ثلاثية الرعب: الملكية، الانفصال والتوريث
الأهالي

 اليمن الواحد .. أو الطوفان ....مثير للدهشة الوقائع اليمنية المتتالية فمع إشراقة شمس يوم جديد، يغرق اليمنيون في استهلاك منظومتهم السياسية والثقافية والذهنية مدفوعة من الخزينة العامة لنبش «قبور» الماضي بكل تفاصيله والاحتماء بتوزيع التهم والخيانات، بعد أكثر من أربعة عقود ونيف نعود لساعة الصفر عام 1962م لنتبادل تهمه الملكية والتوريث وبعد 16 عاماً من عمر الوحدة المباركة نتبادل تهم الانفصال والردة والمناطقية؟

من الناحية الكلية فإن المؤشر يقول إن عقارب الساعة تعود للوراء بدليل العودة لمربع البداية؟ وإن عجزاً مستداماً لدى الحكومات المتعاقبة لدورة الحياة السياسية والاقتصادية أفضى إلى عودة المشاريع المظلمة كنتيجة طبيعية لما أطلق عليه الشيخ الأحمر، بالسير في النفق المظلم، ويومها شتم عرضه كسائر الصحفيين والسياسيين الذين يشتمون في أعراضهم على حساب كل مواطن من الخزينة العامة، ولأن موضوع الملكية، التوريث، الإنفصال، مؤرق وحساس لذلك يمكن أن تكون البداية بسؤال مشروع وهو .. لماذا يستهدف «القرار السياسي» في اليمن إضعاف الحياة السياسية والمدنية؟

فالأحزاب والمنظمات النقابات الجماهيرية والمهنية والإبداعية والصحافة والمستقلون سواء كمشاريع أو أشخاص باتوا عرضه للاستهداف والملاحقة والتحقيق والاستنساخ والسجن و «اللبج» كان آخرها نزول «الأشاوس» من ضباط معروفين بالإسم ومكان أعمالهم في سرية التكواندو لضرب الصحفيين والصحفيات والبحث عن الفنان الكوميدي «فهد القرني» «لدعسه» كما قضت التوجيهات.

وقائمة التخوين والاتهام وشتم الأعراض والاقصاء للمجتمع المدني ورموزه تطول حتى سادت قناعات بأن العمل السلمي أضحى ديدن العاجزين .. وأن منافذ التغيير السلمي قد سدت أبوابها؟

وبالتوازي مع تلك الإجراءات « القمعية والأمنية « تم تشجيع «كل الإطارات والمشاريع» غير الوطنية الضيقة «كالمناطقية والمذهبية» وسارعت «السلطة» عقب كل نتيجة «كارثية» وفرت أسبابها وتم تغذيتها إلى إلصاقها بالأحزاب والمجتمع المدني وعلى سبيل المثال «فإن دعم حركة الحوثي وانشاءها كان سلطوياً بامتياز « ثم اتهمت المعارضة « بأنها تدعم الإرهاب في صعدة» وحالياً هم وسطاء كان لهم دور باستمرار الوساطة وعدم فشلها، وهكذا منوال «السلطة» في رعاية اليمن الواحد بهوية وطنية !! كما هو حاصل الآن مع «شحاتير» هنا وهناك .

الملكية .. والتوريث

هناك من يعتقد أن الملكية إنتهت كنظام سياسي وبقيت كمشروع فكري وثقافي وطموح سياسي يبحث عن أرض وجغرافيا ووطن ولن نجادل في ذلك كثيراً ونفترض أن ما يذهب إليه هذا التحليل صحيح، ولكن دعونا نقول الآتي:

لماذا عجزت الثورة اليمنية «26سبتمبر، 14 أكتوبر» عن خلق هوية وطنية وفكر وسطي وتنمية متساوية تخلق الإندماج الوطني والشعور بعدم الاستصفاف أو الغاء الفوارق والامتيازات والطبقية التي كانت على رأس أهداف الثورة؟

ولماذا يشعر الناس ان أهداف الثورة وثمارها تمت مصادرتها لفئة بعينها والبقية مهمتهم «التصفيق» والاصطفاف» في طوابير الإستقبال والإقتراع ثم يعودون للبحث عن قوتهم الضروري وأولادهم ويضطرون للهجرات والتعرض للمخاطر أو التسول أو الصبر على شظف العيش ومكابدة ذل الفقر والحاجة وغيرهم يرفل في حلل النعيم وأحداث الموديلات والعمارات الفاخرة، فمن أين لهم ذلك؟

التوريث

بعض القوى السياسية تمارس الاستغلال تجاه الشعب وتعرف التوريث باعتباره تسليم الرئيس الحكم لولده، وذلك لن يحدث والرئيس لا يزال في أوج قوته الجسدية والذهنية ولكن الناس يشاهدون التوريث بمعناه الحقيقي، يشاهدون الأقرباء والأبناء والأحفاد يتربعون في مواقع القيادة المدنية والعسكرية و»المالية» ومؤسسات تجارية وصفقات ومقاولات وتوكيلات؟ فيبدأ التساؤل؟ مش قالوا لنا هي جمهورية وديمقراطية وحكم الشعب نفسه بنفسه؟ وهنا راودت وقائع الأمس كأحلام للمستقبل؟

وطمع الذي في قلبه مرض العنصرية و السلالية و الاصطفاء الإلهي - كما يزعمون - وعاود شيطان العنصرية قذف الأوهام في الصدور قائلاً .. أنتم أحق بالحكم من هؤلاء «القبائل»؟

فأنتم أصحاب «العلم» و «الحكم» و «النسب» وإذا كانت الجمهورية سمحت بالتوريث فإن الأوهام «المقدسة» والإعتداد «بالنسب» والعرق هي أبلغ في نفوس الواهمين من شعارات الجمهورية والديمقراطية التي كشفتها حقائق الممارسات المتنافية وروح الجمهورية والديمقراطية ومن هنا بزغت الأحلام المريضة بفعل إذكائها من قبل السلطة السياسية وقالها البعض ساخراً.. إذا كانت الجمهورية موزعة على «الفخذين» فإن « البطنين « أولى، وكلاهما شرٌ مستطير»

الانفصال .. والارتداد

قدم اليمنيون شمالاً وجنوباً رجالاً ونساء تضحيات لحماية الوحدة عام 94م ودفع الرجال دماءهم والنساء «حليهن» من اجل وطن واحد .. ولا يزال الكثير منهم على استعداد لفعل ذلك إن اقتضى الأمر .. ولكن؟ ولكن؟ بعد مرور سنوات وسنوات من عمر الوحدة ذهبت ثمارها لفئة محدودة استأثرت بالثروة والسلطة وتخلصت من شركائها السياسيين «الاشتراكي والإصلاح وبقية الأحزاب» وتخلصت من حلفائها كأشخاص» كالشيخ/ عبد الله الأحمر وأسرته «وأذلت» القوى التجارية والصناعية» واستضعفت مناطق دون أخرى وجردت من هم خارج أسوار الحكم من كل مصلحة مشروعة حتى بات المواطن يخشى على وظيفته في وطنه، والكثير منهم تم إقصاؤهم في الجنوب خصوصاً والشمال أيضاً واشتهر مصطلح «حزب خليك بالبيت» وارتبطت الأدوار السياسية في الشمال بالإجابة عن سؤال .. من أين أنتوا يا ولدي؟ ومن هو شيخكم؟ واتسعت دائرة البطالة والعاطلين والمبعدين وضاقت الأرض على الناس بما رحبت لحكامها وخرج الناس يبحثون عن حقوقهم بالطرق السلمية والمدنية؟ فأنبرت السلطة لوصمهم «بالإنفصال» والخونة وتعمقت مفاهيم شطرية ثم تغذيتها بأعمال مصادرة الأراضي والاستيلاء على حقوق الناس وإبعادهم من أعمالهم وزادها بعض ضعفاء النفوس على الضفة الأخرى اشتعالاً؟ وما لبثت السلطة قليلاً حتى أصدرت قراراً بعودة هؤلاء «الانفصاليين - كما زعمت - إلى أعمالهم وترقيتهم؟

والآن

لإعادة الروح لمعنى «الجمهورية والوحدة والديمقراطية» فالبداية من «القصر الجمهوري ومقرات الأحزاب والنخب السياسية والإقتصادية» بمراجعة عميقة لسلوك النظام السياسي ومكوناته وأشخاصه، مراجعة تضمن تمثيلاً عادلاً ونزيهاً للشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة لا يستخدم فيها المال العام والجيش والوظيفة العامة والإعلام لتكريس سلطة «فئة « ضد المصلحة والمشروعية « الشعبية « .

- إخضاع الوظيفة العامة لقانون الخدمة المدنية والكف عن التدخل السياسي والأمني في القضاء وكل الأجهزة المدنية، وإخضاع السلك العسكري للقانون العسكري بعيداً عن أية ولاءات أخرى.

- توزيع موازنة عادلة للمحافظات وإقرار إنتخاب المحافظين ومدراء المديريات من قبل الشعب، وحينها يشعر كل مواطن في اليمن، في الشمال والجنوب والشرق والغرب، في السهل والجبل أنه ينتمي لليمن وأن حقوقه مصانة وقضاء يحميه، حينها فقط من يجرؤ بالحديث عن الإنفصال أو الفيدرالية أو الملكية؟

إشارات

- الحوثيون -جميعهم- أعضاء في المؤتمر الشعبي العام وقياداتهم منضوية في كل الإطارات القيادية للمؤتمر.. فلم يتهم أحد المؤتمر بأنه حزب يفقس الإرهاب ومظلة للتمرد أو حتى بمساعدة ومساندة المتمردين - وإن مول - ولا يزال البعض في سدة القرار السياسي والتمويلي، بينما الإعلام الرسمي إتهم المعارضة بدعم الارهابيين ومساندتهم في صعدة.

- «سعيد شحتور» و « الكبدة» و «الحسني» و.. و..» جميعهم في حزب المؤتمر الشعبي العام وإحدى فصائله.

لكن السلطة تلقي باللائمة على الحزب الإشتراكي وتقوم بشتمه وتخوينه وتدعم مالياً ولوجستياً « تيار إصلاح مسار الوحدة»

اليمن لن يقبل القسمة أو التجزئة أو المصادرة .. لا خيار سوى أن نعيش جميعاً متساوين في الحقوق والواجبات.
 

 


في الثلاثاء 18 سبتمبر-أيلول 2007 11:23:37 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=2554