقطت في 26 سبتمبر 1962 إلى أحضان أصحابها الشرعيين اهل الحق ومحتكري السلطة والثروة منذ 1200 سنة كما حدث بعد ذلك سنة 2014 بدعم كامل من علي صالح نفسه لكن أبو أصبع لم يجد في هذا التحالف فأرا يلعب في بطنه ويجعله يكتشف سوء المشروع الحوثي (مثلما اكتشف خطورة المشروع الوهابي) الذي حظي بدعم عفاش عدوهم الأكبر من مرحلة الرضاعة إلى مرحلة البلطجة إلى دخول صنعاء وحكمها إلى غزو تعز وعدن والجنوب ونشر الدمار فيه فكل هذا التاريخ الأسود الذي يعيشه اليمنيون حاضرا وسقوط اليمن في أحضان دولة القاووق والعذبة والجنبية الموضوعة على الخصر وعودة السيد إلى السلطة والمظاهر المذهبية الإمامية في كل أشكال الحياة من العبايات النسائية إلى فرض تعاليم المذهب فهذا كله لا يتحدث عنه أبو أصبع ولا يشير إليه في مذكرات تاريخه لأن المهم عنده هو سقوط دولة حزبه وتحوله إلى معارضة مقايل ولولا قبائل الضالع ويافع وتوابعهما ما كان للحزب الحداثي العلماني وجود ولا ظهور. تاريخ نضال الاشتراكيين ضد الإمامة معروف بغض النظر عن حقيقة دوافعه وأبو اصبع وحزبه طالما تفاخروا بذلك بحكم العداء السياسي والديني الكبير الذي كانوا يكنونه للإمامة وشاركوا في محاربتها إلى درجة أنهم كانوا يتهمون المعارضين لهم بأنهم ملكيين عملاء للإمامة ودماؤهم مستباحة كما فعلوا مع مشائخ خولان قبل أن يكتشفوا غلطتهم في الأخير وأنهم وتيار الإمامة حبابيب وعلى طريق واحد وتجسد ذلك في التحالف بينهم بعد الوحدة (ومن قبل الوحدة كانت بينهم تفاهمات وإعجاب متبادل كما أشار إليها في مذكراته) وصولا إلى التفاهمات بينهم بعد اقتحام صنعاء ومشاركة حزبه في مؤسسات الانقلابيين اللجنة الثورية العليا والمجلس السياسي الأعلى والحكومة إلى ان جلس أبو أصبع كالتلميد المحب مبتسما في حضرة من هو في سن حفيده مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى شاكرا المولى الذي أمد في عمره إلى أن التقى به وكحل عيونه بمرآه قبل ان يموت وهي خطوة قد تسهل له اللقاء بمن هم أكبر منه سنا ومقاما وحسبا ونسبا واطهر شرفا.  

حديث أبو أصبع في ذكرى المتوكل استدعاه إلى الحديث عن الخطر الوهابي الذي كان يستهدف المذهبين الشافعي والزيدي زمن الرئيس علي صالح من خلال رعايته للمعاهد الدينية الوهابية وفق التقييم المشترك للحزب وتيار الإمامة وبالطبع السلالي فقد كان يحيى المتوكل وأبو أصبع الماركسي اللينيني أعداء لها فاستحق المتوكل ثناء أبو أصبع على غيرته على المذاهب الإسلامية لكن المؤرخ الماركسي أبو أصبع نسي في ربكة التاريخ أن حزبه الاشتراكي الماركسي لم يستهدف بأفكاره المذهبين الشافعي والزيدي فقط بل استهدف الإسلام كله عقيدة وشريعة وتاريخا وأخلاقا وعلماء قتلهم في الشوارع والمعتقلات بفرضه النظرية الماركسية اللينينية المادية صاحبة شعار لا إله والحياة مادة زمن دولتهم في جنوب اليمن والتي كانت تعتبر الدين من الغيبيات المرفوضة وتخلفا عن روح العصر في المجتمع الماركسي الجديد وهذه ليست تهمة وهو اعترف بنفسه في مذكراته أن عبدالكريم عبدالوارث اضطر لسحب رفيق اشتراكي مكلف بقيادة العمل الحزبي في بني مطر والحيمة بعد أن واجه إعراضا بين القواعد بسبب تصرفاته وأفكاره المضادة للدين وشعائره كما تعلمها في أحضان الحزب.  أبو أصبع نسي أن مليشيات الجبهة الوطنية وحزب حوشي وهو من قادتها كانت تقاتل في الشمال بدعم عدن وروسيا وأثيوبيا وسوريا وليبيا وكوبا وكانت مهمتهم إلحاق الشمال بالجنوب الماركسي بالحديد والنار والحرب الشعبية لولا فشلها على يد علي عبدالله صالح والقوى الشعبية وبالتالي فليس نباهة منه السكوت عن ذلك واتهام المعارضين لحزبه الذين تصدوا للجبهة بأنهم عملاء للسعودية التي يعيش قادة المجلس الانتقالي وقادة حزبه في الخارج هذه الأيام السوداء في نعيمها ودعمها المالي.   

يحسب لأبو أصبع أنه كشف التحالف الوثيق السري بين حزبه وتيار الإمامة برعاية المتوكل الأب الروحي لها والشهيد جار الله عمر وأن العلاقة كانت حميمية وروحية وليست مجرد تحالف سياسي بداية الوحدة إلى أن ظهر علنا في ظل دولة تلاميذ المتوكل والمأمول ان يعلن أبو أصبع رأيه في ظهور التحالف الجديد بين الوهابيين السلفيين والحوثيين الزيدية وهل هو على حساب المذهب الشافعي او تقوية له وهل يشكل ذلك خطرا على النسيج الاجتماعي اليمني وخصوصا مع دخول مذهب رابع إلى اليمن هو المذهب الإيراني الاثني عشري الذي صار ممثلوه أشبه بممثلي دولة احتلال.   

لو استمر أبو أصبع رئيسا للجنة المركزية للحزب الاشتراكي وحزبه في الشمال ساكت مطيع فغير مستبعد أن يكون الأمين العام القادم للحزب أحد ثلاثة: السيد حسين العزي أو سماحة السيد شمس الدين محمد شرف الدين أو اليوتيبري مصطفى المومري والأخير أفضل وأشرف.  

توثيقا للتاريخ اليمني المعاصر ننتظر أن يصدر أبو أصبع مذكراته التاريخية في كتاب سيكون اسمه   ( الفحسة والكوكا في تاريخ يمن يوكا ) لابن عكفي الشهير ب يحيى منصور أبو أصبع 


في السبت 28 يناير-كانون الثاني 2023 12:08:27 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=46242