نجاح العراق وفشل فرنسا
د. محمد حسين النظاري
د. محمد حسين النظاري

• نبارك للعراق العظيم نجاحه الكبير في احتضان القمة العربية 23، والتي أعادته من جديد بفاعليته المعهودة لأشقائه العرب، فالعراق مهد الحضارة، وهم من علموا العالم الكتابة، ولهم افضال على البشرية لا تعد و لا تحصى، فالتئام العرب في عاصمة الرشيد يرسل اشارة واضحة الى ان العراق بدأ يتعافى، وان ما يحدث حاليا في الآونة الأخيرة من تفجيرات كان يراد منه تأخير عودة العراق ليمارس دوره الريادي في المحيط العربي، ولم تنجح تلك المحاولات في ثني العراقيين عن اثبات انهم على الطريق الصحيح.

• لقد نجح العراقيون ايضاً من خلال قمتهم في تفويت الفرصة امام من يريدوا تسليح المعارضة السورية بإذن عربي، والتوقيع على خلع بشار الأسد وتفويت مثل هكذا قرار ما كان له ان يحدث، لو لا ان العراق هي من تستضيف القمة.

• لقد عشت في العراق اشهراً عديدة وهو تحت الاحتلال الأمريكي وكنت كما العراقيين نعيش حالة من الخوف لأنك لا تدري في وقت ستمر على لغم، او اي سيارة تركبها تحتوي على متفجرات، ومع هذا عاش العراقيون بصبر طيلة هذه السنوات، ان العشر السنوات الدامية التي حصدت ارواح اخوتنا في العراق، كانت كفيلة بأن يحس العراقيون بمدى خطورة الاحتلال وما يعقبه من حرب أهلية ولهذا فهم لا يرضونه للشعب السوري الشقيق، بعكس دول أخرى لا هم لها سوى نشر القتل المجاني في اقطارنا العربية.

• من المصادفات العجيبة ما بين آخر قمة احتضنها العراق في العام 90م وهذه القمة، مفارقاتها مع الشأن اليمني ففي تلك القمة كانت اليمن مع مخاض تحقيق الوحدة المباركة، وهو شأن كبير حينها، وتأتي هذه القمة واليمن يعيش مخاض اصلاح مسارها، بعد التحولات الكبيرة التي شهدها وبعض البلدان الشقيقة، ولهذا فإن قمة بغداد هي قمة التحدي العربي عموماً والعراقي على وجه التحديد.

• في الوقت الذي يريد العرب من خلال قمة بغداد توجيه رسالة للعالم عن قيمة الانسان العربي التوّاق للحرية والتغيير، تظهر علينا المحتلة القديمة (فرنسا) بوجه جديد للاحتلال افصحت عنه في ليبيا، ثم توجته بما تريد ايصاله للعالم عن الفرنسيين من ذوي الاصول العربية، وتصويرهم على انهم ارهابيون كما حدث مع الفرنسي من اصل جزائري محمد مراح.

• ونستغرب جداً من الحملات التي تشنها القنوات الإعلامية الفرنسية بإيعاز من صانعي القرار على الجزائر الشقيقة، وليس أولها ولا اعتقد أن يكون آخرها التشويه المتعمد للجالية الجزائرية التي تعيش في فرنسا، ومنه إلصاق تهم الإرهاب لكل من تعود أصوله لهذا البلد الشقيق.

• قامت الدنيا ولم تقعد على ما قام به –الفرنسي- محمد مراح -ذات الأصول الجزائرية- عندما أقدم على قتل مجموعة من اليهود، ومع تنديدنا بقتل الأبرياء مهما كانت جنسياتهم أو معتقداهم الدينية، فيما هم لا يعيرون أي اهتمام لقتل الفلسطينيين على أيدي اليهود، وهنا نندد على إصرار الجهات الفرنسية التركيز على أصوله العربية الجزائرية، متناسية تماماً انه فرنسي ابن فرنسي وانه وليد فرنسا وتربى ونشأ بها، وبالتالي فإن معتقداته الخاطئة تعلمها فيها.

• عندما يرتكب بعض الذين يعودون إلى أصول عربية أية جريمة –ندينها ويدينها الإسلام-، فسرعان ما يتناسون أنهم فرنسيون بحكم المولد والجنسية، ويعلقون كل شواذه وإجرامه واختلال سلوكه بأصوله العربية وخاصة الجزائية بحكم الجالية الكبيرة لها في فرنسا.

• في حين أن المبدعون من أصول عربية كزين الدين زيدان وغيره من المخترعين على سبيل المثال، لا يشار إلى أصولهم، بل يتمسكون بفرنسيتهم ويخلدونهم، وهنا تبرز علامة الاستفهام الكبيرة: لماذا يريدوننا عندما نبدع ونلمع أسمهم ويتنصلون منا عندما يجرم بعض أبناء جلدتنا؟.

• إن هذا التشويه الحاصل الآن لمن له أصول جزائرية ليس بريئاً أبداً فالمقصود منه ثني الفرنسيين عن انتخاب من لهم أصول جزائرية في الانتخابات القادمة، وهي استخدامات سيئة للسياسة في العلاقات الاجتماعية، والتي يفترض أنها لا تفرق بين الفرنسيين طالما وأنهم جميعاً يحملون جنسية واحدة.

• إن هذه الحملة يراد منها أيضاً تضييق الخناق على الجزائريين الذين يحملون الجنسية الفرنسية، ويريدون أن يصورنهم للمجتمع الفرنسي وكأنهم إرهابيون، ليتجه المجتمع إلى نبذهم، لقد نسي الفرنسيون كيف أنهم احتلوا الجزائر لمدة 132 سنة، ونهبوا خيراتها، وقتلوا ما يزيد عن المليون شهيد، في جرائم يندى لها جبين العالم لأنها إبادة جماعية لشعب كامل، ورغم ذلك لم تخجل ولم تقدم حتى اعتذاراً عن ذلك الاحتلال المقيت.

• لن ينسى الفرنسيون أن الجزائريين أخرجوهم أذلاء صاغرين بفضل مجاهديهم الأحرار، وبفضل الشهداء الكرام الذين قدموا أرواحهم من اجل استقلال الجزائر والذي نحن على مقربة من الاحتفال على الذكرى 50 على اخرج المحتل الفرنسي من ارض الجزائر التي خالها فرنسية، فخرج يجر أذيال الخيبة والخزي.

• ستظل الجزائر وشعبها المجاهد غصة في حلوق الفرنسيين، لأنهم مجاهدون وليسوا إرهابيين كما يريد أن يصورهم الإعلام الفرنسي، وسيأتي يوم وتجبر فيه باريس على تقديم الاعتذار لأحفاد الأمير عبد القادر، لشعب المليون ونصف المليون شهيد.. ولتبقى الجزائر حرة أبية، وليخسأ كل من يريد النيل منها.

• إن الدماء العربية في نظر قناة الجزيرة هي دماء رخيصة ويمكن استباحتها والمتاجرة بها بعكس الدماء اليهودية، وهذا ما ظهر جليا حين اعتذرت القناة بحسب التوجيهات الفرنسية من عدم اعادة نشر صور اليهود الذي تم قتلهم في تولوز، وهنا المفارقة الغريبة، فكيف تسمح القناو ليل نهار على المزايدة بالدم السوري وقبله الليبي واليمني، اما الدم اليهودي فهو مقدس.

• لقد نجح العراق في جمع العرب في عاصمته الرشيدة، ليعود العراق كبيرا كما كان ، فيما فشلت فرنسيا من تسويق وجهها الحضاري المزيف، وهي تقتل محمد مراح مع انه كان باستطاعته اعتقاله، ولكن لكي تموت الحقيقة معه، وليبقى العرب ومن لهم اصول عربية مدانون بتهم الإرهاب وليظل ذو الاصول اليهودية والإغريقية والرومانية هم صفوة المجتمع الفرنسي.. فهل فهم العرب المعجبون بالغرب ماذا يحاك بهم وكيف ينظر اليهم من قبله؟

............

نبارك من اعماق قلوبنا للأستاذين والزميلين القديرين الاستاذ عبد الرحمن بجاش وعبد الله الصعفاني على تعيينهما بقرار جمهوري على التوالي رئيساً ونائباً لمجلس ادارة مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر، وأتمنى لهما ولجميع العاملين في المؤسسة التوفيق والنجاح لكي تستمر الثورة لكل اليمنيين


في الجمعة 30 مارس - آذار 2012 11:03:11 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=14848