عمران.. ضالع الشمال
يحيى الثلايا
يحيى الثلايا

بينهما كثير من أوجه الشبة وليس خافياً أنهما آخر الوحدات الإدارية ميلاداً حيث تم إنشاء هذه المحافظتين بقرار جمهوري واحد صدر في 1999م.

ليس الميلاد وحده قاسم مشترك بل التاريخ والتضاريس والناس تجمع بينهم قواسم التمرد والصعوبة والجبال والأدوار التاريخية على امتداد التاريخ المعاصر.

علي شايع وعلي عنتر وصالح مصلح في الضالع يقابلهم إبراهيم الحمدي وحميد بن حسين الأحمر وأحمد الثلايا في عمران، جحاف يقابلها خمر، وملامح الشبه كثيرة، والجليلة تقابلها القشلة و...

منذ العام الماضي بدت الضالع غير أخريات بجوارها وكانت نتائج الانتخابات الماضية في الضالع مختلفة عن الحصاد في باقي البلاد ثم تلتها الأحداث الجنوبية والتي كانت ذات شكل ضالعي غالباً، وصولاً إلى ما سمي بانتفاضة ردفان وتبعاتها المستمرة.

عمران لم تكن غائبة عن مسرح الأحداث وإن كانت الأنظار شاردة عنها والإعلام لا يصل إليها ربما بقصد من جهة ما.

ما يحصل في عمران يدفع لتساؤلين غريبين نوعاً ما: هل كان اللحاق بالضالع من باب المحاكاة وتشابه الصفات، أم أنه مجرد عملية عد تنازلي تبدأ بـ(20،19) وعمران (19) وهكذا..

مسور.. النضال السلمي المسلح

حملة النضال السلمي التي تبنتها أحزاب المعارضة والمتقاعدون مؤخراً؛ حرصت على تأكيد سلميتها ومقابلة العنف بالصدور العارية، وعدم الانجرار إلى العنف ومترادفات كثيرة تتحاشى تهم الإرهاب والتخريب وإشاعة الفوضى المستخدمة كثيراً في الخطاب السياسي والإعلامي السلطوي.

في عمران يبدو النضال السلمي مسلحاً واجتماع السلم والسلاح متناقضة لم تتحقق سوى في عمران، وهذا ليس بشأن الشيخ حسين بن عبدالله الأحمر الذي أعيد من نقطة الأزرقين الأسبوع الماضي بسبب حمله ومرافقيه السلاح فهذه قضية أخرى..

السلاح الذي أعنيه هنا هو تلك الآلة القاتلة التي أصبحت جزءاً من هيئة بعض الأشخاص في محافظات معينة، عمران واحدة منها ومظهراً من مظاهر الرجولة عند أناس ما يزالون بهذه العقلية فعلاً وأحد الأسباب غياب الدولة.

أقيم في مديرية مسور الأسبوع الماضي اعتصاماً تحول إلى مظاهرة بدعوة من نقابة المعلمين نتيجة تعسفات إدارية، الجمع الحاشد الذي حصل رغم الضغوطات التي واجهها المنظمون للاعتصام وفي مديرية مسور صاحبة الحضور الضعيف جداً في المعارضة؛ دليل تذمر كبير آلت إليه الأوضاع.

الملاحظة البارزة هي مظاهر السلاح التي ظهر بها المعتصمون ليس الأبيض بل الناري حيث كانوا في الغالب مسلحين، وفي خمر قام المعلمون بإغلاق المجمع الحكومي احتجاجاً على قرارات تعسفية!!

ربما يعتبر أصحاب تلك المناطق السلاح جزء من لباسهم وزينتهم لكنه لن يأبى عن المشاركة كسلاح في حالة الاستدعاء له وهو ما يدل على صعوبة المشكلة.

حالة اعتصام مسور انتهت بإقالة مدير عام المديرية المقدم علي المراوي الذي غادرها فجراً بعد أن قضى ليلة عويصة مع منظمي الأحزاب بين تهديد وتخويف وبين مواعيد بتلبية المطالب!!

الحرمان.. حالة وطن

جامعة من دار الأيتام

إذا كان أغلب النازلين إلى الساحة اليوم في البلاد كلها أصحاب مطالب حقوقية فإن هناك مطالب سياسية تحاول قوى تحقيقها من خلال الشارع وفي عمران يبدو الأمر مختلفاً، حيث تجد الحرمان والفقر والغياب هو السائد.

"جامعة عمران" وعد انتخابي قطعه الحاكم على نفسه فوجدها ملزمة بتنفيذه، وكان قراراً جمهورياً بإنشاء جامعة دون تعيين رئيس لها أو غيره.

مؤخراً وبعد همس التذمر تجاه هذا الوعد كانت هناك بناية صغيرة أريد لها أن تكون "داراً للأيتام" وفجأة ظهرت عليها لوحة مكتوب عليها "جامعة عمران".

الكلية القائمة "كلية التربية والألسن" ما زالت تابعة لجامعة صنعاء وهي في حالة يرثى لها "الخيام بدلاً من القاعات الدراسية، دورات المياه، السبورات" فضلاً عن العملية الأكاديمية البالغة السوء.

اتحاد الطلاب بالكلية تبنى السبت الماضي اعتصاماً للمطالبة بتحسين الأوضاع والشكوى من هذه الحالة.

نائب العميد لشؤون الطلاب د. محمد النقيب خاطب الاتحاد قائلاً: ما دخلكم؟ أنا مستعد أجمع ألفي طالب يعتصمون للمطالبة بإلغاء الاتحاد..

المشايخ مبعدو الشمال!!

المبعدون والمتقاعدون قسراً من وظائفهم كانت القشة التي قصمت ظهر البعير في المحافظات الجنوبية والتي هي أحد إفرازات حرب صيف 94م التي لم تتجاوزها الحكومات المتعاقبة رغم قدرتها على ذلك بأقل تكلفة.

هنا في عمران ليس هناك متقاعدين ومبعدين لأنه ليس هناك موجودين أصلاً حتى يتم إبعادهم!!

المشايخ هنا هم آلية الدولة ومحور نفوذها وكما تقوم الأجهزة باستنساخ المنظمات والجمعيات والهيئات المدنية في محافظة أخرى فإنه لا يمكنها ذلك في بعض المحافظات التي لا يوجد فيها المجتمع المدني.

في عمران يتم تفريخ واستنساخ "مشايخ" لمواجهة المشايخ الذين يرفضون التطويع.

"حسين الأحمر" إسم أخذ حيزاً من مساحة الأخبار وهو شيخ شاب ظهر كقيادي في الحزب الحاكم ورئيساً له في عمران، وكان ذلك ضمن سياسة التفريخ السالفة الذكر كما تم مع مشايخ آخرين منهم غالب الأجدع وغيره.

حسين المؤتمري اللامع وصاحب المواكب الطويلة؛ وجد نفسه مدافعاً عن أبيه لكن ذلك جلب له المتاعب وهو الآن يدفع ضريبتها.

ليس الأبرز إعادته من الأزرقين فله مواقف متعددة ومتشابهة يطرحه النظام فيها ضحية، وما يلبث حسين أن يعود صديقاً مجهزاً لمقلب آخر.. وهكذا.

يمكن اعتبار المشايخ المبعدين في عمران وجاراتها هم متقاعدو هذه المناطق، وهم لذا يسعون إلى تحريك أوراقهم وشوارعهم المعروفة بأنها "ملغومة".

صعدة.. حاضرة في عمران

من القضايا التي هي حاضرة بقوة في عمران ويتوقع أن تثير إشكالات قادمة قضية صعدة.

كثير من أبناء عمران ذهبوا ضحية أو وقوداً لفتنة صعدة الدامية وكانت عمران في صعدة سلاحاً ذا حدين.

كثير من مقاتلي الشباب المؤمن التابع للحوثي جاءوا من مناطق في محافظة عمران وكانت بوابتهم نحو مران هي "المؤتمر الشعبي العام" خصوصاً أيام اللواء الراحل يحيى المتوكل ومنهم من سقطوا في هذه الحرب.

ليسوا هكذا فقط بل وفي الجانب الآخر من الحرب كان أبناء عمران ضحية وبأعداد أكبر بكثير من الطرف السابق وهم المقاتلون في صف النظام سواء من المنتمين للجيش أو من المتطوعين القبائل، أو كما تسميهم بعض الصحف "البشمركة"..

هذه النقطة يمكن أن تلعب دورا حساساً خصوصاً عند تناول قضية التعويضات فالمتطوعون عادوا حاملين التذمر وسقوط كثير منهم، لكن موقفهم تطور أيضاً مع تناقل الأخبار عن تعويضات متوقعة للحوثيين بمبالغ جيدة مما يفتح المجال للاعتراض من المشاركين في صفوف القوات الحكومية من جنود وضباط الذين استلم أهل المتوفي منهم مبلغ (200) ألف ريال فقط وبعض أكياس أرز وقمح.


في الخميس 29 نوفمبر-تشرين الثاني 2007 04:20:03 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=2897