جامعة صنعاء شرارة الثورة المضادة لضرب الرئيس وحكومته
د. عبد الله أبو الغيث
د. عبد الله أبو الغيث

تمخض الاجتماع الأخير للّجنة العامة للمؤتمر الشعبي – التي يسيطر عليها اللوبي الموالي لصالح – عن قرار يعتبر رئاسة جامعة صنعاء قضية مصيرية، وكان بيان لأمانة المؤتمر قد هدد قبل ذلك برفع قرار رئيس الحكومة بتكليف شخص آخر لإدارة جامعة صنعاء بدلاً عن رئيسها المكلف الدكتور باسردة إلى رعاة المبادرة الخليجية وإلى جمال بن عمر بشحمه ولحمه، واعتبار التكليف الجديد خروجاً عن روح المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها. والأغرب من ذلك تهديدهم بأن سكان الحارات المجاورة للجامعة سيدعمون بقاء باسردة رئيساً لجامعة صنعاء!!.

فإذا عرفنا أن قرار التكليف الجديد الذي أصدره رئيس الوزراء أتى بعد أعمال البلطجة التي مورست بإشراف ورعاية المكلف برئاسة الجامعة باسردة ومعه رئيس الجامعة السابق طميم ضد أعضاء هيئة التدريس والطلاب داخل الحرم الجامعي، إلى جانب أن التكليف يدخل في صميم مهام رئيس الوزراء باعتباره رئيس المجلس الأعلى للجامعات، فإذا أضفنا إلى ذلك النص على أن التكليف مؤقتاً إلى حين عودة الأخ رئيس الجمهورية من الخارج؛ بمعنى تسليم الأمر له ليتخذ بخصوصه القرار المناسب.. أقول إذا عرفنا كل ذلك سيتأكد لنا بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن القرارات المتشنجة الصادرة عن هيئات حزب المؤتمر لا تتناسب البتة مع المعطيات المذكورة أعلاه.

خصوصاً وقد سبق لنا أن تابعنا تسليم المؤتمر بحركة التغيير في مواقع تعد بالنسبة له أهم من جامعة صنعاء بدرجة كبيرة، مثل: القوات الجوية وبنك التسليف وأراضي وعقارات الدولة وغيرها من الجهات المعروفة، وطبعاً سيكون من السذاجة إن فكرنا ولو للحظةٍ بأن ذلك يتم على شان سواد عيون الدكتور باسردة، لأنه يعرف قبل غيره أن اللوبي الصالحي داخل المؤتمر يريد له أن يكون مجرد ورقة يستخدمها لتنفيذ مخططاته، ولا يهمه إن أدى ذلك إلى إحراقه بعد ذلك وذهابه حتى إلى الجحيم.

إذاً، دعونا نقول بأن الأمر لا يحتاج إلى كثير جهد وعناء لمعرفة أن الحملة التصعيدية التي يثيرها جناح صالح داخل المؤتمر يراد لها أن تحقق أهدافاً أخرى ليس لها علاقة بجامعة صنعاء من قريب أو بعيد، لعل أولاها وأسرعها قد تمثل بإعلان اللجنة العامة إيقاف هيكلة المؤتمر وإيقاف مجرد الحديث عن رحيل صالح عن رئاسته؛ وطبعاً كان كل ذلك تحت مبرر تفرغ المؤتمر لإدارة معركته المصيرية القادمة في جامعة صنعاء!!.

أما الهدف الأكبر لهذه المعركة المفتعلة فيتمثل بإشعال فتيل الصراع بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الوفاق، وذلك عن طريق حشر الرئيس هادي في خيارات صعبة: فإن أجاز تغييرات باسندوة فهو قد أعطى جناح صالح وحلفائه الفرصة لإشعال معركتهم لرفض قرارات الرئيس والحكومة، وطبعاً سيتم ذلك باسم الدفاع عن المؤتمر والحفاظ على مصالح أعضائه حسبما طُرح في اجتماع اللجنة العامة المشار إليه، خصوصاً أن اللجنة العامة قد أعلنت أن الاحتفاظ برئاسة جامعة صنعاء تعد قضية مصيرية لها، ولا يخفى أنها تقصد استمرار إدارة الجامعة في يد اللوبي الأمني الموالي لصالح؛ لأننا نعرف بأن المكلفين من قبل باسندوة لإدارة الجامعة بدلاً عن باسردة – الذين رفضهم المؤتمر- هم أعضاء في المؤتمر أيضاً؛ سواء الأول (د.مجدي عقلان) أو الثاني (د.عبدالحكيم الشرجبي).

أما إن رفض الرئيس هادي التغيير في جامعة صنعاء وأبقى على د.باسردة فهو سيضع نفسه في صراع مباشر مع نقابة هيئة التدريس واتحاد الطلاب، الذين رفعوا شعار التغيير داخل الجامعات اليمنية، ويطالبون باعتماد الانتخابات الديمقراطية لاختيار القيادات الأكاديمية والإدارية داخل الجامعات وفي مقدمتها جامعة صنعاء؛ أو على الأقل تعيين شخصية توافقية تحظي بالقبول من جميع الأطراف لإدارة الجامعة ريثما يتم إعداد قانون الانتخابات المشار إليه.

بصريح العبارة، يراد للخيار الأول أن يجعل الرئيس في صدام مع المؤتمر لمصلحة جناح صالح، بينما يجعله الخيار الثاني في صدام مع رئيس الحكومة وقوى التغيير.. وفي كلٍ خير للوبي الثورة المضادة.

وكان واضحاً أن مواقع المؤتمر الاعلامية الرسمية منها وغير الرسمية أرادت الإساءة للرئيس هادي تحت يافطة الدفاع عنه وعن قراراته، وذلك عندما نشرت مسودة قرار بعنوان: صدور قرار جمهوري لتعيين باسردة رئيساً لجامعة صنعاء، حيث أرادت تصوير الرئيس من وراء ذلك بأنه رجل مزاجي لا يعتمد المؤسسية في عمله (يعني زيه زي صالح) عندما نشرت توقيعه على مسودة قرارٍ خالٍ من توقيعات المسؤولين الأدنى منه (رئيس الوزراء ووزير التعليم العالي) رغم أن التقاليد البروتوكولية تقول أن يتم رفع القرار من المسؤول الأدنى إلى المسؤول الأعلى، ورغم معرفة هيئات المؤتمر ووسائل إعلامه بأنه لا يجوز لأحد أن يتحدث عن صدور قرارات جمهورية مالم تكتمل إجراءات إصدارها وتعلن عبر وسائل الإعلام الرسمية، وأنه ليس من اللياقة في التعامل مع فخامة الرئيس أن تنشر مسودة أولية – تم تصويرها خلسة- لمشروع قرار تم تجميده.

وبهذا الصدد دعونا نتساءل عن طبيعة عمل حكومة الوفاق الوطني، وعن الجهات التي تصدر لوزرائها الأوامر؟ نقول ذلك بعد أن رفض وزير التعليم العالي قرارات رئيسه المباشر باسندوة تنفيذاً لقرارات لوبي صالح في المؤتمر!!، ولعله من حقنا كأعضاء هيئة تدريس في الجامعات اليمنية أن نتساءل بدورنا كيف يعين وزيراً للتعليم العالي لا يحمل درجة الدكتوراه؛ في سابقة ربما تكون الأولى من نوعها على مستوى العالم.

أخيراً: هل يجوز لرئيس الجامعة أن يوقف الدراسة في الجامعة هو أو حتى مجلس الجامعة؟ وليتهم اقتصروا على ذلك إلا أنهم أرسلوا بلاطجتهم لإغلاق مكاتب أعضاء هيئة التدريس وقاعات المحاضرات أمام الدكاترة والطلاب الرافضين لعبثيتهم؛ في تصرف همجي لم نسمع بمثله في جامعة أخرى، ومع الأسف فقد اشترك في العملية بعض (دكاترة) الجامعة من الذين كانوا يتباكون على مصلحة الطلاب كمبرر لرفضهم الإضراب الذي أعلنته النقابة حفاظاً على كرامتهم، لكن مصلحة الطلاب سرعان ما اختفت لديهم عندما أتتهم الأوامر من الجهات إياها، وقاموا بتنفيذها بخضوع وتذلل وانبطاح عجيب.. ولله في خلقه شؤون!!


في الأربعاء 03 أكتوبر-تشرين الأول 2012 05:42:07 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=17558