في يوم الغدير الحياة للحوثيين والموت لليمنيين
عبدالخالق عطشان
عبدالخالق عطشان

بغض النظر  أن تكون رواية حديث الغدير والولاية موضوعة أو ضعيفة أو صحيحة أو أن يكون المقصود من الحديث هو فضل الإمام علي عن غيره أو إمامته فلا بد من الوقوف على بعض أمور الغدير و(الغديريين) من الحوثيين ومن على شاكلتهم ، والبداية لتساؤل مفاده متى تولى الإمام علي ولاية الأمة وكم المدة التي قام فيها إماما ؟؟ وهل كانت إمامته عقب وفاته ( ص ) حتى يتبادل ( الغديريين ) اليوم التهاني والتبريكات بعيد الغدير ؟؟ ومما لا شك فيه أن الإمام علي لم يقم بالإمامة ولا بتنفيذ الوصية المزعومة بعد موت ابن عمه ( محمد رسول الله ) ولو كان يعلم علم اليقين بأحقيته بالإمامة دون سواه فوالله ما تركها لـ ( أبي بكر ) وما بقت روحه في جسده حتى يقوم بها ( عمر )- رضي الله عن الجميع – وأنّى لِمن تربى في بيت النبوة ونهل العلم والحكمة أن يعصي الله ورسوله ويفرط في أمر ما كان له أن يتساهل فيه أو يُخير بسواه وما كان والله جبانا ولا خوّارا ، وهو من هو[ أنه  يعسوب المؤمنين وتاج الموحدين إمام المشارق والمغارب السيف الضارب والليث الغالب أشجع طاعن وضارب ليث الكتائب..... ]وهو من فتح باب خيبر باليمنى وباليسرى جندل فرسانها ومن أرعب المردة من الإنس والجان فهل يعقل بعد كل ذلك الوصف والصفات أن يتقهقر عن حق إلهي ؟؟

قد يقول المُحتفلون بيو الولاية أن الإمام آثر حقن الدماء ودرء المفسدة وجلب المصلحة.. فالرد على ذلك كما سبق، إذ أن الأوجب للإمام علي هو الطاعة المطلقة لله ورسوله وأخذ حقه دون تردد وتراخي والاجتهاد في هذا الأمر معصية لله ورسوله ، وإذا كان ترك أمر الولاية حقنا للدماء فالقارئ للتاريخ بعقله لا بعواطفه سيرى أن الدماء قد سالت حين تولى الإمام علي الخلافة واسألوا موقعة الجمل وصفين والنهروان ولم يبرز الإنقسام إلا في خلافته ولم يُقتل أبرز الصحابة إلا في عهده ( طلحة والزبير وعمار ) ولم تُسب ويشهر بأم المؤمنين عائشة إلا في عصره 35 – 40 هـ وحاشا الإمام علي أن يكون له في ذلك ضلع ولا سبب وهذا يبطل إدعاء الحوثيين أنه ترك الإمامة في 11 هـ حقنا لدماء المسلمين..

الحقيقة هي أن الإمام علي عليه السلام بشر ويراوده الطموح المشروع في الخلافة وكان يحسب أنه لأفضليته وقربه من رسول الله علاوة على بعض النصوص التي تمتدحه وتبين فضله وسابقيته في الإسلام أن الأمر سيكون له لما سبق لكنه أراد أمرا وأراد غيره أمرا وفعل الله ما أراد فآثر الإمام علي كرم الله وجهه أن يكون باب العلم والحكمة لأخوانه الخلفاء الثلاثة ومستشارا لا يستغنون عنه وقاض يفصل فيما استشكل عليهم من القضايا ، وقد كان (الإمام ) علي موعد مع القدر في عام 35 هـ وبعد استشهاد الخليفة عثمان ، فحين حارت الأمة في من يخلفه ومن يسوس أمرها ويلم شعثها ويرعى مصالحها فلم تجد أصلح ولا أنفع من الإمام علي والذي رفض الأمر بداية ثم قبله مكرها ..

لقد دفع الإمام علي ومن بعده بنوه الكرام أرواحهم رخيصة في سبيل هذا الدين ومقارعة الظلم وليس طمع أو حبا في الإمارة والولاية غير أن المتاخرين والمعاصرين ممن ينسبون أنفسهم إلى البيت النبوي والمتعصبون من غيره آثروا إلا أن يقفوا على جراح السلف وينكؤنها لاستعطاف قلوب العوام واستقطابهم إلى صفوفهم بحجة محبة آل البيت وأحقيتهم بالولاية دون سواهم وتجنيدهم لاستعادة هذا الحق المزعوم ..

يقف الباحثون والمفكرون والمؤرخون والكتاب المنصفون والمتجردون من التعصب ليأخذوا من التاريخ الدرر والجوهر من أخبار السلف لإعادة الوحدة بين أبناء الأمة وإعادة روح الأخوة فيما بينهم في حين يأخذ الحوثيون ومن على شاكلتهم من التاريخ الشوك والجمر وكل ما يؤذي ويضر ويعمق الجراح ويثير الخلاف والجدل ، فعلى سبيل المثل يُبين الفريق الأول أن الفاروق كان صهرا لـ(علي ) ومتزوجا من أبنته (رقية ) وهذا دليل واضح على المحبة والمودة بين الرجلين ولم يكن بينهم من الخصومة والعداوة وهذا ما أثار حفيظة أعداء عمر من الحوثيين وغيرهم فيما الفريق الآخر يسعى جاهدا لدحض تلك الرواية بتضعيفها أو إبطالها أو أن عمر أكره عليا على تزويجه ، ويثبت الفريق الأول أنه بعد وقعة الجمل تم صلا ح الشأن وصفاء القلوب وأكرم الإمام علي السيدة عائشة وأحسن وداعها فيما الفريق الاخر يستميتون على بقاء الخلاف وان عائشة باغية و....أجاركم الله من الوصف الأخير. ، ويوضح الفريق الأول على أن (ابن سبأ) اليهودي هو من قاد الفتنة وزرع الفرقة بين المسلمين في عهد الإمام علي بينما الفريق الاخر يستميت على أن ابن سبأ ما هو إلا شخصية وهمية وأن ما جرى من فتنة واقتتال كان سببه بعض الصحابه.

اليوم ترفرف الرايات والدعايات الحوثية والتي تعلن عن عيد الغدير وأنه أفضل من الأضحى والفطر والمولد النبوي حسب زعم بعضهم رغم أنه لم يتولى الإمام علي ولا دقيقة واحدة ومايوم الغدير إلا اعلان وداعي فتنة ونكاية بالأمة ونشر مذهب قائم على العصبية والسلالية وكما قال المثل ( الحاج من أجل نفسه ) ويجد الحوثيون في هذا اليوم متنفسا يصدحون بشعار الموت في شوارعهم وفي الأزقة والحارات وبعض المناطق التي ييستعمرونها فيعمقون في هذا اليوم الهوة ويبعثرون أوراق التاريخ ويُحرفون الكلم عن مواضعه ويُقلبون المواجع ويضعون الصحابة وأمهات المؤمنين على صليب حقدهم ويرمونهم بسهام الزور والبهتان والإفك يستمطرون دموع البسطاء ويستقطبون المخدوعين بأوهامهم ويحشدونهم لغزواتهم القادمه لاستعادة الولاية والملك الذي سُلب منهم والذي انحصر وانعزل واندثر بفعل سلاليتهم وعصبيتهم إذ أن التاريخ لم يثبت أنهم أرسو حكما أو حضارة أو بسطوا نفوذا كالذي بسطه الأمويون أو العباسيون أو العثمانيون ..


في السبت 26 أكتوبر-تشرين الأول 2013 06:31:27 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=22495