لا منجاة لكم من نيران الفتنة التي تدبرون لها
محسن خصروف
محسن خصروف

صنعاء متخمة بالسلاح الذي يتوافد به عشاقه إليها اليوم، بل الساعة، بل اللحظة، زرافات ووحدانا، من كل الاتجاهات الأصلية والفرعية للعاصمة، ناهيك عن الطوق القتل الكثيف الذي تطوق به منذ إعلان الجرعة الأخيرة، عشاق التقاتل يتخمون العاصمة ومحيطها بما تشتهيه و تلذه شهوات القتل لديهم من الأسلحة وكل أدوات الموت.

 أصحاب الثارات السياسية السلطوية المذهبية الطائفية المناطقية وما في حكم ذلك يتقاطرون سرا وعلانية على العاصمة وألسنتهم جميعا تلهج بالذكر والحمد لرب النعم الذي يظنون أنه هيأ لهم هذه الفرصة، وحين يلتقون في مكامنهم التي تتداخل مع بعضها في قطر العاصمة يطلب كبارهم، على اختلاف ألوانهم وأفكارهم وقناعاتهم ومعتقداتهم وهوياتهم، يطلبون من أتباعهم أن يحمدوا الله الذي منحهم هذه الفرصة وأتى بأعدائهم جميعا إلى هذا المكان الذي سيصبح مباركا، ليتسنى لهم القضاء عليهم قضاء مبرما، ويضيف أحدهم مخاطبا أتباعه: إنها والله يا أبنائي لفرصة لن تعوض أن يكرمنا الله سبحانه وتعالى بأن يجمع كل أعداء الله إلى مكان واحد ليتحقق لدين الله النصر بالقضاء عليهم قضاء مبرما لا تقوم لهم بعدها قائمة، ولتستقيم شريعة الله، علما بأن كل طرف من عشاق الدم والتقاتل يظن أنه ومن معه هم وحدهم ولا غيرهم حراس وحماة شريعة الله، التي هي بالضبط ما يؤمنون به وما يعتقدونه وما ينتهجونه.

 وعلى العكس منها تماما هي معتقدات الآخر الخصم الكافر الفاجر عدو الله وعدو الدين..... العاصمة تعج وتضج بأصوات مسموعة بأدوات القتل المادية والبشرية، تشكو ضيق الحال من توتر النفوس المتقابلة وتحفزها لتبادل الإقناء والإبادة، وكل بما ينويه ويضمره للآخر فرحا ومبتهجا ويتحيّن ، بل وينتظر بلهفة صدور الأوامر بانفجار الطلقة الأولى لتنطلق جحافله صوب عدوه الذي هو في نظره عدو الله، خاصة وأن كل طرف من أطراف التشهي [[ الإدماني]] للتقاتل قد أتى بامتداده المسلح المتعطش للدم المتخم بالرغبة في قتل الآخر، الظانّ بأنه بذلك يسلك طريق الجنة التي تعج ببنات الحور، فصارت صنعاء مليئة بالمدافع والرشاشات والبوازيك، ناهيك عن البنادق والمسدسات الصامتة منها والصارخة والأحزمة الناسفة والانتحاريين وكل أنواع المتفجرات والقنابل بمختلف أنواعها والمهللين والمكبرين والحامدين والمنادين بالموت الكارهين للحياة المشتركة وكل ما شابه ذلك من المخلوقات غير الطبيعية. وكل اليمانيين في كل أنحاء الوطن يضعون قلوبهم على أيديهم خوفا وجزعا على صنعاء وسكانها.

صنعاء الآن البشر والشجر والحجر تعيش حالة من الرعب في مقابل رغبات القتل التي يبديها المسلحون بكل ألوان طيفهم ونوازعهم المتضادة، صنعاء لا يخشى أهلها من صراع بين الدولة وطرف سياسي مدني أو فئوي بعينه،، فهذا أمر مقدور على لجمه وحسمه والوصول فيه إلى حل ، بل حلول، صنعاء اليوم يتحفز فيها كل الخصوم الذين يتكئون على أيديولوجيات القتل القاطعة المانعة للتعايش والحوار وأي شكل من أشكال الوئام أيا كان مستواه، صنعاء تشهد الآن تمارين غير مرئية على خطة "الكراديس" التي تقابل خطة "البؤر الثورية" المنتشرة في الكثير من الأحياء والحارات ومساجدها، ويجري الاستعداد لتنفيذ العمليات الانتحارية والتفجيرات والقتل الجماعي للخصوم والعامة، معا، والمواطن يدعو الله سرا وعلانية بأن يجنبه شرور هئولاء المدمنين للقتل عشاق التقاتل والإفناء المتبادل. السادرون في غيهم الواهمون بالنصر الجاهلون بأن لا منجاة لأي منهم من الفناء المحقق. عشاق التقاتل والإفناء لا يعلمون أن الطلقة الأولى هي القرار الحاسم الذي لا رجعة عنه يفنائهم، بشطبهم من الحياة هم ومن يستهدفون ومعهم أعداد لا يعلم عددها إلا الله من الأبرياء من الأطفال والنساء والعجائز. هئولاء الذين ينكرون فضل الله ونعمة السلام والحوار والقبول بالآخر يعتقدون جهلا وحمقا بإمكانية بقائهم بعد تبادل القتل، ينكرون فضل المجتمع والسلام الاجتماعي والتعايش ويستبدلونه بقانونهم، قانون التقاتل حتى الموت، يجهلون أنه لن يبقى لمن يمكن أن يعيش منهم ما يدافع عنه، لا ماديا ولا معنويا، لا دينيا ولا دنيويا، ولن يجدوا حتى بلدا يقبل بهم مغسلي سيارات، ولن يقبلهم الجيران حتى منظفي مجاري ، لا لشيء إلا أن نار فتنتهم ستمتد إلى المحيط الإقليمي فتحرقه لإمعانه في الفرجة على ما يجري في اليمن والمساعدة في تأجيجها، فلا يصيروا في حال أحسن منا، لآن المتربصين يهم وبنا معا سيجدونها فرصة سانحة ينطلقون منها لتحقيق مآربهم في الإقليم برمته، وسيجرون العالم معهم إلى حرب إبادة لا ينجوا منها إلا المخططين الرئيسين لها منذ الحرب الأفغانية وهلم جرا، وقد لا ينجون من بعض نارها.

إن اليمن أيها العشاق للتقاتل تتسع للجميع ، وهي أحوج ما تكون، الآن الآن وليس غدا، لهبة سلام تجتاح النفوس المتحفزة ضد بعضها، وهي أم رؤوم ذات حضن دافئ وحنون، فلا يظنن أحد أن بإمكانه التفرد والاستئثار به...... فإلى الذين يشعلون نار الفتنة المتربصين باليمن وأهله من أجل السلطة: لن تجدوا سلطة تستولون عليها، لن تجدوا من تتسلطون عليه، لن تجدوا من يحميكم من غضب من ستكتب له النجاة، لن تجدوا قبل ذلك من يحميكم من غضب العامة، لن تجدوا من يحميكم من سطوة حماتكم وحراسكم ورغبتهم في [[ تفيّد]] ما سيجدونه تحت أيديكم حين تنجح خططكم الإجرامية في تدمير الدولة، ستلعنون اليوم الذي ولدتكم فيه أمهاتكم، إليكم يا هئولاء، اليمن مرة أخر يتسع للجميع، وكل اليمنيين موحدين ويحبون السلام فلا تغرروا على العامة منهم فينتقم منكم تاليا من سيبقى منهم شر انتقام، السلام والتعايش خير لكم قبل غيركم. وما من مشكلة في هذه الدنيا إلا ولها حل سلمي غير القتل والدم الحرام وليس هناك ما هو أكثر حراما وإجراما منه.

 
في الأحد 07 سبتمبر-أيلول 2014 10:16:07 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=40304