من هنا .. يا هادي
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

طال الأمد ، وعِيل الصبر ، وضج الناس بالشكوى ، فما في الأفق سوى ضبابية وسُحبٌ داكنة ، وخطوطا غير واضحة لا تهدي الى سبيل .

أعطى اليمنيون نموذجا أخلاقيا عز له نظير ، تغافلوا في مروءة لا تقاس ، وحملوا من الهموم واحتبسوها ما تأبى لها شم الجبال ، واستشفعهم الجار والصديق فشفعوا على دماء ابنائهم وأموالهم وأعراضهم ، ثم غضوا الطرف وقالوا إن كان الى هنا ...( فليذهبوا فهم الطلقاء ) على أن لا نرى لقاتل وجها يستفز في المشيج الدماء على دماء الابناء والآباء والاخوان والحرائر سُفِكت عمدا بسبق وإصرار وإفراط ..... ثم لمكرمة وأمر آخر صار القاتل طليقا ، واللص من حوله في أريحية كعادته ما زال يرتع ..

قال اليمنيون لوجه الجار ثم لِحلم يسكننا غضضنا وسكتنا فــ (اذهبوا فأنتم الطلقاء .).لكن على أن تغادروا اللحظة والبقعة فتسعكم غير هذه الارض الى أرض لم تسفكوا فيها دما ، ولم تغتصبوا منها شبرا ، ولم تنتهكوا عليها عرضا ... ولعلها تُقدم أحدكم الى الله شافعة إن أحرق دواخله الذنب وجاء يئن الى الله بتوبة ..

***** *****

وفي سابقة لا تقترب منها أخرى في الشبه .... خرج اليمنيون في حالة استنفار قصوى سبق اليها الشيخ والشيخة من أولي المائة بل ومنهم من ينيف عليها ، وآخرون عذرهم الله من المريض والمعاق في أطرافه وجسده ، والاعمى والاصم ، ورجال ونساء ، وشباب وصبايا ، وأطفال كالزهور من حولهم يغردون ويرفون ... الى انتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا لليمن في مشهد نفسي ومادي وتصوري على أنها الاولى في تاريخ اليمن يجدها اليمنيون فعلا وعلى الارض أنها منهم ولهم ، في اصطفاف متناغم تكسوه الابتسامة والفرحة .. ولعلها كانت تحت شعار ( بعنا الدكتاتور واشترينا اليمن ) لم يفصح عنه اليمنيون على لافتات رسمية ، لكنه عمليا كان يعتمل ويحركهم من الداخل ..

وجاء عبدربه منصور هادي على اليمن رئيسا شرعيا حقيقيا ، في ظل قبول جامع ، شهد عليه السهل والجبل ، والصحراء والساحل ، والجزيرة ولأرخبيل ، وتوافق إقليمي ودولي .

والظن بهادي جميل ، وهادي هو الآخر جميل وقور ، ريث ٌ مكيث ، مستقيم طيبٌ ، صاحب خبرة واستراتيجية ورؤية ، وفيه يمنية تسكنه وعروبة ودين وسابقات كلها كريمة ..نحسبه ولا نزكيه ..

وثقة الناس بالله مطلقة ، والظن به حسن ، ولعل هادي رحمة من الله باليمنيين يداولها بعد عسر أصابهم ، والله سبحانه اللطيف الرحيم قضت سنته بأن لا يجمع على عباده عسرين ما فاعلوا وأتْبَعُوا سببا , ولن يجمع سبحانه على اليمن صالح وبؤس آخر ..

لم يلمز الناس هادي من قبل والآن بشيء وهذا لصفاء وعفوية الناس وربما لسريرة الرجل ، والله بها أعلم ، فإن كان من قول هنا أو هناك فهو بعض عتاب وتنبيه جراء الانتهاكات من صالح ، ولأجل تصحيح نسق العلاقة ..

نعم ظرف الرئيس هادي صعب ، والبيئة التي يتحرك بها وعليها كلها مُلغَّمة وتومئ بأخطار جسام ، لكن إن سارت الامور على هذا النحو فإن ما ستكون عليه في الغد كارثية ، وستكون أوراق هادي القوية اليوم غيرها تماما في الغد ، ونقاط قوته اليوم قد تكون لغيره في الغد ، كما أن فرصه اليوم إن لم تقتنص ستكون مخاطر محدقة في الغد، وما هو عليه اليوم أقدر لن يكونه في الغد .

صحيح أن هناك قرارات حازمة وقوية وايجابية اتخذت في بعض المستويات والمربعات يُحمد عليها صانعها غير أنها إن سدت للفساد باب فهي فتحت للفتنة والفوضى أبواب ...إنها بكل التقاليد المؤسسية في العالم وأعراف المجتمعات ليست صائبة لعدم اكتمالها بشقها الآخر .

فإزالة الفاسد من موقعه الى موقع آخر أو تسييبه هكذا قد أدى الى ثورة غضب انتقامية بداخله جعلته يرتص مع صالح متفرغا للفتنة والفوضى ، وهم الأب والأم من قبل لها ..... كانوا يختصوها بجزء من اوقاتهم وجزء آخر لجوانب اخرى ، أما اليوم فهم لها كلها مجردين ومجردة .

هذا ما كان مشاهدة من كبيرهم يوم اعلانه أنه لها متفرغ ، وسوف يُقدمها بنمط آخر مختلف لم يألفه الناس .

 ثم من المسيح المهدي مهدي مقولة قدس الله روحه ، وعجل فرجها . وما ادراكم ما مقولة ؟ سلوا عنه دوفس أبين ، وأنصار الشريعة ..وكل قرية في اليمن قتل لها ابن في ابين وخارطتها .

وفي القافلة معياد ، وقاضي اليمنية ، والشاطر حسن ، ورشاد المصري .، والعليمي ودويد في الطريق وبلاطجة أخر عظام ، كل واحد منهم يجر أطنان من الوثائق تدينه في الفساد والقتل والنهب والخيانة العظمى ، لو وزع فساد واحد منهم فقط على واحدة من الدول الاسكندنافية لجعلها أثرا بعد عين .

*استراتيجية صالح أثناء هادي: ..

-الحرب تحت رايات عدة ..

يعتقد صالح أن خصومه واجهوه على مسارين ... مسار الثورة السلمية في الساحات ، ومسار الحرب المباشرة والمنظمة تحت راية القبيلة في أكثر من موطن ..

وهو اليوم يعتقد أن خياراته في الحركة مفتوحة وغير مقيدة وهي افضل منها في الامس حيث كان رئيس تكبله قيود وضوابط ... وأمامه اليوم أن يعاركهم تحت غطاءات عدة ...

إنه الآن معارض سياسي على مكون شرعي واداء هو الآخر دستوري .. وهو اليوم متفرغ لهادي وحكومته ومعارضيه لا تشغله عنهم هموم أخرى ..

ويمتلك في المقابل عدد من الجيوش الحيوية والغير تقليدية ، تتحرك بحرية ، وخفة ، ودون دولار يدفعه هو من جيبه ..

ــ تحت راية القاعدة .. ...

يقتل شعبه صالح اليوم ، ثم يظهر على منصته أو عبر ناطقه يندد ويدين تلك المجازر ..

والهدف تدمير الجيش اليمني تماما من عند افراده ومعداته وصولا الى قياداته ومنظوماته الأخرى ... والخطة هنا سهلة ..

سلسلة من الاغتيالات تطال رموزه بالتوازي مع مجازر بالجملة أداتها القاعدة لعدد من الكتائب الامنية والعسكرية يكون أصحابها في حال سبات أو ساعة استرخاء في مواقع ومناطق يعتقد منتسبيها انهم بعيدين عن العين وليسوا في مربع صراع وليس لهم معارك مع القاعدة حتى تطلبهم في ثارات لها

وبالقيام بسلسلة من هذا النوع من العمليات سترتد معنوية الجيش عليه ، وستحرص الأمهات في القرى على ابنائها فتمنعهم من العودة او تستدعيهم ... هنا ينهار الجيش والأمن تلقائيا ..

والقاعدة هنا مخترقة بمجاهدين صنعهم صالح على عينه أمنيا ثم موضّعهم وربما تكون هناك مواطأة دولية على مصلحة تقاطعت وتقدير أمني ..

والقاعدة ايضا حاضرة بالفعل فجاءت اليها الفرصة تمشي فعانقتها بمرح ...ثم استوت بالمنجل تحصد المئات من الكفار أعداء الله من ـــ أمريكا والصليبين ــــ في معارك فاصلة وفتوحات عظيمة على زنجبار وغيرها ..حتى أن الاخبار لتصل كل يوم عن عدد القتلى وهم بالعشرات ومثلهم من الأسرى من منتسبي الجيش والأمن اليمني اغلبهم شباب لم يغادروا العشرين ، كلهم يقولون ويكررون كل يوم كلمة التوحيد ، ويحضرون الجمع والجماعات وبعضهم من حفظة كتاب الله ومع الاسف فتشنا فلم نجد بينهم صليبيا واحدا ..

وهذه آية في العجب لدى القاعدة والحوثيين ، كلهم يرفع راية الأنصار ويبكي حال المسلمين والاسلام ويلعنون امريكا واسرائيل صباحا مساء .. وما ثم الاّ القتل فينا إخوانهم في الوطن والدين .

ويقاتل صالح تحت راية الحوثيين وآخرين من بلاطجته تحت مسمى الحراك في الجنوب .

*الاستنزاف وإنهاك البلد :

بأدوات .... الاغتيالات ، قطع الكهرباء الممنهج والمستمر ، التدمير المستمر لأنبوب النفط ، استهداف مؤسسات خدمية ، ضرب الاستثمار عبر الورقة الامنية ، استهداف الحقل الدبلوماسي ....والقائمة تتبع .

*التمويل عبر خزينة الدولة نفسها ..

الذي اغلقه عليه وعلى بلاطجته صخر الوجيه يأخذه صالح وأكثر عبر التقطع لتحويلات البنوك ، والسطو على المؤسسات وغيرها ..

الحق أنه مالم تكن هناك قرارات جادة بشأن صالح وعائلته ، والفاسدين الذين يُقالوا ويتركوا ثم يدوِّرَهم صالح سريعا للتموضع في مواقع أخرى مهمتها صناعة الفوضى وتدمير البلد فإن مرحلة أوشكت أن تصل ستدمر كل شيء ، ولن يسعها يومها حكيم..

حتى الآن لم يُقدم النائب العام للقضاء قاطع طريق ، او معتد واحد على الاقل على شبكة الكهرباء وانبوب النفط ، او فاسد بلطجي ما زال يستشري بصلف ..أو ..أو ...طبعا لمرحلة ما بعد الحصانة .. قد رضينا بالفتات ..

بألم ..

.لماذا دمروا المجلس اليمني وقد كان يسع الجميع ولا يفرِّق ؟


في الثلاثاء 03 إبريل-نيسان 2012 10:13:15 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=14923