إلى مؤتمر الحوار.. شكل الدولة والدستور
عارف الدوش
عارف الدوش

كلنا يعلم أن المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني تتوزع رؤاها حول شكل الدولة الجديدة والدستور الجديد بين بقاء الدولة المركزية مع إعطاء جرعة زائدة من اللامركزية والدولة الاتحادية بأقاليم متعددة والفيدرالية بإقليمين شمال وجنوب وفيدرالية بإقليمين شمال وجنوب وداخل كل إقليم أقاليم وكل ما سبق يتحدث في إطار دولة الوحدة وكلها أشكال ونماذج للوحدة لكن الجميع مجمعون أن الشكل الحالي للدولة لم يعد مقبولاً ولا صالحاً للحياة وهو الذي أوصل الجميع إلى لحظة الانفجار فتفجرت ثورة شعبية سلمية كادت تتحول إلى بركان فتم احتواؤها بالتسوية والمبادرة الخليجية التي تحولت إلى دولية بآليتها التنفيذية وتقاطر الجيران والمجتمع الدولي خوفاً من تطاير اليمن أشلاء فحممها ستقترب من خزان النفط العالمي .

 وسمع الجميع كلاماً كثيراً ومعاداً ومكرراً في مختلف المناسبات بأن المجتمع الإقليمي والدولي مع« وحدة وأمن واستقرار اليمن » ولا توجد قضية إقليمية ودولية على مر التاريخ حصل عليها إجماع إقليمي ودولي مثل قضية اليمن وثورة اليمن والتغيير في اليمن فمجلس الأمن الدولي ظل على رأي واحد حول التغيير في اليمن وشكل اليمن مع « وحدة وأمن واستقرار اليمن »وصرح السفير الروسي بصنعاء خلال حضوره اجتماع فريق القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني الأربعاء الماضي أن مجلس الأمن سيظل موحداً حول بقاء اليمن موحداً مؤكداً وقوف بلاده إلى جانب الوحدة اليمنية واستعدادها للدفاع عن هذا الموقف ومثله أكد السفير البريطاني أن مستقبل الجنوب في ظل الوحدة سيكون أفضل لكنه عاد ليؤكد دعم ومساندة أي حل يخرج به المؤتمر بما في ذلك خيار “فك الارتباط”

 نعم الجميع يلمس ويدرك أن المجتمع الإقليمي والدولي مع حلول القضية الجنوبية تحت سقف الوحدة لكن الحل كما يؤكد عليه الجميع سيكون من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي يشارك فيه مكون الحراك الجنوبي السلمي ومشاركته كانت على أساس أن الحوار بدون سقف محدد أو شروط مسبقة ولا نجاح للحوار الوطني دون مشاركة فاعلة من مكون الحراك الجنوبي السلمي بمختلف أطيافه ونحن نعلم أن هناك مكونات من الحراك الجنوبي لم تشارك بعد في أعمال المؤتمر وأن هناك جهوداً تبذل لتوسيع مشاركة مكونات أخرى للحراك الجنوبي في الحوار وهناك بوادر ومؤشرات ايجابية وفي اعتقادي أن سرعة إطلاق مؤشرات واضحة لشكل الدولة اليمنية القادمة سيشجع ما تبقى من مكونات الحراك الجنوبي السلمي للالتحاق بقطار مؤتمر الحوار الوطني لكن البقاء في مربعات الغموض وطرح الرؤى التي تتحدث عن اللامركزية وصيغها المراوغة المخادعة قد يعقد الأمور.

إن الشعب اليمني شماله وجنوبه ، شرقه وغربه يعول كثيراً على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في حل القضايا العالقة وفي مقدمتها القضية الجنوبية وكذلك قضية صعدة ومعاناة أبناء اليمن في بقية المحافظات فهناك ضرورة ملحة لتغيير شكل الدولة اليمنية لأن شكلها الحالي أصبح مرفوضاً ليس من قبل أبناء الجنوب وصعدة فقط بل من عموم أبناء اليمن إن لم نقل أغلبيتهم الساحقة ولا يقف معه إلا قلة قليلة كونه يحفظ لهم مصالحهم في السيطرة والاستحواذ.

إن فريق بناء الدولة في مؤتمر الحوار الوطني معني بدرجة رئيسية بتحديد الأسس والمعايير لبناء الدولة وشكلها وهناك أغلبية واضحة لا لبس فيها إذا انطلقنا من موقف وحكم الرأي العام والنخب السياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني وغالبية أبناء الشعب فهناك أغلبية ساحقة تنادي بتغيير شكل الدولة ولكن هذا الأمر يتطلب حنكة ودقة لإحداث توازن دقيق بين مصالح متناقضة ومتعارضة في المجتمع يتوجب أن تلقى هذه المصالح نفسها في شكل الدولة القادمة ودستورها الجديد والأمر ليس بالسهولة كما يبدوا لأول وهلة عند الحديث حول شكل الدولة وهناك من يتحدث عن مرحلة انتقالية من خمس سنوات مثلاً قبل الانتقال الى تطبيق شكل الدولة الجديدة التي يفترض فيها أن تكون اتحادية مركبة.

 وفي الدولة الإتحادية هناك حكومة مركزية وبرلمان مركزي وحكومات إقليمية وبرلمانات إقليمية وهذا الخيار ينظر إليه على أنه الخيار الأفضل والمناسب الذي سيعطي الأقاليم حقها في حكم نفسها بنفسها وهو خيار سترضى عنه أغلبية ساحقة من أبناء المحافظات الجنوبية تحديداً ومن أبناء الشمال مثل المنطقة الوسطى والمنطقة الغربية والشرقية بما في ذلك تهامة وسيحافظ هذا الخيار على وحدة الكيان اليمني في الوقت الذي سيحقق الرضا لدى الأقاليم والأمر هنا نسبياً ستظل النزعات الإنفصالية هنا وهناك ولكنها ستبقى صغيرة غير مؤثرة وفاعلة .

 وطالما أن تغيير شكل الدولة مطلب شعبي قبل أن يكون مطلباً نخبوياً فإن دستور الدولة الجديدة وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية سيتم إعداده إما تعديل الحالي أو دستور جديد والأرجح أنه سيتم اختيار إعداد دستور جديد وسيكون هذا الدستور نتاج توافق وطني وسيشكل عقداً اجتماعياً حقيقياً ويمكننا استشراف المستقبل القريب من الآن فما توفره لنا المعطيات يوضح أن الدولة اليمنية الجديدة في شكل تكونها وقيادتها ستأخذ ما نراه اليوم في مؤتمر الحوار الوطني وفرقه ولجانه المتعددة من حيث نسب التشكيل القيادي فيها أو نسب مكوناتها، فالعقد الاجتماعي الجديد هو إشراك الجميع في قيادة الدولة والحكومة وإعطاء دور للشباب والمرأة ومنظمات المجتمع اليمني في إدارة الدولة في مختلف مفاصلها.

 وأخيراً: بالضرورة أن يلبي الدستور الجديد مصالح مختلف شرائح المجتمع اليمني الممثلة حالياً في مؤتمر الحوار الوطني خاصة وانه سيتم صياغته بطريقة توافقية وليس كما كان يصاغ الدستور في السابق من قبل السلطة الحاكمة أو عن طريق الغلبة الناتجة عن إقصاء بقية الأطراف بالحروب والقوة كما حصل بعد حرب صيف 94م حيث جرى تغيير دستور الوحدة بشكل جذري.

aldowsh_4@hotmail.com


في الثلاثاء 30 إبريل-نيسان 2013 09:07:22 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=20220