السوادية .. خدمات بحاجة لإنعاش.. (تقرير مصور)
فهد الطويل
فهد الطويل

السوادية واحدة من أكبر مديريات محافظة البيضاء من حيث مساحتها وكثافتها السكانية ، وتعد ثالث أشهر مديرية في المحافظة بعد مديريتي البيضاء و رداع , نظراً لموقعها الاستراتيجي الهام حيث تتوسط المحافظة وفيها يمر طريق " البيضاء – صنعاء " ..

هذا الموقع الاستراتيجي ساعد على انتعاش الحركة التجارية بمدينة السوادية ، حيث تضم تجمعاً تجارياَ من أكبر الأسواق الشعبية بالمحافظة .. وفيها ثالث اكبر سوق للسلاح على مستوى الجمهورية اليمنية بعد سوق الطلح في صعدة وسوق جحانة جنوب شرق صنعاء. . وأصبح سوق السوادية متسوقا يومياً يؤمه الناس من عدة مديريات بالمحافظة والمحافظات المجاورة خصوصاً محافظتي مأرب وشبوة ..

تحيط بمديرية السوادية عدد من اكبر قبائل المحافظة وأبرزها قبيلة آل عواض, وال غنيم والملاجم التي يعتبر سوق السوادية هو المتسوق لهذه القبائل ، وتتوزع في المديرية ثلاث قبائل هي آل سواد وال الطاهر وبني وهب , وتعد قبيلة آل سواد أكبر قبائل هذه المديرية من حيث الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية وإليها تنسب المديرية ..

غير أن هناك كثيراً من المنغصات التي تعاني منها مدينة السوادية عاصمة المديرية ومختلف القرى والمناطق بالمديرية في جوانب الخدمات ..

النظافــة .. إهمال وعشوائية ومخاوف من كارثة بيئة

أكثر ما يلفت انتباهك وأنت تتجول في سوق السوادية هو غياب النظافة التي تكاد تكون منعدمة , فالشارع الوحيد في سوق المديرية تملأه القمامة ومخلفات المواد الاستهلاكية ، التي حولت المدينة كلها إلى مكاناً مفتوحاً للقمامة ، وهذا يخدش الجانب الجمالي للمدينة كعاصمة للمديرية وسوقاً تجارياً حيوياً يرتادها الناس للتسوق من مختلف مناطق بالمحافظة والمحافظات المجاورة ، وشرياناً حيوياً يعبر فيه آلاف المسافرين يومياً .. وما يزيد الطين بله هو غياب موظفي وعمال النظافة الذين لا يزورون المدينة إلا كـ " عابر سبيل " ولا يراهم المواطنين إلا مرات قليلة من باب إسقاط الواجب ..

يقول الخضر السقاف – من أبناء السوادية - : " هذه المديرية محرومة من كل شيء ، لا نظافة ولا طرقات ولا شيء ، النظافة غير موجودة أكثر من عام ، أحضرهم مدير البلدية قبل شهرين ورفضوا يشتغلوا بسبب عدم تثبيتهم ، بالنسبة لهذه المديرية غير المديريات الأخرى ، ولا مياه ولا كهرباء ولا شوارع مثل الناس " ..

في سوق السوادية .. المواطنين والتجار .. تحفهم القمامة من كل مكان وتظلهم غمامات الدخان والغبار والأتربة .. يشكون معاناتهم من الانتشار الكبير للنفايات بعدما تحول الشارع العام الوحيد في المدينة إلى مقلب مفتوح للنفايات المنزلية والتجارية ، المنتشرة أمام المحلات والبسطات التجارية والمطاعم والبوفيات ومساكن المواطنين باعثة للروائح الكريهة وتجمع الذباب .. و أصبحت ملجأ للكلاب الضآلة والأبقار والحمير بكثافة , وخاصة في فترة الليل حينما يخلو السوق من مرتاديه .. فضلاً عن تحول الشارع إلى برك للمستنقعات والمياه الآسنة أثناء هطول الأمطار ..

 ونظرا إلى إهمال الجهات المعنية للوضعية ، فالناس أصبحت من دون اهتمام، بعد أن تكدست النفايات وشكلت أكوام من القمامة الممتدة على طول الشارع ، وأصبحت تشكّـل خطرا بيئيا على صحة المواطنين .. الذين لم يستطيعوا فعل شيء .. باستثناء مبادرة شبابية قام بها عدد من شباب الثورة بالمديرية لنظافة المدينة وإزالة النفايات منها ، غير أنها سرعان ما عادت بعد أيام قليلة بسبب كثرة المتسوقين وانعدام صناديق القمامة ، حيث لا يوجد برميل واحد للقمامة في السوق ، إضافة إلى غياب موظفي النظافة بالمديرية ..

يقول ناجي المرادي – مالك محل ملابس - : " شباب الثورة بالمديرية فقط قاموا بحملة ونظفوا المدينة مرة واحدة ، أما البلدية فلا نراهم ينظفوا إلا مرة واحدة في السنة مثل حج بيت الله الحرام ، والقمامة تدخل إلى داخل المحلات ويشتكي منها الكل ، سكان وتجار " ...

حين سألنا عن إدارة البلدية بالمديرية .. كانت المفاجأة .. حيث لا يوجد مكتب رسمي للنظافة والتحسين بالمديرية أو مقر للإدارة والموظفين .. والحال كذلك بالنسبة لباقي الوحدات الحكومية الأخرى بالمديرية .. مدراء وموظفين واعتمادات في مكاتب وهمية لا وجود لها على ارض الواقع ..

وأثناء تصويرنا أكوام القمامة المنتشرة أمام المحلات التجارية والبوفيات ، صادفنا مرور نائب مدير البلدية بالمديرية سالم الخضر السوادي الذي تحدث إلينا قائلاً : " أحضرنا عمال النظافة حوالي ثمانية أو عشرة عمال ، ولهم حوالي 3 اشهر واقفين عن العمل نظراً لوجود قرار بتثبيتهم في الوظائف ، ورفضوا يعملوا حتى يتم تثبيتهم ولا نعرف ما هي أسباب عدم توظيفهم " ..

وعند سؤالنا عن دور مكتب البلدية أجاب الخضر : " مدير البلدية موجود هنا ، ولكن حسب الأوضاع ، ما فيش معه ، وبالنسبة للسلطة التنفيذية في المديرية ما فيش لها نفوذ ولا أهمية ، ولكن إنشاء الله الأمور تتحسن " ..

الطــريق .. مطبات وحفر وساعات من الانتظار

مشكلة أخرى يعيشها الناس هنا في مدينة السوادية .. بسبب اختناق حركة المرور وصعوبة مرور السيارات في الشارع المدينة الوحيد حيث الطريق من والى المحافظة .. أضحى عبارة عن مطبات وحفر .. وانعدم الإسفلت منه بشكل كلي .. أضف إلى ذلك انتشار الباعة المتجولين والبسطات العشوائية في الشارع حتى أصبح من الصعب مرور السيارات في الشارع الرئيسي ، حتى أصبح الازدحام وطوابير الانتظار ظاهرة مألوفة لدى الكثير من أبناء وزوار المدينة ..

يقول أحد المواطنين : " الطريق خربان ، وزحمة سيارات بسبب تسوق الناس من عدة مديريات ، السوق واحد كيلومتر ، و لا يقدر صاحب السيارة يخرج منه إلا بعد 3 أو 4 ساعات بسبب الزحمة " .

كان يفترض أن يتم العمل في الشارع العام بالسوادية منذ عامين ضمن مشروع إعادة تأهيل وسفلتة طريق صنعاء – البيضاء غير أن ذلك لم يحدث وتم تأجيله بوعود لإصلاحه واتخاذ حلول للحد من الازدحام المروري بشق طريق دائري خارج السوق .. ليتضح بعد عامين من الوعود أن وراء الأكمه ما وراءها ..

يقول سالم السوادي : " الطريق هذا منهار ولا عاد يوجد فيه شيء من الإسفلت قبل سنتين أو 3 سنوات سبق أن تم تسليم الشارع من قبل المجلس المحلي إلى احد المقاولين على أساس أن يكون خطين ، واحد للذهاب والأخر للإياب ، ونزلت وحدات الشق قبل سنتين لشق طرق دائرية من جهة السوق الشرقية والغربية ، واستمروا في العمل حتى وصلوا إلى بداية المنطقة ، ثم توقف العمل ولا ندري ما هي الأسباب نتيجة إهمال من قبل المجلس المحلي أو من مؤسسة الطرق ، والجهات المختصة والمسئولة عن هذا الطريق لا تبدي أي اهتمام أو شعور بالمسئولية نهائياً " ..

أما عبدالله احمد صالح السوادي فصب جام غضبه على المسئولين قائلاً : " الطريق خربان وهم يوعدونا بالدائري ، وإحنا قد دفعنا رسوم الطريق هذا إلى عبدربه العمري – مقاول طريق البيضاء صنعاء - وتحول بعدين إلى مقاول ثاني ، والآن موقف بسبب التنافس بين الأمين العام والناس الذين هم مصتلحين بينهم البين من أعضاء مجلس النواب وهم معروفين " .. 

الميـــــاه .. عذاب تحت رحمة المتنفذين

وفي جانب آخر من المعاناة ما يزال مواطنو هذه المدينة الصابرة يعانون الأمرين بسبب شحة المياه وانعدامها وفشل مشاريع المياه في تقديم خدماتها للمواطنين منذ أكثر من ربع قرن ، رغم وجود بعض الآبار والسدود ، إلا أن الحمير لا تزال هي وسائل نقل المياه في معظم المناطق ..

أزمة المياه تعاني منها ليس مدينة السوادية فحسب بل كل مناطق المديرية، وهناك مشاريع محدودة للمياه لكن أغلب هذه المشاريع فقدت قدرتها في تقديم خدمات المياه للمواطنين ، ما اضطر الناس هنا إلى جلب مياه الشرب من مدينة رداع حوالي 60 كيلومتر من المديرية ، يتجاوز سعر الوايت أحياناً إلى 15000 ريال ، وأغلب الأوقات تقوم النساء والأطفال بنزع المياه من الآبار اليدوية وجلبها على الحمير بعد طول انتظار وطوابير ازدحام على تلك الآبار ..

خرجنا خارج المدينة .. وتحديداً إلى قرية الخوعة اكبر قرى المديرية كثافة سكانية بعد المدينة ، وهناك التف حولنا عشرات المواطنين والأطفال حاملين أكوام من دباب المياه بجانب خزان للمياه تغذيه بئر ارتوازية قريبة منه ، اخبرنا الأهالي أنها حكومية تتبع معسكر الجيش الذي يبعد عدة كيلومترات منها ويأخذ نصيب الأسد من المياه بمعدل 6 ساعات للمعسكر يومياً مقابل ساعة واحدة لخزان القرية ...

يقول عبدالله حسين السوادي – تربوي - :" المنظر يحكي عن نفسه ، نحن في أمس الحاجة إلى مياه الشرب ، حيث لا توجد عندنا آبار ارتوازية ولا يدوية ، عندنا بئر واحد فقط تتبع معسكر القوات المسلحة ، ونحن بحاجة لمشروع المياه الذي تم إيقافه من قبل أشخاص يعرفهم المواطن ونناشد محافظ المحافظة بسرعة تنفيذ هذا المشروع " ..

ويقاطعه القول عبدالحكيم سالم السوادي : " نحن نطالب بمطلب حق ، نريد ماء للشرب فقط ، الماء مقطوع ولا لقينا الماء نشرب ، والحفار في القرية يسقي للمعسكر وخزان القرية فارغ ، ساعة واحدة في اليوم لخزان القرية وسكانها اكبر من المعسكر وبعض الأحيان ما يشغلوا له " ..

يقول عبدالاله عبدالله حسن السوادي : " في هذه القرية التي تعتبر اكبر قرى المديرية أكثر من 300 منزل ، وفيها خزان واحد تتزاحم عليه النساء والأطفال ولا يكفي للقرية ، يصبوا للخزان ساعة واحدة في اليوم و 6 أو 7 ساعات للمعسكر ، وفي القرية أضعاف أضعاف الأنفس التي في المعسكر " ..

أهالي السوادية كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ .. والماء فوق ظهورها محمول .. فالسدود والحواجز المائية موجود ، كما في قرية الخوعة ، حيث يوجد سد مائي ولكن بلا فائدة ..

وإذا عرف السبب بطل العجب .. لكن ما يدفع المرء هنا للتعجب انه تم منع أهالي القرية من حفر أبار للمياه من قبل أشخاص نافذين ، بعد أن تم إيقاف مشروع الدية من قبل المتنفذين ، وفقاً للمواطن محمد محمد علي الذي قال : " إحنا في المديرية نعاني من شلة متنفذين ومنهم عضو مجلس النواب وقائد المعسكر ، حتى الآبار منعونا من حفرها ، نزلنا حفار إلى القرية ومنعونا من الحفر " ..

الكهـــــرباء .. ما ضاع حق وراءه مطالب

وكما هو الحال في خدمات المديرية فإن الكهرباء هي الأخرى لم يتم تشغيلها منذ اندلاع ثورة الشباب عدا أيام قليلة جداً, وحتى في أيام إيصال التيار الكهربائي في الأيام العادية فإنه ينحصر على خمس ساعات فقط في اليوم , قبل أن تتوقف كلياً عن العمل بسبب عدم صيانة المولدات وهو ما دفع بأصحاب المحلات التجارية إلى الإقبال على شراء المولدات الصينية ..

وأمام معاناة المواطنين وحرمانهم من الكهرباء .. وقفت الجهات المعنية موقف المتفرج ولم تعر شكاوي المواطنين أي اهتمام .. فأدرك أهالي السوادية أن الحقوق لا توهب وإنما تنتزع انتزاع – وفقاً لتعبير أحدهم - ما اضطر المواطنين للتقطع لإحدى الناقلات التي تحمل مولد كهربائي تابع لشركة توتال في محافظة شبوة .. وتم تغيير مسار الناقلة من قبل الأهالي إلى محطة كهرباء السوادية وإنزاله في المحطة ودفع 200 ألف لسائق الناقلة "إيجار " وأعطاه الأهالي استلام في المولد ..

وقد تدخلت جهات رسمية وقبلية لإرجاع المولد للشركة ، غير أن الأهالي رفضوا بإجماع ، ثم تدخلت الجهات الحكومية وتم اخذ 4 " رهائن " من آل سواد ولكن دون جدوى ، وأمام إلحاح الأهالي على عدم تسليم المولد وأحقيتهم في الكهرباء ، كفت الجهات الرسمية عن مطالبتهم وتم إبقاءه بمحطة كهرباء السوادية ، ورغم انه المولد الوحيد الذي يغذي المنطقة ، إلا انه أحدث تحسناً في جانب الكهرباء أكثر بكثير مما كان عليه الحال سابقاً ، غير أن هناك مشكلة أخرى تواجه الأهالي ، حيث تفاجأوا بوجود فواتير مضى عليها أكثر من عام ، تطالبهم إدارة الكهرباء بتسديدها في الوقت الذي كانت محطة الكهرباء متوقفة عن التشغيل معظم الفترة الماضية ..

وقد لاحظنا امتناع الجميع هنا عن الحديث حول الكهرباء ، ومطالبتنا بعدم الحديث عن المولد أو التطرق إليه ، خشية إعادة المشاكل – حد قولهم - ، بعكس الحديث عن باقي الخدمات الأخرى التي كان الجميع متحمساً للحديث عن ترديها وحرمان المواطنين منها .

الصحـة ..خدمات منعدمة ومرافق في حالة موت سريري

يشكو أبناء مديرية السوادية من تدهور الخدمات الصحية في المديرية ، إذ لا توجد إدارة للصحة بالمديرية ، وحتى وان وجدت المرافق الصحية - على قلتها – إلا أنها في حالة موت سريري دائم ، كما هو حال المستشفى العام بالسوادية الذي بدأ العمل فيه عام 2001 م ، على حساب السلطة المحلية ، وتم الانتهاء من العمل فيه وتسليمه من قبل المقاول في العام 2005 م ، إلا انه لا يزال خارج نطاق الخدمة ، حيث لا يوجد فيه حتى طبيب واحد أو إسعافات أولية ، والخدمات التي يقدمها هي عبارة عن تلقيح وتطعيم الأطفال ..

عند دخولنا بوابة المستشفى ، التقينا مدير المستشفى جلال علي السوادي الذي كان خارجاً للتو ، ورفض السماح لنا بتصوير المبنى الداخلي للمستشفى ، وبعد أن تحدث معه عدد من المواطنين الذين كانوا برفقتنا تراجع عن ذلك ، ثم تحدث عن أسباب توقف المستشفى والعوائق والصعوبات حيث قال : " وضعت حجر الأساس للمستشفى عام 2001م ، وسلمه المقاول عام 2005 م ، إلا انه حتى اللحظة لم يتم استكمال تأثيثه ورفده بالكوادر الطبية اللازمة ، إضافة إلى النقص في التجهيزات والمواد الطبية المتكاملة ، وكذا عدم وجود مولد كهربائي للمستشفى ، رغم المتابعة المستمرة وطلوعنا إلى صنعاء أكثر من مرة منذ عام 2005م ، موضحاً أن هناك وعود حالياً من المحافظ الجديد الظاهري الشدادي لمتابعة وزارة الصحة واستكمال ما تبقى من تجهيزات المستشفى " – وفقاً لقوله - .

يعد هذا المستشفى نموذجاً لباقي المرافق الصحية الأخرى في المديرية المغلقة لسنوات حيث يوجد بالمديرية 2 مستشفيات نموذجية مغلقة ، إضافة إلى 8 وحدات صحية بالمديرية مغلقة ايضاً ولا تقدم أي خدمات صحية للمواطن ، باستثناء المركز الصحي بالسوق ، وهو المرفق الصحي الوحيد الذي يقدم خدمات صحية محدودة بسبب نقص الإمكانات ، كما أن هناك حوالي 86 موظفاً بمكتب الصحة بالمديرية والذين لا يداوم منهم سوى أشخاص بأعداد الأصابع ..

يقول علي السليطي – من أبناء المنطقة - : " على الرغم من تجهيز المستشفى إلا انه عبارة عن ديكور فقط ولا يقدم سوى خدمة التلقيح والتطعيم فقط ، والحال كذلك بالنسبة لبعض الوحدات الصحية الأخرى بالمديرية التي أنشئت قبل سنوات ولا تزال مغلقة لنفس الأسباب كما في منطقة الطاهرية حيث تم إنشاء مركز صحي قبل أكثر من 6 سنوات ولا يزال مغلق ، مناشداً الجهات المعنية بالمتابعة وتوفير التجهيزات اللازمة " ..

التربية والتعليم .. فساد بلا حدود ومدراء مدارس أميون

يعد قطاع التربية والتعليم بالمديرية أكثر القطاعات الحكومية فساداً وتدهوراً ، بل وربما على مستوى المحافظة .. حيث تدار العملية التعليمية في المديرية بطريقة " ما بدا بدينا عليه " و " كلاً يغني على ليلاه ، إذ لا توجد خطة دراسية في المديرية لتوزيع التخصصات على المدارس ، و لا توجد آلية لمتابعة وزيارة المدارس من قبل إدارة التربية بالمديرية ، كما أن فريق التوجيه مؤهلاتهم الثانوية العامة فقط ..

في مديرية السوادية 210 موظفاً في قطاع التربية والتعليم ، ما يقارب النصف منهم منقطعين عن العمل ، وهم مغتربون ويعملون في أعمال حرة ، والمعلمات ربات بيوت لاتعرفهن المدارس ..

كما يوجد في المديرية حوالي 30 مدرسة أكثر من 6 مدارس منها مغلقة ، وهناك 8 مدارس للبنات ومدرستين ثانويتين في المديرية ..

يقول الأستاذ وضاح السوادي – أستاذ جامعي بكلية التربية بالبيضاء - :" للأسف أن خدمات المديرية مستحوذ عليها أشخاص فقط ، فهناك مدارس تم بناؤها قبل أكثر من 4 سنوات ومنها مدارس بنات ولاتزال مغلقة ، ليس لعدم وجود المدرسات ، بل هناك الكثير من المعلمات في هذه المديرية وخاصة من بنات أصحاب النفوذ ، موجودات في المنازل ويستلمن رواتبهن وهن في بيوتهن ، وهو ما أدى إلى إغلاق المدارس ، وهناك الكثير من البنات والطالبات في القرى لم يلتحقن بالتعليم بسبب عدم وجود المدرسات " ..

ويوافقه القول علي السليطي الذي عبر عن تذمره الشديد من الحالة التي وصل إليها التعليم بالمديرية قائلاً : " بما أن التعليم هو عماد تقدم الشعوب ، إلا أننا في مديرية السوادية وللأسف الشديد ، توجد مدارس كلفت الدولة ملايين ، لكن بعضها مغلقة ، وبعضها مزدحمة بالطلاب من الصف الأول حتى الصف التاسع حوالي 400 طالب ، ولا يوجد فيها سوى 4 معلمين ، والمشكلة الكبرى أن أكثر المعلمين موجودين في الغربة وبعضهم في المنطقة ، لكنهم لا يدخلوا المدارس ، وذلك بسبب عدم وجود الرقابة من قبل مكتب التربية والتعليم بالمحافظة ، وهنا ايضاً مدارس بنات حوالي 5 مدراس أو 6 مدارس لم يتم فتحها من بعد عيد الأضحى بسبب عدم تواجد المعلمات ومعظمهن بنات مسئولين وبنات مشائخ " .

ربما لن يصدق أحد أن هناك مدراء مدارس في مديرية السوادية أميون لا يقرأون ولا يكتبون ، في الوقت الذي ينضوي تحت إدارة هؤلاء حملة الشهادات الجامعية ، إلا أن المناطقية والحزبية هي المعيار الوحيد لدى إدارة التربية والتعليم بالمديرية لاختيار الإدارات المدرسية ، وهو ما انعكس سلباً على تدني مستوى التعليم بالمديرية ومخرجاته ..

يقول الأستاذ عبدالله احمد المصباحي من أبناء وصاب محافظة ذمار ، وهو يسرد معاناة المعلمين القادمين من خارج المديرية من المحافظات الأخرى : " هناك الكثير من العوائق التي نواجهها في هذه المنطقة ، منها عدم وصول المناهج والعشوائية في توزيعها ، إضافة إلى نقص المعلمين العاملين في المدارس حيث يضطر المعلم أن يمسك فصلين مع بعض أو يدرس مواد أخرى في فصول أخرى خارج تخصصه ، مما يؤدي إلى نقص الأداء ، وكذلك يعاني المعلم هنا من سوء الحالة النفسية لحضوره من مسافات طويلة من محافظات أخرى ، ومكوثه هنا لسنوات طويلة مما يؤدي إلى عدم استقراره النفسي ويسبب له مشاكل نفسية ، تنعكس على أداءه التعليمي ، أضف إلى ذلك عدم ثقافة البيئة والمجتمع مما يؤثر على مستوى التعليم " ..

السـلاح .. ظاهره تقليدية وسوق مزدهرة

كل زائر لهذه المديرية يلاحظ منذ أول وهلة حمل الجميع للسلاح حتى من قبل أولئك الأطفال الذين لا يتجاوز عمر أحدهم السابعة عشر سنة , وحمل السلاح من الأشياء التقليدية التي اعتاد عليها أبناء هذه المديرية والمديريات المجاورة , وبالكاد تقع عينك على شخص لا يحمل الكلاشنكوف فوق ظهره, وفي العادة من لا يحمل السلاح هو شخص يعاني فقر مدقع أو وافد إلى هذه المديرية , وينظر الناس إلى من لا يحمل السلاح بنظرة دونية لا تخلو من ازدراء.

تنتشر في المديرية العديد من محلات بيع السلاح التي توجد فيها أنواع متعددة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بدءاً من الكلاشنكوف ومروراً بالآر بي جي والصواريخ الصغير " لو " والمضادات الأرضية والرشاشات والقنابل المتعددة الصناعات.

الأمــن .. فشل الدولة ونجاح القبيلة

 وعلى الرغم من انتشار الأسلحة وتصاعد عمليات الثأر والحروب الشبه مستمرة في هذه المديرية بين عدد من القبائل التي تلتقي في سوق السوادية , إلا أن السوق لم يسجل عملية قتل واحدة بطريقة العمد ولأكثر من عقدين من الزمن ونادراً ما تحصل مشادة كلامية بين طرفين سرعان ما يتم احتواءها .

هذا النجاح في تحقيق الأمن في سوق السوادية ، لم يتحقق على يد السلطات الأمنية ، وليس لها أي فضل في ذلك ، بل يرجع ذلك إلى القبضة الحديدية لشيخ هذه القبيلة الخضر عبدربه السوادي , وتعاون جميع أبناء القبيلة ، حيث أن السوق " مهجرة " من قبل أهلها ,أي من يقوم على افتعال مشكلة مع شخص ما يقوم بدفع مبلغ مالي للقبيلة المتحكمة في السوق يتراوح مابين 250000 إلى مليون ريال , ولذلك يشعر الداخل إلى السوق بالأمان حتى ولو كان قاتلاً , وهذه ميزة لا توجد في باقي مديريات المحافظة.

تجاهل على مدار السنين

 يقول أهالي السوادية ، أن مديريتهم لاقت تجاهلا كبيرا من المسئولين التنفيذيين ، طوال العقود السابقة ، بل من النواب من أبناء المديرية ، وأعضاء المجالس المحلية ، والذين كان سكانها يدينون لهم بالولاء ويمنحونهم أصواتهم في الانتخابات السابقة من دون تردد .

التجاهل الذي لاقاه المواطنون في مديرية السوادية ، يأملون اليوم أن لا يمتد إلى ما بعد قيام الثورة الشبابية .. فالمعاناة والمشاكل أصبحت كالبحر الذي يسبح فيه أهالي مديرية السوادية ، في الوقت الذي أغمض فيه المسؤولين أعينهم عن مشاكلها طوال السنوات الماضية .. رغم أنهم يجوبونها ذهابا و إيابا .. لتظل مدينة السوادية إشارة حمراء في طريق قيادة المحافظة .

-قلعة السوادية التاريخية تعاني الاهمال وعدم الصيانة ، ويسكنها الاخدام والصوماليين بعد أن كانت مقراً للمديرية .

- مبنى إدارة الأمن بالمديرية مغلق وخالي من الجنود ، ويحتاج من يؤمنه .

-يوجد في المديرية معهد تقني من أكبر المعاهد الفنية بالمحافظة بدأ العمل فيه قبل سنوات وهو الآن متوقف .

- محطة كهرباء السوادية بدون حراسة والأبواب على مصراعيها ، ذهبنا وصورنا وخرجنا دون أن نجد أحد ، والإدارة والموظفين والحراسة على ما يبدو كانوا في مهمة شراء القات .

*تقرير/فهد الطويل

*ينشر بالتزامن مع صحيفة "الشارع"..


في الأحد 25 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 09:42:50 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=18174