عصا المبعوث الأممي
اكرم الثلايا
اكرم الثلايا

بالأمس كان المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي مشكورا مبعوثا خاصا لحل مشاكل شركاء الوحدة اليمنية والتي كللت باتفاقية العهد والاتفاق ,وفي اليوم التالي اندلعت حرب صيف 1994م لتنتهي بإقصاء طرف على حساب آخر وخلقت العديد من المشاكل الاجتماعية والنزاع السياسي والطائفي والقبلي والأسري على الحكم حتى الآن , واليوم المبعوث الامميي جمال بن عمر مشكورا مبعوثا خاصا لحل مشاكل شركاء الحكم , مع فارق أن العالم والسيد المحترم بن عمر قد استفاد من تجربة المخضرم الإبراهيمي ويعرف أكثر من غيره حقيقة النزاع على الحكم بين الساسة اليمنيين ,ويدرك تماما أن النزاع السياسي في اليمن هو بين أشخاص لا بين سياسيات حقيقية , تستخدم فيها الأحزاب كعنصر فاعل أو أداة ديمقراطية للإقصاء السياسي والانفراد بالقرار التنفيذي للاستئثار بثروات اليمن وشعبه لا حكمه وتنميته وتطويره.

ومن أجل ذلك على السيد جمال بن عمر أن يشهر عصاه الأممية في وجه الأحزاب السياسية اليمنية الموقعة على المبادرة الخليجية موجها هذه الأحزاب وقياداتها العتيقة نحو الدرب الصحيح الذي رسمته الأسرة الدولية , فممارسات الأحزاب السياسية في طرفي النزاع القائم على السيطرة على دفة الحكم لا تعد أكثر من أضحوكة سياسية يدركها عامة الناس , فواقع الحال بين طرفي النزاع السياسي يشير بوضوح أن لكل طرف سياستين إحداهما إقصاء الآخر ليحققان هدفين متناقضين وهذا شكل ظاهري وأمر مفروغ منه منذ 22 سنة من عمر الديمقراطية اليمنية, وسياستان أخريان هدفهما واحد وهو إقصاء أي لاعب سياسي جديد خرج من رحم ثورة التغيير وهذا شكل باطني يدحض الشكل الظاهري في هذه المرحلة المتفق عليها بين الطرفين, فيقوم الفريقان بتشجيع وتمويل الحركات الشبابية وتأطيرها منفردة رسميا (مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني متعددة الأسماء والانتماء) وفقا لمتطلبات المبادرة الخليجية , ومن ثم استغلال عمرها القصير وخبرتها المحدودة في العمل التنظيمي والسياسي وتأجيج الصراع فيما بينها ليظهرون للعالم والأسرة الدولية أن شباب اليمن ومن قاموا بثورة التغيير هم عبارة عن مجموعة من الغوغاء لا يمتلكون رؤية سياسية وهدفاً إستراتيجياً , ونفس السياسة يتبعها طرفا النزاع على دفة الحكم مع المستقلين والغالبية العظمي من الشعب اليمني , فتقصى تنظيماتهم وتهمش منظماتهم وجمعياتهم ويتجاهل الإعلام مثقفيهم ونخبهم في العملية السياسية من قبل الطرفين , مستغلين في ذلك إمكانياتهم الإعلامية والرسمية والتي يفتقر إليها المستقلون , وصار كل الشباب والمستقلين ومنظماتهم يدركون أن هناك من يفرقهم , ليظهر جليا أن الأحزاب السياسية اليمنية وقيادتها العتيقة لا زالت تعيش في القرن العشرين وأن الممارسة الديمقراطية أكبر منهم بكثير وهم صغار بحجم أناملهم , ولا يدركون أحلام شباب متعلم يرفض أن يعيش على هامش أفكار الآباء الذين أوصلوا اليمن إلى ما وصل إليه بعد 50 عاما من الثورة الأم و22 سنة من الوحدة والممارسة الديمقراطية وعام ونصف من ثورة التغيير.

إن سياسات الخطين المستقيمين التي ينتهجها طرفا النزاع في المؤتمر وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه لا يمكن أن تصل إلى نقطة واحدة لتجمع بين متناقض الانفراد بالقديم ومتوافق الإقصاء للجديد , ليستمروا في الحكم مجددا كما كانوا جميعا يحكمون قبل عامين , فإدراك السيد جمال بن عمر لطبيعة الساسة اليمنيين وتاريخهم مهم لتحديد ملامح الدرب الجديد الذي يرسم خطوطا عريضة لمسارات محددة مشتركة ومفتوحة تستوعب السياسيين الجدد كي تنجح المبادرة الخليجية كملحقات واقعية بها لا مفشلة لها كما يريدها القادة التاريخيين , وبذلك يتفادى بن عمر الفشل الذي لحق بوثيقة العهد والاتفاق في الأردن وأثمر حربا حزبية , وينجح بن عمر في مهمته وتنجو اليمن والأسرة الدولية من توتر في شبه الجزيرة العربية قد يشعل حربا إقليمية يخطط لها البعض , وينزع فتيلا لانفجار اقتصادي عالمي لا حدود له.

Althulaia72@gmail.com


في الأحد 01 يوليو-تموز 2012 08:59:53 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=16305