خطاب التكفير والتحريض الحوثي ضد الإصلاح ..أسبابه ونتائجه
محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

الحلقة الثانية

يزعم المتمردين الحوثيين في أدبياتهم وخطاباتهم أنهم يرفضون الهيمنة الأمريكية على اليمن وأنهم " أنصار الله " و " شباب المسيرة القرآنية " التي جاءت لتحرير اليمن من المحتلين ...ألخ وعند البحث عن رصيد للحوثيين في مجال محاربة الهيمنة الأمريكية ومناوئه الأمريكان لا يجد المرء شيئا يذكر سوى الشعار أو الصرخة كما يسمونها وهذا الشعار هو للاستهلاك وخداع البسطاء وأعترف السفير الأمريكي بنفسه بأنهم غير جادون فيه وقال يحي الحوثي عنه في مقابلة تليفزيونية بأنه : "مجرد كلام " بينما يتركز خطابهم الإعلامي الطافح بالتحريض والتكفير ضد المخالفين لهم وخصوصا أبناء التجمع اليمني للإصلاح " وكأن أعضاء الإصلاح هم أمريكان جاؤوا بالأمس من مختلف ولايات الولايات المتحدة الأمريكية لاحتلال اليمن وليسوا يمنيين يقفون ضد الهيمنة الأمريكية فعلا وليس إدعاءا كما يزعم قادة المتمردين الحوثيين ؟!!

رغم أن الإصلاحيين تيار سياسي سلمي ليس في أجندتهم استهداف أي فئة أو جماعة يمنية ومع هذا يتجرع المنتمين له في المناطق التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي عذبات ومرارات كبيرة حيث يتعرضون للسجن والقتل وينكل بهم وتفجر بيوتهم ويشردون ومع هذا يصر قادة الحوثيين على أن الإصلاحيين يجب قتلهم وقتالهم حتى يزول الخطر الأمريكي على اليمن وهذا الخطاب التكفيري التحريضي الذي يفتي بقتل المخالفين وسفك الدماء ويسعى للحرب الأهلية وتدمير السلم الاجتماعي وضرب الأمن والاستقرار يلوي عنق النصوص القرآنية ويفسرها على مزاج السيد وأسياده ليخرج خطابا تكفيريا تحريضيا يستقي أفكاره من تراث عبد الله بن حمزة الذي كفر أهل اليمن من المخالفين له وأستباح دمائهم ونسائهم وأموالهم وأعراضهم حتى أنه في يوم واحد وفي مجزرة المطرفية الشهيرة قتل مائة ألف يمني من مخالفيه وهذا الخطاب سنرد عليه عقب بعد أن نذكر أسباب الحقد الحوثي على الإصلاح وهي من وجهة نظري كالتالي :

1ـ يسعى الحوثي للتوسع في كافة أرجاء اليمن وبقوة السلاح وعقب سقوط نظام صالح " الحليف والداعم الداخلي الأبرز للحوثيين " بفعل ثورة الشباب السلمية استغلت مليشيات الحوثي انشغال السلطة بما يحدث في صنعاء وسقوط نظام صالح فتوسعت وبقوة السلاح في بعض مديريات الجوف وعمران وحجة ثم توقف هذا التوسع بفعل رفض الأهالي في تلك المناطق لهذا التوسع الحوثي ووقوفهم صفا واحدا ضده وكان أعضاء الإصلاح في تلك المناطق من ضمن الأهالي الذين وقفوا ضد دخول مليشيات الحوثي لمناطقهم خاصة عندما شاهدوا جرائم مليشيات الحوثي المسلحة في المناطق التي دخلوا فيها وعبثهم بالمقدسات الإسلامية حيث دمروا مدارس تحفيظ القرآن وقاموا بتمزيق المصاحف واعتدوا على المساجد وحولوها لأماكن للمقيل والقات والتدخين للشيشة المداعة ــ وكل هذا موثق وبالصور ــ وتحولوا لجباة للضرائب للسيد وارتكبوا أبشع الانتهاكات بحق مخالفيهم في المناطق التي يسيطرون عليها مما حدا بأبناء بقية المناطق لأن يعوا الدرس وقاموا برص صفوفهم والوقوف أمام هذا التوسع الحوثي بقوة السلاح وكان أبناء الإصلاح في تلك المناطق قد وقفوا مع بقية إخوانهم وأبناء مناطقهم ضد توسع مليشيات السيد المسلحة ولذا أحبط المشروع الحوثي التوسع وأرتطم على صخرة الشعب وقواه الحية وفي مقدمتها الإصلاح ولذا أدرك الحوثي ومليشياته وعبيده أن الإصلاح هو القوة الشعبية القادرة على مواجهتهم وأنهم لن تقوم لهم دولة ما بقي الإصلاح قائما وفاعلا في الساحة وطالما والأمر هكذا أتخذ الحوثيين برنامجا لمحاربة الإصلاح وما هذا الخطاب التكفيري المتشنج إلا بعض مظاهر هذا البرنامج .

2ـ حدثت بين الحوثيين وبين أهالي المناطق التي حاولوا التوسع فيها وفي مقدمتهم الإصلاحيين مواجهات خسروا فيها وكانت الغلبة لأبناء تلك المناطق وأغلبهم من الإصلاحيين وقد انسحبوا بعد وساطة لشخصيات قبلية ومسئولين وقد انسحبوا بموجب تلك الوساطة وعادوا لصعدة كما حدث في عمران وهذا بدوره ضاعف من الحقد الحوثيين على الإصلاح ..

 3 ــ هناك إدراك شعبي لخطورة الحوثي ومليشياته على أمن اليمن ومستقبله ولا يوجد للأسف الشديد برنامج وطني لمواجهة الخطر الحوثي لا من السلطة ولا من الجهات السياسية والهيئات المستقلة وهناك تغاضي من قبل وسائل الإعلام الرسمية عن جرائم الحوثيين وممارساتهم وعندما تقوم بعض الوسائل الإعلامية المستقلة أو المحسوبة على الإصلاح بتوعية الناس بخطورة هؤلاء المتمردين وتنشر بعض أخبارهم وممارساتهم وتفضح بعض جرائمهم يعتبر الحوثيين أن هذه التغطية الإعلامية إعلان حرب عليهم بينما هو الواقع المزري أو بالأصح بعض ما في الواقع وليس كله ..

 4ـ يشكل الإصلاح بامتداده الجماهيري العريض الجبهة الوطنية الأكثر تماسكا وفعالية ووقوفا ضد المؤامرات الأمريكية والإيرانية ضد اليمن والتي تنفذها أدواتهم ولذا من الطبيعي أن يحرك الأمريكان والإيرانيين أدواتهم في اليمن كجماعة الحوثي وبقايا نظام صالح حليفهم وصاحبهم وكذلك الحراك الانفصالي المسلح المدعوم من إيران ضدا الإصلاح حتى تزول هذه العقبة التي تحول دون تنفيذ مشاريعهم التي تتلاقى مع بعضها وتتفق على حساب وحدة اليمن وأمنه واستقراره وطالما أنه لا يوجد تنظيم سياسي قادر على مواجهة هذه المؤامرات سوى الإصلاح لذا تحالفوا ضد الإصلاح وجعلوه هدفهم حتى يتمكنوا من إقامة مشاريعهم وتنفيذ مخططاتهم وما الحوثيين إلا أداة من أدوات إيران وأمريكا باليمن ومن يعتقد أن الحوثيين يحاربون الهيمنة الأمريكية فعلا فهو يجهل الواقع .

 5ـ ينطلق الحوثي ومليشياته وأتباعه من تراث فكري موغل في النظرة الضيقة لمخالفيه من أهل السنة ومن نظرة استعلائية للذات فهم ينتمون ــ حسب زعمهم ــ لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه ومن ولاه والحكم والسلطة هي حق إلهي لهم ، حق حصري خصهم الله به دون سائر الخلق ــ كما يزعمون ـــ ومخالفيهم من المسلمين هم كما في تراث عبد الله بن حمزة وغيره من أئمتهم هم بغاة وخوارج مهدورين الدم ومباح قتلهم وسبي نسائهم وأموالهم ولذا يكرر التأريخ نفسه ولذا يرى الحوثي وعبيده ومليشياته أن مخالفيهم عملاء لأمريكا وإسرائيل يجب قتالهم واستئصالهم في خطاب تحريضي يستأصل الآخر المخالف ويكفره وما حدث في دماج ليس ببعيد حيث حاولت مليشيات الحوثي استئصال طلبة العلم في مركز الشيخ الوادعي العلمي لأنهم يخالفونهم فكريا وقاموا بحصارهم وبقوة السلاح حتى مات عشرات الأطفال من الجوع ولو تدخل بعض الشخصيات والجهات وفتح جبهة كتاف ووائلة التي أنهكت الحوثيين لما فكوا الحصار عليهم ..     

6ـ بموجب التحالف بين صالح والحوثيين فقد نال الحوثيين دعم صالح المالي والعسكري حيث زودهم بمئات الملايين وبالمعدات العسكرية الثقيلة من معسكرات ما كان يعرف بالحرس الجمهوري وفتح لهم قنواته وقنوات المؤتمر ووسائله الإعلامية كل هذا حتى ينتقمون له من القوى اليمنية الحية التي قامت بالثورة ضده وأجبرته بالتخلي عن كرسي الرئاسة عشقه الأبدي وفي مقدمتها الإصلاح والحوثيين الآن ينفذون المخطط الذي تم الاتفاق عليه مع صالح ويوفون بوعودهم معه ..

7ــ يحاول الحوثيين تقديم أنفسهم لجهات محلية وأجنبية كفاعلين في إطار الثورة المضادة في اليمن وعلى الخصوص في مجال محاربة المد الإسلامي ممثلا بالإخوان المسلمين وبالتزامن مع هذا تأتي زيارة حليفهم صالح للسعودية واللقاء ببعض الشخصيات فيها ومحاولة إقناعهم بفتح خط تواصل مع الحوثيين وتخويفهم من الإخوان باليمن ومحاولة حشد الدعم لترشح نجله للانتخابات الرئاسية عبر بوابة محاربة الإخوان وفي هذا الإطار يأتي لقاء صالح بشخصيات مصرية مصنفة ضمن معارضي الرئيس محمد مرسي وخصومه فالسعودية على غرار الإمارات مرشحة للتحول لعاصمة لدعم الثورات المضادة والحوثيين سيدخلون من هذا الخط في هذا الإطار وهذا التصعيد الحوثي ضد الإصلاح محاولة للفت الأنظار إليهم كخير من يقوم بمحاربة الإخوان باليمن عبر الثورة المضادة ..

النتائج :

1ــ تماسك الإصلاح وزيادة ترابط أعضاءه فمن الطبيعي أن أي تنظيم يشعر أعضاءه بتهديد فإن الجبهة الداخلية لهذا التنظيم تزاد ترابطا وتماسكا وتعاضدا ...

2ــ التفاف الناس حول الإصلاح وخصوصا النخب المتعلمة والوطنية التي تشعر أن هذا التنظيم وإن كان له أخطاء إلا أنه يتصدر القوى الوطنية والتنظيم الوحيد المؤهل لمواجهة هذه الأخطار والتحديات ...

3ــ زيادة شعبية الإصلاح في أوساط المواطنين خاصة عندما يدركون أن هذه الحملة تقف وراءها جهات معادية للوطن وتحمل أجندة تخريبية وتعمل كوكلاء للخارج إن نقل عملاء لجهات خارجية معادية للوطن وأمنه واستقراره فعندما يشتم الحوثيين وبقايا نظام صالح الإصلاح فغنهم يمنحونه شهادة تقدير ووسام وطنية كون هذه الشتائم جاءت منهم ..

4ـ محاولة تغذية صراع مذهبي طائفي في اليمن حيث تسعى جهات خارجية معادية للأمة لتغذيته عبر بعض أدواتها في اليمن كجماعة الحوثي المتمردة التي تعزف على وتر المذهبية والطائفية وتجيش بعض أتباعها بأطروحات مذهبية وتحاول من خلال هذا الدور الحصول على دعم تلك الجهات الراغبة بتأجيج هذا الصراع وتحقيق مصالحها في الوقت نفسه ..

5ـ خلط الأوراق وإثارة الضبابية في المشهد السياسي وإدخال البلاد في مرحلة من الفوضى السياسية والأمنية ..

6ــ نيل الجماعة المتمردة لرضا بعض الجهات الدولية المعادية للإخوان والحصول على دعمها المادي والمعنوي.


في الثلاثاء 09 إبريل-نيسان 2013 10:19:49 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=19905