ماذا تبقى من اتفاق المبادئ؟
محمد اليوسفي

 

  شهر ونصف تقريبا يفصلنا عن صافرة البداية لممارسة الاستحقاق الانتخابي (الرئاسي والمحلي) المقرر في الـ20من سبتمبر القادم ورغم قصر المدة المتبقية إلا أن اللجنة العليا وحتى الساعة لم تعلن للرأي العام عن الإجراءات التي ستتخذها إدارة العملية الانتخابية بحياد ونزاهة من خلال العديد من المعايير التي ستتبعها وتقوم بتطبيقها ولا يزال الكثير من جوانب تلك العملية يكتنفها الغموض سواء ما يتعلق منها بالاقتراع أو الفرز.

فبالرغم من اتفاق المبادئ الذي أبرمه المشترك والحزب الحاكم لضمان انتخابات حرة ونزيهة وشفافة الا أن غالبية تلك المبادئ لم تر النور بعد، حيث عمد المؤتمر الشعبي العام إلى وضع العصي في الدواليب لإعاقة أي تحرك إيجابي من شأنه تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الاتفاق الآنف الذكر.

فاعترافات أعضاء اللجنة العليا وبعض قيادات المؤتمر تؤكد سعة الهوة بين ما تم وما كان يجب فلا زالت اللجان الإشرافية والأساسية تعاني من غياب صلاحياتها ولا زال عدم حيادية المال العام والوظيفة العامة والمؤسستين الأمنية والعسكرية وكذا مقدرات الدولة ووسائل الاعلام الرسمية (المقروءة والمرئية) وعدم قدرة اللجنة على تحييدها واضحة المعالم وهو ما اعترف به رئيس قطاع الاعلام في اللجنة العليا للانتخابات في الـ2من أغسطس الجاري حيث قال بأن اللجنة عاجزة عن تحييد تلك الوسائل..

ما يطرح التساؤل عن ما تم تنفيذه من اتفاق المبادئ ؟!

وبإطلالة موجزة نجد أنه تم تقسيم اللجان الإشرافية والأساسية بالنسب الموضحة في الاتفاق فعليا في حين كانت إضافة عضوي اللجنة العليا شكلية وغير حقيقية لعدم تمكينهما من ممارسة مهامهما الرسمية بحسب القانون.

وعلى سبيل المثال لم يتسلم رئيس اللجنة الأمنية (سيف الشرعبي) مكتبه ولم يباشر مهامه بسبب رفض الرئيس السابق ، هذا من جهة وكذا الأمر فيما يتعلق برئيس لجنة العلاقات الخارجية إذ لا يزال الرئيس السابق للجنة يمارس العمل ويرفض تسليم اللجنة إلى رئيسها الجديد (عبدالله دحان) برعاية مباشرة من رئيس اللجنة العليا.

أما ما يتعلق بالسجل الانتخابي فلا يزال على وضعه ولم يسلم حتى اللحظة للفريق القانوني أوالأحزاب، والفريق القانوني المكلف بتنقيته وتصحيحه وصل إلى طريق مسدود -في وقت مبكر- بسبب رفض الحزب الحاكم لكل الآليات التي قدمت لعمل الفريق سواء كان من فريق المشترك أو من جانب المنظمات الدولية التي كانت تحضر جزء من لقاءات الفريق فضلا على انه (الحاكم) لم يقدم أي آلية بديلة.

لم يتوقف الأمر عند ما سبق رغم خطورته وما يشكله من إفراغ الانتخابات من محتواها الحقيقي ويحولها إلى انتخابات شكلية غير شرعية وهذا مكمن الخطورة بحسب العديد من المحللين والمراقبين للشأن الانتخابي اليمني يضاف إلى ما سبق انعدام الشفافية والوضوح من قبل المؤتمر فيما يتعلق بالتحضير للانتخابات إذ لم يقم الأخير بإطلاع الرأي العام والأحزاب السياسية على تلك الإجراءات حيث صب جهوده على طبخها داخل مقراته واقرب مثال على ذلك عدم إعلان قوام المجالس المحلية في الدوائر المحلية حتى الان.

ولم يكتف المؤتمر ولجنته العليا بما سبق بل كثف جهوده لتنفيذ مخططات من شأنها تسهيل مهمته في تزوير الانتخابات حيث عمد إلى انتهاج عدم الوضوح فيما يتعلق بالمراكز الاستثنائية الخاصة بانتخابات الرئاسة (نظام الدائرة الواحدة) والتي تعتبر غير قانونية من الأساس كونها تفتح أبواب التزوير واسعة من خلال اعتماد الاقتراع فيها بالبطاقة الانتخابية مما يعد مخالفة للنص القانوني الذي حدد البطاقة الشخصية كوسيلة تعريف للناخب في تلك المراكز وبعد المطابقة مع السجل المصور للتأكد من اسم وصورة الناخب.

ومن خطورة تلك المراكز أنها تتحول إلى بوابات لتسهيل عملية التصويت أكثر من مرة الأمر الذي يتنافى مع أبسط معايير النزاهة الانتخابية وهنا يطرح التساؤل حول المانع من حدوث التكرار ؟! قد يقول قائل: بأن الحبر السري كفيل بذلك.. بيد أن التجارب الماضية أثبتت فشل هذه الوسيلة.

دليل آخر على تعمد الحاكم ومن وقت مبكر مخالفة القانون وهو تدريب اللجان على الانتخاب في المراكز الاستثنائية بالبطاقة الانتخابية فقط رغم التسريبات الهائلة التي شهدتها البطائق الانتخابية في مرحلة القيد الأخيرة والتي تجاوزت مليونين ونصف المليون بطاقة انتخابية بالاضافة إلى التعزيز بكميات أخرى في حين تم تسجيل أقل من مليون وثلاثمائة ألف ناخب بمعنى أن أكثر من مليون ومائتي ألف بطاقة مجهولة المصدر حتى الآن بحسب ما أعلنته اللجنة العليا فقط وما خفي كان أعظم!.

ولتسهيل الخطوات المشار إليها آنفاً والقضاء على أي عقبة من شأنها عرقلة مخطط التزوير المزمع تنفيذه قامت اللجنة العليا للانتخابات بعدة خطوات أبرزها الالتفاف الواضح على مهام وصلاحيات اللجان الإشرافية وإسناد صلاحياتها ومهامها إلى فروع اللجنة العليا في المحافظات والتي يعرف الجميع انتماء مسئوليها إلى الحزب الحاكم والمؤسسات الأمنية والتي تنحصر مهامها في القيام بدور السكرتارية والمالية للجان الإشرافية ولا دخل لها في تسيير عمل اللجان بأي شكل من الأشكال بحيث يتم استلاب كافة الصلاحيات من اللجان الإشرافية كون مدراء فروع اللجنة بأيديهم المال والوثائق والأختام ومفروضة من جهة أخرى وفي وضع كهذا ما الذي يمكن لمسئولي اللجان الإشرافية والأساسية عمله؟ جميعها دلائل على الخطط المبيتة لمستقبل اليمن وحلمه في إرساء دعائم الحرية والتداول السلمي للسلطة.

وتبقى حيادية المال العام ومسئولي الدولة والاعلام الرسمي وتسخير إمكانات الدولة فإن واقع الحال شاهد واعترافات كثير من أعضاء اللجنة تؤكد استحالة تحقق ذلك.

 

 
في الخميس 03 أغسطس-آب 2006 11:39:14 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=392