فاقد الشيء لا يعطيه !!
د.رياض الغيلي
د.رياض الغيلي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :

قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ  صدق الله العظيم .

هاهو حزب (الصالح) ، بل حزب (المصالح) يتداعى ويتهاوى من الداخل على رؤوس (دهاقنته) ، هذا الحزب الذي لا يضم بين صفوفه إلا كل نفعي وطفيلي ومصلحي أما الشرفاء (أولهم صخر وآخرهم هلال) فقد غادروه وتركوه يلفظ أنفاسه الأخيرة كأي عجوز مريض ، وسبقهما (تهميشاً) و (تطنيشاً) شرفاء بحجم ( الأصبحي والعنسي) .

بل لقد لحق بركب الشرفاء المغادرين لهذا الحزب أفرادٌ ممن بقي لديهم بعضٌ من كرامة (كالعواضي والأحمر) ، حتى (بركان) الحزب الحاكم (وبوقه) الكبير هو الآخر قدم استقالته كأمين عام مساعد لهذا الحزب .

هذا الحزب الذي نشر الفساد كل هذا الانتشار ليصل إلى فئات ما كان يجب أن يصل إليها أبدا..

هذا الحزب الذي حول الوطن إلى قصعة مستباحة للصوص والمرتزقة !!

هذا الحزب الذي صيَّر أبناء الوطن أشباحاً من شدة الفقر والجوع والمرض !!

هذا الحزب الذي سوّغ للناس أن يذلوا أنفسهم كل هذا الذل !

هذا الحزب الذي اختزل وطناً وشعباً في شخص حاكمه !

هذا الحزب الذي سيّس الوظيفة العامة من رئاسة الدولة حتى رئاسة القسم !

هذا الحزب الذي جعل الوزير يذل نفسه فلا يرى إلا بعيني سيده ومولاه!

هذا الحزب الذي جعل القائد العسكري يتعامل مع حاكمه بما لا يجوز أن يتعامل به إلا مع الله !

هذا الحزب الذي جعل أساتذة الجامعات (مداحين ودواشين) عند أبواب القصر الجمهوري !

هذا الحزب الذي حولَّ الصحفي إلى عبدٍ يهدر الحق كله والمنطق كله تذللا لولي نعمته !

هذا الحزب الذي مسخ الكتاب كي يمارسوا الدعارة بالكلمات، والتجديف أيضا لأنهم يقولون في حق الحاكم ما لا يجوز إلا لله !

كيف انزلقت الصحافة إلى هذا المنزلق المشين ؟

في عهد الإمام كان الأحرار من الشعراء والعلماء وحملة الأقلام يهزون عرش الحاكم بقصائدهم وكتاباتهم وآرائهم ، رغم أنهم لم يكونوا يمتلكون من وسائل الإعلام سوى بضع وريقات (صحف) مكتوبة بخط اليد .

واليوم وبعد ما يقارب النصف قرن لمن الثورة على الإمام لم نعد نرى إلا صحفا عرفها (نزار قباني) وكتب عنها:

ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخلية

لأيِّ رئيس من الغيب يأتي

وأي عقيد على جثة الشعب يمشي

وأي مرابٍ يكدس في راحتيه الذهب

فيا للعجب!

أيا وطني...

جعلوك مسلسل رعبٍ

نتابع أحداثه في المساء

فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء ؟؟؟

 خلاصة القول :

حزب بهذه الصورة من الفساد والكذب والزور والدجل ، بل والاستبداد والدكتاتورية أيضاً ، كيف يمكن للشعب أن يثق به في إدارة العملية الديمقراطية المتمثلة بالانتخابات النيابية ؟

كيف يمكن الثقة بحزب لا يعرف الديمقراطية حتى في صفوفه أن يتولى إدارة الديمقراطية ؟

حزب يُفرض عليه أمناؤه العامون واحداً تلو الآخر دون اختيار أو موافقة من أعضاءه!!

حزب فرّخ كل شيء ، ويمكن أن يفرخ أي شيء !

فرخ أحزاب تعارض الأحزاب المعارضة ..

وفرخ صحف تناوئ الصحف الحرة..

وفرخ نقابات تقسم العمل النقابي ..

وفرخ شركات تجارية تزاحم التجار ..

وفرخ مؤسسة خيرية تزاحم الجمعيات والمنظمات الخيرية..

وفرخ مبادرات فاشلة للعالمين العربي والإسلامي ، والبلد احوج ما يكون إلى مبادة إنقاذ..

وفرخ علماء ينقادون وراء السلطة أينما تريد ، فلا يفتون إلا بما يرضيها حتى وإن أغضب الله ..

حتى المساجد والجوامع لم تسلم من التفريخ ..

ولا أستبعد أبداً على هذا الحزب أن يفرخ (مقاطعة) للانتخابات ،في الأيام القادمة ..

إن هذا الحزب يفتقد للديمقراطية في صفوفه ، وفي التعامل مع خصومه ، فكيف يمكن أن يضمنها للآخرين ؟؟


في الأربعاء 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 06:28:39 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=4490