إلغاء الحصانة هو الحل
د. عيدروس نصر ناصر
د. عيدروس نصر ناصر

من الواضح أن قانون الحصانة سيء السمعة والذي فرضته المبادرة الخليجية على اليمنيين بحجة تجنيب البلاد مخاطر الحرب والتفكك، لم يحقق ما أراده معدوه، بافتراض حسن النية، وهو تجنيب البلاد مخاطر الاحتراب والاستقطاب الذي قد يؤدي إلى مزيد من التمزق والتفكك السياسي والوطني والاجتماعي والقتل والتدمير وكل ما للحروب من مآسي لا تحصى.

لم تفرز التسوية السياسية الناجمة عن المبادرة الخليجية استقرارا اقتصاديا ولا أمنيا ولا سياسيا، ولم توفر الخدمات الأساسية للمواطنين وهي الخدمات الأكثر من ضرورية كالماء والكهربا والتموين الغذائي والدوائي ناهيك عن الانتقال الحقيقي للسلطة حيث ما يزال الرئيس المخلوع يتمتع بنصف الحكومة وأكثر من نصف المؤسسة العسكرية، وحوالي 95% من الجهاز الإداري والتنفيذي وربما كل الجهاز القضائي الذي نخر فيه الفساد حتى مخ العظم.

لست مع القائلين بأن على الثورة أن تحل كل مشاكل البلاد في يوم أو يومين ولا في شهر أو شهرين، وربما ليس في سنة ولا سنتين، نظرا للحمل الثقيل الذي ورثته البلاد من جراء حكم مهترئ أفسد كل شيء على مدى ثلث قرن من الزمان، لكن ما لا يمكن فهمه هو هذه الرتابة والسلحفائية التي تسير عليها الأمور من حيث البطء في اتخاذ الخطوات الإجرائية الفعالة باتجاه إنجاز الحد الأدنى من متطلبات التغيير، والاستفادة مما تبقى من الزمن المفترض أن المبادرة اعتبرته فترة انتقالية.

ما يتردد عن نية الرئيس المخلوع إلغاء رحلته إلى الخارج والبقاء ليترأس وفد حزبه في مؤتمر الحوار الوطني الذي ما تزال تعترض طريقه آلاف أحجار التعثر، يمثل حجر عثرة إضافية في طريق هذا المؤتمر، . .لم يقل الرجل ذلك انطلاقا من حرص على قيمة وطنية أو هم شعبي فهذه الاعتبارات هي أبعد ما تكون عن هواجسه، بل إنه لم يقل ذلك حتى حرصا على مصلحة حزبية لحزبه الذي لم يعد يوجد منه إلا كتلته البرلمانية المتآكلة، بل إنه يفعلها لأنه يعلم أنه مرفوض ليس فقط من المشاركين في المؤتمر من المعارضة وشباب الثورة والمجتمع المدني والشركاء الإقليميين والدوليين بل وحتى من أجزاء كبيرة من حزبه ممن لا يجرأون على التصريح برفضهم، وهو بهذا يمارس ابتزازا جديدا لحزبه ورئيس الجمهورية الأمين العام لهذا الحزب، ثم للآخرين، تماما مثلما ابتز اليمن والشركاء الإقليميين والدوليين أثناء مطالبته بضمانات الحصول على الحصانة، وهم (أي الشركاء من الخارج) الذين أبدوا حرصا على دماء وأرواح اليمنيين يساوي حرص "الزعيم الرمز" على نهب الثروات وتكديس المليارات المستقطعة من أموال الشعب.

لا يمكن الاستمرار في هذه اللعبة إلى ما لا نهاية إذ إن الرئيس المخلوع يعتبر ما حصل عليه من حصانة امتيازا يمكنه من ابتزاز الشعب اليمني وتعطيل أي خطوة باتجاه التغيير الحقيقي واستعادة الدولة المختطفة، بل ويستخدمها ليس فقط ضد خصومه السياسيين بل وضد حزبه وأمينه العام ـ ـ رئيس الجمهورية ـ وكل محاولة يبذلها من أجل العودة بالبلاد إلى الاستقرار والأمان الذين تسبب (الرئيس المخلوع) في فقدانهما لمدى يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن.

لقد كانت الحصانة انتكاسة كبيرة في مسار العملية الثورية في اليمن وكان السياسيون الموافقون عليها يعتبرونها ثمنا للابتعاد عن مخاطر الحرب والدخول إلى بر الأمان مراهنين على بقايا من الخجل أو الورع أو الخوف من عذاب الضمير لدى المستهدفين بالحصانة لكن من الواضح أن هذا الرهان قد ذهب أدراج الرياح، فهؤلاء لا يمتلكون ذرة من الخجل ولا ومضة من ورع ولا تأنيب لضمير يردعهم عن الاستمرار في دفع البلاد باتجاه المزيد من التأزم والتفكك والتمزق والاحتراب. . .وهو ما يحتم على الجميع إعادة النظر في هذا القانون الذي لم يحصد منه اليمنيون إلا الويلات والدماء وتدمير الاقتصاد وتخريب الخدمات ومواصلة نهج الابتزاز من قبل المخلوع وبقايا أنصاره سواء منهم من الموجودين في تركيبة السلطة أو النافذين من خارجها.

يعلم الجميع أن الشعب اليمني من أقصاه إلى أقصاه لم يقر بهذا القانون ولم يعترف به وما يزال أولياء دماء الشهداء يبحثون عن الإنصاف لذويهم والاقتصاص من القتلة الذين كوفئوا بالحصانة، كما لم تزل المنظمات المهتمة بقضايا الشفافية ومحاربة الفساد ترصد الأرقام تلو الأرقام المبينة لهول كارثة النهب التي تعرض لها المال العام على مدى ثلث قرن، ومن وافق عليه (أي قانون الحصانة) هم المستهدفون منه مع أعضاء البرلمان من المعارضين الذين التزموا لأحزابهم الموقعة على المبادرة الخليجية، لكن اليوم يتحتم على هؤلاء البرلمانيين أن يسألوا أنفسهم ماذا حقق الشعب اليمني من هذا القانون الكارثة، غير الوبال والخراب والدمار واستمرار القتل والانفلات والتسيب وتفجير أنابيب نقل النفط وقصف خطوط الكهربا وقطع الطرقات وخطف السواح، وهو ما يقتضي إعادة النظر في هذا القانون واتخاذ خطوة شجاعة بإلغائه من قائمة القوانين اليمنية، وفتح الملفات القضائية لمحاسبة المجرمين على جرائمهم وإنصاف الضحايا واستعادة الأموال المنهوبة لتسخيرها للتنمية وتقديم الخدمات الضرورية للشعب، الخدمات التي تحولت مخصصاتها المالية إلى أرقام إضافية في أرصدة الناهبين واللصوص في البنوك الأجنبية.

برقيات

*استمرار استهداف حياة وأسرة ومنزل الوزير واعد عبد الله باذيب، هو تعبير عن ذلك الشرخ الذي تعيشه حكومة الوفاق حيث يعتدي جزء منها على الجزء الآخر، ما لم يقدم لنا المعنيون بالأمر تفسيرا آخر، . . المجرمون يريدون إرغام الوزير باذيب على التراجع عن خطوات وزارته الشجاعة الهادفة تصحيح الاختلالات التي ارتكبها النظام بحق الاقتصاد اليمني، . . لكن هيهات بعدما انكشف المستور. 

 *الاعتداء على مسيرة الحياة الثانية ومحاصرتها في ميدان السبعين من قبل قوات الأمن المركزي يعيدنا إلى نقطة الصفر، عندما كان الشباب يقتلون يوميا على أيدي قوات الأمن، . . جريمة جديدة ترتكب هذه المرة على يد وزير داخلية محسوب على الثورة تماما مثلما قتلت قواته الشهيدة فيروز وقبلها وبعدها نشطاء الحراك السلمي في عدن دون أن يحرك ساكنا، لمنع الجريمة وردع المجرمين.

* بوفاة العقيد حميد محمد ناصر محمد صباح اليوم الخميس 2012/12/27م نتقدم بالتعازي إلى الرئيس علي ناصر محمد والوالد محمد ناصر محمد واللواء سليمان ناصر محمد والى كافة أسرة وأقارب الفقيد وندعو الله سبحانه وتعالى ان يتغمد الفقيد بواسع رحمته وان يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنا لله وإنا إليه راجعون .

* قال الشاعر العربي محمد الفيتوري:

وسد الآن راسك

متعبة’’ هذه الرأس

مُتعبة’’..

مثلما اضطربت نجمة’’ في مداراتها

أمس قد مَرّ طاغية’’ من هنا

نافخاً بُوقه تَحت أَقواسها

وانتهى حيثُ مَرّ


في الأربعاء 02 يناير-كانون الثاني 2013 11:45:05 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=18669