آفاق العلاقة بين صالح والحوثي و السعودي الحاضر الغائب ..صالح والحوثي ..
الحاج معروف الوصابي
الحاج معروف الوصابي

نعم هناك تحالف وعلاقات قوية وتنسيق متكامل ...لكن الحذر والريبة والتربص يملأ الطرفين بسبب كلتا الطبيعة النفسية لهما التي هي جبلة في الاصل وزاد عليها تراكم الاحداث والخبرات من بعضهما ، وموروث بغيض من الاحقاد والدماء والخرافة (العوبلي ــ المرجعيات الدينية ) .

بطبيعة الحال فالتنافر جذري والعداوة حاصلة وكامنة وتطفح أحيانا حيث يفور القدر ثم تعود لتكمن بحسب ما توجبه المصلحة والضرورة الآنية ..

تحالف عرضي وعابر تأبى الفطنة تسميته بالاستراتيجي حيث يفتقد لمقومات وقواسم متينة ، ولم يقم الاّ بموجهات اقليمية ودولية وبواقع المصلحة المشتركة تجاه عدو ثالث ..

ومع مغادرة هذا الثالث الحلبة سيستيقن تماما كلا الطرفين أن هذا الطرف بالنسبة لهذا وذك لهذا بمثابة التهديد المصيري والوجودي ، وهذا ما يدب على الارض الآن فواقع الحال عند كليهما أكون أو لا أكون ..

ومهما جاءت التعمية بثمة من يُؤجج الصراع لضرب هذا بهذا فلن يُعني في الامر شيء تجاه واقع تتجلى معالمه ..

يُدرك الحوثي أن صالحا ومن ورائه أطرافا إقليمية يُريدون منه ان يلعب دور كلب الصيد والتيس المستعار ، فإذا ما أنجز الدور فسُمن تباعا جاء دوره في الذبح ، فتغابى في ذلك بخبث وتهادى لهم ومن ورائه حكمة فارس ودهاء المرجعيات وهذا الأخير تراكمي ومُر وهو حصاد قرون من الوعي وعقل الحوادث ..

وبخبث ومكر شديدين وهو العقائدي المبرمج والموجه جعل من عفاش واتباعه في القبيلة والجيش هم الطليعة وأداة التنفيذ وحطب المحرقة حتى إذا ما بلغوا الانجاز ترك لهم وفيهم بعض اتباعه ــ للتشويش ـــ البيوت لينهبوها ، أسرة وبطانيات وفرش ودواليب وستائر وكلسونات وأشياء من هذا القبيل وانطلق هو صوب الاسلحة الثقيلة والخفيفة والنوعية ، وعلى كل ما هو حيوي في المرافق العامة الاستراتيجية ، والوثائق الحيوية ومراكز الضبط والتوجيه ..

ثم انطلق بأسراب من الدبابات التقليدية والحديثة ومثلها من المدرعات والمدفعية الثقيلة وكم من الصواريخ واجهزة التوجيه وكثير من الاسلحة الحديثة والموجهة صوب صعدة في مشهد استعراضي مُدهش يُشبه الجيوش الحديثة في عروضها بما يعني علمه مسبقا بما كان يُبيت له واستعداده هو الآخر بفعل استباقي خاطف يُصفي له المشهد والساحة ..

عند هذه النقطة يتضح بجلاء ان ميزان القوى العملي يميل بقوة ونوعية لصالح الحوثي عنه من صالح ..

وأنه لو كان لصالح عفاش لحال دون نهب الحوثي كل تلك الاسلحة ووصوله الى اهم الوثائق السيادية في الدولة كرصيد ذهني هو الاهم لمن في نيته ان يحكم ..

وتكشف هذه الصورة أن كم انصار صالح وان تفوقوا على ما هو للحوثي في تلك الفعاليات والحرب الا انهم لا يعدون عن غثاء وحالة عاطفية كانت ملتهبة فبردت بعدما أخرجت ما كان فيها من فيح وحمى وقيح على أن جزء كبير منها التحق كأنصار فعليين للحوثي بعد هذا التطبيل والتوجيه الاعلامي الهائل الذي جعل من انصار الله قدرا لا مناص منه وأمة من الناس حرام عليها الهزيمة انما قدرها ان تنتصر وتنتصر ، فضلا عن الانتماء العقدي والسلالي الحاصل ..

ولأن أنصار صالح في هذه السوق اغلبهم رعاع وبسطاء ولا يدركون تماما ماذا في الطبخة وكيف أعدت ولبطن من ستستقر ــ عدا القلة الامنية منهم ــ يكفيهم فقط أنهم ثأروا للزعيم وردوا كرامة حزبهم الجريح بكسرهم آل الأحمر وحزب الاصلاح .

في هذه الاثناء سبق الحوثيون واتجهوا ببرمجية يبنون فوق هذا الانتصار مستغلين الحالة اللينة في البلد وهذه الدعاية الاعلامية الهائلة لصالحهم ..

هنا نصل الى نتيجة صحيحة وتعمل على الارض أن قوة صالح بمكوناتها المختلفة لا تساوي 1% مما هي مع الحوثي ، وأن سنده الاقليمي غراب في موازاة صقر إن كانت هناك ثمة مقارنة مع السند الاقليمي للحوثيين "ايران " ..

وأن من يراهن على قوة وحنكة وخبرات صالح في كبح جماح الحوثي في المرحلة القادمة واهم تماما ، وقد تجلت الحالة لصالح على حقيقتها وهو يسافر ــ هربا ــ من محافظة لأخرى على غير عادته في أيامه الاخيرة إثر تصريح مختلق منسوب لابي علي الحاكم ..

والراجح لدي أن صالحا وهو ذكي لماح ومكار سيفضل مغادرته البلد على ما ينتظره ويراه هو واقعا وتحت مبرر اتاحته الفرصة للرئيس والحكومة الجديدة وبشيء من الانتشاء سوف يوحي لانصاره انه لم يغادر الا بعد نجاحه في تسفيره خصومه وهذا يكفيه لحفظ ماء وجهه ..

وسيمضي الحوثي على نفس الاستراتيجية الايرانية في المفاوضة مع الخصوم وتحقيق الاهداف " السهل الممتنع " والكر والفر ، والمراوغة فقط لكسب الوقت ليتقدم بمخططه خطوات أثناء المفاوضات ..

والحوثي كان كيسا فطنا لما يُراد منه وما استعدوا من بعده له ، فلم يدخل مع الاصلاح في مواجهات الا خدوشا طفيفة ما لبث ان توقف واعتذر ، فيدٌ له تواجه الاصلاح " إرضاء لطلب اقليمي وشيء حاضر في النفس " وأخرى من تحت الطاولة تمتد اليهم بإيماءة من ايران ..

ولأن الحوثي يُدرك التحديات الداخلية والاقليمية والدولية فمن المؤكد أن يسعى لعقد حلف أو عمل وفاق مع الاصلاح عبر مرجعياته السياسية ليتفرغ لبناء مداميكه ومنظومته وأنساقه المختلفة ويلتفت وظهره آمن لمواجهة مخطط الاقليم ..

وهذه هي استراتيجية الحوثي في مصالحاته مع عدد من القبائل وفي عدد من الجبهات في مرات عده ، إذ أن هدفه بعيد وسقفه مرتفع وهو يدرك التبعات ..

ضيف على نجد والحجاز ..

على أن جبهة الحوثي القادمة بعد ان يتخلص من عفاش بالنفي او التصفية ستكون مع السعودية ..

وكم هو مضحك رد النخبة السعودية عن قدرة دولتهم المتاحة  في تكسير أضلاع الحوثي واحتلالها صعدة والجوف ومارب ، وهي التي تفسخت عضلاتها وأصاب الوجع مفاصلها يوم عبرت مجاميع محدودة للحوثيين الى جبل الدخان واحتلت مساحة من الاراضي السعودية ، ولولا انشغال الحوثي يومها بحرب في خمس جبهات واعياه قصف الطيران السعودي الذي لم يجد له حيلة لما استقرت قدماه الا في الرياض ..

فكيف الحال اليوم وقد امتلك الحوثي دفاعات جوية حديثة ، وتبعته نخبة الجيش وصار حاله كما هو مشاهد ..

الذي يجب الالتفات له ان الحوثي بحاجة ماسة لفتح جبهة حرب مع السعودية لتبيض صورته في الداخل إزاء اتهام الشعب له بأنه لا يقتل الا اليمنيين وليجمع حوله رضا شعبي وتأييد له اغلبه ( الشعبي ) على تراكم من الاوجاع تجاه السعودية ..

ولتحسين أوراق الضغط والمفاوضات مع السعودية في قضايا عدة أهمها الدعم الاقتصادي وتحسين شروط واوضاع العمالة اليمنية لديها ، وهذه النقطة التي يخشى الحوثي ان فيها مقتله أو عليها نجاحه ( الازمة الاقتصادية ) ..

ولتأكيد حضوره الاقليمي والدولي كفاعل أساسي من الصعب تجاوزه على المشهد..

والأهم كخدمة مؤجلة لإيران حان استحقاقها لتحسين اوراقها التفاوضية مع المجتمع الدولي ولتركيع الدبلوماسية السعودية وجعلها تابع وخادم ..هذا في المدى القريب ..

وبطبيعة الحال فالسعودية حسب عادتها تُدير معاركها مع خصومها عبر الحرب بالوكيل في اليمن وغيرها ..

لكنها هذه المرة لن تجد في اليمن من يسند موقفها ويقوم بالوكيل الا من نذر يسير من القبيلة لا يلبث الحوثي أن يسوي بيوتها ويكسر أضلاعها فترتد خاضعة ومعه تُحارب ..

أما الاصلاح فإن كان قد تركها في الداخل مواجهة لحسابات عدة فلن يخوضها كوكيل للخارج ، وسيلزم الحياد ، فكما أعلن انه ليس بديلا عن الدولة ومؤسساتها في الحماية والدفاع ، فمن باب أولى لن يكون بديلا للغير ..

وستتجرعها السعودية غصات وغصات وستقدم شيكا مفتوحا وسلسلة من التنازلات وكم كبير من ادوات الاسترضاء لسيد الجزيرة الجديد ..

هذا هو الواقع الجديد ، وهي قراءة من مراكز البحث الاستراتيجي في ايران ..أن قواعد اللعبة والتفاعلات في الجزيرة العربية تغيرت تماما ، وأن حال النظام الحاكم في السعودية كممثل لقبيلة في طريقها للانقراض ..

ومؤسسات البحث هذه لديها كم من المعلومات والبيانات والقراءات والتقييم الاستخباراتي ، والايرانيون اعلم بما يقولون ..

هذا واقع لا مناص منه ، وفي تقديري ...أنه ليس من مصلحة البلد الدخول مع الحوثي في مواجهات داخلية إن نجح اتفاق الصلح الداخلي ولتُعطي المكونات السياسية قسطا من الراحة والمراجعة لعشر سنوات بكاملها يُستدرج فيها الحوثي من البداوة الى المدنية ويُروض من التوحش الى الأنسنة ، ومن السلاح الى العمل السياسي ، وليُستفاد من طاقاته وحضوره القوي في الميدان الخارجي بما يخدم اليمن ..


في الخميس 09 أكتوبر-تشرين الأول 2014 01:40:09 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=40446