لوبي صهيوني في أمريكا أم لوبي أمريكي في اسرائيل
بكر احمد
بكر احمد

" خاص - مأرب برس "

كنا و إلى وقت قريب نعتقد أن هناك لوبي صهيوني قوي ومؤثر في الإدارات الأمريكية المتتالية والتي بيدها صنع القرار فيما يتعلق في دولة الكيان العبري والمنطقة الرافضة لوجوده ولكل تصرفاته المخالفة للقوانين الدولية والإنسانية .

كنا نعتقد ذلك الشيء من باب سد الذريعة على كل من يحاول أن يتنفس مقاومة ، بحجة أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من ستدعم إسرائيل ، كما أنها كانت من باب الانشغال بضرورة صنع لوبي موازي للوبي الصهيوني في البيت الأبيض حتى نحاول أن نخلق شيء من التوازن في التصرفات والقرارات والمواقف الأمريكية نحونا .

ونحن إذ نروج لهذه المواقف والآراء كنا بشكل مباشر أو غير مباشر نذيع علانية بأن أمريكا ما هي إلا دولة محايدة لا تملك مواقف مسبقة ضدنا نحن العرب ،وكل ما علينا فعله هو أن نذهب أليهم ونقنعهم بخلاف ما يروجه الإعلام الموجه هناك والذي يسيطر على الرأي العام و يملكه بطبيعة الحال الرأسمال المال اليهودي الضخم .

إلا أنه ومؤخرا تبين لنا العكس تماما ، وظهر لنا أن هناك لوبي أمريكي ضخم في إسرائيل هو من يسيطر عليها وهو من يحرك آلتها العسكرية متى شاء وهو من يوقفها ، بل ظهر لنا جليا تأثر أمريكا بأي أحداث تدور في المنطقة وتؤثر على مصالحها فتوقف بالنيابة عنها تل أبيب بالمهام المستعجلة ، وهذا الشيء لا يعني إطلاقا بأن إسرائيل دولة محايدة واقعة تحت اللوبي الأمريكي ، بل أنها قبلت هذا الدور لتؤمن مصالحها  وتضمن الخلفية القوية الاقتصادية والعسكرية والإعلامية التي تمتلكها أمريكا .

فكون أن أمريكا ترفض وقف فوري لإطلاق النار ، وكونها تعطل اتخاذ أي قرار لمجلس الأمن ضاربة بذلك عرض الحائط لكل الدماء التي أسالتها إسرائيل في لبنان ، وكون أن أمريكا تعاتب أمين العام للأمم المتحدة لأنه أنتقد إسرائيل على قتلها لمراقبين دوليين في لبنان ، فهذا يعني فعلا أن هناك تلاحم وسيطرة تامة على إسرائيل وأن ما هذه الدولة إلا مخلب قط يقوم بما تمليه عليه أمريكا لتنفذ مصالحها وتتم سيطرتها على المنطقة ، وفي النهاية تصدر قرارا أمميا أعوجا صب بشكل فاضح لجزئها اليهودي في فلسطين .

 يا ترى هل هناك فعلا من زال يشك بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي من تملك اللوبي القوي في تل أبيب وهي من تناصبنا كشعوب عربية العداء ، وأنها الدولة الوحيدة في العالم التي لا يرف لها من رمش حين تجرى دمائنا في العراق وفي فلسطين وفي لبنان وفي أي جزء في الوطن العربي لأنها هي من يقوم وبشكل مباشر بإسالة هذه الدماء .

بين كل حين وآخر وبين كل حرب وأخرى تتسع الهوة بين الأنظمة العربية وبين شعوبها ، لذا ليس من المستغرب أن نرى رجل عظيم كرئيس فنزويلا يعلن سحب سفيره من إسرائيل وبعض الدول العربية ترفض حتى مناقشة هذا الأمر بحجة أنها مرتبطة بمعاهدات مع العدو الصهيوني ، بل ليس غريب أن نرى رئيس مصر يقوم بمحاولات جنونية للتوسط لدى الفلسطينيين من أجل إطلاق الجندي اليهودي بينما لا نسمع منه ولو كلمة تذمر من قيام إسرائيل بخطف رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وهو يمثل السلطة التشريعية المنتخبة ديمقراطيا ، بل أن الصمت عم الوطن العربي كله ، بينما تصايحت بعض الأنظمة ضد حزب الله الذي خاض حربا مشرفة وخرج منتصرا كاسرا أسطورة الجيش الجبان في إسرائيل .

لا أحد يهتم بأي عمل تقوم به إسرائيل إطلاقا مهما كانت دمويته ، ولكن يمنع بشكل مطلق الرد أو التذمر أو الانتقاد ، وأول من سيقف في وجهك هي الأنظمة العربية ألتي قد عقدت حلف مجاني لخدمة الرغبات الأمريكية بلا أي مقابل سوى أنها تبقى تحكم هي وذريتها من بعدها .

إسرائيل ولأول مرة خاضت حربا حقيقية مع العرب ، ليتبين لنا كم هي صلابة المقاتل العربي المسلح بعقيدته والمؤمن بأن ما أؤخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ، إسرائيل خاضت حربا لمدة شهر ، ولم تستطيع أن تحقق سوى فضح نفسها أمام العالم عن مدى ضعفها وقلة حيلتها وفشل إدارتها العسكرية _ برغم وضع أمريكا كل ثقلها خلفها_ أمام عناصر لا يملكون الطائرات والدبابات والمدافع والبارجات البحرية ، لا يملكون إلا يقينا بأن الشعب اليهودي هو شعب غاصب ويجب أن يغادر الأراضي العربية ، وأن هذا اليقين هو الحق الذي سيأتي يوما ويتحقق .

وإسرائيل تعرف برغم كل ما أحدثته من دمار في لبنان بأن هذه المعركة هي بداية التغير في مجرى الأمور في المنطقة لذا ستقوم بعمل المستحيل من أجل دعم تيارات سياسية بعينها في لبنان عبر أمريكا وطبعا بعض الدول العربية حتى يتم نزع السلاح من المقاومة بشكل يظهر خارجيا بأنه مطلب وطني لبناني ، بل أننا نعلم سابقا ما هو دور أمريكا وسيطرتها على بعض القوى اللبنانية المعروفة وهي ألتي أطلقت ألسنتهم لتهذي ليل نهار ضد المقاومة بلا خجل أو شعور بالانتقاص الذاتي أو الوطني .

من يحكم الموازين في هذه الأمور هو الميزان العروبي الذي من خلاله نستطيع أن نفرز الواقف مع قضايا وطنه وأمته أو الحامل للفأس ليجهز عليها بعد أن كثرت الطعون بها ، العامل القومي هو الميزان ، لأن الأمر ليس متعلق بحزب يحمل سلاحه ويصفه بعض المستعربين بالمغامرين ، بل هي منظومة تمتد من العراق وتعبر سوريا ولبنان وصولا إلى فلسطين لتحكم قبضتها على ما بقي من رموز الصمود والتصدي في وطننا العربي ضد ألهيمنة الامبريالية القذرة .


في الثلاثاء 15 أغسطس-آب 2006 08:27:27 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=425