في مرويات جار الله عمر
د . عبد الوهاب الروحاني
د . عبد الوهاب الروحاني
 

 كتاب جديد .. دافئ وملئ بوقائع واحداث وتفاصيل انتصاراتنا اليمنية وانتكساراتها .. شيق وخفيف ، صدرت الطبعة الالكتونية الاولى منه عن المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان - جنيف. ‏ ‏ المؤلف صاحب قلم رشيق، عرفه اليمنيون منذ اواخر ثمانينات القرن الماضي نصيرا لليمن، ومدافعا عن ثورته، وجمهوريته، تابع مسيرة الوحدة، وكتب عن صيرورتها واهمية تلازميتها مع التعددية السياسية والحزبية، وحرية الرأي والتعبير، التي قامت على شروطها ..

ذلك هو صديقنا الرائع الجميل الاستاذ فيصل جلول، الذي اهداني نسخة الكترونية من كتابه .. ‏ في عنوان الكتاب جاذبية جمعت بين الطباق والتطابق، وواجهت بين الحدث وصانعه، فاسماه: "مختصر أخبار اليمن في مرويات جار الله عمر"..

تضمن سردا سلسا ومشوقا للازمة اليمنية، التي اخذت جزءا كبيرا من اهتماماته الاعلامية والسياسية، وهو الكاتب والصحفي الذي سبق ان صدرت له مجموعة من المؤلفات من مثل: • "نقد السلاح الفلسطيني" و"المقاومة اللبنانية" • ‏ "الجندي المستعرب- يوميات مكسيم رودنسون • ‏"دفاعا عن السلام العربي". لفيصل جلول أيضا مقاربة مدهشة بين المفكرين الاسلاميين حسن حنفي ومحمد عابد الجابري في "حوار المشرق والمغرب"، و" الرسائل الدمشقية" التي تشارك في تحريرها مع زميله سامي كليب، ثم كتابه المعروف عن (اليمن : الثورتان، الجمهوريتان، الوحدة) .

. وهو ضمن افضل مقتنيات المكتبة اليمنية خلال العقدين الأخيرين. الماتريوشكا Матрёшка: اختار صاحبنا المؤلف "الماتريوشكا" ان تكون عنوانا للمدخل الذي استهل به كتابه الجديد عن الازمة اليمنية (القديمة - الجديدة)، التي يروي بعضا من محطاتها على لسان اكثر اليمنيين وطنية واخلاصا لليمن وثورته الاستاذ جار الله عمر - رحمة الله تغشاه..

. والماتريوشكا (матрешка) اسم تصغير او قل "تدليل" للام باللغة الروسية، وهي دمية في التراث الشعبي الروسي، تتخذ الوانا وزركشات جميلة اخاذة و لافتة، يتخذها الروس رمزا في التراث الشعبي القديم للتدليل على حيوية وجمال المرأة الريفية الروسية.. ‏ صاحبي وصديقي فيصل جلول اراد باختيار مسمى "الماتريوشكا" الروسية التدليل على دخول الازمة اليمنية في مسار تعدد الاوجه وتداخل الالوان حد الغرق ..

ذلك لأن "ماتريوشكا" تشكيلة من الدمى المتداخلة في بعضها .. الصغيرة تختبئ بداخل الاكبر منها، وتصل الى السبع او الثمان في منحوتات خشبية تشبه الفناجين مغطاة برأس(ماتريونا).. حيث التمازج او التداخل والاختلاط الذي يصعب غالبا فهمه في المشكلة اليمنية، علاوة على عمى الالوان في عيون قادة شقيقتنا الابدية الكبرى (السعودية)..

‏ من الحرب الى الحرب: لم يكن للمؤلف بد من الانطلاق من حروب صعدة التي "اوصلت الحوثيين إلى صنعاء"، وحراك الجنوب الذي تحول ارتهانا، وربيع الاخوان، الذي لم يتمكنوا من الامساك به، إلى عاصفة الحزم والانتقام التاريخي السعودي من اليمن .. وسيناريوهات الحرب الجديدة التي رمت - وفقا للمؤلف - لاكثر من عشرة اهداف، وجدت جديدها في ثلاثه:

1. عزل اليمن واغلاق منافسه

2. تدمير بنيته التحية

3. تحويل الجنوب والموانئ اليمنية الى محميات وقواعد عسكرية تخضع للسيطرة الخارجية. اما بعضها الاخر فهو قديم لا يزال يكرر نفسه بصورة مؤلمة ومقززة، ك"استقطاب القبائل وشراء ذمم زعاماتها"..

المشكلة الازلية التي يدفع اليمنيون ثمنها من دمائهم ومستقبل دولتهم واجيالهم، استدعي الكاتب سيرة جار الله عمر وعلاقاته السياسة ودوره في المشهد السياسي اليمني قبل الثورة وبعدها.. ثم موقفه من حرب صيف 1994م، وموقعه ووضعه حتى اغتياله عام 2002 على يد قاتل اطلق عليه رصاصات الموت بدعوى "كفره وعلمانيته"، ليتحول الاشتراكي اليمني بعده الى رقم ضعيف في حلقة الاستقطابات الجديدة.. ‏

خمسة عناوين: مرويات جار الله عمر .. كتاب يلخص في خمسة عناوين المشهد السياسي اليمني .. عبر استعراض مترابط وممتع لسيرة جار الله عمر، احد ابرز وانزه القادة اليمنيين واكثرهم نضجا ووطنية وتضحية.. ‏ يعيدنا التوثيق السردي للكتاب عبر تبويب متسلسل للأحداث الى الكشف عن حقائق وارقام في المشهد اليمني؛ من النشأة الى الثورة، ومن جمهوريتي الشمال والجنوب، والحرب النظامية الى حرب العصابات، وصراعات الحزب الاشتراكي اليمني، ومجزرة يناير 86 الدموية، واغتيال عبد الفتاح إسماعيل ثم السير التدريجي نحو الوحدة..

بكتابة مشوقة تشدك من اول كلمة الى آخر حرف يفرد الاستاذ فيصل في الكتاب حيزا لبعض التفاصيل وفق مرويات جار الله عمر عن حكومة الوحدة، وحمأة المشهد السياسي وصعوبة التعايش والضيق بالاخر، وحملة الاغتيالات ثم التحرك نحو الحرب .

. انه كتاب جدير بالقراءة .. تحية للاستاذ فيصل جلول الذي لا نختلف معه الا ونتفق، فهو كاتب وأخ وصديق يستحق التقدير ..


في الخميس 07 أكتوبر-تشرين الأول 2021 05:16:53 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=45659