فياغرا الفقراء في اليمن
محمد الجبوبي

 ثمرة الدبا من الثمار الطيبة التي تخرجها الطبيعة اليمنية الطيبة وخصوصاً الأرياف إذ تعتبر من المواد التي تظاف الى المائدة ويكثر استخدامها في اعداد الوجبات خاصة في شهر رمضان المبارك. برز استغلال هذه الثمرة في إعداد مربى الدبا الذي يعتبر من افضل أنواع المربيات التي تشتهر في الأوساط الاجتماعية اليمنية وخاصة في صنعاء. و يستفاد من بذور ثمرة الدبا في إعداد بعض الحلويات المصنعة الى جانب تناول غالبية الناس لها عادة بعد تحميصها وذلك في فترة ما بعد القيلولة خاصة لدى النساء.

كما أن جعالة العيد لايمكن ان تخلو من هذه البذور إذا تظيف الى حلويات العيد المتعارف عليها في المجتم ع اليمني نكهة خاصة.

ولأهمية ثمرة الدباء عند اليمنيين كان لوكالة الانباء اليمنية (سبأ) حضوراً في ابراز الفوائد الهامة لهذه الثمرة، من خلال اجراء هذا الاستطلاع الذي ركزنا فيه على التعريف بأماكن زراعة الدبا والفوائد المادية والصحية وغيرها من الفوائد.

* فياجرا الفقراء

حينما تغادر مدينة صنعاء متجهاً الى ذمار يلفت انتباهك أكوام مختلفة الاحجام دائرية الشكل صفراء اللون متناثرة على جانبي طريق صنعاء تعز وخاصة في منطقتي وعلان وخدار بمديرية بلاد الروس محافظة صنعاء التي

كان لنا توقف غير قصير فيها حاولنا من خلاله التعرف من قبل المختصين في هاتين المنطقتين على هذه الثمار التي يعتبر حضورها محدوداً فيما عدا المناطق التي تزرع فيها وتكاد فوائدها ان تكون منسية، في حين يعتبرها الكثير من الخبراء الزراعيين فياجرا الفقراء.

ولولا تسويق هذه الثمار الى المناطق الحضرية لما اصبحت تحظى بهذه المكانة ولبقيت محصورة في الأرياف.

مدير مجمع وعلان الزراعي عبدالجليل حيدر يقول " أفاد بأن الدبا كان يزرع في السابق بجوار محاصيل زراعية اخرى وذلك للأستفادة منه على المستوى الاسري، الى جانب انه كان يسوق بكميات قليلة الى صنعاء على ظهور الحمير والجمال حيث كانت زراعته في ذلك الحين تعتمد على مياه الامطار بحيث لايزرع في العام إلا مرة واحدة مثله مثل باقي المحاصيل الزراعية الاخرى.

أما زراعته بشكل مستقل فلم تبدأ إلا منذ نحو 15عاما حينما انتشرت زراعته وأصبح المزارعون يفردون له مساحات زراعية خاصة بعد حفر الآبار الارتوازية التي تسهم بشكل كبير في عملية الري ليزرع مرتين في العام

* يزرع في موسمين

ويرى علي العبسي اخصائي إرشاد بالمجمع ان منطقة وعلان التي تشتهر بزراعة نبات الدبا (القرع العسلي) تعتبر في التظاريس والمناخ كغيرها من المناطق اليمنية، مشيراً الى ان سبب انتشار هذه الثمرة يعود الى اهتمام المزارعين بزراعته ومعرفتهم بالوقت المناسب والملائم لزراعته والمحددة بموسمين اثنين في السنة يتمد الأول من شهر يناير حتى ابريل ويعتمد على المياه الجوفية، فيما تبدأ زراعته في الموسم الثاني من شهر يوليو حتى سبتمبر.

ونتيجة لاهتمام المزارعين بهذه الثمرة المباركة وانتشار الوعي بفوائدها المتعددة فقد اصبح الزراع بمديرية آنس محافظة ذمار يحذون حذو أهلي وعلان وخدار في الاهتمام بهذا المحصول وزراعته وتسويقه.

وأشار العبسي الى انه تم خلال العام الجاري زراعة نحو 35 هكتار في منطقتي وعلان وخدار بانتاج اجمالي يقدر بنحو 2300 طن بقيمة إجمالية تصل إلى 46 مليون ريال.

ويضيف العبسي أن " المزارعين يفضلون زراعة الدبا على المحاصيل الأخرى نظراً لانخفاض تكاليف زراعته وزيادة الطلب عليه وسهولة تسويقه وإيراداته".

* الوحيد يخلو من المبيدات

ونظراً للمميزات التي يحظى بها الدباء وخصوصاً تلك المتعلقة بما يجنيه المزارع من فوائد وارباح هو عدم تعرض المحصول لأي امراض خلال مواسم زراعته حيث ان المزارع لا يستخدم أي نوع من انواع المبيدات التي قد تستخدم في بعض المحاصيل الاخرى.. وتشمل القرعيات البطيخ، والحبحب، والشمام، والدبا، وغيرها من المدادات النباتية التي تزرع على خطوط بمسافة 40 الى 80 سم.
 

* صنعاء الاكثر استهلاكاً

تعد مدينة صنعاء من المدن الرئيسية التي يكثر استهلاك الدبا فيها بسبب مايمتاز به اصحاب محلات بيع العصائر والمشروبات والمرطبات من خبرات لصنع مربى الدبا او ما يسمى بالقرع العسلي.. حيث تنتشر محلات بيع المربى التي تلاقي اقبالاً كبيراً في أسوق صنعاء مثل سوق الملح، الروضة، باب السباح، وسوق باب شعوب.. والتي تلاقي اقبالاً كبيراً من قبل المواطنين خصوصاً اولئك الذين اصبحت لديهم معرفة ولو جزئية بفوائده.

يقول احمد عامر صاحب أول محل لبيع مربى الدبا في ميدان اللقية جوار قصر السلاح بالامانة انه وافراد اسرته يعملون في بيع مربى الدبا منذ 40 عاماً، منوهاً بان للدبا ثلاثة أنواع، الأول شركس ويعد الأطول عمراً ويأتي من المناطق الوسطى؛ والثاني بطاطسي؛ والثالث صيني.

ويضيف عامر ان اجمالي ما يشتريه سنوياً من الدبا يصل الى نحو خمسة ملايين ريال وان اجمالي عدد الزبائن يصل الى 1200 شخص يومياً فيما يتضاعف هذا العدد خلال شهر رمضان إذ يزيد عن 2000 زبون يومياً.

ويشير احمد غليس واحد من اصحاب اشهر محلات بيع مربى الدبا في باب السباح الى ان القرع العسلي يعتبر من أجودة وأكثر المواد الغذائية فائدة للإنسان حيث يساعد على تليين المعدة واسترخاء الجسم وإزالة الأرق حسب زبائنة الذين يؤكدون هذه الحقائق بالاضافة الى انه عامل مساعد لزيادة الطاقة الجنسية.. ويقول غليس انه يعمل في هذا المجال منذ العام 1960م ولديه العشرات بل المئات من الزبائن الذين يترددون عليه من مختلف الفئات العمرية.

كما ان هناك محلات لبيع مربى الدبا في سوق الروضة إلا انها لا تساوي سابقاتها في عدد الزبائن المترددين عليها إذا يرتادها ما بين 200 الى 250 شخص يومياً نظراً لمحدودية المترددين على سوق الروضة مقارنة بباب السباح وسوق الملح، ويتضاعف العدد خلال شهر رمضان المبارك.

* فوائد متعددة

كثيرون هم الذين لايعرفون الفائدة الغذائية التي يحتويها الدبا ويتناولونه من وقت لآخر دون إدراك حقيقي بفوائده الصحية حيث ان اليقطين (القرع) من الثمار التي ذكرت في القرآن الكريم "وانبتنا عليه شجرة من يقطين" الصافات "آيه 146".. ولم يغفل ذلك عن الحديث الشريف إذ روي عن أنس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يحب الدبا، لما له من فوائد غذائية جيدة..

ويقول ابن القيم ان اليقطين بارد رطب ماءه يقطع العطش ويذهب الصداع الحار وهو ملين للبطن وشديد النفع للمحمومين وبالجملة فهو من الطف الاغذية واسرعها تأثيراً.. وبالتحليل المخبري وجد ان القرع الكبير او القرع العسلي يحتوي على فيتامين " A " بكميات كبيرة وهذا الفيتامين مغذي لغشاء العين ويشتهر بأنه مقوي للطاقة الجنسية.. كما انه يحتوي على فيتامين " B " والكثير من الاحماض النافعة للجسم كما يحتوي على نحو 90 %

من وزنه ماء و 2 ملي غرام دهون و10 ملي غرام بروتين وحوالي 6 غرام نشويات، كما يحتوي على نسبة من الاملاح مثل الحديد والكالسيوم.

وتؤكد الدراسات أن الدبا مسكن للصداع ومرطب وملين للمعدة ومدر للبول بالاضافة الى انه يعمل على طرد السوائل الزائدة التي لايستفيد منها الجسم.. كما انه مطهر للصدر والمجاري البولية، ويفيد في معالجة التهابات المسالك البولية والبواسير والامساك والأثر البولي والوهن وعسر الهضم والتهابات الامعاء، ويستخدمه المصابون بالعلل القلبية والأرق ومرض السكري، والتهابات المفاصل والروماتيزم لتهدئة الألم والانفعالات.. أما بذور الدبا فلها مفعولا كبيرا حينما يتناولها الانسان دون تقشير في طرد الدودة الشريطية من الامعاء وغيرها من

الديدان و الحد من الارق، كما انها تساعد في علاج تضخم البروستات عند كبار السن، وما ينتج عنه من اضطرابات في التبول.

ويعتبر الدبا اليمني بحسب الدراسات التي قام بها مكتب الزراعة والري بمحافظة صنعاء من أجود أنواع القرعيات من حيث الانتاجية والمذاق.

وتشير الدراسات الى انه حتى اليوم لايتم استخدام البذور المحسنة في زراعة هذه الثمرة.. حيث يقوم المزارعون بانتقاء البذور التي لايزيد عمرها عن العام بغرض استغلالها في زراعة محاصيل جديدة تكون اكثر انتاجاً وفائدة من تلك التي تزيد مدة تخزينها عن العام.. ويتم استهلاك ثلاثة ارباع المحصول محلياً والباقي يتم بيعه للمقيمين والسياح.

محاولة للغزو الخارجي

ويشير مدير عام مكتب الري بمحافظة صنعاء المهندس يحيى شجاع الدين الى انه تم استخدام بذور قرعيات غير محلية منها السوري والعراقي غير ان مستوى الانتاج لم يكن مشجعاً من حيث الكم والفائدة وكذلك الحجم مقارنة

بالمحاصيل المحلية خاصة منطقتي وعلان وخدار، فيما نجحت زراعة البذور الخارجية في محافظة ابين وحققت نجحاً محدوداًَ مقارنة بالمحاصيل المحلية.

ونظراً لمحدودية المعرفة بقيمة هذه الثمرة الغذائية واقتصار الاقبال عليها في مناطق معينة ربما بسبب عدم الوعي لدى الناس.. دعا شجاع الدين الى ضرورة اشراك المستثمرين في هذا الجانب لإنشاء مصنع لإنتاج عصير ومربى الدبا وبالتالي توسيع رقعة الزراعة لهذا المحصول وعدم اقتصارها على مناطق بحد ذاتها خصوصاً وان زراعة الدبا تتناسب مع مناخ معظم محافظات الجمهورية.

وقال مدير مكتب الزراعة والري بمحافظة صنعاء ان احد المستثمرين المحليين يعتزم الاستثمار في هذا الجانب من خلال انشاء مصنع لإنتاج اصناف متعددة من مستخرجات هذه الثمرة، وهذه خطوة جيدة للفت انتباه بقية المستثمرين على المستوى الوطني او الخارجي وخصوصاً الاشقاء في الخليج العربي للأستثمار في هذا الجانب الذي يعتبر بكراً ولم يتنبه اليه أحد حتى الآن رغم النوايا المبشرة بالخير.. خصوصاً وان الهيئة العامة للاستثمار التي تعتبر نافذة الاستثمار الموحدة تقدم مزايا متعددة للمستثمرين وذلك في إطار تنفيذ البرنامج الانتخابي لفخامة رئيس الجمهورية الذي كفل للمستثمرين تسهيلات متعددة بما من شأنه انعاش الاقتصاد الوطني واللحاق بالركب العالمي. 

كالة سبا


في الأربعاء 01 أغسطس-آب 2007 09:48:53 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=2250