خوارج اليوم وبشائر الغزو ..
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

مأرب برس ـ خاص

قد يتساء ل البعض عن السر الذي جعل بعض الخارجين عن سيدنا الإمام علي عليه السلام من الصحابة وغير هم بغاة مؤمنين ومجتهدين في خروجهم ضده فيما وجب للبعض الآخر من الخارجين النار .. واعتبارهم من كلاب النار واعتبار أن من قاتلهم بيده فهو مؤمن ومن قاتلهم بلسانه فهو مؤمن ومن أنكر عليهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك مثقال حبة خردل من إيمان ..كما وردت الأخبار والآثار .

وقد وردت الروايات الكثيرة التي تذم مسالك الخوارج الذين ابتلي بقتالهم سيدنا الإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء عليه السلام ..

***

خرج على سيدنا الإمام علي كل من سيدتنا عائشة عليها رضوان الله وسادتنا عبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام .. وكان له مواقف مع كل منهم جعلتهم يخرجون في النهاية من أرض المعركة .. فمثلا الزبير بن العوام واجهه سيدنا الامام علي قبل المعركة و ذكّره بحديث لرسول الله جرى بينهما وهو حاضر .. قال له فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فيه لسيدنا الزبير ( أما أنك لتقاتلنه ـ سيقاتل الإمام علي ـ وأنت له ظالم ) فتذكر ها ولوى عنان فرسه حين تذكر ذلك وخرج من ارض المعركة.. ليقتله الشقي ابن جرموز الذي جاء برأسه ليبشر سيدنا الامام علي بقتله .. فقال له سيدنا الإمام علي .. ( بشر قاتل بن صفية بالنار ) وأشاح بوجهه عنه ..

***

 وبمثل هذا كانت مواقفه مع الباقين في تفصيل يطول .. ثم قاتل سيدنا معاوية رضوان الله عليه وسيدنا عمرو بن العاص ومن خرج معهما .. وكانت موقعة صفين وما حدث من خدعة رفع المصاحف على الأسنة .. ثم التحكيم ثم الخديعة التي وقع فيها سيدنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه .. وما حدث بعدها من اختلاف وتفرق حتى جاء سيدنا الحسن بن علي عليه السلام ليعيد توحيد الامه الإسلامية وليقر الحكم في يدي سيدنا معاوية رضي الله عنه حتى حين بشروطه .. ويحقق بشارة جده الرسول الأكرم عليه وعلى آله وصحبه أزكى الصلاة والسلام .. " إن ابني هذا سيد وابن سيد ولعل الله أن يؤلف به بين طائفتين عظيمتين من المؤمنين " أو كما قال عليه الصلاة السلام

***

وأما الخوارج فقد قاتلهم سيدنا الامام علي عليه السلام بعد جدالهم .. فلم يبق منهم إلا دون العشرة .. تفرقوا لتكون منهم فرق الخوارج في الدنيا إلى يومنا هذا والى آخر الزمان ..

يستطيع أي ناظر إن ينظر الخوارج هذه الأيام بأشكال مختلفة .. ففيهم من يلبس البدلة الغربية مع ربطة العنق وفيهم من يلبس العمامة وفيهم الشيخ وفيهم السيد ..و فيهم الصحفي وفيهم الدكتور .. وفيهم من يحمل السلاح وفيهم من يحمل القلم .. ولكنهم يتفقون في صفات معينة لا تخطئهم معها عين أي ناظر .. فهم ..

• كثيرو الإنكار على حكامهم كثيرو الشتم والسباب لهم ..

• وهم كثيرو التأويل للنصوص وكثيرو الجدال حولها .

• وهم مستهينون بدماء المسلمين وموقرون ومعظمون لدماء غيرهم من غير المسليمن .

• وهم معتدون بأنفسهم وبأقوالهم وبعلومهم .. ولا يتفقون حتى فيما بينهم إلا عندما يواجهون عدوا مشتركا ..

• وهم يظهرون في أقصى حالا ت التدين والورع ظاهرا وفي غاية المروق عن الشريعة تحقيقا وباطنا ..

• وهم كثيرو النقض للعهود والمواثيق وينقضون مبايعاتهم للولاة والحكام دوما .

***

هذه أهم سماتهم .. ويستطيع الإنسان أن يراهم في صفوف معارضتنا العربية مثلما يراهم في معارضتنا اليمنية بشكل واضح .. وليس معنى هذا أن كل معارضة هي الخوارج مثلما أنه ليس كل الخوارج هم المعارضة ..

فالمعارضة الصالحة الحقة تعتمد على النصيحة للحاكم والإنكار على كل خروج له عن الشريعة وتبيين وجه الخطأ في المسلك وتشارك في وضع الحلول لكل مشكلة تعرض للحاكم بعلم واستبصار وتسهم في الحل بالقول والفعل والدعوة .. ولا يكون حرصها على إثارة الفتنة وإسقاط الحاكم بل حرصها على درء الفتنة وخلق حالة استقرار يأمن فيها المسلمون من الفتنة التي هي ( أكبر من القتل ) .ولكنها لا تتردد في خلع الحاكم والخروج عليه إذا اكتملت الشروط الشرعية لذلك .. وأهمها خروجه الصريح عن نهج الشريعة التي تم على أساسها بيعته .. ( كفر صريح عندنا فيه من الله برهان عليه ) وأمن الفتنة وهو أن لا يترتب على هذا الخروج منكر أضر على الأمة من ضرر انحراف الحاكم .. وأن تتوافر الأسباب المفضية إلى التغيير الصالح لدى المؤمنين ..

***

إذن فمعارضتنا في الغالب .. طوائف من الخوارج يلعن بعضها بعضا .. مثلما يلعن غيره من مفردات النظام .. يكثرون السباب والشتائم في الصحف والفضائيات .. في الداخل والخارج في المساجد والمنتديات .. في مجلس النواب وفي المؤسسات المختلفة ولكن ليس لديهم أي تصور مفيد لكيفية التغيير للمفاسد التي يشكون منها إلا تغيير رأس النظام أو تغيير الحكومة فقط ..

وأكثر من ذلك ان خوارج اليوم بخلاف خوارج عهد الخلفاء يوالون أعداء الله ويتلقون توجيهاتهم منهم بوضوح ويجلسون معهم في سفاراتهم ويسافرون لحضور مؤتمرات الأعداء من واشنطن إلى لندن وطهران وقم وكل عواصم الشر والفتنة والكيد للمسلمين ولا يجدون حرجا في ذلك ولكنهم يجدون حرجا كبيرا من أن يوصفوا بموالاة أوطانهم وحكامهم .. بمعنى آخر يتشرف أحدهم أن يقبل يد بوش بل حتى نعله وكذلك بلير ونجادي وخامنئي ولا يتشرف بمصافحة رئيسه الذي اختاره أفراد شعبه .. بكل المقاييس التي وضعها أو شارك هؤلاء في وضعها لهذا الاختيار ..

***

أظهر مظاهر الوضوح على النجاح الذي أحرزته طوائف الخوار ج يتبدى في العراق الجريحة التي اكتمل نضج خوارج اليوم فيها فكانوا صورة مثالية يتأسى بها وينتهج نهجها كل خوارج العرب والمسلمين . فحكومة الكفر والخيانة والتآلف اللعين الذي جاء به الغزاة الصليبيون والصهاينة والصفويين أكمل أنموذج لخوارج العصر ففيهم كما يرى الكل إسلاميون أو بالأحرى متأسلمون من جميع المشارب وفيهم شيوعيون وفيهم قوميون وفيهم طوائف تدعي التشيع لآل البيت زورا وبهتانا وطوائف تدعي إتباع سنة الرسول الكريم زورا وبهتانا وكلهم عبيد وخدم للكفر الثلاثي المحتل ..

ومفردات المعارضة في كل قطر هم أخدان هذه المفردات سواء بسواء ..تتأسى بهم وتمتدحم وتنتظر نفس ما انتهى إليه حالهم من تمكين الكفار لهم في الحكم ..

***

وأخيرا يجب القول أن في كل تنظيم أو حزب من أحزاب الخوارج التي تسمى بالمعارضة يوجد القليل من الصالحين العقلاء .. غير المفتونين ولكنهم محاربون ويقصونهم عن مراكز القرار وإذا حدث ووصلوا إلى هذه المراكز فوجودهم مجرد مظهر و صورة للزينة أما أصحاب القرار فهم أهل الفتنة الذين يحتفظون بعلاقات مع الأعداء ويستمدون منهم العون المادي والسياسي .. وغيره ..

***

إذن فهذا هو سر التفريق بين المعارض المؤمن وبين المعارض الخارجي المنتسب إلى كلاب أهل النار .. وإذا عرف السبب بطل العجب ..فليس هناك أوضح من الأنموذج العراقي الذي لم يظهر لنا مثله عبر القرون كلها كما تجلى الآن ..

SUHAILYAMANY@YAHOO.COM

 

 


في الإثنين 02 يوليو-تموز 2007 09:12:01 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=2070