البحر بوابة اليمن للنهوض القادم(2)
د.طارق عبدالله الحروي
د.طارق عبدالله الحروي

لولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة من أوسع أبوابها !!

- اليمن أرض برية وبحرية مازالت بكرا لم تطأها أيادي أبنائها إلى حد الآن بكل ما تحمله هذه الحقيقة من معاني ودلالات ومؤشرات لها شأنها ليس هذا فحسب، لا بل وأرض خصبة جدا فوق كل التوقعات تمتلك موارد وثروات وإمكانات خام هائلة منظورة وغير منظورة، تفتح آفاق استثمارية ضخمة غير مسبوقة في معظم المجالات (المعدنية، النفطية، الغازية، الصناعية، الغذائية البحرية والبرية، المائية، السياحية المائية والجغرافية والمناخية، الاقتصادية، التجارية، البشرية العاملة والشابة الفتية، الإستراتيجية، الأمنية،....الخ).

- تكفي أبنائها جميعا وتزيد كثيرا في حال نجحت في اغتنام الفرصة التاريخية الاستثنائية الحالية التي تعيشها منذ عقد ونيف مضى والنصف الثاني من العام الماضي منه- بوجه خاص- جراء توافق الإرادة الوطنية مع كلا من الإرادة الإقليمية والدولية كخيار استراتيجي لا يمكن تجاوزه أو تجاهله فرضته المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية بشأن أمورا عدة كـ(فرض الأمن والاستقرار في اليمن ومحيطها الإقليمي، الحفاظ على وحدة أراضيها، ضرورة تمكين الدولة من فرض سلطتها على أرجاء البلاد، وصولا إلى وجود ضرورة ملحة بأهمية الانتقال الأمن لها إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة،...الخ) ليس هذا فحسب.

- لا بل وتمكنت من استثمارها إلى أقصى حد ممكن وإحكام قبضتها عليها بكلتا يديها من خلال تعظيم نطاق حدود هذا الخيار في اتجاه البحر بإرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة بقرار ذاتي وطني التي سوف نتناول بعض أهم معالمها الرئيسة لاحقا، باعتباره الخيار الاستراتيجي الأمثل الأكثر حضورا وأهمية لا بل وضرورة القادر على استيعاب مصالح اليمن وشركائها الإقليمين والدوليين على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

- بمعنى أخر إن البحر كان ومازال بحق البوابة العملاقة المفتوحة على مصراعيها أمام اليمن لولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة من أوسع أبوابها، والتي لم تفتح إلى حد الآن بالرغم من مضي عقدين ونيف على هذا الأمر فأنها لم تسعى وراء تبنى أية خطوة جدية لها شأنها في اتجاه محاولة استغلالها وتوظيفها كما كان يجب (أو كان متوقعا) ان تكون عليه كمحور ارتكاز أساسي لها وليس ثانوي أو أقل من الثانوي شكل بمرور الوقت ومازال عبئ ثقيل وحقيقي عليها.

- بما يحقق لها الحد الأعلى من أولويات مصلحتها الوطنية العليا ويراعي مصالح الأطراف الدولية والإقليمية المعنية إلى حد كبير، لذلك فقد ظلت أوضاع البلاد كما كانت بل وازدادت سوء جراء استمرار تنامي ما تعانيه من تدهور حاد في أوضاعها السياسية- الأمنية والتي انعكست بقوة على طبيعة ومستوى ومن ثم حجم ما تمتلكه من قدرات معنوية ومادية في إحداث أية نقلة نوعية لها شأنها في الحياة الرسمية بأبعادها السياسية والدستورية والعسكرية والأمنية،...، ومن ثم التنموية وصولا إلى الحياة غير الرسمية، بصورة حالت إلى حد كبير دون وجود أية إمكانية أمامها لاستغلالها وتوظيفها كما كان يجب أو كا ن متوقعا.

- وضمن هذا السياق وبالاستناد إلى كافة القراءات التي نجحت إلى حد ما في الكشف عنها منذ فترة حول أهمية هذا الموقع في استراتيجيات القوى الدولية ماضيا وحاضرا ومستقبلا، باعتباره الأكثر أهمية وحساسية في العالم، فقد توصلنا إلى حقيقة دامغة في أرض الواقع من حقائق التاريخ اليمني مفادها أن في البحر يكمن السر الحقيقي وراء إمكانية نهوض اليمن دولة وشعبا وتاريخا وطموحا في المرحلة المقبلة وبمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة.

- وهو الأمر الذي يعزز لدينا تلك القناعات التي هيمنت على طريقة تفكيري لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها بعد الآن والتي تفيد إلى حد كبير أن اليمن قد أصبحت بالفعل إلى حد كبير بحاجة ماسة جدا أكثر من أية وقت مضى إلى تبني رؤية معمقة جدا في واقع اليمن ومستقبلها تقوم على إعادة استيعاب كافة المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لإمكانية النهوض المنشود ضمن إطار مشروع برامج تنفيذية مزمنة وطنية طموحة جدا تغطي الأربعين عاما القادمة، تصب قلبا وقالبا باتجاه البحر وأهمية لا بل وضرورة تحويل اليمن إلى دولة بحرية مدنية حديثة يتم إقرارها في المرحلة الحالية (الانتقالية)، سيما أن هذا التوقيت بالتحديد يهيئ أمامها فرصا متعاظمة منظورة وغير منظورة يصعب الحصول على البعض منها في أوقات أخرى؛ أما إذا كان التساؤل المطروح لماذا ؟

- نرد على ذلك بالقول لان منها وفيها تكمن معظم مفاتيح الأسرار الأكثر بروزا وأهمية وراء إمكانية نهوض اليمن على قدميها، في ضوء ما يتوقع أن يترتب على ذلك من توفر قدرات معنوية ومادية لها شأنها تمكنها من الإمساك بزمام شئونها بكلتا يديها؛ والتي يمكن بلورة بعض أهم معالمها الرئيسة في اتجاهين رئيسين، يتمحور الأول حول أهمية إرساء وضمان الاستقرار والأمن الداخلي في كل ربوع البلاد، باعتباره محور ارتكاز أساسي لإعادة ترتيب البيت الداخلي استعدادا منها للنهوض الكامل بواقعها.

- وبما ان هذا الأمر مرتبط بشكل وثيق إلى حد كبير بإحداث نقلة نوعية في واقع علاقاتها ذات الطابع المصيري مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية ومحيطها الإقليمي منها- بوجه خاص- باعتبارها محور الارتكاز الحقيقي في ضمان إمكانية إرساء عامل الاستقرار والأمن من الأساس ليس هذا فحسب، لا بل وضمان استمراره وتجذيره في أرض الواقع ضمن إطار شبكة واسعة ومعقدة من المصالح المتبادلة تعمد اليمن إلى حياكة أبرز خطوطها الرئيسة وأدق تفاصيلها ؛ بحيث تصبح احتمالية تجاوزها أو تجاهلها أمرا غير مطروح إلى حد كبير مهما كانت المكاسب والإغراءات، وهذا ما يجب على دوائر صنع القرار في اليمن الإعداد والتخطيط له من الآن.

- والاتجاه الثاني يرتبط ارتباط وثيقا بالاتجاه الأول كامتداد طبيعي له، ويتمحور حول فتح أبواب الاستثمار على مصراعيها، باعتباره نتيجة ومن ثم غاية ووسيلة في آن واحد، فهو المدخل الوحيد القادر على إحداث هذه النقلة بمراعاة عامل الوقت والسرعة والكلفة والتي من خلالها سوف تتمكن من ولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها.

والله ولي التوفيق وبه نستعين

d.tat2010@gmail.com


في الإثنين 05 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 11:21:23 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=17892