وحدة تُعمد بالزيت
تيسير السامعى
تيسير السامعى

الوحدة كلمة جميلة محببة للنفس تحمل دلالات عظيمة فهي توحي بالقوة والألفة و المحبة والإخاء وتحقق المقصود في قول الله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا».

لكن هناك من عمل على تشويه هذه الكلمة و أفرغها من مضامينها من خلال إقرانها بكلمات ذات إيحاءات سلبية تحمل معاني منفرة .. منذ سنوات و هناك من يردد على أن الوحدة خط احمر وان الوحدة عمدت بالدم ..

اللون الأحمر هو لون الدم والدم و إن كان يجري بعروقنا ويعمل على نقل الغداء والأكسجين إلى كل أجزاء الجسم .. إلا أن كلمة الدم عند ذكرها توحي بالخراب والدمار والقتل وفراق الأحبة ،و لاشك أن ربطها بالوحدة يفسد معانيها العظيمة . ويحولها من وحدة محبة وإخاء وبناء إلى وحدة دمار وخراب وقتل ..

لقد ظلمنا الوحدة ظلما عظيماً يوم أن اصررنا على أنها خط احمر وعمدناها بالدم، لقد جعلنا القلوب تنفر منها وتهفو إلى نقيضها .. كان الأجدر بنا أن نجعلها خطاً أخضر , فاللون الأخضر هو لون الطبيعة والجمال والنفوس ترتاح وتأنس عند النظر إليه ، وكان الأجدر بنا نعمدها بسائل غير الدم فهناك سوائل كثيرة يمكن أن تعمد بها الوحدة ، فالزيت أفضل من الدم فهو سائل الصناعة و الإنتاج أو المانجو الغني بالفيتامينات الذي تشتهر به أودية بلادنا ..

إن الوحدة بحاجة إلى إعادة الاعتبار لها و تصفيتها من كل الشوائب و الأدران و الأوبئة التي علقت بها وأفسدت معانيها و جعلت القلوب تنفر منها . لابد من إعادتها إلى صفائها ورونقها ومعانيها الجميلة . لن يتم ذلك إلا أذا حررناها من الخطوط الحمراء وأبعدناها تماماً عن الدم .والقتل وجعلناها وحدة محبة وبناء وإنتاج... وحدة قلوب وأروح .. وحدة اعتصام وتآخٍ .. 

إن أعداء الوحدة الحقيقيين أولئك النفر الذين عمدوها بالدم كما يزعمون و جعلوها خطاً احمر ونسوا أن هدم الكعبة حجراً جحراً أهون عند الله من إراقة دم أمرء مسلم . هكذا علمنا ديننا وأرشدنا رسولنا . أين هؤلاء القوم من هذه التعاليم السامية . لقد ظلوا سنوات يتفاخرون بذلك يعتبرونه منجزا عظيماً من منجزاتهم الخالدة . لقد كانون يعتقدون أنهم يحسنون صنعا ،و لم يدركوا أنهم بعملهم ذلك قد وحدوا الأرض و فرقوا القلوب وجمعوا الناس وشتتوا الأرواح.. 

ستعود وحدتنا التي حلمنا بها و تغنينا لمقدمها وبكت عيوننا يوم ميلادها يوم أن يرحلوا عنا من هدموا معانيها وافرغوا مضامينها من اجل تحقيق رغباتهم المريضة ونزواتهم الشريرة .. ستعود كما نريدها بيضاء نقية تجمع القلوب و الأرواح وتحمل المحبة والإخاء والعدل والمساواة والتعاون والبناء و الحضارة لا نعمدها بدم بل سوف نعمدها بالزيت . بزيت الصناعة والإنتاج بزيت العافية والسلامة والصحة .وهذا لن يتأتى إلا إذا حررنا نفوسنا من ذكريات الماضي و فتحنا صفحة جديدة عنوانها يمن خالٍ من الأحقاد . 


في الثلاثاء 27 مارس - آذار 2012 08:04:05 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=14800