مأساة الجنوب
سلطان السامعي
سلطان السامعي

مأرب برس - خاص

لا أعرف من أين أبدأ ولا كيف أبدأ فكل يوم أكتشف مآس جديدة لأبناء الجنوب في الداخل والخارج. مآس يدمى لها القلب وتتقطع لها الأفئدة. شعب بأكمله إما مهان في الداخل أو يعيش ذل التشرد والمعاناة في الخارج، أكتب ودموعي تنهمر بدون إستئذان، لا أستطيع أن أتمالك حتى أجهش بالبكاء مع أني لم أبك منذ الطفولة، وحتى عندما أستشهد والدي رحمه الله لم يطاوعني البكاء – فقط بكيت قبل عام تقريبا في فندق صنعاء عندما صعدت ابنة السيد عبد القادر الحوثي إلى منبر الخطابة تحكى مأساة قتل والدها وأعمامها وأبناء عمومتها وتدمير منازلهم وتشريدهم وإهانة أسر شريفة كان واجبنا الديني يحتم علينا أن نودهم، قال تعالى:" قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى".

عندما يبكي الرجال فهذا دليل على هول المأساة في مجتمع مذخن بالجراح من نظام تفنن في اذلال الشرفاء وإهانة كل من في أعماقه بقايا ضمير إنساني حي.

كل ما يحدث اليوم في وطني ربما لا يستطيع بعض الأجانب تصوره في شعب مسلم عنيد كما يقال عنه.

لن تستمر هذه المأساة بدون شك الى ما لانهاية، فإن كان النظام قد استطاع بكل وسائله الدنيئة التي لا تخطر على بال حر في العالم أن يتصورها، ان كان قد استطاع ان يخضع شعبا بكامله بالقوة وسياسة التمزيق وشراء الذمم، فإن المأساة اليوم قد بلغت السقف الذي لا يمكن السكوت عنه. لذا فإنني أجزم أن هذه المأساة لن تستمر كثيرا ومشاعل التحرير اليوم تنطلق من كل شبر في أرض الجنوب والشمال عازمة التحرر من نظام بلغ أوج التسلط والإيغال في إذلال الناس في الجنوب ونهب حقوقهم وأرضهم وثرواتهم لا لذنب ارتكبوه إلا لأنهم وحدويون سلموا دولتهم بكل مقدراتها لنظام لا تعنيه الوحدة من قريب أو بعيد وكل ما يعنيه هو النهب والتسلط وسرقة كل شيء حتى الآثار وتشويه كل شيء حتى الجمال.

ما أبشع من هكذا نظام لم يعرفه شعبنا منذ قرون وربما لم تشهد اليمن هذه البشاعة منذ ما قبل الأسلام من أيام غزوات القبائل لبعضها عندما كانت تغزوا القبيلة الأخرى فتنتصر فتستعبد كل أفراد القبيلة المهزومة وتتفيد كل ممتلكاتها وهذا ما يحصل اليوم في الجنوب بكل تفاصيل المأساة.

كوادر الجنوب تموت جوعا في بلاد الغربة والتشرد، وأبناء السلطة الحاكمة يعبثون بملايين الدولارات في حانات وصالات القمار وأوكار المومسات في دول العالم.

إنها المأساة الكبرى، ومن عنده شك في ذلك فليقترب من هؤلاء وليتابع ما يحصل في الداخل من هؤلاء الأغرار.

دماء الناس وأعراضهم وأموالهم شدد على حرمتها رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع حيث قال: "ألا إن دماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في عامكم هذا" صدق رسول الله. والسلطة في بلادنا ترتكبها في حق شعبنا كل يوم.

شهداء ... وانتهاكات ... ونهب للأموال والحقوق، ماذا بعد هذا ننتظر؟!!

هل ننتظر من هؤلاء أن يقوموا بشكر النظام ؟؟!! كلا ... أو أن يسكتوا على مظلمتهم إلى ما لا نهاية ؟؟!! كلا ....

لقد بلغ السيل الزبى

لقد بات من حق هذا الشعب في شماله والجنوب أن يقاوم هذا الظلم والتعسف ولقد بدأت عجلة التحرر من نظام كهذا تدور بالوسائل السلمية لتسمع الإنسانية جمعاء ماذا يرتكب في حق الإنسانية في اليمن، ولن يستطيع هذا النظام إيقاف هذا التحرك بالمليارات والسيارات التي يوزعها لضعاف النفوس حتى يوقف هذا الهدير القادم من أعماق المأساة.

كل كوادر الجنوب مشردة في الداخل والخارج، فمثلا كان هناك 93 سفيرا جنوبيا لم يتبق منهم سوى ثلاثة في أعمالهم والباقون سرحوا قسرا، وقس على ذلك في كل المجالات.

إنها المأساة ... المأساة ... المأساة

الكثير منهم أصيب بالصدمة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من أصيب بالجلطة والشلل ومختلف الأمراض جراء هذه الصدمات التي يتعرضون لها ويتعرض لها يوميا شعبنا في الجنوب خاصة وفي اليمن عامة.

إننا لا نستجدي أحدا أن يتعاطف مع هؤلاء ولكننا نعرض المأساة على كل صاحب ضمير إنساني ليعرف حجم الكارثة المروعة التي يتعرض لها هذا الجزء الغالي من الوطن.

أقول لأولئك الذين يلومونهم عندما يطالبون بتقرير المصير، أقول لهم قبل اللوم يجب أن تعرفوا مأساتهم وحجم الضرر الذي أصابهم خلال سنوات ما بعد الحرب الظالمة.

ألا تلوماني كفى اللوم ما بيا  فما لكما في اللوم خير ولا ليا

هؤلاء الذين يتعرضون لهذه الكارثة هم الوحدويون أصلا، ومن أرتكب ويرتكب في حقهم هذه الجرائم والمآسي هو الأنفصالي سلوكا وممارسة.

وهل هناك وحدة بعد حرب 94 الظالمة ؟؟!! كلا.

إنه من أقل الواجبات علينا أن نصرخ ونسمع كل العالم ونوضح لهم حجم الكارثة التي أرتكبها النظام في حق الجنوب ومدى الكارثة التي يمكن أن يتعرض لها اليمن في المرحلة القادمة.

* عضو مجلس النواب


في السبت 16 فبراير-شباط 2008 03:24:08 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=3352