صدقوني يـا عرب
احمد الظرافي
احمد الظرافي

مأرب برس ـ خاص

ما يحدث في لبنان عبارة عن مخطط بين سوريا وإيران وحزب الله من جانب، وبين الدولة العبرية والإدارة الأمريكية من جانبٍ آخر

لست خبيرا استراتيجيا ، ولا وأحدا من أولئك العلماء النابهين الذين يتولون مهمة استشراف المستقبل في حكومات الدول الغربية ، وأعوذ بالله أن أكون مدعيا الإحاطة بشيء لا زال في رحم الغيب ، على غرار ما يفعله المتنبئون الكذابون ، فما أنا إلا كاتب وشاعر يمني مغمور ، وفي أول السلم . والأفكار التي سأطرحها هاهنا ليست سوى توقعات وافتراضات خطرت في ذهني من خلال متابعتي المستمرة للمشهد الحالي على المستوى العربي والإقليمي والدولي. وما أتمناه هو قراءة مشروع هذه الأفكار بعيدا عن التجريح والتسفيه أو اتهام بالتخريف والهرطقة .

وقلت مشروع هذه الأفكار لكونها لا تزال أفكارا أولية ربما سيتم تدقيقها وتمحيص ها وتنقيحها بالإضافة أو الحذف في الأيام القادمة. 

لبنان: المخطط القادم حرب مارونية سنية

تقوم هذه الخطة الجهنمية من خلال إشعال فتيل حرب أهلية بين أهل السنة والمسيحيين المورانة في لبنان ، والتي تلوح نذرها في الأفق حاليا. وعلى أن يكون الشيعة اللبنانيون بعيدين عن التورط في هذه الحرب ودون أن تشمل هذه الحرب جميع الأراضي اللبنانية وإنما تكون في أجزاء محددة منها – وبالتحديد في أجزائها الوسطى والشمالية.

والهدف من هذه الحرب بطبيعة الحال هي إخراج أهل السنة من اللعبة السياسية في لبنان ، والذين ربما صاروا – ونتيجة لعدم فعاليتهم - عبئا على الواقع اللبناني وبالتالي باتوا يمثلون الحلقة الأخيرة في مسلسل لعبة التوازنات الطائفية في هذا البلد التي صنعته فرنسا في أوائل القرن الماضي – من لاشيء -

وتأتي هذه الحرب من قبل الموارنة ضد أهل السنة لكونهم الطرف الأضعف على الساحة اللبنانية ، فهم - رغم نسبتهم المهمة في المجتمع اللبناني والتي تفوق نسبة الموارنة المسيحيين - يعانون من ويلات التشرذم والانقسام والمصالح المتناقضة والو لاءات المتعددة والمتضاربة، ولا توجد لهم راية واحدة يجتمعون تحتها ، كما أنهم سيكونون وحيدين في هذا الحرب نتيجة لانقطاعهم وانفصالهم منذ عشرات السنين عن عمقهم الطبيعي تاريخيا وهو أهل السنة في سوريا والذين هم بدورهم في وضع لا يحسدون عليه ، مع الضربة القاصمة التي ستصيبهم من جراء هذه المؤامرة الجديدة والتي تعتبر محور حديثنا في السطور التالية وكما سنشير إلى ذلك لا حقا .

النظام السعودي: رهان خاسر

وأما علاقة كتلة الحريري الحالية مع المملكة العربية السعودية وبرغم حجم مصالحهما الكبيرة معا في لبنان ، والمشبوهة في نفس الوقت، فسوف لن تفيد ، ولا يمكن التعويل عليها في شيء – هذا إن لم تكن وبالا عليها – لأن مصالح النظام السعودي أولا وأخيرا هي في احتفاظ أمراء آل سعود بالعرش ، وهو دائما مع الولايات المتحدة الأمريكية يدور معها حيث دارت ، وهذا أمر واضح ومفروغا منه وموقف النظام السعودي من احتلال كلٍ من أفغانستان والعراق شاهدين حيين على ذلك ، وأي طرف عربي أو إسلامي يراهن على النظام السعودي أو أي نظام عربي رسمي - بعد أن شاهد كل هذا بأم عينيه - يكون قد حكم على نفسه بالموت ، وباطن الأرض خير من ظاهرها له .

وكون الموارنة سيشنون حربهم ضد أهل السنة في لبنان - بالتحديد - هذه المرة - والذين حالهم كما ذكرنا آنفا - فذلك أسهل لهم وأهون عليهم ، لا سيما إذا ما علمنا أن معظم قوات الجيش اللبناني - والذي يشيد الحريري والسنيورة حاليا بدورها ويراهنان عليها في القضاء على فتح الإسلام – ينتمي في معظمه إلى الطائفة المارونية .

وليس ذلك فحسب بل قد تكون تلك الحرب أيضا من خلال ضرب أهل السنة بعضهم ببعض وإذكاء الخلافات والصراعات الجانبية بينهم ، حتى يتسنى القضاء المبرم عليهم .

صحيح أن الموارنة في لبنان يبدون حاليا منقسمين على أنفسهم وفي وضع مشابه تقريبا لوضع أهل السنة ، بيد أن ذلك سوف لن يدوم طويلا نتيجة لارتباطاتهم وعلاقاتهم بالمسيحيين في أوروبا وبالتحديد في فرنسا والتي تشكل مرجعية تاريخية لهم ، والتي بالتالي سوف لن تتركهم بمفردهم في هذه المعمعة بل ستعمل – ومعها المجتمع الدولي - على لم شملهم وتوحيد مواقفهم بحيث يصبحوا كتلة واحدة متماسكة .

حزب الله : دور مشبوه متعدد الوجوه

أما حزب الله - والذي ينضوي معظم الشيعة في لبنان تحت لوائه والبقية منهم متحالفون معه – فسيحرص من خلال الترسانة الضخمة من الأسلحة التي بحوزته ، والإمكانات المادية الهائلة التي لديه وكذلك من خلال الآلاف المؤلفة من الكوادر والجنود والمقاتلين الأشداء ورجال المخابرات والجواسيس المدربين الذين يتبعونه - فضلا عن القاعدة الشعبية الصلبة والمتماسكة - التي يقف عليها – سيحرص - وبمساعدة المجتمع الدولي- على الحيلولة دون أن تمتد شرارة تلك الفتنة إلى الجنوب وسيمنع الاقتتال فيه لأن الجنوب أساسا عرين حزب الله ، ولعلاقة ذلك - بطبيعة الحال - بأمن دولة إسرائيل الحساس.

كما سيتولى حزب الله مسئولية فرض الأمن في الجنوب اللبناني ، ولن يكون ذلك بمفرده ، إنما بالتنسيق مع القوات الدولية ( اليونيفيل ) المرابطة جنوب نهر الليطاني ، وذلك حتى لا يمتد الصراع إلى هذه المنطقة وتختلط الأوراق فيضر ذلك بأمن إسرائيل ، وحتى تكون الدولة العبرية - بالتالي - في أمان واطمئنان أن لا يأتيها شيء من الشمال فتلتزم جانب الهدوء – وليحترق الموارنة والسنة في شمال لبنان -

وسيقوم حزب الله خلال هذه الفترة بتوجيه خطاب إعلامي هادىء ومتوازن وسيتقمص مسئولي حزب الله دور الحكماء الحريصين على مصلحة لبنان وشعب لبنان واجتماع كلمته وأمنه واستقراره وسيقومون بدور الوسطاء وذلك طبعا بزعامة السيد حسن نصر الله والذي - في الوقت نفسه - سوف لن يكف عن خطابه الإعلامي الحماسي والمثير تجاه إسرائيل بين الفينة وأخرى ، وذلك من أجل ذر الرماد في العيون وحتى يعطي انطباعا إيجابيا عن نفسه لدى الوسط الإسلامي الذي سيكون مشغولا حتما بمتابعة ما سيدور من اقتتال طائفي على أجزاء محددة من أرض لبنان مع كون حزب الله سيلعب دور حمالة الحطب في السر - كما تفعل إيران حاليا في إذكاء الصراع الطائفي في العراق –

ميشال عون زعيما للموارنة :

وبصورة أوضح سيكون حزب الله بطبيعة الحال ظهيرا وداعما لحليفه الماروني ميشال عون الذي سوف يتصدر حينئذٍ واجهة الموارنة والذي سيحظى أيضا - وهذا هو الأهم -بالدعم الفرنسي والأمريكي غير المحدود ، ولاسيما بعد تغير الخطاب الفرنسي نحوه منذ فوز سركوزي اليمني في الانتخابات الفرنسية التي جرت مؤخرا ، وسينكمش دور سمير جعجع وينفرط عقد جماعته وتعود لتغرد داخل السرب الماروني الذي يقوده ميشيل عون وتضلله فرنسا .

قد يتساءل البعض وهل من المعقول أن يقوم حزب الله بمد يده للموارنة في لبنان - وهم الذين اضطهدوا الشيعة اللبنانيين وساموهم سوء العذاب في الماضي – في حربهم ضد أهل السنة والتي ربما ستندلع في الأجل القريب أو المتوسط ؟

الجواب: أي نعم فمن الممكن أن يحدث ذلك ، نتيجة للعلاقة المتأزمة بين الطائفتين ، على أن حزب الله سوف لن يفعل ذلك من أجل سواد عيون الموارنة ، إنما سيفعل ما يفعل من أجل إذكاء وتصعيد حدة الصراع والمواجهة المسلحة ولتحقيق الأهداف المتوخاة من هذه المؤامرة والذي يعتبر حزب الله طرفا فيها إلى جانب حليفيه : النظام السوري والنظام الإيراني. 

المفاجأة الكبرى : قطف أول ثمار المؤامرة

ذلك أنه في غمرة احتدام الصراع وانشغال المسيحيين بحربهم ضد أهل السنة وبعد التمهيد لذلك من خلال حملة إعلامية منظمة مفادها فشل كل الجهود والمساعي الحميدة لتطويق المشكلة وإرسال إشارات ذات مغزى هنا وهناك ، ورسائل تهديد للقوى المتصارعة ، وبعد أن يكون قد قام بكل ما يوحي للعالم أنه يخلى مسئوليته ويحفظ ماء وجهه ، وبعد أن قام بالدعاية اللازمة لتسويق فكرته ، يقوم حزب الله بضرب ضربته الكبرى – والتي حتما سيتفاجأ بها العالم – والمتمثلة في إعلان الانضمام لحليفته وولية نعمته الثانية سوريا الأسد ، متذرعا أن هذه الخطوة الجريئة كانت خطوة لابد منها وأنه أضطر لاتخاذها بعد أن وصلت الأمور في لبنان إلى نقطة اللاعودة ، وحتى لا يقحم نفسه في أتون حرب طائفية طاحنة تزيد في خراب لبنان وتأتي على الأخضر واليابس فيه ، وأن ما فعله سوف يصب في صالح جميع الأطراف اللبنانية .

يأتي ذلك في فترة يكون فيها النظام السوري قد هيأ نفسه وأعد الترتيبات اللازمة لمثل هكذا خطوة ، ولا يمكن لخطوة مثل هذه أن تتم دون موافقة واطلاع الدولة العبرية والولاية المتحدة - بالضرورة - .

تسليم صكوك ملكية الجولان:

وقد يقوم النظام السوري بدفع مرتفعات الجولان لليهود كثمن لموافقتها هي والإدارة الأمريكية على ذلك - هذا إن لم يتنازل النظام السوري عن الجولان مقدما من أجل تطمين وإزالة شكوك ومخاوف الإدارتين الصهيونية والأمريكية - 

علما بأن النظام السوري قد تنازل عمليا عن الجولان قبل أكثر من أربعين عاما فهو في واقع الأمر سوف لن يعطي إسرائيل شيئا ، كل ما في الأمر أنه سيتنازل لها عن الجولان رسميا من خلال هذه الخطوة التي سيترتب عليها تمكينها من ملكية الرقبة .

 بعبارة أخرى سيقوم بتسليم صكوك ملكية هذه الأراضي لمالكها الذي سبق له أن وضع اليد عليها وهو الكيان الصهيوني والذي طرد السوريين منها بالقوة العسكرية في عدوان يونيو 1967.

وقد يترافق ذلك مع صفقة شاملة بين الطرفين برعاية أمريكية ، من ضمنها اتفاقية سلام سورية - إسرائيلية على غرار اتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة سيئتي الصيت وبحيث يبقى للنظام السوري شيء من المصالح الهامشية أو الشكلية في الجولان تسمح له أن يتظاهر بتحقيق هذا المكسب أو ذاك ، وليتشدق بذلك من خلال وسائل الأعلام الرسمي وأمام الشعوب العربية المقهورة ، وليستطيع الرد على المزايدين والمنتقدين والمشككين من المثقفين القوميين والإسلاميين .

إغلاق الجبهة اليتيمة الساخنة مع إسرائيل

وسوف تجني إسرائيل من وراء هذه الاتفاقية أيضا فوائد كثيرة في المجال الأمني ، وفي مقدمة ذلك مسئولية ضمان الأمن في الأراضي التي كانت تسمى سابقا بـ " جنوب لبنان " والتي تعتبر آخر الجبهات الساخنة على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي والتي كانت عامل خطر كبير على أمن إسرائيل ومصدر لنزيف خسائر دائم - بشريا وماديا وسياسيا - طوال العقود الماضية ودفعت إسرائيل ثمنا باهضا بسبب التوتر الدائم وسخونة الأجواء والحروب المتواصلة مع المقاومة العربية الشريفة بمختلف أطيافها في هذه الجبهة ، لكونها بمنأى عن سيطرة أي جيش من جيوش دول الطوق العربية التي تعرف من أين تؤكل الكتف ( الكتف هنا كناية عن المقاومة العربية التي تعتبر العدو اللدود لجيوش الأنظمة العربية )

إذ أنه وبموجب تلك الاتفاقية سيصبح الجيش السوري هو المسئول عن أمن هذه المنطقة بصورة رسمية أمام الدول الغربية والمجتمع الدولي - فضلا عن مسئوليته القديمة الجديدة عن ضمان أمن هضبة الجولان - وهذا يعني - بالضرورة - أقفال هذه الجبهة اليتيمة بالضبة والمفتاح في وجه المقاومة العربية الشريفة والتي كانت أخر نافذة تنفذ منها هذه المقاومة على مهاجمة الكيان الصهيوني.بين الحين والآخر .

فبعد أن يتولى الجيش السوري مهمة الأمن في هذه الجبهة فلن يكون هناك مقاومة ولا بطيخ ، وكلنا يعلم مدى كفاءة الجيش السوري للعب هذا الدور، فبفضل هذا الجيش ( الأبي الصامد ) وكفاءته في مكافحة المتسللين من ( الإرهابيين ) العرب لم تطلق رصاصة واحدة على إسرائيل من هذه الجبهة ، منذ حوالي أربعين عاما .

وحتى لا نظلم الجيش السوري فنقول أن نفس الشيء قد حدث بالنسبة للجبهتين المصرية والأردنية وذلك بفضل الجيشين التابعين لنظامي هذين البلدين العربيين الذي يرتبط كل منهما باتفاقيات رسمية مع الكيان الصهيوني تعتبر بنود الواحدة منها أكثر قداسة من آيات القرآن الكريم ومن الحجر الأسود والبيت الشريف ومن كل القيم والمبادئ السامية في الدنيا ، وهذا طبعا من جانب واحد وهو جانب القائمين على النظامين العربيين الرسميين أما الجانب الأسرائلي فيحق له أن ينتهك هذه البنود وأن يتلاعب بها وأن يفسرها على هواه كما يشاء وفي الوقت الذي يشاء .

حماس في مهب الريح

كما سيترتب على هذه الاتفاقية بالتأكيد وقف نشاط فرع حركة حماس في سوريا ووقف الدعم الإيراني السوري لها ، وحينئذٍ سوف لا يكون أمام قادة حركة حماس في دمشق إلا خيار واحد من ثلاثة خيارات : فإما الابتعاد عن المشاكل ( أي وقف المقاومة ) والتكيف مع الواقع الجديد . أو أن يحملوا عصيهم ويرحلوا – وبالطبع سوف لن يسمح لهم بالرحيل إلى لبنان- وإلا فهو الخيار الثالث الذي تتقنه أجهزة أمن ومخابرات النظام العربي الرسمي السوري وغير السوري.

على أن الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية العالمية والعربية - ولمزيد من الحرص على أمن إسرائيل والمصالح الغربية ومصالح الأنظمة العربية المتهالكة - قد تتواضع فيما بينها على إيجاد تسوية شاملة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإيجاد بديل أو عدة بدائل لما يسمى بـ ( حق العودة ).

وهذا بطبيعة الحال سيؤثر على حماس الداخل ، وسيكون انقطاع الدعم الخارجي - عن هذه الحركة والذي اعتمدت عليه منذ نشأتها إلى حد كبير – سيكون ضربة قاصمة لها أو على الأقل سيفت في عضدها بما سيترتب على ذلك من الإخلال بتوازن القوى بينها وبين حركة فتح .

وهنا يتحقق حلم طالما حلمت به إسرائيل وهو تحقيق الأمن الخارجي المطلق لشعبها وكيانها فتنام آمنة مطمئنة ( وفي حضنها بطيخه صيفي ) مطوقة بحراسة جيوش الأنظمة العربية – التي لا تنام - من مختلف الجبهات – وسيكون أمامها فرصة كبيرة للتركيز على مشاكلها الداخلية وعلى شئونها الاقتصادية ، وأيضا في التعامل مع مسألة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة . 

حفظ ماء وجه المارينز الأمريكي المترنح

ومن جهة أخرى يمكن للنظامين السوري والإيراني قبل ذلك أو بالتزامن معه – وفي مقابل المكاسب الكثيرة التي سيحققها كل منهما – يمكن لهما تقديم خدمات جليلة للإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالملف العراقي الساخن ، والذي يزداد سخونة يوما بعد يوم ، أقله التدخل في شئون العراق الداخلية ، والتآمر على المقاومة العراقية الشريفة والباسلة ، وذلك لضمان انسحاب أمريكي – يحفظ ماء وجه الجيش الأمريكي المترنح والغارق في المستنقع العراقي ويوفر عليه مزيد من الخسائر التي يتكبدها يوميا والتي سيتكبدها عند الانسحاب – .

ولا أقول يضمنان انسحابا مشرفا للجيش الأمريكي كما يردد البعض لأن الانسحاب في مثل هذه الظروف لا يكون مشرفا أبدا فضلا عن تمرغ أنوف هذا الجيش في وحل المستنقع العراقي على أيدي المقاومة العراقية بشكل عام ، ومقاومة دولة العراق الإسلامية بشكل خاص - مع احتفاظ الأمريكان طبعا ببعض المصالح الإستراتيجية في العراق وخاصة في الشمال والمتعلقة بالنفط تحديدا إذ لا يمكن أن يخرج الأمريكان من المولد العراقي بلا حمص .

الجمهورية الإسلامية السورية

وباجتماع شيعة لبنان مع الشيعة في سوريا بمختلف طوائفهم من نصيريين وإسماعيلين واثنا عشريين سوف تتحسن نسبة الشيعة في هذا القطر في مقابل نسبة السنة إلا أن نسبة السنة ستظل هي الأكبر ، بيد أن النظام السوري قد يعمد بالاتفاق مع حليفه نظام الآيات في طهران على جلب مئات الآلاف من الشيعة من إيران ، وقد يكون هؤلاء من الشيعة العرب في خوزستان الذين يشكلون معضلة مزمنة بالنسبة لإيران حتى أنها تتمنى لو قذفتهم في مياه الخليج لو استطاعت أو من غير هؤلاء ، على أن يقوم النظام السوري بتوزيع هؤلاء المجلوبين وبتمويل إيراني ، على دمشق وعلى مختلف المدن والقرى السورية وذلك طبعا بعد منحهم جنسية الدولة الجديدة بدعوى أنهم من المنضمين إليها من شيعة لبنان وبذلك يرتفع حجم السكان الشيعة في سوريا ويصل إلى نسبة معقولة ويخرس المعارضون السنة عن معارضتهم ومطالبهم بالإصلاح الديمقراطي أو برحيل النظام النصيري الجاثم على صدور وقلوب السوريين منذ الستينيات من القرن الماضي ، وهي المطالب التي صدعت رأس هذا النظام الطائفي المتلبس بالعباءة القومية العلمانية البعثية – لهدف في نفس يعقوب – .

وإذا ما حدث ذلك فستحل مشكلة ديموجرافية وسياسية طالما أرقت النظام السوري النصيري ، حيث سيكون المجال مفتوحا أمامه في واقع كهذا للإعلان عن الصبغة الحقيقية المعتمدة للنظام الحاكم في دمشق بصورة رسمية ، وهي الصبغة الشيعية والتي كان متعذرا عليه الإعلان عنها رسميا في الماضي بسبب النسبة المتدنية التي كان يشكلها النصيرون الذين جاء منهم النظام ، والتي لا تتعدى 10% من المجتمع السوري ذي الغالبية السنية بنسبة أكبر من 80% من إجمالي سكان القطر .

كما قد يقوم النظام السوري بإجراء تغيير في الاسم الرسمي للدولة بان تشطب كلمة العربية منه مثلا ليصبح اسم الدولة هو ( الجمهورية السورية ) فقط بدلا عن ( الجمهورية العربية السورية ) وذلك تمشيا مع المرحلة الجديدة التي سيحتدم فيها الصراع الطائفي بين السنة والشيعة وتكون سوريا خلالها قد خرجت عن الصف العربي نهائيا وتخندقت هي والعراق في الصف الإيراني الشيعي .

وقد يتم تعديل هذا الاسم في فترة لاحقة إلى ( الجمهورية الإسلامية السورية ) فمن يدري فلعل المجال سيكون مفتوحا أمام المتشددين الشيعة في سوريا الجديدة للسيطرة على مقاليد الأمور سواء عبر صناديق الانتخاب أو حتى عبر ثورة شعبية على من سيتبقى ممن سيسمونهم بـ " أيتام حزب البعث البائد "

الهلال الشيعي حقيقة وليست خرافة 

وهكذا وبعد أن تصبح سوريا دولة شيعية بصورة رسمية ومعترف بها دوليا يتحقق ما يسمى بالهلال الشيعي على أرض الواقع بحيث يكون ممتدا من إيران مرورا بالعراق وسوريا وحتى مينائي صيدا وصورعلى البحر المتوسط ، واللذين سيكونان قد أصبحا من ضمن الأراضي السورية فضلا عن باقي مدن الجنوب اللبناني ومدن سهل البقاع الجنوبي - وعاصمته مدينة بعلبك التاريخية – القريبة من الحدود السورية كما سبق أن قلنا .

وتكتل هذه الدول الشيعية بزعامة إيران – ونظرا للمستجدات التي ستطرأ والتحالفات الجديدة التي ستنشأ - سيدير ظهره للكيان الصهيوني والولايات المتحدة ، وسيركز كل جهوده للحرب على دولة أرض الحرمين الشريفين لتصفية حساباته معها وباعتبارها معقلا لأهل السنة في العالم ، ومن أجل السيطرة على الكعبة والأماكن المقدسة في الحجاز بدعوى تطهيرها من الوهابين والسلفيين – ألد أعداء الشيعة قديما وحديثا بسبب كونهم غير متساهلين مع البدع الشيعية ولمواقفهم الصارمة منها وتفنيدها لها أكثر من أي طائفة من الطوائف الأخرى المنتمية لمذاهب أهل السنة والجماعة – . وسيكون للشيعة في شرقي الجزيرة العربية والخليج - والذين ربما سيشبون عن الطوق - دور في هذه الحرب .

لبنان الجديد : سيادة شبه مطلقة للموارنة

يأتي ذلك في وقت تكون فيه المعركة فيما تبقى من لبنان قد حسمت لصالح المسيحيين الموارنة ليس لقوة شوكتهم وإنما نتيجة لجهود الحكومات الأوروبية والأمريكية والتي بالتأكيد ستنتصر لهم ، وستعمل على مساعدتهم عسكريا وماديا وسياسيا ، وتقديم كل ما من شأنه ترجيح كفتهم والتمكين لهم على ما تبقى من لبنان – مع عدم التفريط في حقوق الأقليات المسيحية الأخرى حيث سيكون لها تمثيل محدود في حكومة هذه الدولة الجديدة -

 في حين سيكون نصيب أهل السنة هو الخذلان والحسك والسعدان ، سواء من قبل الأنظمة العربية التي سبق لها أن باعت أهل السنة في فلسطين وأفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك وأنحاء كثيرة من العالم الإسلامي آخرهم أهل السنة في العراق ، أو من قبل زعمائهم الحاليين من أمثال الحريري والسنيورة وغيرهما والذين سيلوذون بالفرار بمجرد أن تشتد ضراوة تلك الحرب المتوقعة ، وبعد أن يخذلهم حلفاؤهم الذين يطبلون لهم ويزمرون في الوقت الراهن ، وعلى رأسهم وليد جنبلاط وسمير جعجع ، وسيكون سنة لبنان - بالتالي - هم آخر الضائعين في هذه القائمة ، والحبل على الجرار . وحين لن يجد أهل السنة في لبنان من يقف بجانبهم سوى السلفيين فحينئذ ربما تتحول الحرب إلى حرب عالمية ضد الإرهاب .

صحيح أن أهل السنة سوف يبقون في لبنان أو معظمهم - على الأقل - ولكنهم سيكونون تحت رحمة الموارنة ومجرد عمال أو أجراء في مزارعهم ، أو عملاء لهم ، بل قد يتحولون هم بدورهم – نتيجة لما ستمارس عليهم من ضغوط ووعد ووعيد – إلى شركاء في تلك الحرب المتوقعة على الإرهاب ، سواء ضد السنة اللبنانيين الذين يزعمون أنهم يحاربون دفاعا عن أنفسهم باسم أهل السنة أو الذين قدموا من خارج الحدود لنصرتهم والوقوف بجانبهم والذين سيتم تضخيم دورهم من خلال وسائل الأعلام.

وستكون الدولة اللبنانية - أو بالأحرى ما تبقى منها والتي يهمن عليها الموارنة – ستكون في هذه المرحلة في أمان من ناحية الجنوب ، وبالتحديد من خطر الاجتياحات الإسرائلية المتكررة التي عانت منها في العقود الماضية ، إذ أن الكيان الصهيوني سوف لن يعود متأخما للبنان طبقا لهذا المخطط وستصبح سوريا حدا فاصلا بينه وبينها – مع التزام هذه الأخيرة والتي ستصبح محيطة بلبنان الجديد من جميع جهاته باستثناء الناحية الغربية المتاخمة للبحر – ستلتزم بسياسة حسن الجوار مع الحكومة اللبنانية القادمة . 

اللاجئون الفلسطينيون والعراقيون، مصير منتظر واحد

ولكن ماذا عن اللاجئين الفلسطينين وهم معضلة في لبنان ؟ هل سيتم رميهم في البحر الأبيض المتوسط مثلا ؟ أم ماذا بشأنهم ؟

الجواب : فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين فأرى أنه سوف يتم ترحيلهم إلى صحراء محافظة الأنبار في غرب العراق ، وتوطينهم فيها ، وهذه الفكرة الخبيثة ليست من بنات أفكاري ، إنما هي فكرة معروفة سبق لها أن ترددت مع بداية الغزو الأمريكي للعراق في إطار الحديث عن البدائل المطروحة لحل ما يسمى بـ ( حق العودة ) للاجئين الفلسطينيين الذين يرفض الكيان الصهيوني رفضا مطلقا إعادتهم إلى الأماكن التي نزحوا منها .

وسيحصل اللاجئون الفلسطينيون - فضلا عن السكن - على تعويضات مادية ومالية من المجتمع الدولي وأنظمة دول مجلس التعاون الخليجي – أو بهذا سيوعدون - وذلك حتى يقبلوا هذا التوطين بدلا من حق العودة ، وسيكون للسلطة الفلسطينية والنظام العربي الرسمي دور متواطىء في هذا المضمار – وهذا هو الدور المنوط بهم أو الذي سيكون بمقدورهم أن يلعبوه على كل حال– حيث ستمارس ضغوط هائلة على الفلسطينيين من أجل التفريط في ذلك الحق الذي كفلته لهم الشرائع السماوية والمواثيق والقرارات الدولية

وسوف لن تعترض الحكومة الشيعية في العراق على هذا التوطين في الأنبار لعدم تأثيره على مسألة التوازنات الشيعية السنية القائمة في العراق - التي تقتل المليشيات الشيعية اللاجئين الفلسطينيين من أجلها في بغداد حاليا - لأن العراق حينئذ سيكون دولة فيدرالية ممزقة الأوصال. وستكون قبضة أهل السنة ضعيفة على الإقليم الذي يخضع لنفوذهم وفي مقدمة ذلك الأنبار، مع العلم أن أهل السنة في العراق ليس لديهم أية مشكلة مع الفلسطينيين.

وقد توافق الحكومة العراقية الشيعية على هذا الحل في مقابل شروط مرضية للشيعة - بل قد يهللون لها ويصفقون - ومنها إعادة توطين مئات الآلاف من اللاجئيين العراقيين أنفسهم ، والذين تم تهجيرهم – أو الذين سيتم تهجيرهم قسرا - من قبل المليشيات الشيعية المسلحة من مدنهم الأصلية مثل بغداد ومدن وسط وجنوب وشرق العراق ، وبالتالي إعادة توطينهم في هذه المنطقة الصحراوية الواسعة والمترامية الأطراف ، والتي سوف لن يكون أمام هؤلاء اللاجئين العراقيين سوى القبول بالعيش فيها ، وسيكون هذا - من وجهة نظرهم وإذا ما توافر لهم الأمن وإذا ترافق ذلك مع حلول اقتصادية - أفضل مائة مرة من العودة إلى مناطقهم ومدنهم التي أجبروا على النزوح منها ، والتي لا زالت المليشيات الشيعية لم تشف غليلها منهم رغم المجازر التي أوقعتها فيهم ، وهي لا زالت تتوعد هم وتقعد لهم كل مرصد لتصب عليهم جام غضبها وحقدها الدفين والمتراكم على مدى القرون الماضية . 

وماذا عن الدروز ؟

وجود هؤلاء مشكلة في لبنان أيضا – وهم بالطبع غير مسئولين عنها- وهؤلاء - ونتيجة لتلاحمهم وتنظيمهم - يشكلون رقما صعبا في معادلة الطوائف في لبنان على الرغم من حجمهم القليل نسبيا ( أكثر من ربع مليون نسمة ) . فماذا عنهم ؟ وأي مستقبل سيكون في انتظارهم ؟

الجواب : لن ينعم الموارنة بالهدوء والأمن والاستقرار في لبنان إلا إذا أزيح الدروز من طريقهم . وقد يكون ذلك من خلال ترحيل هؤلاء الدروز من لبنان ، وذلك للحيلولة دون احتكاكهم مع الموارنة عدوهم التاريخي اللدود في جبل لبنان ، ولكن إلى أين سيتم ترحيلهم ؟ وكيف سيتم ترحيلهم وهم سكان أصليون وليسوا لاجئين في لبنان – مثل الفلسطينيين- ؟ وهل سيقبلون بذلك ابتداء ؟

حقيقة هذه مشكلة معقدة ويصعب التكهن بكيفية حلها في الوقت الراهن ، ولكن أتصور أن أحد الحلول المقترحة هو أن يتم ترحيل هؤلاء الدروز إلى مدن وقرى هضبة الجولان ، وذلك بعد أن يتنازل عنها النظام السوري للدولة العبرية ، مقابل صفقة شاملة كما ذكرنا – وذلك لكي ينظم هؤلاء الدروز اللبنانيين إلى إخوانهم الدروز الإسرائيليين سكان الجولان المحتل – سابقا - وهم دروز – أو الأغلبية منهم - ثبت إخلاصهم وولائهم للدولة العبرية في العقود الماضية ، وأعطى تواجدهم فيها انطباعا عن إمكانية تعايشهم مع اليهود دون مشاكل تذكر ودون التأثير على مصالح اليهود ومستقبل الدولة العبرية ، بما في ذلك انخراطهم في مختلف المؤسسات الإسرائيلية الرسمية بشكل خاص ومؤسسات المجتمع المدني فيها بشكل عام – فللدروز شأن يذكر في هذه المؤسسات أو تلك .

وبالطبع فإن الدروز سوف لن يقبلوا بذلك في بداية الأمر وسيحاولون المقاومة بكل الوسائل ، ولكن ستلعب الإغراءات والضغوط والمؤامرات والمكايد السياسية الدولية والعربية وسياسة الترهيب والترغيب والابتزاز دور في هذا الجانب .

وقد تقبل إسرائيل ذلك على مضض ولكن بعد أن تكون قد قبضت الثمن مضاعفا من المجتمع الدولي – كما هي عادتها – وذلك طبعا على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة.

وقد يكون من ذلك الثمن إعادة توطين عرب الخط الأخضر- والذين يشكلون مشكلة ديموجرافية للدولة العبرية تثير مخاوف الزعماء الإسرائيليين - في الضفة الغربية كما ألمح إلى ذلك بعض السياسيين اليهود مقابل انسحاب إسرائيلي جزئي من هذه الأراضي . 

بديل أمام العقلاء من أهل السنة في لبنان

يستطيع أهل السنة في لبنان - هداهم الله - وهم ليسوا اسما واحدا على كل حال وأنا هاهنا أخص العقلاء منهم – يستطيعون إحباط هذا المخطط من خلال عدم التفريط في تنظيم فتح الإسلام ، فهذا التنظيم وإن كان صنيعة المخابرات السورية – في نظر تكتل الحريري وفي نظر بعض الأطياف الأخرى في المجتمع اللبناني – إلا أن ذلك سيكون فقط على مستوى بعض القادة في هرم التنظيم ، وسوف لن ينطبق على قاعدة هذا التنظيم ، فهذه القاعدة تتشكل من لبنانيين وفلسطيين بل ومن جنسيات أخرى عربية وغير عربية ، هم في غالبيتهم متدينين عن حقيقة ، ولا يمكن أن يكونوا جميعا عملاء للمخابرات السورية أو لحزب الله اللبناني ، إذ لا يمكن تجنيد كل أفراد هذه القاعدة وتوجيههم لخدمة أجهزة تلك المخابرات ، بل أن الواقع اللبناني يقول أن هؤلاء قد انضموا إلى هذا التنظيم بسبب حالة الاحتقان الطائفي التي يعيشها لبنان ، وبسبب المظالم التي وقعت وتقع على أهل السنة فيه.- وهذا طبعا من وجهة نظرهم - 

على أن أولئك الذين يعملون لحساب سوريا - ربما - في هرم التنظيم، سوف لا يضحون بأنفسهم من أجل سوريا وقد تكون الأيام القادمة وما سيصاحبها من اشتداد ضراوة الحرب على التنظيم كفيلة بتمييز الغث من السمين والمخلص من العميل. 

فإذا كان ذلك كذلك فيتعين على عقلاء أهل السنة التدخل للإبقاء على هذه العصابة وللحيلولة دون القضاء عليها ، سواء من خلال دعوة الحكومة الحالية للتأني والتفكير في العواقب أو من خلال الوسائل الأخرى المتاحة لهم.

وقد تكون حكومة السنيورة الغبية وهي المحسوبة على السنة – زورا وبهتانا – والتي ترفع حاليا لواء المعركة ضد هذا التنظيم - قد تكون وقعت في فخ تم نصبه لها بدقة وإحكام ، إذ لا يمكن لجماعة سلفية أن تنمو في لبنان دون رقابة حزب الله والذي يتبعه جيش من المخبرين ولديه حساسية وقرون استشعار تجاه السلفيين الجهاديين ، ونحن نرى كيف أن هؤلاء السلفيين والخلايا التابعة لتنظيم القاعدة يتم القبض عليهم واحدا بعد الآخر. وطوال السنوات الماضية وبرغم محاولاتهم وجهودهم المستمرة لم يستطيعوا إيجاد موطئ قدم لهم في لبنان ، وذلك نتيجة لمخابرات وجواسيس حزب الله ورقابته الصارمة عليهم والناجمة عن موقفه المشدد إزاءهم وغير المتسامح معهم .

إنما هو قد تغاضى عن هؤلاء بالتحديد – أقصد فتح الإسلام - لخدمة مشاريعه الخاصة ولكونهم لم يصلوا إلى المستوى من التنظيم والقوة الذي يشكلون فيه خطرا عليه ، ناهيك عن أنه كان يراهن ربما على هذا الذي يجري حاليا وهو تكفل الجيش اللبناني بمهمة القضاء عليهم – وبتحريض من الحكومة اللبنانية نفسها – والتي تزعم أنها تمثل أهل السنة – دون أن يخسر حزب الله رصاصة واحدة. 

دولة العراق الإسلامية: رهان المظلومين

كما يستطيع أهل السنة في سوريا – وتحديدا تنظيم الأخوان المسلمون مجابهة هذه المؤامرات والمخاطر المحدقة بأهل السنة في سوريا والعراق معا – بل والمنطقة ككل - والتي قد تستفحل في السنوات القادمة ، وذلك عبر إعلان انضمامهم لدولة العراق الإسلامية والتي بمشيئة الله ستقلب الطاولة على رءوس كل المتخاذلين والمتآمرين – وكذلك بالنسبة لأهل السنة في إيران والذين مثلهم مثل أهل السنة في سوريا – مغيبون تماما عن الحياة العامة في الساحة الإيرانية نتيجة لما يمارسه النظام الفارسي ضدهم من قمع وممارسات طائفية لا إنسانية ولا أخلاقية – وحتى يوفر كل منهما من ناحيته عمقا جديدا لهذه الدولة الفتية التي ترفع راية الجهاد والتوحيد ، وعلى أن يتم تعديل اسم هذه الدولة لا حقا بحيث يعبر عن الجميع .

وفي الحقيقة أن هذه فرصة ذهبية أمامهم قد لا يجود الزمان أبدا بمثلها لهم ، ولو يكون ذلك الانضمام حتى بصورة سرية – وهذا ما أراه في المرحلة الحالية حتى لا يستدعي ذلك الدخول في حرب علنية مباشرة مع دولة العراق الإسلامية من قبل النظامين السوري والإيراني ، تحت هذا الغطاء. .

ولا ينسى الأخوان المسلمون السوريون أنهم قد دعوا النظام السوري إلى الانخراط في الحرب إلى جانب العراقيين عشية بدء الغزو الأمريكي للعراق ، وهذا من باب أولى يلزمهم أن يكونوا جنبا إلى جنب مع إخوانهم في دولة العراق الإسلامية في حربها الجهادية العادلة التي تشنها ضد قوى الكفر والرفض والعمالة على أرض العراق الجريح المحتل .

وهذا– بطبيعة الحال أفضل لهم وأكرم وأعز ألف مرة من حالة التشرد والضياع والاغتراب التي يعيشونها حاليا في عواصم الدول الأوروبية والعربية ، وبدلا من المراهنة على عملية إسقاط النظام ، فإن النظام لن يسقط ، وحتى إذا سقط النظام نتيجة لعدوان خارجي - ربما – فإنهم سوف لن يكونوا هم من سيرث هذا النظام ، ولن يكون نصيبهم إلا الفتات مقابل أن يكونوا مطية لتحقيق مصالح وهيمنة المحتل الأجنبي المجافية للدين والوطنية والكرامة - كما هو شأن الأخوان المسلمون في العراق في الوقت الراهن والذين يعملون تحت لا فتة الحزب الإسلامي المشارك في الحكومة الحالية التي تشن حرب إبادة ضد أهل السنة وبغطاء من المحتل الغاصب . 

أحمد الظرافي: كاتب وشاعر يمني

aldhurafi2006@yahoo.com

 

 
في الأحد 10 يونيو-حزيران 2007 09:34:42 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=1936