اتقوا الله هيئتكم من وحي حاوي السياسة
نجيب غلاب
نجيب غلاب

مأرب برس - خاص

الإسلام دين خالد دين الرحمة والسلام، يحمل قوة ذاتيه قادرة على الانبعاث والتحرر من الأسر والخنق، وما يدمي القلب ويدعو للبكاء والحزن الأبدي ان المانعين لنهر الإسلام من الجريان هم من يدافعون عنه باستماتة كما هو ظاهر والله أعلم ما بالنفوس، فالقوى الأصولية المنغلقة على العصر المعادية للآخر هي من وضعت الإسلام في غرفة الإنعاش ومن الحب ما قتل.

هذه الأصولية حجزت الإسلام في بركة راكدة من التفسيرات الماضوية، وذبحت على حوافها كل مبدع يحاول ان يفك أسوارهم الحديدة الصدئة، كل مجاري النهر مغلقة، وكل الشهداء الفكر والحرية يذبحون كل يوم في معابد الأصولية التي قيدت الإسلام بكل قيد ثقيل، وكما أغلقوا النوافذ كلها على النساء، فإنهم قد أعلنوا باسم الله إغلاق العقول وخلقوا أله إيديولوجيا أسموه الإسلام وهم ليل نهار يدعون إليه في كل مكان، وإلههم يشبه الإسلام لكنه بلا مضمون وشكل يردئ، لا تجديد فيه ولا تنوير.

أيها العاقلون انظروا إلى صورة الإسلام اليوم في عيون العالمين، أصبح النور ظلام، والانفتاح تعصب، والسلام إرهاب، والحب كراهية، فمتى تفقهون؟ المسلم أصبح إرهابي متعصب كاره للعالم، الكل يخافه وهو رحمة للعالمين، والأعداء ليسوا من يصنع الصورة فالفعل أبلغ من ملايين الخطب.

أنظروا إلى واقعنا البائس القوى الأصولية شاردة في جنونها، تتناحر فيما بين طوائفها ومذاهبها وكل فئة تكفر الأخرى، وباسم مواجهة الأعداء الكفار القوى الأصولية فجرت المجتمعات من الداخل، وباسم الله تسفك دماء المسلمين الكفار، أنظروا حولكم عباد الله الاحتراب الداخلي صنيعة أصولية متشددة، ترى في قولها الحق وكل ما عداها باطل، حوثية تذبح شبابنا وتنتهك مستقبلنا وتنحر المجتمع بنار مذهبية حارقة، وأصولية سلمية تنتظر انتهاء الحفل لتعلن الحرب على الجميع باسم الإصلاح السياسي والقضاء على الفساد وكل يوم يهددونا بثورة من دماء.

هاهم أيها الشعب المسلم النقي الطاهر اليوم باسم الفضيلة يريدون سجن الدولة والنظام والقانون والدستور والإبداع في تلافيف طهرية ما أنزل الله بها من سلطان، يريدون بناء هيئة عليا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتصبح هي الحاكم الفعلي وعلى الباقي السلام، أي عقول هذه التي تدعي حماية الإسلام وهي تريد خنق أعظم مبادئ الإسلام في هيئة سياسية وظيفتها بث إيديولوجية أصولية باسم الدولة وباسم الشعب، أيها الساسة المخدوعين بالتأييد والبيعة لا تسلموهم رقابنا وتمنحوهم خنجر يذبح إسلامنا من الوريد إلى الوريد.

الدولة هي الهيئة العظيمة القائمة بأمر الناس، والقانون والنظام هما جزء لا يتجزأ من المعروف، والمنكر العظيم ان يتم تدمير الدولة باسم حمايتها، وحريات الأمة الفاضلة باسم حماية الفضيلة، المجتمع اليمني مسلم حتى النخاع وكل فرد فيه له حق التعبير عن نفسه وهذا أعظم معروف، وبالحرية سوف يواجه الشعب كل منكر، فمتى تفقهون أيها الظالمون أننا في القرن الواحد والعشرين.

دعوني أبكي دما لقد خنقوا الإسلام بتفسيراتهم وانغلاقهم فتجاوزه العصر وأصبح المسلمين يستقبلون كل شيء من الخارج فلا بديل واضح بين المعالم وما هو موجود إيديولوجيات لا تغني ولا تسمن من جوع فالعصر يتخلق كل يوم بالإبداع والاختراعات والنظريات، ونحن شاردون في تغطية وجوه النساء وملاحقة الملاعين المذنبين، رحمك الله يا عمر ابن الخطاب كنت منبر للتجديد وتحدى واقع الحياة بعقلة المبدع لو كنت في عصرنا وأعملت عقلك كما عملته في العهد التأسيسي الأول لكفروك.

الأصوليون في بلادنا خائفون من العصر يتعبدون الله بالخوف الكاذب لا بالحب والعطاء والإبداع والتجديد والتحرر، أيها السادة جمودكم أعظم الذنوب وانكأها على الإسلام، ها هو العصر يحتلنا في كل مجال كل إبداعات الغرب تمسك بكل جزئيات حياتنا والإسلام نائم في سبات إيديولوجياتكم البالية.

أن المتابع سيجد أن الإسلام أصبح عاجزا بسببكم، خنقت عقول الأمة بقراءاتكم المؤدلجة فأصابها العجز من أن تقدم نموذجها العصري الراقي في التشريع والأخلاق، بخطاباتكم المجلجلة والكلام الغارق في وسوسة الذنب، وبسيوف إرهابكم دمرتم حب الإسلام حتى في قلوب أبنائه، أقرءوا الواقع كما هو لا تعميكم عنجهية الأوهام أنكم من نقاء، أقولها لكم انتم وأفكاركم المنبعثة من وحي خيالاتكم نموذجا للنفور لأنكم تتكلمون بالإسلام المخنوق المقتول في فتاوى العصر القديم، أعلموا أيها السادة أنه من المستحيل ان يصبح الحق ظلام في عيون الناس والدماء الجارية في أوردتهم تنطق بالإسلام الناس شهداء الله في أرضة.

أين إبداعاتكم في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والعلوم أين النظريات؟ أين البرامج الملائمة لحاجات الناس ومتطلباتهم؟ أين الحياة في صراخكم المزلزل من أجل الموت؟.

عالمكم في زمن سحيق يدندن وحيدا ويريد أن يجر البلاد والعباد بعده، عشقتكم السياسة فصار الدين شعارات من اجل السلطة، وأصبح الدين قنابل ودماء تشوه وجه حياتنا، البغضاء والكراهية تأكل حياتنا باسم الولاء والبرء، أصبحنا نقتل بعضنا بعضا، ونكفر بعضنا بعضا وكل ذلك باسم الإسلام أفلا تعقلون أيها التائهون في كلام الظلام.

أقولها بالفم المليان أن الهيئة القادمة بالصورة التي وضعها لي بعض العارفين سوف تصبح غولا يبتلع حبنا للإسلام يبتلع دولتنا يبتلع حريتنا يبتلع بقايا الحياة في أنفاسنا المتحررة من كهنوت الظالمين.

ولا أدرى متى يفقه هؤلاء ان أعداء الإسلام عاجزون عن محاربة دين الله، ومن يطفئ نور الله في أرضنا كما ينطق الواقع لا كما يعتقد أصحاب الإيديولوجيات الدينية المسيسة، هي حماسة الجاهلين الغائبين في وهمّ الايدولوجيا.

هذه الهيئة قد تبدو في ملامحها الأولى بسيطة كما يتم تصويرها لكنها ان تمت فأنها ستكبر ويتعاظم شأنها وتصبح الدولة وعقل الأمة والناطق بالحق باسم الله، ان احكموا لعبتهم ـ فأن هذه الهيئة المنكر لا بأهدافها كما تظهر للعيان بل بالنتائج ـ ومرروها فلينتظر الناس الكرام هيئة لمنح صكوك الغفران، أو ليس التكفير هو أعلى مراحل الإيذاء وسلب الحياة، أو ليس الإيمان بما يريدون هو صكوك غفران، أليس تقديم قراءات للقرآن وللإسلام واعتبارها كلام الله هو عبادة الناس لا عبادة الله، كلنا عقول سنقرأ القرآن بحرية ونجعل الإسلام يحكم العصر بلغة العصر، والله هو كل يوم في خلق جديد.

على محبي الأمة المخلصين أن يدركوا ان أعظم الفضائل ان نعمل من أجل قيم العيش المشترك ونشر روح التسامح والإخاء، وأن نسعى من أجل الانفتاح على العصر وقبول الآخر والاستفادة منه، ان نضيء عقولنا بالعلم، ان نحب الحياة حتى نعيش بكرامة، وأعظم الطهر ترك السياسة لأهلها.

أن طرح فكرة الهيئة في هذا الوقت يجعلنا نؤكد أنها جزء من صراعات السياسة وهي سهم قذفتم بها الرئيس، أنها حكاية صنعها حاوي السياسة في حزبكم، هدفها فك ارتباط الولاء بين قصر الرئاسة وبعض العلماء والساسة، لذا فأنها هيئة يراد بها الفتنة صنعها الهائمون كالفراش حول الكراسي.

وربما تكون مساومة من جحيم السياسة؟ قد تكون مطلبا منهم في حالة الموافقة فأنهم على استعداد ان يقفوا مع الوطن لمحاربة أعداء يحاولون امتصاص رحيق الحياة من عيون الجمهورية؟

انها لعبة السياسة والدين، لذا أقول في الختام أتقوى الله فينا وفي الرئيس وفي الدولة أما الإسلام فان الله كفيل بحمايته من جهلكم وأطماعكم.


في الثلاثاء 03 يونيو-حزيران 2008 07:04:29 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=3805