الحوار الوطني .. مطلوب دليل رؤية
عارف الدوش
عارف الدوش

* الحوار الوطني هو المخرج الوحيد لليمن واليمنيين والفرصة الأخيرة لمنع انهيار الدولة والمجتمع وهناك إدراك من قبل الأطراف المعنية بأهمية وضرورة أن ينعقد مؤتمر الحوار الوطني بمشاركة الجميع وهناك تقدير لكل المخاوف ولا يريد الناس الحوار الوطني انهيار البلاد وأمامهم تجارب حية أولها انهيار الصومال منذ أكثر من عشرين عاماً وما يجري في العراق وأفغانستان وسوريا وهذه دروس عملية وفوق هذا كله هناك إصرار من قبل المجتمع الاقليمي والدولي بعدم السماح بانهيار اليمن لخطورة موقعها الجغرافي ولقربها من خزان نفط العالم " السعودية ودول الخليج " كل ذلك أصبح مفهوماً ويدركه الجميع ولا مجال للتشكيك بعدم قدرة اليمنيين لحل خلافاتهم والوصول الى الإتفاق على الحد الأدني لبناء الدولة اليمنية وإعادة الأمن والاستقرار وليس بخاف على أحد أن البدايات هي أصعب مرحلة في أي عمل كان فما بالنا ببداية مرحلة التغيير سواء فيما يتعلق بنقل السلطة ومتطلبات ذلك خلال المرحلة الانتقالية التي قسمت الى مرحلتين ومنها الحوار الوطني والوصول إلى دستور جديد للبلاد يحدد شكل النظام السياسي والدولة اليمنية قبل إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية بموجب ما سيتوصل إليه مؤتمر الحوار الوطني في بلد لعلعت فيه الرصاص وقصفت المدن بالمدافع والدبابات وقتل الشباب والشابات في ساحات التغيير والحرية بدم بارد ودمرت أحياء كاملة وأحرقت ساحات كساحة الحرية بتعز وكان الناس يتوقعون الأسوأ والبلد كان قاب قوسين أو أدنى من الاقتتال والتشظي وجرى بضغط اقليمي ودولي تبريد اليمن الساخن والذي كان يشبه الكأس المملوء بالماء الساخن حد الغليان فجرى تبريد هذا الماء الساخن بنقله من فجان إلى آخر على حد تعبير المناضل الوطني محمد سعيد عبد الله محسن ويدرك عقلاء الأطراف المعنية في اليمن أن أعداء الحوار وصُناع الأزمات وأمراء الحروب متواجدون في مواقع مؤثرة وهناك من يفكر بعقلية ماكرة ويتحين الفرصة لقلب الطاولة على الجميع ويعتقد أنه بمقدوره أن يلتف على مطالب الثورة الشبابية الشعبية وإفراغها من مضمونها خاصة وهو حتى الآن لا يعترف بشيء أسمه ثورة ويتعامل مع الوضع على أساس أنه أزمة وصراع أطراف حول السلطة وهناك من يعمل ليل نهار لتخريب أي اتفاق وتعطيل أي حوار .

* ولمواجهة أعداء الحوار ومحترفي سرقة الثورات وطموحات الشعوب منذ منتصف القرن العشرين حتى اليوم فهؤلاء وإن تبدلت شخوصهم لكنهم عبارة عن قوى وتيارات تتوالد وتتناسل تجمعهم المصالح ودائماً يخلقون واقعاً جديداً معقداً يتعدى ما هو مطروح ويقومون بخلط الأوراق واستخدام كل وسائل واساليب المكر والخداع من خلال خلق مشكلات جديدة وتفجير صراعات وتسخين المسرح السياسي بزيادة رفع درجات التوتر بارتكاب الجرائم وصنع الاختناقات المتعددة لتشكل ضغوطاً إضافيا أمام المتحاورين وبدلاً من ان يبحث المتحاورون قضايا أساسية تتمثل في تنفيذ هدفي الثورة الشبابية " الشعب يريد إسقاط النظام" الشعب يريد بناء يمن جديد " يدور المتحاورون في حلقات مفرغة لمواجهة قضايا كثيرة ومتشعبة ونظراً لضيق الوقت والأوضاع المتفجرة التي صنعها سراق الثورات والمتحايلون على التغيير سيتم كلفتة الحوار في ظل غياب دليل للحوار ورؤية وطنية واضحة مفصلة وكاملة حول طبيعة النظام السياسي القادم وهويته وعلاقة المركز بالمحليات والدستور الجديد ومضامينه وما هي الآليات التي ستعتمد في الحوار ؟ وهناك خطورة بدأت تتكشف من الآن قبل الجلوس على طاولة الحوار حول نوع النظام السياسي وموضوع الفيدرالية هل هي من إقليمين شمالي وجنوبي أم متعددة الأقاليم ؟ وهوية الدولة اليمنية القادمة وبدأت تظهر دعوات ويجري الحشد لها بضرورة إيجاد مرجعية للحوار ويقصد هنا المرجعية الدينية وكأن اليمن فيه أقليات غير مسلمة أو جماعات مشكوك في أسلامها وهناك أشخاص يرون أنفسهم هم المرجعيات فقد نصبوا أنفسهم بالأمس مرجعيات للدستور والبرلمان واليوم يريدون تنصيب أنفسهم مرجعيات للحوار وإذا فشل الحوار الوطني لاسمح الله فسيكون سبب الفشل اختيار ممثلين إلى طاولة الحوار ضعاف ليست لهم علاقة بالثورة الشبابية السلمية الشعبية وساحات التغيير والحرية وليست لهم علاقة بالقضية الوطنية وأن يكونوا أتباعاً لشخصيات قبلية أو عسكرية أو اتجاهات دينية وفرق مذهبية لا ترغب في تحقيق كامل أهداف الثورة الشبابية في بناء دولة مدنية حديثة وديمقراطية أو أن لها موقفاً إيديولوجيا أو موقفاً مذهبياً أو فهماً واحداً للإسلام وليس متعدداً وترى في مؤتمر الحوار الوطني أنه يهدد كياناتها ومصالحها في الداخل والخارج باختصار " يقطع أرزاقها واستمرار تضخمها السياسي والاقتصادي وينهي خدمتها لدى مراكز القوى الإقليمية الداعمة لها سياسياً واقتصادياً " وبالتالي فهي تريد أن تكون مرجعية لهذا المؤتمر وفي هذه الحالة لن يخرج مؤتمر الحوار في ظل غياب دليل الحوار والرؤية الوطنية الواضحة بنتائج يتوافق عليها الجميع وسيجد المتحاورون أنفسهم أمام فشل محقق وسوف ترفض النتائج المجتمعات المحلية والمكونات الثورية في ساحات التغيير والحرية وستنقسم الأحزاب السياسية وسنفاجأ بمواقف ودعوات ونعرات أخطر مما هو قائم الآن .

* وللتخفيف من حدة الانقسامات لابد من اعتماد رؤية سياسية إستراتيجية تتضمن إعادة الاعتبار للدولة الوطنية وفق منظور سياسي جديد يخدم بناء اليمن الجديد أحد أهم شعارات الثورة الشبابية ودعوة كل المكونات السياسية والثورية دون استثناء للحوار بما في ذلك مثقفين وأكاديميين ومجتمع مدني والنخبة الاقتصادية ومعارضة الخارج والنخبة التقليدية بالتساوي وأن يكون هناك وضوح يُطمئن الجميع بأن الحوار سيشمل كل المكونات السياسية التقليدية والحديثة الحزبية وغير الحزبية والشبابية الثورية وأن الأجندة السياسية مفتوحة لدى من يريد أن يضع قضايا يتم استيعابها في الدليل السياسي الذي من المفترض أن يقدم للحوار الوطني لأنه من غير المعقول أن تتم دعوة الناس للحوار في ظل غياب دليل للحوار أو ورقة عمل سياسية اقتصادية اجتماعية أمنية .. الخ بشكل أولى توضح على ماذا سيأتي الناس؟ يتحاورون .. ما هي الأولويات؟


في الجمعة 20 يوليو-تموز 2012 09:43:59 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=16576