عاصفة الحزم هي طوق النجاة الأخير
بكر احمد
بكر احمد
لم أكن يوما رجلا وطنيا بالمفهوم التقليدي، ولم يكن الوطن يعني لي شيء ذو أهمية حسب تعريفه كوطن في المناهج الدراسية او الإعلام الرسمي أو حتى الإعلام المعارض، الوطن شيء مختلف تماما بالنسبة لي عما يروج له ويراد من هذا الترويج ثني أدميتنا عن رفع راسها والمطالبة بحقوقها الأولية، فالوطن حسب المفهوم الكلاسيكي المطعم بنكهة استبدادية أنه مجموعة حجارة وجبال وأودية، وانك كمواطن عليك ان تقدم ذاتك وجسدك وروحك وكل اسرتك فداءً لهذا الوطن، وأن من يحاول ان يتملص من هذا الواجب، فهو في ادنى الحدود غير وطني وفي اعلاها إنسان خائن؟
دائما أعلنها وصراحة، كل هذا الوطن في عهد صالح لا يساوي شيء لدي، فهو رث عقيم منتهك الأدمية والخصوصية والكرامة لكل ساكنيه، وطن لا يساوى جواز سفره الورق المكتوب عليه ، هو حتما ليس وطن، بل بقعة وجدت لإذلال الساكنين فيه، وهذه البقعة بالتأكيد لا تستحق العناء او التضحية من اجلها، ولكن وحتما تستحق السعي نحو طرح حزمة من الأفكار والمعتقدات المدنية التي تجتث كل تلك المباديء العقيمة التي رسخها علي صالح و إبدالها بأفكار نيره اخرى عوضا عنها.
للأسف لم نستطيع ان نفعل ذلك حتى بعد سقوط نظام صالح ( صوريا )، فكل شيء ظل ثابتا وراسخا، وعوضا عن حضور فكر اكثر حداثة، وهذا ما كان يجب ان يحدث كتطور طبيعي لما بعد الثورة، إذ بفكر اكثر ظلامية وعنجهية يفرض نفسه علينا، انه الحوثي ولا شك، فكر لا يؤمن بالوطنية او المواطنة من أساسها ولا بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة ولا بالحريات المدنية والشخصية، ولكنه ينظر إلى كل تلك الأمور من خلال ثقب ديني اسود ليحصر الناس إلى فصيلين، اما معي وأما غير مواطن وخائن وايضا كافر .
الكارثة، هو تحالف نظام علي صالح المستبد، مع مليشيات عبد الملك الحوثي المتطرفة، فكانت النتيجة خلطة سوداوية، بل لعنة ابدية ان تمكن هذا الحلف من بسط سيطرته على البلاد بقوة السلاح، وهذا ما كان جاري حدوثه، فخلال اقل من سنة أكتسح هذا الحلف ثلث الأراضي اليمنية، واسقطوا كل من يقف أمامهم، وتمعنوا بإذلال خصومهم عبر مشهد درامي مثير، وبدأوا بالاستعداد للزحف نحو باقي المدن الخارجة عن سيطرتهم لوضع اليد عليها بشكل نهائي، ومن ثم تأسيس دولة قبلية دينية عسكرية من شمال الشمال فقط، وهي الدولة ذاتها التي كانت موجودة قبل عام 2011م، دولة فئوية وجهوية احتكرت المال والنفوذ والسلطة والوظائف لها ولفصيلها مع فارق واحد فقط ، وهو ان هذا الحلف الجديد رهن كل البلاد لدولة أجنبية واحدة، مما يعني أقحام اليمن في صراعات اقليمية وجعل البلد بيدق في رقعة شطرنج لا ناقة له فيها ولا جمل ونزعه من محيطه العربي والأقليمي، بل وجعل اليمن سلاحا موجها إلى جيرانه واقربائه من اجل حصول ايران على مصالح وطنية تعود بالفائدة عليها وعلى شعبها.
هل لنا أن نتخيل كيف سيكون الوضع، انه ولا شك مرعب ومخيف.
إذا اين هي الوطنية الحقيقية، ان نرضخ لهذا المشروع الإذلالي القادم من كهوف مران ومن عقلية طاغية مستبد متحالف معه و لديه الكثير من الأحقاد، أم ان مقاومته وبمختلف الوسائل المتاحة هي الوطنية التي يجب ان نعتنقها.
هذا سؤال تفاعلي، ومن يريد ان يفكر او يجيب عليه، يجب أن يتحلى بالقدر الكافي من الشجاعة والاستقلالية، وان يفكر بمصلحته ومستقبله و الذي من خلاله تقاس وطنيته، لأنه لا يمكن التسليم لهم بهذه السهولة، وانه من حقنا أن نستعين بأية قوة تخرجنا من نفقهم المظلم الذي سيعود اثره علينا وعلى مستقبل ابناؤنا، فكل شيء لدى الحوثي وحليفه صالح لا يبشر بالخير ، ولا توجد لديهم اية ايجابيات او فوائد غير الحرب والتطرف والاستبداد، لذا كان ومن الطبيعي ان تكون عاصفة الحزم العربية والتي جاءت كطوق نجاة أخير لإنقاذ هذا البلد وشعبه بشارة أمل أخيرة أن استطعنا التمسك بها، فهناك احتمال ان ننجو، لأن التخلص من صالح الذي هو العقبة الأكبر امام تطلعات هذا الشعب، وايضا القضاء على الفكر الحوثي المتطرف، يعتبر احد اهم عوامل التطور والمدنية وايضا الديمقراطية، فبوجود هذا التحالف السيء لن تتخرج اليمن من دوامتها، لأن مصلحة الشعب تتعارض وبشكل مباشر مع مصالحهم.
عاصفة الحزم، هي نتيجة استشعار خطورة هذا الحلف الغير مدني، خطورة ما يمكن ابدا تجاهلها او محاولة الجلوس والتحاور معها، خطورة على اليمن اولا وعلى أمن الإقليم ثانيا، وهذا التحالف العربي وجد قبولا ليس لدى اطياف واسعة من الشعب اليمني وحسب ، بل لدي معظم الشعوب العربية، لأنها رأت فيه بارقة امل لاسترداد اليمن العربي المنسجم مع اقليمه وتاريخه وحضارته.
اما لماذا عاصفة الحزم هي طوق النجاة الأخير، لأنها أن لم تنجح، وان لم تستوفي كامل أهدافها وتتم مهمتها كما ينبغي، فعندها فقط ستكون البدائل مرعبة ومخيفة والإنقاذ لن يأتي ابدا، لأنه اثبتت التجارب بان القوى السياسية المتحاربة في اليمن ما هي إلا قوى انتهازية لا تعبأ بالوطن ومصالح وحقوق شعبه.
هذا التحالف العربي الواسع ، وهذه المليارات التي تدفع تمويلا لهذا الحلف، هي طوق جميل حول أعناق الجنوبيين خاصة واليمنيين عامة، ولن ننساه لهم ابدا، لأنهم فعلا منحونا امل في لحظة فقدنا فيه اية بارقة أمل للنجاة والخلاص من قوى الظلم والاستبداد.

في الخميس 02 إبريل-نيسان 2015 08:56:47 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=41319