علي محسن الأحمر ومكافأة نهاية الخدمة
الحاج معروف الوصابي
الحاج معروف الوصابي

مأرب برس – خاص

انتهت حرب صعدة أو هدأت إلى حين ، المهم أن القرار الرئاسي الأخير بشأنها بتلك الصورة شده الجميع ومثل فعلا مفاجأة للكثيرين سواء الأطراف فيها ، أو فئة تجار الحروب ، أو أولئك الذين ظلوا على الدوام في المسار الرافض للحرب والم طالبين بحوار داخلي حضاري يشمل أك ثر من موضوع وسبب 0

وبطبيعة الحال فقد سعدنا جميعا بوقف تلك المهزلة أو المسرحية ركيكة الحبك والإخراج فضلا عن مضمونها القيمي التي استقذرها الجمهور من أول وهلة رغم حملة التهليل لها من الخطاب الرسمي أثناء العرض وقبله واستدعاء مفردات عدة منها ما محلها للداخل وأخرى للخارج ك الثورة ، والنظام الجمهوري ، والحرب على الرافضة ، ثم المشروع الإيراني في المنطقة وحتى الورقة اليهودية التي تم تحريكها هي الاخرى0

وقد تبارى المحللون في تفسير هذا القرار المفاجئ ، فمن قائل أنها المناسبة الوطنية لاعتلاء العرش أو حركة ما بشأن الحسابات الإقليمية إلى عدة تفسيرات أهمها محكمة الجنايات الدولية وموضوع دارفور والرئيس البشير ، ولعل هذه الأخيرة هي السبب الأول والأخير ، فالذين يعلمون من خلال الخبرات السابقة الطبيعة النفسية لصاحب القرار لا يحتاجون لكثير عنا في التفتيش ، فالرئيس الصالح معروف بمواقفه السريعة ذات رد الفعل ، فحينما دخل الأمريكان العراق وأهينت للتو صورة صدام بادر في الحال الرئيس صالح [بإصدار توجيهاته بسرعة إنزال صوره من الأماكن العامة وعلق الخطاب الإعلامي الرسمي يومها على عظمة هذا الفعل الذي محله التواضع والحميمية مع الشعب وأنه يكفي الأخ الرئيس حضوره في قلوب شعبه ، وحينما حلق الأمريكان لصدام حسين رأسه أعلن فخامته في الحال حكمته المشهورة والتي أصبحت مأثورة عنه لنحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون ، وثمة مواقف كثيرة في هذا السياق تفسر لكثير من القرارات السريعة في سياق رد الفعل 0

حرب صعده باختصار شديد وهذا ما يفهمه النبيه والمعتوه على حد سواء كانت تستهدف مراكز قوى على رأسها علي محسن الأحمر ، لكن النظام جعل منها قضية ذات أبعاد فشابك معها الداخل والإقليمي والدولي ، والوطني والمذهبي فعلى الداخل استهداف الثورة والنظام الجمهوري وخطر الرافضة وأعداء السنة ، وعلى السعودية الحرب بالوكالة ، وعلى الأمريكان المشروع الإيراني ومكافحة الإرهاب بالجملة وقد ساعد على ذلك غباء الحوثيين أنفسهم وعدميتهم السياسية 00

لكن المعركة أقفلت في التوقيت والحال الخطأ إذا حسبناها مجردة في إطار الأرباح والخسائر للطرفين 0

فقد خرج الحوثيون بمشهد المنتصر وهذا سيستتبعه انتصارات وجني مكاسب في الميدانين السياسي والاجتماعي وعلى الصعيد الخارجي للحوثيين أنفسهم وللحراك العام الحاصل ، فضلا عن ارتداد الموقف العام لغير صالح السلطة بعدما كشفت الأحداث الأخيرة الصورة مكبرة لما كان يدور وراء الكواليس ، وقد كان من الطبيعي أن تتجه السلطة وقد خسرت في هذا المربع إلى البحث عن تعويضات في سياق المكاسب السياسية في الداخل فإذا بها وبنفس المعتاد منها ذهبت تتعامل بمنطق رد الفعل العاطفي الغير مدروس ، فبعد ما تأكد لها أن الهدف الربحي المؤمل من حرب صعدة قد يعود بنتائج خطيرة عكسية على غرار آثار دارفور وعلى خلاف ما كان مقصود ، ارتد القرار على نفسه سريعا وبصورة اقرب إلى المباشرة تجاه اللواء علي محسن الأحمر في أكثر من صورة ، ومن المؤكد هنا تماما أن الحسابات لنتائج الأرباح خاطئة وعكسية تماما في المجال السياسي والاستراتيجي، ليس لان علي محسن سيستبق بفرقته إلى السلطة أو سيستعصي بها ، فالرجل لو شاء لابتدر من قبل وهو الذي يحسن القراءات تماما هو الذي كان قد عبر عن موقفه وحسن نيته بإنشائه لمركز منارات وظهر فيه وقد خلع بزته العسكرية إلى البدلة والكرفتة الأنيقة وانتصب بين رجال الفكر والأدب والسياسة ليعلن عن نفسه بوضوح انه قد استعد لان يكون الأستاذ علي محسن الأحمر على رأس ناديه الجديد جريا على التقليد الدولي المتبع لدى الرؤساء أو القيادات الرسمية السابقة 0

فان كانت المعضلة والهم والسبب كامن في علي محسن الأحمر عند تفكير القرار ومستشاريه فلماذا لم يقص الرجل بقرار من أول وهلة وهو أهل لان يستوعب ذلك ؟فمن حق السلطة عليه وعلى غيره ذلك بصورة طبيعية وهادئة بدلا من هذا التتويه وكل هذا الدمار الحاصل وتلك الأشلاء والدماء الغالية على شعبنا ويا دار ما دخلك شر ..

لكن الذي غاب عن السلطة أن الإجهاز على خصمها بأي حال سيكون بمثابة الورقة التوت الأخيرة التي ستكشف السلطة ، فالرجل مكانته المعنوية والحسية كبيرة جدا عند جيله من بني مؤسسته والأجيال اللاحقة ، كما أن له حضوره الكبير في الوسطين الرسمي والقبلي مسيجا بالحب والمهابة ، حتى لدى خصومه من الانفصاليين أو الليبراليين أو الحوثيين اليوم فالجميع في موقف التقدير يحفظون له قدره وأهميته للمصلحة العامة وللبلد عموما فضلا عن تلك الرؤية البرغماتية للمصلحة الخارجية والتي يهمها الاستقرار البعيد والقريب 0

فما هي المكاسب القريبة للحاكم في حال استهداف الرجل وإقصائه بأية صورة وقد خسر الحاكم كل حلفائه بالأمس من نهض عليهم وأقام على أكتافهم حكمه سواء كانوا أشخاص من نفس الجيل أو أحزاب أو بيوتات اجتماعية ، في الوقت الذي يدرك الجميع أن صاحب الفرقة الحليف العدو يكاد يذهب بالنسبة الغالبة في توطيد مداميك الحكم وأنه الآن ربما يكون الوحيد بعد وفات الشيخين عبدالله ومجاهد الذي تأتلف عليه فرقاء القبائل كحال قضية شرعب ، وأحداث شبوة في الفترة القريبة0

والذي يسعنا أن نقوله هنا شهادة لله ثم للوطن وهي حقيقة في وعي العقلاء أن هذا البلد في اغلب مراحله التاريخية لا تسوسه إلا الموافقات بين الشعب و أركان نظامه الاجتماعي وحتى الآن ، فالمدنية أبت أن تبلغه لأسباب ليس هنا محلها ، وان المحاولة اليوم التي تستهدف إعادة التشكيلة في البنيوية الاجتماعية والإقصاء المتعمد رسميا واجتماعيا والغير مدروس بدقة للرموز محل التوافق الاجتماعي وخصوصا في هذه المرحلة التي تعج بالتحديات الداخلية والخارجية ستعود بعواقب كارثية على البلد إن قدر ونجحت البيروسترويكا التي في ذهن النظام0

كما أن رغبة أو فكرة التوريث يستحيل أن تتحقق ليس لأسباب عاطفية ،وانما موضوعية صرفة ،فالخارطة اليوم تتشكل رغم الجميع بصورة من المقطوع أنها ستلد متغيرات جديدة تعيد التشكيلة والبنيوية للحكم والرأي العام بمؤسساته وثقافته وحراكه ، ولعل العشر السنوات القادمة ستجيب في نهايتها عمليا عن أسئلة المرحلة0

الشيخ حسين الأحمر0

هذا الشاب في باكورة نشاطه السياسي والاجتماعي كان الناس يلتفتون إليه بامتعاض لصلفه في تلك المرحلة وهو يمثل المؤتمر ويمثل نفسه اجتماعيا ، لكن لا احد تناوله بالنقد همسا أو تصريح إكراما لأبيه وأسرته العظيمة ، فلما كانت له مواقف ايجابية في مجلس النواب تجاه الأسعار وكذلك مواقفه الأخيرة التي كانت في صف البسطاء والمقهورين أثناء الانتخابات أحبه الشعب وأكرمه بجميل القول والدعاء وقالوا أسد من ضرغام وهللوا جميعا لمجلس التضامن , فلما ظاهر الشيخ المنصور على المهجرين من الجعاشن اهتزت صورته وزادت أكثر اليوم بموقفه المعلن تجاه إنهاء الحرب وتأكيده أن ذلك يعد خيانة وطنية وهو الذي كان الوسيط وقد حمل الطرفين المسؤولية على السواء يومها ، فكيف يستساغ منه هذا التصريح ، ومال الشيخ الشاب وكل هذا التناقض؟

Wesabi111@gawab.com


في الخميس 31 يوليو-تموز 2008 09:19:53 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=3992