هل نحن بحاجة لثورة جديدة؟!‏
منير الماوري
منير الماوري

" خاص - مأرب برس "

ما أشبه الليلة بالبارحة! ‏

وما أشبه علي عبدالله صالح بالإمام يحي!‏

لقد تركز نضال الحركة الوطنية اليمنية منذ ما قبل 1948 حتى اليوم على هدفين رئيسين هما الإصلاح السياسي ‏والقضاء على الحكم الفردي كمقدمة لتحقيق الأهداف والتطلعات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، ولكن ما يثير ‏الأسى والأسف أن يمر على نجاح آخر ثورة للوطنيين الأحرار في 1962 ما يقارب نصف قرن في وقت عادت ‏فيه البلاد للغوص مجددا في ظلمات الحكم الفردي الاستبدادي الذي يتحكم فيه رجل واحد بمصائر أكثر من 20 ‏مليون نسمة دون أن يتقبل أي نصيحة من أي طرف أو أي جهة كانت.‏

ومعروف عن الرئيس علي عبدالله صالح كما يقول عن نفسه بنفسه إنه لا يتقبل أي نصيحة أو توجيه إلا من ‏أطبائه ولا يمتثل لأحد غير أوامر الأطباء وكان من بينهم طبيبا أميركيا نصحه بترك التدخين والمؤثرات الأخرى ‏فامتثل الرئيس لحظيا، وتراجع عن امتثاله فيما بعد.‏حتى الأخطاء اللغوية والتاريخية والمعلوماتية الموجودة في موقعه على الإنترنت لم يجرؤ أحد من أعوانه إلى ‏تنبيهه إليها خوفا من بطشه وليس عجزا منهم عن فهم هذه الأخطاء، والتي يشير أولها أنه تولى الرئاسة في ‏‏1979 رغم انه بسط على السلطة في 1978 حسبما يعرف كل متابع لتاريخه في اليمن.‏

لقد كان الشيخ سنان أبو لحوم صادقا في طرحه عن الرئيس عبر قناة الجزيرة بأنه لم يعد يسمع لأقوال الناصحين ‏كما كان في بداية عهده ونقول لشيخنا الفاضل إن هذه هي طبيعة أي دكتاتور أن يتمسكن في بداية عهده إلى أن ‏يتمكن، ولكن لا يأتي سقوطه في النهاية إلا وهو في قمة تمكنه، وليس في ذروة تواضعه.‏

ودعونا نستاءل مرة أخرى لماذا قامت الثورة في اليمن؟

يجيب على هذا السؤال مناضل آخر من مناضلي الثورة اليمنية وشاهد حي من آبائنا الثوار ناهز الـ95 عاما من ‏عمره و يجمع كل المناضلين على صدقه ونزاهته وهو أستاذنا الكبير القاضي عبدالسلام صبرة الذي قال لبرنامج ‏زيارة خاصة في قناة الجزيرة: ‏

‏" الحكم الإمامي كان قائما على قاعدة فرِّق تسد وخلي الجاوع يتبعك وخلي الجاهل يطيعك وكانت الخرافات ‏والخزعبلات والضلالات هي السلاح لتسيير الناس وإخضاع مَن يجب إخضاعه وتسيير مَن يجب تسييره.‏

ويتابع والدنا المناضل " لولا عناية الله ولولا أن الله سبحانه وتعالى كتب لليمن أن يخرج من ذلك النفق المظلم ‏لاستمرت المحنة إلى ما لا نهاية ولسار الشعب إلى الانقراض لكن قدَّر الله أن يوجد ‏من أبناء اليمن من يهن عليه أن يموت في سبيل إنقاذ الشعب اليمني من ذلك الظلم والظلام، كانت عناية الله معنا ‏وكان يوجد بعض من الحرس مَن يشاركنا في الألم ومَن كان يتمنى أن يهوِّن علينا المحنة لكن الآخرين كانوا ‏يقولوا لنا هذه أوامر ولا نستطيع أن نخفف عنكم أبدا.‏

فعلا ما أشبة الليلة بالبارحة ‏

لقد خرجنا من نفق مظلم ودخلنا في نفق آخر، وكنا نعاني من فردية الحكم الإمامي فدخلنا في ديكتاتورية الحكم ‏العسكري الفردي.‏

وما أشبه الليلة بالبارحة

فهناك في الحرس الجمهوري اليوم من يعتلج غضبا من ممارسات الأب والإبن على حد سواء ، وهناك من ينفذ ‏الأوامر على مضض كما كان يفعل الحرس الملكي، وما أروع القاضي الثائر وهو يردد قصيدة الثوار الخالدة:‏

أيها المستبد بالأمر فينا، خفف الوطء ما أظنك سالم، لم تلد للخلود في الأرض، كلا سوف تغدو أسير قبلك نادم، ‏أنت أفعمت شعبنا بالدواهي، أنت أفنيت قومه بالمزاعم، أنت ألبسته ثياب المخازي، أنت تمس طهره بالسخائم، أنت ‏ما أنت؟ لست إلا مثالا من ضلال مخضب بالمآثم، لا حياء لا عفة لا احتشام لا وقار لا شيمة لا تراحم كله قسوة ‏وظلم وفتك لجهول وعالم.‏

‏ ثم عاد يخاطب الشعب.. أيها الشعب كيف ترضى هوانا؟ لِم تبقى موطأ بالملاثم، كيف ترضى الحياة في عز غرّ ‏وفي سلب مالك هائن. ‏

هذه القصيدة نُشرت في ذاك الوقت وتأثر لها الإمام يحيى تأثرا كبيرا، ولكن من غير المرجح أن يتأثر المشير لما ‏يحدث اليوم ليس لأنه عديم الضمير، ولكن لأنه لا يقرأ وإن قرأ فلا نظنه سيفهم ما يقرأ، وإن فهم فلن يعمل إلا ‏عكس ما يعلن أنه فهم، وهذا هو ما عودنا عليه دائما طوال 28 عاما.‏

ويكرر الأستاذ الكبير عبد السلام صبرة أن الإمام بنى حياته على قاعدة فرِّق تسد وخلي الجاهل يتبعك وكان هذا ‏مبدئه الذي يتعامل فيه مع نفسه ومع الناس ومع كل شيء وأصحابه وأقربائه وأنصاره وأبنائه كلهم حاولوا بكل ما ‏يستطيعوا أن يطالبوه بالإصلاح ولو بـ 1% ما رضي أبدا يعني تحكم من أول ساعة إلى آخر ساعة وهو ملتزم ‏بفكرة خلي الجاهل يتبعك وخلي الجاهل يطيعك حتى أولاده أنفسهم كانوا يبكوا أمامه ويقولوا له ارحمنا وارحم ‏مستقبلنا، الناس كلهم قد بدؤوا يعقلوا الناس كلهم بدؤوا يفهموا أن لهم حقوق وواجبات وأن عليهم أن يقولوا كلمة ‏الحق فارحمنا، مما جعل ابنه إبراهيم مسافر ومما جعل الحسين ابنه يغلق على نفسه في البيت بقية عمره.‏

هذا ما فعله الإمام حرم أولاده ونفسه وشعبه من رغد العيش وكانت نهايته مأساوية، وها هو إمامنا الجديد يوفر ‏لأولاده كل شئ ويحرم شعبه من كل شئ فكيف ستكون نهايته؟! الله وحده يعلم، ولو دامت له ما وصلت إليه. فهل ‏ستكون الانتخابات هي المدخل لثورة سلمية يمنية تطيح بالديكتاتور أم ستهيئ نتائجها لثورة جديدة يتبناها ثوار من ‏داخل الأسرة الحاكمة نفسها ليس حبا في الشعب وإنما دفاعا عن مصالح يكاد الدكتاتور أن يطيح تهوره بها.‏

هذا السؤال سيجيب عنه الشعب اليمني في سبتمبر أو أكتوبر القادمين شهري الثورتين، سواء تمت الانتخابات أو ‏لم تتم


في الأربعاء 26 يوليو-تموز 2006 08:37:17 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=370