جامع الصالح ، مسمار جحا
شهاب محمود
شهاب محمود

باع جحا الدار وترك المسمار ، كحجة واهية ليضيق على المشتري لاحقا ، حتى طرده من الدار واستوطنه – بعد بيعه – من جديد. ترك صالح السلطة ، وترك جامع الصالح.  لا يختلف جحا عن صالح كثيراً ، فحتى كما كان جحا يعود في اوقات الغداء ، ليطمئن على مسماره ويأكل غداء الساكن الجديد للدار ، يعود صالح لجامعه – المبني على ارض حرام اصلا وباموال منهوبة – كلما شارف هادي واليمنيين على اعتاب استحقاق جديد.

الجامع ليس مسمار صالح الوحيد. فقد ترك رئاسة الجمهورية ، وتمسك برئاسة المؤتمر. وحينما لا يروقه الرئيس هادي او المرحلة الانتقالية ، اي حينما يجد ان مرحلة اخراجه من السلطة – الدار – بالفعل بدات واتخذت اجراءات حقيقية للانتقال باليمن ، يتذكر مسمار المؤتمر ، فيستدعي اللجنة العامة ويجتمع بها لتصدر بيانا شديد اللهجة بخصوص مسمار الجامع او المؤتمر.

هناك فارق بين تسليم السلطة وتسليم الرئاسة. فتسليم الثانية فقط ، لم يتم الا بعد التاكد من زرع اكبر عدد ممكن من المسامير ، بعضها حديد وبعضها بشري كوزراء المؤتمر في الحكومة الانتقالية.

على اية حال فالمسامر "الصٌلب" ايضا هو مجلس النواب ، الذي ينسى انه اكبر مسمار في تاريخ الشعب اليمني وبالرغم من انتهاء شرعيته لا يتردد في ان يتصرف اعضاءه وكانهم كانوا سجناء حرية في سجن صالح يطالبون اليوم بحكومة شفافة وعملية تستجيب لتطلعات الشعب اليمني ، متناسين تصويتاتهم على اكبر ميزانيات اليمن كارثية وصفقات فساد حكومات صالح المتعاقبة.

لا تعد ولا تُحصى مسامير صالح في دار اليمنيين ، وعلى رأسها مسامير صعدة الستة ومسامير الجنوب ومسامير ترسيم الحدود والخ من المسامير التي توخز كل يوم الجسد اليمني الهش والمترهل اصلا.

على انه ربما اكبر مسمار تركه صالح في الدار ، هو ذلك الذي غرسه في جسد الثورة عبر اصراراه المستمر والمتكرر ان قادتها هم "حميد وتوكل" ، فمن يصر على صناعة ابطال نهشوا الجسد اليمني كمثلما عمل صالح عبر توكل وحميد ، قد نجح فعلا في صناعة مسامير خراب سيحتاج اليمنيين عقودا لقلعها...

على انه ايضا لا يجب ان ننسى ، ان "اليد الامينة" التي اصر على تسليمها السلطة ، هي احد اكثر مساميره وخزا اليوم ، وان تاذت حتى هي من المسامير الاخرى التي تركها.

علي صالح يعرف جيدا كيف يغرس المسامير ، منذ راوده طموح "المسمار الاوحد" ابنه في مطلع الالفية وحينما زاحمته المسامير القديمة ، بدء المواجهة معها.

كل ذلك لا يهم ، خاصة ان المسمارين الابرز اليوم هما المؤتمر وجامع الصالح ، وهذا ثمن الاعتقاد الواهم للحظة انه على استعداد لترك الدار.

هل يجدي تذكير الرجل بقادة كديجول ومانديلا وغيرهم؟ اولئك الذين اخلصوا لشعوبهم وبنوها واتوا لها بالازدهار والمستقبل الامن ، وحينما جاءت لحظات رحيلهم ، غادروا بكل هدوء وظل التاريخ وشعوبهم يذكرونهم كأبطال ، لا كمسامير وصانعي أكبر مسامير في حياتهم. ماجدوى طلبنا من مسمار غرس ويغرس مسامير اخرى ان يقرأ ويتأمل؟

ولكن فليفكر بالامر بشكل مختلف ، الا يريد – كما يدعي- ان يكون الزعيم الوحيد من دول الربيع العربي الذي سلم السلطة وكرامته محفوظه؟ وبالطريقة التي اراد؟

الذكرى لا تنفع الغير مؤمنين ، ولا المسامير ، ولا نجاريها.!  


في الأحد 29 يونيو-حزيران 2014 05:20:41 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=30059