من بيروت الى صعده ..لبنان واليمن .. سيناريو واحد والمستقبل مجهول
نايف المريسي
نايف المريسي

لا امن , لا استقرار , لا تنميه

مزيد من الدمار , مزيد من اراقة الدماء

مزيد من الضحايا , مزيد من الفقر والبطاله

الجميع سيصبح في مقام الضحيه

ولا حصانه لكائن من كان رئيس او مرؤوس مواطن او مسؤل في ضل سيادة وعمومية الفوضى .

كل هذه الويلات بتفاصيلها المخيفة هي إفرازات طبيعيه ونواتج فعليه ومؤكده

يجني ثمارها اي كيان او دوله رضت لنفسها بأن تكون ساحة مناسبة وارض خصبه لتصفية حسابات قوى اقليميه ودوليه

تحمل كل واحده منها افكار واجنده سياسيه مضاده لما تحمله الاخرى .

وهذا ما اصبح واقعا نشاهده بانفسنا على ارض لبنان الشقيق , وبدئت بعض اثاره وملامحه تتجلى بوضوح في بلد الايمان والحكمه.

الصراع الداخلي اللبناني

وبالعوده قليلا الى الوراء والنظر في خلفيات الصراع الذي لا يلبث ان يهدء حتى ينفجر من جديد على الساحه اللبنانيه , وبنظره عقلانيه وواقعيه سيدرك الجميع ان هذا الصراع ليس لبناني اساسا وانما جاء على خلفية تصفيات حسابات قوى دوليه اتخذت اللبنانيين كوسيله لتصفية الحساب من اجل الوصول الى ألاستراتيجيه المرسومه .

وقد بدء الصراع من خلال تشكيلات خليط بين دينيه وطائفيه ومناطقيه تمحورت بشكل تيارات سياسيه مالبثت ان تحولت الى تبعيه للجهات الخارجيه التي كان لها فضل سابق في اخراجها الى الوجود .

وبشكل اساسي برز تيارين اساسيين الاول / يحمل اجنده امريكيه ويدين بالولاء للعربيه السعوديه التي بدورها تقوم بتغطية نفقات هذا التيار وتقديم الدعم اللامحدود للقائمين عليه , كما يحضى بتأييد حكومي عربي واوربي بحسب تعليمات الخاله امريكا ويضم في اطاره لكبر تجمع سني - مسيحي اضافه الى بعض الجماعات الدينيه الصغيره .

التيار الثاني / بدوره يدين بالولاء المطلق لخامنئي ايران ويحضى بدعم كامل وكبير من السلطات الايرانيه كما يرتبط بعلاقة ود مع السلطات السوريه التي تبادله نفس الدور بدعم معنوي لابأس به ويضم اكبر تجمع شيعي اضافه الى بعض القوى المسيحيه .

وحين حاول كل تيار فرض اجندته التي يحملها انتهت بحرب اهليه اكلت الاخضر واليابس ولظروف خاصه فرضتها ضغوطات كبيره من دول شقيقه ومجاوره تم توقيع ما يسمى باتفاقية الطائف عام 89 التي تقضي بتقاسم السلطه بين التيارات المتحاربه وكانت هذه الاتفاقيه بمقام الهدنه اذ ان مثل هكذا حرب بين قوى كبيره تحمل افكار متعارضة لا يمكن ان توقفها مثل هذه الاتفاقيه التي جائت برعاية احد القوى المتنازعه .

وخلال الاحداث الاخيره التي سادت المناطق اللبنانيه والتي اظهرت وبجلاء ان هذا الصراع سعودي ايراني بصوره اساسيه مصحوب بحمله دبلوماسية سعوديه من اجل مزيد من الضغوط على حزب الله وكذلك تسخير اجهزتها الإعلامية والمواليه على اظهار مايحدث في لبنان بانقلاب عسكري قام به حزب الله على السلطه البنانيه .

ونتيجه لمواصلة حزب الله الاستيلاء على مزيد من المصالح الرئيسيه في ظل عجز سلطوي على مقاومة الحزب فقد اضطرت الجامعه العربيه الى عقد قمه طارئه لمناقشة الوضع تلتها اجتماعات مكثفه لكل الاطراف في الدوحه انتهت بتوقيع اتفاق لبناني برعايه قطريه قضى بانتخاب الرئيس والعوده الى الحوار من اجل تشكيل الحكومه وبهذا نجحت الوساطه القطريه .

لست هنا بصدد سرد تفاصيل الحرب في لبنان

فما يهمنا هو ادراك ان ذات القوى الثلاث (امريكيه - ايرانيه - سعوديه ) اللاعب الرئيس في لبنان هي نفسها اليوم تظهــر بنفس الاهداف ونفس الاستراتيجه لكن هذه المره على الملعب اليمني الذي عمدت هذه القوى على تهيئته منذ اكثر من ربع قرن وجرت فيه جولات سابقه .

الاحداث الاخيره في اليمـــــن

بدئت على خلفية الصراع السعودي الايراني في لبنان من خلال اصرار السعوديه على توجيه ضربه للخصم الايراني باستهداف اي من التيارات المواليه له.

ولكون اليمن ما زالت بمرحله انتقاليه من صراع احد اطرافه محسوب بولائه على ايران وبحكم ان الساحه ملعب مفتوح لتدخلات وجولات سابقه كانت السعوديه وايران اطراف رئيسيه فيه فقد تكثفت الزيارات بين شخصيات امنيه وعسكريه كيره من اليمن والسعوديه اعقبها بداية تبادل هجوم اعلامي بين اطراف حكوميه وجماعة الحوثي زاد من قوة وتسارع هذا الهجوم ما توعد به نواف الموسوي مسؤل العلاقات الدوليه في حزب الله من الانتقام من دوله خليجيه كان يقصد بها السعوديه نتيجة لتدخلاتها في الشان اللبناني.

وفي حدة هذا الصراع الاعلامي المتبادل جائت حادثة الهجوم الانتحاري بمسجد بن سلمان في مدينة صعده افضت التحقيقات الحكوميه الى اتهام جماعة الحوثي وكان الاتهام مقدمه لهجوم اعلامي شرس من كلا الطرفين انتهي بمراشقات بأسلحه خفيفه في بعض النقاط العسكريه واخذ الموقف بالتصاعد عند حصار مجاميع حوثيه لمدير امن محافظة صنعاء في بيت السيد بمديرية بني حشيش لتبدء معارك طاحنه امتدت الى اغلب مديريات محافظة صعده وحرف سفيان التابعه لمحافظة عمران وبني حشيش التابعه لمحافظة صنعاء والواقعه على بعد عشرين كيلوا من امانة العاصمه وهو ماكان قد توعد به عبد الملك الحوثي من نقل المعركه الى خارج حدود محافظة صعده .

اما امريكا فقد كانت بموقف المتفرج مع رفضها طلب تقدمت به الحكومه اليمنيه لادراج جماعة الحوثي ضمن المنظمات الارهابيه ، ربما للمارسة الضغط على الحكومه اليمنيه لفرض بعض الاجنده في قضايا اخرى .

حرب طويلة الامــد .. وجيش شعبي للمواجهه

ومن خلال ملامح هذه الحرب التي يبدو انها ستكون طويله لعوامل فكريه يؤمن بها جماعة الحوثي وكذلك عدم وجود قناعه كامله للحرب من طرف الجيش وبعض قياداته وهو مايفسر هروب العشرات من الجنود من ساحة المواجهه حسب ما تناولته بعض الصحف .

لكن الملفت للنظر هو التصريحات التي نسمعها بين الحين والاخر من قبل قيادات عسكريه وامنيه كبيره بقرب الحسم وانتهاء المعركه اول هذه التصاريح اطلقه وزير الدفاع محمد ناصر احمد بتاريخ 2 يونيو اي قبل شهر واسبوع من اليوم اوضح فيه تمشيط ما تبقى من جيوب مقاومه من جماعة الحوثي اعقبه تصريح مصدر مسؤل عن مفاجئه للشعب بتاريخ 15 يونيو الماضي خلال 48 ساعه بعدها بيومين خرج مصدر مسؤل في اللجنه الامنيه العليا بتصريح بقرب الحسم وانهاء المعركه وهو نفس التصريح الذي خرج به وزير الداخليه مطهر المصري بتاريخ 28 يونيو الماضي اضافه الى دعوة ما تبقى من العناصر المحاصره الى تسليم انفسهم للجيش ، سبق هذه التصريحات كلها تصريح لمحافظ صنعاء نعمان دويد بتاريخ 27 مايو اوضح فيه ان المعارك في بني حشيش قد انتهت بشكل تام وارفق بتصريحه تأكيد انتهاء الحرب بنسبة 100 % حتى لا يدع مجالا للتشكيك

وكل هذه التصاريح تخالف الواقع والاخبار الوارده من هناك تؤكد ان المعارك لا زالت على اشدها اضافه الى سقوط المئات من الضحايا من الجانبين يوميا وتدمير العديد من المنازل واحراق واسقاط عدة مروحيات ومعدات عسكريه اخرى ، فيما لا يزال اللواء 17 مشاه محاصرا مع قائده العميد / عبد العزيز الشهاري من كل الاتجهات في منطقة مران بحيدان وتجدد الاشتباكات في بني حشيش وحرف سفيان بشكل يومي  وهو ما يعتبر انتزاعا للمصداقيه من هذه المصادر .

بعكس تصريحات عبد الملك الحوثي التي تصب في اتجاه حرب طويلة الامد وان الحرب الفعليه لم تبدء بعد في اخر مقابله معه بداية الاسبوع الجاري مع صحيفة الاخبار اللبنانيه .

وهذا ما ادركه الرئيس مؤخرا من خلال اتصالاته مع بعض مشائخ بكيل وكذلك تكليفه للشيخ / حسين الاحمر لتشكيل جيش شعبي من ابناء قبائل حاشد لمواجهة جماعة الحوثي .

السعوديه بدورها ادركت خطورة اطالة المعركه وعدم افراز تقدم حقيقي للجيش فبدئت كما يبدو برفع يدها خصوصا بعد تلقيها تهديدات واضحه من عبد الملك الحوثي في حواره مع صحيفة النداء ،قوبل هذا التهرب باجراء اتصالات رئاسيه مع السيد حسن نصر الله ليكون بمقام اشعار للسعوديه بانه ما زال بامكاننا العوده الى طاولة الحوار على اساس اتفاق الدوحه والوساطه القطريه .

لسنا بحاجه لعداء ايران

يعرف عن ايران ميولها الى سياسة التوسع الفكري على النهج الامامي وولاية الفقيه من خلال رصدها نسبه كبيره من الميزانيه العامه لهذا التوسع والذي غالبا ما يبدء باستقبال الطلاب المبتعثين للدراسه فيها ومن ثم رعايتهم وتأهيلهم فكريا للعوده الى بلدانهم وتكوين جماعات فكريه من هذا القبيل ، وقد حققت نجاحات باهره في هذه السياسه وليس ادل على ذلك من سيطرتها على اكبر التيارات الشيعيه في العراق اضافه الى ثلاثه عشرنائبا في البرلمان العراقي من اصول ايراينه ويحملون جنسيتها ، ايضا في دول الخليج فقد تجاوز عدد سكان التيارات المواليه لطهران عدد السكان الحقيقيين للدوله والبحرين والامارات العربيه المتحده خير دليل .

ومع ذلك لم نشهد مواقف رسميه معاديه لايران من هذه الدول بعكس اليمن وما يحدث من توجيه اتهامات ودعوة بعض المستوردين الى مقاطعة المنتجات الايرانيه

ما زال الامر بيدنا

كنت اتمنى ان لا تكون البدايه في مثل هذه القضايا الشائكه خصوصا وانني ما زلت في طور ( الف - باء ) صحافه ، لكني ارى نفسي مجبرا على توجيه دعوه لكل العقلاء من الاطراف المتنازعه لتحكيم العقل ومراجعة الذات ووقف مثل هذه الحروب العبثيه ونحن اخوه تجمعنا وحدة الاصل ووحدة الدين والوطن ولنجعل همنا اليمن الذي يعاني من ازمات اقتصاديه اذاقتنا اشكال الويلات لمصلحة بعض العابثين بالوطن وخيراته .


في الخميس 17 يوليو-تموز 2008 01:04:56 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=3951