عن دون كيشوت اليمن ؟
طارق مصطفى سلام
طارق مصطفى سلام

بدء ولمن لا يعلم نذكر بأصل الحكاية الرواية والمعارك النارية لفارسها الغيور المغوار والبطل الهمام دون كيشوت عصرنا الفاسد المليء بأصناف الكذب والتزييف والتزوير للحقائق والوقائع والغارق حتى الثمالة في شعارات الدجل والخداع للقيم والمبادئ .

تبدأ الرواية أيها القراء الكرام بما قام به الزميل الكاتب والرفيق الثائر منير الماوري من تسجيل موقف هام وجاد (كعادته الأصيلة وديدنه المناضل المعروف عنه ) تم فيه التصدي لأقوال وأفعال الثورة المضادة (أو ما ضنه كذلك )المتمثل بالمشاريع الصغيرة لبعضهم ممن تماهوا مع بقايا العهد السابق وانبروا للدفاع عن عناصره ورموزه في السلطة السابقة وحلفائهم القدامى والجدد والتأييد لهم في الدعم المخفي والمعلن لخططهم المشبوهة والاصطفاف خلفهم في محاولة وأد لأحلام شباب الثورة بل وتطلعات شعب بأكمله يصر على تصحيح التوجه والمسار ,وهم في عملهم المشين ذاك يسعون بصفاقة وإجرام لعرقلة الجهود المبدعة والمتفانية لتأسيس العهد الجديد وتثبيت مداميكه الأولى من قبل قادة ورواد صادقين و مخلصين أتفقنا وتوافقنا جميعا على اختيارهم بل وقمنا بتسميتهم في الانتخابات الرئاسية يوم 21/فبراير/2011م وبذلك منحنا الشرعية للتغيير وللعهد الجديد واجمعنا على أدارة واحدة وموحدة لهذا الوطن المعطاء في حدث تاريخي وسابقة متميزة وفريدة لم يشهد الوطن اليمني والعربي مثلها من قبل , حيث عُمدت هذه الشرعية الجديدة بإرادة شعبية متمثلة بغالبية الشعب المكافح والمتسامح والعظيم ومجسدة بأصوات ستة ملايين ناخب يمني خرج عن رغبة ملحة وصادقة للتعبير عن إرادته في الحرية والتغيير وتطلعه للغد الجديد والمستقبل الزاهر المنشود فكان له ما أراد .

وعودا على بدء فأن الأخ منير الماوري المعروف بمواقفه الغيورة والثابتة في نصرته لثورة الشباب اليمني أبدى قلقه من تحركات متزايدة ودسائس متعاظمة تتربص بمسار الثورة ونهجها في الحرية والتغيير كما واجه منير العناصر المرتدة وجاهر في كشفه لبعض الأطراف والعناصر التي تسعى حثيثا لإلحاق أكبر الأضرار بمستقبل شعب ومصير وطن , وتحدث صريحا بل وكاشفا الانتهازيين والمخادعين من المتربصين الذين يريدون بالتغيير والعهد الجديد شرا .. الماوري عبر بصدق وشجاعة عن ما يقلقه وأطلق عدة محاذير تساعد في صيانة وحماية توجه ومسار هو يؤمن به ومشروع حضاري يتوحد معه في جزيئاته وتفاصيله ,وتحمل لوحده أعباء التصدي لجماعة اجرامية يعرف انها تريد الانقضاض على حلمة في الغد الجميل ,عصابة إرهابية تريد إلحاق اكبر الأضرار بثورة الشباب متخفية بأثواب ومبررات شتى .. ذلك البعض ممن اتهمهم الماوري بأنهم يسعون لتحقيق مأربهم الخفية التي تحركها نوايا خبيثة مرتبطة في خدمة ونصرة بقايا العهد السابق الذي ثار الشباب والشعب عليه .. لنتفاجأ بعاصفة هوجاء تثيرها مجموعة هوجاء تدعي علمها بالقانون وحرصها عليه وارتباطها بالدفاع عن الحقوق والحريات المدنية المهدورة لنصطدم بمنطق عجيب غريب يخطي الفيل ويصيب الفراشة حينما وجدنا دون كيشوت الثورة والرواية وفارسها المغوار(وأمثاله ) يصيبنا في مقتل وهو يخلط الأوراق والمواقف ويدعي الفروسية والبطولة في نرجسية غبية وغفلة مميتة تقول ها أنا هنا الفارس الوحيد المبارز فهل من ميدان قتال وخصم ومنافس !؟ في اصطفاف خاسر ومدان مع الظلم والبهتان وغياب كامل عن الوعي الثوري وصدق الوجدان وتنكر بالغ لتاريخ حافل ولذات رائدة ومتجردة من الشوائب والنواقص , ثم فقدت أتزانها وتوازنها عندما تناقضت مع متطلبات واقع المكان ودواعي ظرف الزمان فكان منها ومنه ما كان الذي أساء وأدمى القلوب واحزن الوجدان .

أخونا الثائر السابق برر لخفافيش الظلام بأن لا حاجة للتصدي لأفعالهم المعادية أو مجرد رصدها والتي تسعى للكيد لنا في الإقليم وفي المحافل الدولية بحجة أن الموقف الدولي من اليمن ومتغيراته الثورية محكوم برؤية إستراتيجية ثابتة ومبني على معطيات مصالح قائمة لدول العالم أجمع في اليمن المحظوظ والسعيد لارتباطه العضوي بموقعه الاستراتيجي المميز والهام!؟ تلك المواقف الدولية التي لا يمكن تغييرها بحال من الأحوال وبالتالي أتهم تلك الجهود الطيبة والمتفانية للأخ الماوري والمتصدية لزمرة التحايل والتضليل بالعبط والسذاجة وأصدر حكمه النهائي علي الماوري الثائر بأنه شخص متهور ومغامر مثير لبؤر الصراع والتوتر في البلاد وبين العباد!؟ الثائر القديم أنتصر لعهد قبيح وظالم ووجه طعنة لعناء في الظهر لشباب صادق وحالم!

أحكام ومبررات الرفيق المتحذلق والظالم لا تعترف بحقائق الواقع المعاش ومعتركه المعقد والمحتدم ولا تحتاط لخطورة نوايا خبيثة جاثمة ومتربصة , ولعدوا مازال فعليا على كرسي الحكم قابع وقابض , ويرفض ان يتركه لمستقبل واعد وشرعية جديدة قائمة تناضل وتقاوم بحكمة واقتدار ..أحكام مريبة ومبهمة ترفض ان ترصد مخاطر محدقة لتحالف اجرامي ومخاتل هو خليط للمسخ الظلامي والدموي والشرير القاتل.

تعسف أحكام رفيقنا الظالم ومبرراته الجوفاء لا تعني مطلقا وبأي حال من الأحوال ان الباقي على العهد منير الماوري شخص باغي وكاذب وله مأرب خاصة وخفية كما أراد ان يصورها لنا رفيقنا المخاتل المفتون بذاته المختالة الغارقة في نرجسية عابثة حدود الضياع والفرقة .

كذلك فان تطرف أحكام أخونا في الإسلام لا تعني البته ان الزمرة (إياها) لم تسعى جاهدة لتغيير خطوط ومسارات الخارطة السياسية اليمنية والتلاعب بها وإضعافها وخلط الأوراق والمراكز وتداخلها والتغرير بالموقف الإقليمي وكذا رديفه الدولي (الأهم في وضعنا الراهن) من ثورة اليمن وتحريضه على متطلبات التغيير وتشكيكه بكفاءة العهد الجديد والقائم .. نعم أن المعضلة تكمن في من يردع تلك الزمرة المتربصة عن شرورها وأفعالها القبيحة الساعية للإساءة لثورة الشباب وتطلعاتهم المشروعة ؟؟ فمنير أنار لنا الطريق بسعيه الصادق للتغيير وللتعبير عن مواقفه وتجسيدها في الدفاع عن رؤيته في الانتصار لمخاض ومسار ثورة يانعة والدفاع عن آفاقها وعن مصالح روادها في النهضة والتعمير ولم ينسي أو يتجاهل أنه واحد منهم كما فعل الأخريين .. بينما أخونا في الدين وجد نفسه يقف مع أخواته الثلاث (المترحلات دوما )وزمرتهم الباغية في اصطفاف واحد ومشترك مع حلفائهم القدامى والجدد في الضفة الأخرى المقابلة للمواقف المتصادمة بالضرورة سواء كان ذلك بإرادة كاملة ووعي منهم أم بحسن النوايا فالنتيجة واحدة في الحالتين وهي إلحاق أكبر وأشد الأضرار بالمصالح العلياء لشعب ووطن.

نعم نحن نفهم موقف الثائر منير الماوري ونقدره في هذا السياق ونجده متسق مع مساره السابق واللاحق للثورة ومنسجم في المواقف والمصالح ابتداء وانتهاء ..ونعي أسباب ودواعي الاصطفاف المعادي للثورة ومواقفهم المتربصة ونعد ونستعد لمواجهتها ومنها مواقف الثلاث الأخوات الطائرات دوما .. ولكن الذي هو غير مبرر أو مفهوم هو تلك المواقف المتشنجة والمبالغ بها لأمثال ذلك الثائر السابق (الذي تقاعد مبكرا في نضاله الثوري الحالم) في هجومهم الغريب واللافت وإطلاقهم النيران بكثافة على الأخ الماوري !؟ في سادية مرعبة تجيد جلد الأخر , لمن يعتقد أنه هو وحده فقط الذي يمتلك الحقيقة دون سواه من البشر وأنه وحده الثائر المعصوم من الخطاء فتمادى في دور القائد ذاك وتماهى بعيدا عن الوقائع والحقائق في تجسيد الثورة واختزالها في ذاته المريضة حتى أصبح يعتقد انه الوصي عليها فأنكر دور الأخريين جميعا وأبعدهم عن أي دور الميادين والساحات وأنفرد بالبطولات الخارقة متشبها بدون كيشوت (البطل الخرافي في الأساطير الأولى الذي أدعى قتال طواحين الهواء في معارك وهمية من صناعة خياله المريض)ولم يرى إلا نفسه فيها قائدا لمنصتها ومتربعا على عرشها لا يبالي بالمخاطر ومددا ساقيه إلى منتهاها .

مثل هذه المواقف السلبية والغريبة لمن هم اساسا في طليعة الثورة ومن طلائع الثوار, أو ممن يرفعون شعارات الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان وناصروا الثورة الشبابية السلمية في السابق والحاضر لا يليق بهم أن تكون اقوالهم وأفعالهم جميعها تصب وتخدم أهداف وأطراف معادية للديمقراطية والتغيير والعدالة الاجتماعية وقيم ومطالب المجتمع المدني الحديث في إشاعة حقوق الانسان والحريات العامة والخاصة .. تلك الاقوال والافعال التي لا تخدم المصلحة العامة والتي تتناقض مع مفاهيم المدنية الحديثة التي ترفض التعصب العرقي والمذهبي والوصاية واللجوء الى العنف والسلاح للتعبير عن الافكار وفرضها على الأخر واضطهاده والتنكيل به.

أن اتخاذ الموقف والاصطفاف الذي يأتي خارج مضمونه التاريخي ويتجسد بعيدا عن سياقه الطبيعي والعام ويتناقض مع أتساقه المعرفي والمنهجي يكون دائما مضر بأصحابه ومصالحهم الحقيقية والعميقة من وراء مثل هكذا موقف واصطفاف عدمي الأفق وضبابي الأهداف ومأسوي النتائج والنهايات .

كم نحن بحاجة ملحة وماسة في وقتنا الراهن لنشاط وجهود مثل اولئك الحقوقيين والقانونيين التي يجب ان تصب وتكرس لصالح إطلاق المعتقلين السياسيين والمخطوفين والمخفيين قصرا من رواد الثورة الشبابية السلمية الحالية أو ممن سبق اعتقالهم ومصادرة حقوقهم السياسية وحرياتهم الخاصة في ظلم باين ودون وجه حق في منعطفات ومحطات تاريخية سابقة في سجل الوطن اليمني المقهور والمغلوب على أمره , حيث يشكل بقائهم كل دقيقة اضافية في الزنازين والسجون وهم يعانوا الأمريين أدانة لنا جميعا ممن نحن خارج السجون وندعي بأننا رفاق مخلصين لهم ,نعم هي وصمة عار ستلاحقنا دائما وأبدا كما أنها إدانة بالغة ودامغة لنا لا يمكننا مطلقا الفكاك منها ما حيينا .

لماذا لا يعمل الغيورين على مصالح الشعب والوطن من القانونيين والحقوقيين في الاتجاه الصحيح الذي يخدم ويجسد مصالح الوطن العلياء ويعزز من مكانته وسيادته ونهوضه وازدهاره الشامل ؟ وبالتناغم مع قيمهم ومبادئهم التي رفعوها دائما وأعلنوا عنها مرارا وتكرارا ؟ ولماذا لا ينتصروا لقضايا حيوية ومصيرية وهامة للوطن مثل التصدي القانوني والحقوقي لخداع وتضليل بقايا العهد القديم للشعب المسكين في سعيهم المحموم لإجباره على التخلي عن حقوقه ومطالبه في الحرية والتغيير , أو أن يعملوا بجدية وسعي دؤوب على استرجاع ثروات وأموال الشعب المنهوبة من طغمة الفساد والطغيان سواء الموجودة في الداخل أو المهربة في الخارج أو أن يعملوا عاجلا على اسقاط الاتفاق المهين لمنح الحصانة للقتلة الذي بموجبه سمح بالمزيد من القتل والاستهتار بدماء الشعب العظيم, فهل يستجيب الأخ المناضل المحامي خالد الانسي وأمثاله من القانونيين والحقوقيين ويصطفوا جميعا في جهد جماعي ومشترك لإنجاز هذه المهام العظيمة والنبيلة والسامية عوضا عن التفرغ لمعارك ضبابية وصغيرة يستهلكون فيها وقتنا ووقتهم الغالي والثمين في مكايدات عبثية؟.

هل نأمل أن نجدهم يستجيبوا لمطالبنا الملحة والعاجلة والعادلة ؟ ويتركوا المعارك الجانبية والاستعراض المغامر للذات النرجسية والانانية ..وبداية بترك جزئية أبنة الوزير وشأنها لمن هم جديرين بالدفاع عنها ولخير من يمثلها في هكذا قضايا ومواقف ؟ وأن لا يهتموا كثيرا للانتصار لقضيتها الصغيرة مهما علاء شأنها لدينا واتسعت رقعة تعاطفنا معها ..وأن يتفرغوا لمطالبنا وقضايانا الملحة والكبيرة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم التي هي قضايا ثورتنا المجيدة والمباركة بل هي قضية مستقبل شعب ومصير وطن ..على أن لا يحدثونا أن البداية في تحقيق هذه المطالب والحقوق الكبيرة لابد أن تمر من قناة وساحة أبنة الوزير ومتاهتها الصغيرة وتمتزج بها! ؟.


في الأحد 04 نوفمبر-تشرين الثاني 2012 09:08:56 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=17890