أيها الإخوان .. سرقتم قلبي
توهيب الدبعي
توهيب الدبعي

ماذا فعلتم بقلوبنا أيها الإخوان المسلمون؟ جعلتم احدنا في قطب الأرض الشمالي يتألم للآخر في قطبها الجنوبي..تهتف الطفلة في قارة أفريقيا بأغنية يا دعوتي سيري فيسمعها الرجل الحازم في قارة أسيا او أمريكا فيبكيه حنين الى وطن لا يعرف له حدود إلا انه يشعر بذلك الوطن الجميل يسكن بين جنبيه ولا يستطيع هو السكن فيه ، كيف استطعتم امتلاك هذه القلوب وصقلها على هذا الإحساس المرهف الغريب؟... أي قلب امتلكه المرشد الأول الإمام حسن البنا الذي أحسن البناء حتى شع من قلبه ذلك النور الذي سافر مع الزمن الى الإمام قريبا من مائة عام .. وكأن البنا بيننا حيا.

أيها الإخوان لا اشك أنكم لو حكمتم عشر سنين لجعلتم امة الإسلام كما وصفها رسول الإسلام على قلب رجل واحد في جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر... يسافر اليمني والسوري والمصري والجزائري والمسلم الى ابعد قارة في الكرة الأرضية فيصل الى منزله عند اخ له كأنه ما فارق أهله ولا وطنه .. خمسة وثمانون عاما على تأسيس دعوتكم ولا زال اسم \"الإخوان المسلمون\" له نفس البريق من ثمانية عقود والذي استوحاه المؤسس البنا من كتاب السماء الخالد بعيدا عن أسماء المذاهب وألقاب الأحزاب كما قال في احد أحاديث الثلاثاء : اتخذت لكم اسم الإخوان من (إنما المؤمنون اخوة) والمسلمون من (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا) فنحن كما سمانا القرآن \"إخوان مسلمون\" اسم اختاره الله للأمة المؤمنة منذ ظهر أول نبي وكان أول مؤمن على كوكب الأرض وحتى أخر نبي للأمة المؤمنة.

أيها الإخوان : لقد وهبكم الله عقيدة روحها تسري في دمائكم كما سرت في الرعيل الأول يوم كانت تتساءل الجن (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) وقد منحتكم السماء إيمانا تجد القلوب له لذة أعظم من لذة مناصب الدنيا وملكها \"ورحمة ربك خير مما يجمعون\".

أيها الإخوان : عسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم ..واعلموا ان الله لا يخلف وعده وقد وعد ان الأرض يرثها عباده الصالحون .. كما عليكم ان تعلموا ان لله سنن لا تجامل حتى إتباع الأنبياء وان ما أصابكم من القهر والانتكاس في عزل أول رئيس منتخب لكم بعد كفاح دام خمسة وثمانين عاما – جيل كامل – قد يكون بسبب من أنفسكم وخطأ من قيادتكم البشرية او من رئيس دولتكم وهذا وارد حتى مع أصحاب الأنبياء (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ) وفعلا قد أصبتم مثليها بل أضعاف مثليها اذا تذكرتم ماضي عهدكم وانتم قلة مستضعفون تجتمعون سرا مثنى وفرادى وانتم خائفون ان يتخطفكم رجال الطاغية او يداهمونكم بياتا وانتم نائمون .. وقارنتم ذلك بما من الله به عليكم إذ أظهركم قوة يحسب لها الشرق والغرب ومن حولكم من الأعراب الف حساب ، فقد أصبحتم امة بالملايين تتدفق من الأزقة كالسيل الهادر تختنق بها أوسع الميادين يراكم سكان السماء طولا وأهل الأرض عرضا.. ان الذي وهبكم هذا الملك الشعبي وهيأ لكم هذا الظهور الحاشد بعد ذلة وقلة .. لن يتخلى عنكم .. فلا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون .. ولا تعجبوا بكثركتم فترتد عليكم لكن استعينوا بالصبر والصلاة .. ولا تخجلوا من الاعتراف بخطأكم .. فإن ذلك سر الاجتباء والتأهيل للقيادة .. فكم بلونا من قادتنا عجبا بأنفسهم وإقصاء لغيرهم يجب ان يتطهروا من هذا الداء ويكونوا ارحم الأمة بالأمة واصدق الناس للناس كان هذا العجب والإقصاء سببا لتأخر الإذن الإلهي للتمكين حتى يبلوا الله قلوب الجميع ويمحص كل الصدور تمحيصا.. حتى ترتقي الى مصافي الرحمة القيادية التي تجعل الأخ يشعر ان الآخرين هم أحوج اليه منا ، غير ان خطأ القيادة في أحداث مصر لا يبرر التفريط في هبة الله لنا بالحرية وإنما حدث ما حدث لندرك قيمة هذه النعمة الثمينة ولا نفرط فيها مهما كلفنا الأمر ..

أيها الإخوان : تضرعوا إلى الله ..( فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا)..؟ ولا تخجلوا ان قلتم اللهم عليك بكل جبار عنيد فسخروا منكم وانكم بالدعاء تخلطون بين السياسة والدين او أصحاب إسلام سياسي ، هؤلاء الذين يسخرون منكم ما عرفوا بعد قدرة القاهر الذي لا يقهر وان الذي حرم الظلم في جوانب الحياة كلها لم يبح الظلم في الجانب السياسي بل هو اشد عند الله الذي جعل الهدف الاسمي من إرسال الرسل إقامة العدالة بين الناس قبل دعوتهم الى الإيمان (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) القسط حتى مع من لا يؤمن او يخالف رأيك ومذهبك ولعله من أخطائنا، لكن هؤلاء الطغاة لا قسط عندهم لمن آمن ولا لمن كفر ومصيرهم بهذا الظلم الى زوال أمرا حتميا وبانتظار الوعد الموقوت (وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا).

أيها الإخوان : لعل انقلاب العسكر والقضاء والمؤسسات في هذه المرحلة المبكرة خير من تأخره فبطول الأمد قد تموت الروح الثورية فلا تستطيعون حينها إليهم سبيلا .. وكذلك لتعلموا ان ممن حولكم من العسكر منافقون ومن أعضاء القضاء ورجال الدولة مردوا على النفاق ما كان لكم ان تعرفونهم ولكن الله عرفهم وبفعلتهم فضحهم لتعالجوا قصوركم وتعيدوا ترتيب صفوفكم وتعرفوا عن يقين مدى مكر أعداء الحرية والعدالة.

ولتعلموا أيها الإخوان أنكم لا زلتم قبل مرحلة التأهيل بسبب من أنفسكم اذ ليست هذه النكسة بجديدة عليكم إذا استحضرتم ما حصل في الجزائر والسودان وغزة وتركيا .. فالتاريخ لازال يكرر تلاوة نفس الدرس علينا ولعل بعض قيادات الإخوان لا تزال غارقة في نفس الذنب السنني .. والذي كان دائما يدفع الكثيرين للهم بترك عضوية الإخوان .. إلا ان روح تلك الأخوة الإيمانية الفريدة المذكورة في مقدمة المقالة هي ما تجعل العضو منهم يقول للتاريخ سيرحل كل من لم يعالج خطأه من قيادات الإخوان وسأبقى انا ... سأبقى وحدي كل الإخوان المسلمين.. لأنني أكرهكم أيها الإخوان لأنكم سرقتم قلبي إلى جنة الجمال السرمدي..؟؟


في الجمعة 05 يوليو-تموز 2013 09:45:25 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=21220