معركة مأرب المقدسة
د. ضيف الله بن عمر الحداد
د. ضيف الله بن عمر الحداد
 

الحياة هي دار ابتلاء وشقاء وامتحان ولا سعادة فيها مطلقا ولا تتحقق السعادة الحقة إلا حينما تفارق الروح الجسد ويرى المؤمن مكانه في الجنة وملائكة الرحمن ترحب به ...ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون...

ثم يؤكدون التبشير بالولاية فتكتمل السعادة البرزخية وتبقى الروح تعشعش في الجنة تسرح وتطير في الجنة حيث شاءت حتى تبعث في اليوم الآخر وحينها تتم السعادة الأبدية وتكتمل وقد صح أن المؤمن يغمس ابتداء في الجنة غمسة تنسيه كل شقاء وبؤس تعرض له في هذه الحياة

....

ولا شك أن الخاتمة الحسنة هي ثمرة للسابقة الحسنة وحسن النهاية هو نتيجة حتمية لحسن البداية ...والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين.

وكذلك مما لا شك فيه هو يقيننا أن ما عند الله خير لعباده الصالحين

وكلما سبق هو ما نتسلى به ونصبر انفسنا به ونحن نفارق إخوة وأبناء وأصدقاء من خيرة أهل الأرض في هذا الزمان.

نفارقهم مفارقة أبدية والعين تذرف ماءها بغزارة والفؤاد مفجوع بفراقهم والروح تتمنى لو فدتهم أو سبقتهم والجسد بعيد بعد المشرقين حتى عن توديعهم والسلام عليهم ولو بإطلالة ختامية تحكي لوعة الفراق وفاجعة الموقف.

والأمة المسلمة بفضل الله امة ولود تجود في كل زمان برجال أفذاذ وأخيار

أخبروا من ظن انا امة

أنكرت أمجاد سعد والوليد

كلما أطفئ منا قبس

أشرق القرآن بالفجر الجديد

إنها الجنة تبغي ثمنا

عز إلا من شرايين الشهيد

 لقد وجدت أن التربية الجهادية التي ربى النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه بها منبثقة من الكتاب والسنة والقدوة الحسنة والكتاب والسنة بين ايدينا والقدوة الحسنة تتحقق بالتخلق والتربي بهما ظاهرا وباطنا.

ولقد تمثل ذلك السلوك وهذه التربية في الرعيل الأول من الدعاة المخلصين حيث قاد العمل الدعوي والجهادي في مأرب ثلة من خيرة الدعاة والعلماء والعظماء رضي الله عمن رحل وأطال الله عمر من بقي وأحسن الله خاتمته وتتلمذ على ايديهم رجال أفذاذ وقادة عظماء نشروا السنة وصنعوا تاريخا وبنوا مجدا وحققوا نصرا منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا.

ولا يمكن ان ينمحي من ذاكرة الأجيال المأربية تلك التضحيات العظيمة التي قدمها الأبطال في ميادين الوغى وساحات النزال ولا يمكن لهول المعركة أن يثنينا عن مواصلة المصير حتى يحقق الله إحدى الحسنين نصر او شهادة

ستعلم امتنا أننا

ركبنا الخطوب هياما بها

فإن نحن عشنا فيا طالما

تهون الصعاب ل طلابها

وإن نحن متنا فقد قدمت

كؤوس المنابا لشرابها

نمر على شفرات السيوف

ونأتي المنية من بابها

إن مارب وجهادها وصبرها ومصابرتها وتضحياتها الجسيمة والعظيمة في هذا العصر جديرة بالدراسة لكونها تحكي الماضي التليد وتجسده في أبهى حلله وأجلى صوره وتتمثل به واقعا محسوسا يتمثل في ملحمة نضالية وجهادية كبرى تذكرنا بتضحيات الرعيل الأول من سلف الأمة من الصحابة والتابعين وصانعي أمجاد الأمة المسلمة ذلك المجد الذي يبذل الاحفاد مهجهم ويضحون بأرواحهم لاستعادته وتجديده وتحقيقه

حملناها سيوفا لامعات

غداة الروع تأبى أن تلين

إذا خرجت من الأغماد يوما

رأيت الهول والفتح المبين

ولإن كان الشهيد القردعي أشعل ثورة 48 من القرن الماضي من أجل تخليص اليمن من براثن الاستعباد والإمامة فإن أحفاد القردعي يتزعمهم الشهم البطل المحافظ اللواء سلطان بن علي العرادة مضحيا بفلذة كبده وأقرب الناس إلبه ويشاركه في ذلك كل مشايخ ووجاهات مأرب وقياداتها الميدانية والاجتماعية في التصدر لاستعادة الجمهورية وتحقيق الكرامة والعزة لكل اليمنيين.

وعلى خطى الكرام قدمت كل قبيلة وأسرة مأربية أجود ما لديها من رجال وأنفس ما لديها من أبطال وأموال ولن نبخل على وطننا فالحرية والكرامة والعزة لا تقدر بثمن ويعظم ذلك حين تدافع للحفاظ على الكليات العظمى لديننا العظيم

..الدين والنفس والمال والعقل والنسل والعرض.

إن معركة مأرب معركة مقدسة بامتياز نحتاج فيها إلى جمع الكلمة ووحدة الرأي ورص الصفوف وتكاتف الجميع لهزيمة المشروع الإمامي المتخلف والمخالف لمبادئ الإسلام العظيمة ومقاصده النبيلة وشريعته الغراء وكذلك مباين للفطرة السوية السليمة.

لقد غزينا في بلادنا من قبل جماعة إجرامية نشأت وترعرت وشبت على شرب الدماء وقتل الانفس وإزهاق الأرواح وتفجير بيوت الله يقودها مجموعة من الحشاشين والمعتوهين تحمل أفكارا مخالفة للكتاب والسنة ونتيجة للظلم آوى إلينا إخوة ظلموا وقهروا وهجروا من بيوتهم فجرت مساجدهم وسلبت اموالهم ففروا بالدين والكرامة ليحافظوا على ما تبقى منها ونحن نفتخر بهم ومصيرنا ومصيرهم مشترك...الدم الدم والهدم الهدم.

إن المعركة اليوم معركة مصيرية ولا خيار غيرها للدفاع عما تبقى لليمن من عزة وكرامة وعلى كل يمني قادر على حمل السلاح أن يحمله للذود عن المستضعفين من الرجال والنساء والولدان وكذلك لتخليص اليمن من هذا الطغيان الذي ليس له مثيل في الدنيا وأنحاء المعمورة.

واما مأرب فقد تصدر أهلها للقتال بأنفسهم واموالهم والخسارة جسيم

ة ولكن لا بأس فليأخذ ربنا من دمائنا حتى يرضى.

صحيح أن المصاب كبير وأننا فقدنا إخوة كرام وقادة عظام وأبناء كنا نرى فيهم الأمل المنشود وتمنينا لو ان الله اطال في أعمارهم حتى يصنعوا حياة تليق بهم ويستمتعوا ولو بشيء من حقوق الإنسان وأدنى حقوق المواطنة التي يتمتع بها نظراؤهم في الدول التي تحترم نفسها ولكن إجرام الحوثي ونازيته جعلتنا نقذف طغيانه بخيرة إخواننا وفلذات أكبادنا وكلنا أمل بالله أن ينصرنا عليهم وأن ينصفنا ممن ظلمنا والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 والأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين والحمدلله رب العالمين.

بقلم:

 د. ضيف الله بن عمر الحداد


في الخميس 20 أغسطس-آب 2020 09:04:03 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=45097