خمسون ألف متحرش
نجلاء الحربي

قال باحث في استخدامات الإنترنت إن آخر التقارير الدولية تشير إلى أن هناك أكثر من 50 ألف متحرش يتجولون على شبكة الإنترنت في كل دقيقة، وأن المتحرشين على الشبكة عادة ما يكون ون من الذكور الذين يعانون عزلة اجتماعية، وهم عادة ذوو شخصيات انطوائية لا يعيشون في وسط عائلي، وفي الأغلب هم من المدمنين على الإنترنت ممن تجاوزا سن الثلاثين، حيث يلاحظ في حواراتهم أنهم على قدر كبير من الخبرة في التعامل مع مشكلات الشباب والفتيات، وهم في العادة حالمون رومانسيون صبورون، ويعتبرون إنجازاتهم في عدد الضحايا الذين استطاعوا الإيقاع بهم.

وتابع مدير مركز البحوث والدراسات في كلية الملك فهد الأمنية الدكتور فائز عبد الله الشهري في حديث مع " الوطن " " تشير الإحصائيات العالمية إلى أن وسائل اتصال المتحرشين بالضحايا تبدأ بالبريد الإلكتروني الذي يمثل مع برامج التراسل الفوري وغرف الدردشة حوالي 89 % من حجم الظاهرة، يلي ذلك لوحات الإعلانات الإلكترونية ثم المواقع، ثم بقية خدمات الإنترنت المعروفة.

وبالنسبة للأطفال - يقول الشهري- لا يوجد سوى 25% ممن يتعرضون للتحرش الجنسي تحدثوا عن الموضوع مع والديهم وهناك إحصائيات كثيرة خاصة في الولايات المتحدة، فمثلا نعرف أن في أمريكا هناك امرأة تتعرض للتحرش كل دقيقتين، وإحصائية أخرى تكشف أنه من بين كل خمسة من الشباب (من الجنسين) يتلقى دعوة فيها إشارات جنسية من طرف آخر على الانترنت.

ضعف المساعدة الفنية

ويذكر الشهري أن التقارير تكشف أن هناك أكثر من 20 ألف صورة جنسية جديدة للأطفال تضاف أسبوعيا للشبكة، في حين أثبتت الدراسات التي أجريت ضعف المساعدة الفنية التي تساعد على تجنب المواد المسيئة، حيث لا يوجد سوى ربع الوالدين ممن لديهم أطفال بين سن 7-15 يقومون بتحميل برامج على أجهزة الحاسب الآلي لحماية أبنائهم، في حين أن العديد من الدراسات التي أجريت تكشف ارتفاع نسبة تعرض المراهقات للتحرش عبر الانترنت أكثر من المراهقين، حيث تبلغ نسبة التحرش الإلكتروني الذي تتعرض له الفتيات المراهقات 41%، في حين لا تزيد عن 21% عند الشبان.

دور المؤسسات الأمنية

وعن دور المؤسسات الأمنية في مقاومة هذه الظاهرة يضيف الشهري "للمؤسسة الأمنية دوران رئيسان في الظواهر الأمنية بشكل عام، الأول هو الدور الوقائي (الوعي)، ويتمثل في مساندة حملات التوعية، وتسهيل نشر المعلومات، ومساندة سن التشريعات والأنظمة، وهذا الدور تقوم به المؤسسات الأمنية بشكل واضح، والدور الثاني هو جانب الردع، ويتمثل في الدور الجنائي الذي تتولاه مؤسسات الشرطة وهيئة التحقيق والادعاء العام في مجال الرصد والضبط وما يرتبط به".

ويؤكد أن حجم المشكلة في المملكة لم يرصد بالشكل الذي يجعل مثل هذه الجرائم واضحة في الإحصائيات، والتقارير الإحصائية الحالية تضم بعض الجرائم الجديدة ذات الصلة بالإنترنت مع أنماط الجرائم التقليدية، وأن التحرش الأوضح بين الشباب عادة ما يرتبط بالهواتف الجوالة أكثر منه على الإنترنت، وما يحدث من مظاهر التحرش على الإنترنت في الغالب يتم برغبة الطرفين، سواء في غرف الدردشة أو في المنتديات التي تقدم خدمات التعارف وأحيانا الحوارات الإباحية.

عدم إبلاغ الضحايا

ويقول الشهري "لا ننكر أننا نواجه بشكل عام مشكلة عدم إبلاغ معظم الضحايا عما تعرضوا له نظرا لطبيعة هذه الجرائم وآثارها النفسية على الضحية، ولهذا فإن الأولوية تكمن في أهمية التبكير بنشر الوعي، وتبصير الوالدين بأفضل الطرق لمتابعة استخدامات أبنائهم للإنترنت، وكذلك توجيه المراهقين للتصرف الفوري بإبلاغ الوالدين في حال التعرض لمثل هذه المضايقات، وعدم الاستجابة للدعوات القادمة من مجهولين".

ويرى الشهري أنه لا بد من تواصل جهود تطوير القدرات الأمنية في التحقيق والتتبع والضبط، حتى يضيق الخناق على مثل هذه السلوكيات، وتتواكب مع ذلك العناية بالتشريعات المحلية والدولية في مجال جرائم الإنترنت عموما، ومن ضمنها نشاطات التحرش الجنسي وخلافه.

نسيج عالمي منتشر

ويقول الدكتور تركي العطيان من الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود إن الإنترنت نسيج عالمي منتشر في العالم، وهناك ملايين الحاسبات حول العالم و هناك ملايين المتصفحين لما فيها من الخير والشر، ومن مستخدميها لأغراضهم الشخصية الشهوانية من يستغلون برامج المحادثة وغيرها لاستدراج صغار السن من الجنسين أو حتى غيرهم، من أجل علاقات غير شرعية جنسية، فهي وسيلة توفر على أصحاب هذه الرغبات الشاذة والشيطانية الجهد والعناء بالذهاب إلى الأسواق والمدارس وغيرها، للوصول لما يريدون، ويحققون شهواتهم بصورة أسرع.

ويضيف "من خلال الاحتكاك اليومي بالأشخاص وعلاقتنا كمختصين اجتماعيين لابد من عدم الإنكار أن هناك نسبة كبيرة من الشباب والشابات يدخلون غرف المحادثات وغيرها من أجل تكوين علاقات غير مشروعة، وقد تأخذ أبعادها المختلفة من التمادي والتوسع والاستدراج، ولابد من معرفة أن هذه المشكلة ليست محلية فقط، بل عالمية، وتصل أحيانا من الدول الأجنبية للاستدراج، فمن الأفراد من يستخدم وسيلة الإنترنت في تكوين علاقة مشبوهة، أو من أجل المال وغير تلك العلاقات، فمستخدم هذه الوسيلة يحس أنه في راحة تامة منعزلا بعيدا عن الرقابة، وقد يتعدى حدود دولته لكي يمارس ما يريد، غير مدرك للعواقب، وهؤلاء متفاوتون في الفئة العمرية".

حب الاستطلاع

وأكد الدكتور العطيان أن نسبة الإقبال على الإنترنت تتزايد يوما بعد يوم، وفي المقابل تتزايد المواقع الإباحية التي تعج بالصور الإباحية للأطفال والفتيات وغيرهم، وقد وجد أن الصفحات الإباحية تقدر في عام 1998م 3% وما يحجب من الصفحات في الإنترنت يصل إلى 99% لكونها إباحية، وتشير الإحصائيات العالمية إلي أن الصفحات الإباحية هي أكثر الصفحات تصفحا، وأكثر من يدخل إلى هذه الصفحات صغار السن، وذلك لسبب واحد هو اكتشاف المجهول من باب حب الاستطلاع، فيصبح من السهل الإيقاع بهم.

ويرى أن أكثر من يقعون تحت الاستدراج من أشخاص آخرين قد تأثروا بزيارة المواقع الإباحية، لأن هذه المواقع تؤثر على سلوك الفرد، ويصبح يبحث عن إشباع رغباته الشاذة بأي علاقة غير شرعية، ويصل الأمر إلى الاغتصاب أو القتل، وتهديد الآخرين من أجل الاستدراج والإيقاع، فإشباع الغريزة هو الهاجس لدى المستدرج، لذلك يلجأ لكافة الأساليب لأغراء الضحية.

التثقيف مطلب أساسي

وطالب الدكتور العطيان بالتثقيف في الأسرة والمدارس بالتربية كمطلب أساسي، مشددا على أنه لابد من تعريف الأطفال والمراهقين بأساليب هؤلاء المجرمين وطرقهم ومبادئهم التي تتسم بالطيبة في البداية، ثم تحدث مأساة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تعطي الصغار حصانة وقائية، بدلا من وقوع الكارثة ثم البحث عن علاج، لافتا أيضا إلى أهمية دور وسائل الإعلام في نشر التثقيف، وخاصة أن الكثير من الآباء والأمهات ليس لديهم القدرة على تثقيف أبنائهم.

وأضاف أن هذا الدور يشمل المدارس، خصوصا مع انتشار التقنيات الحديثة من بلوتوث وكاميرات الجوالات وغيرها قائلا "نحن لا نطالب بالمنع، ولكن الاستغلال الحسن والايجابي للتقنيات، وأيضا توفير خطوط هاتفية عن طريق انتشار جمعيات للمهتمين بقضية الاستدراج عن طريق هذه التقنيات الحديثة،حتى يلجأ إليها المتضررون".

عقوبة تعزيرية

وعن العقوبة التي تقع على من يستدرج الآخرين عن طريق الإنترنت للإيقاع بهم قال المحامي والمستشار عدنان جمعان الزهراني إن أي شخص يقوم بمساومة أي طرف لا يوجد عقاب محدد له، لكن هناك عقوبة تعزيرية يترك تقديرها للقاضي، لأنه لا يوجد حد شرعي معين، وقد وضعت عقوبة جديدة حسب النظام الجديد بها غرامة مالية وسجن حسب النظام في الجرائم الإلكترونية.

وأوضح الزهراني أن ما يغري الناس بالوقوع في هذه الجرائم هو أنه لا يمكن التعرف على المجرم بسهولة، لذلك يلجأ هؤلاء لاستخدام الوسائل التي لا يمكن التعرف عليهم بسهولة من خلالها نتيجة للكبت الذي يتعرضون له. 

* الوطن

 


في الإثنين 18 فبراير-شباط 2008 07:39:48 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=3363