نحن والجامعة وقمم الحكام العرب
كاتب/مهدي الهجر
كاتب/مهدي الهجر

مأرب برس - خاص

عادة ما تأتي الحروب الدولية الممنهجة والموجهة بنتائج وآثار تبقى لأمد بعيد لصالح الطرف المنتصر وعلى حساب المقهور أولا وآخرين اختاروا الحياد والمشاهدة.

من الدائرة الإسلامية

انتهت الحرب العالمية الثانية بتشكيل بيئة ونظام دولي جديدين ،وبرسم خارطة واتجاهات جديدة ،وإعادة اللعب وتحريك أحجار رقعة الشطرنج بأسس وشروط وقواعد أخرى .

في ظل هذا الوضع الجديد ،والمسرح السياسي المعدل بممثلين جدد ،وبمساحات كبيرة في السيناريو أنشئت جامعة الدول العربية ،الذي قال المحلل يومها ولا زال أنها جاءت كواحدة من الأدوات ابتكرها المخرج الجديد ودفع بها إلى المسرح في إطار مناوراته المفعلة ،وكتوظيف استثماري للمكاسب التي عادت عليه من نتائج الحرب العالمية الثانية بضرب إسفينا عميقا في قلب العالم الإسلامي يؤدي بطبيعة الحال إلى فرز قومي جغرافي تتشكل منه تباعا انساقا في مواجهة بعضها في سياق إستراتيجية الاحتواء المبكر والذي تولى كبره فيها منذ وقت مبكر (أتاتورك) فقال بالمشروع الطوراني وان تركيا لأهلها ،وفي النسق المقابل جاء مشروع آخر وان كان متأخرا لكنه اعد هو الآخر على أعين ورؤية نفخ فيه ساطع الحصري وآخرون .

الفكر السياسي العربي والإسلامي انقسم يومها إلى فريقين ،بين مؤيد مغالي ،وبين رافض مغالي فوجدت قطيعة وشبه صدام بين المتغير الإسلامي والمتغير القومي .

قد يكون الفريق الرافض لعمل هذا الفرز والاجتزاء القهري للفصيل القومي من دائرته الأم والدفع بها في المواجهة محقا يومها في ظل حسابات الأرباح والخسائر ،وان النزول الجبري من الأعلى إلى الأدنى ومن صهوة الخيل إلى بردعة الحمار نقص ومثلبة في حسابات الجمعي للسكان والجغرافيا ومقاييس القوة.

إلى الدائرة القومية

وتم الانتقال القسري من الدائرة الأوسع (الإسلامي ) إلى الدائرة الأضيق ( القومي ) فصارت قوميات وشيع ،والمصيبة أن أول ما دشنه القوميون الجدد في بداية عهدهم هو الإعلان بالبرهان العملي عن الانقلاب الثوري والدموي على تلك الدائرة التي تناسلوا منها تحت دعاوى الحرب على الرجعية والجمود وان التخلية تسبق التحلية في المشروع القومي النهضوي .

وحلت واستوت جامعة الدول العربية بكيان وفعاليات ومؤسسات ،وقد كانت رغم ما قيل عنها تمثل البيت العربي رغم الهشاشة والنسبية ،وبفعل متغيرات وأحداث أخرى تقارب القومي والإسلامي بعد ما تناهى إليهما بالجس والمشاهدة أن كليهما محل استهداف ،وان قصتهما أشبه بالثورين الأبيض والأسود يوم أن أكل الأول بتواطؤ الآخر ثم تلقائيا حل الدور الثاني.

رغم النسبي الذي سوقت به الجامعة العربية في القبول لدى النخب العربية ،إلا أنها ضلت محل سخط وغضب الشارع العربي إذ أنها لم ترق إلى مستوى آمال وأمنيات المواطن العربي فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ،وبشان القضية الفلسطينية تحديدا الذي يزيد التفريط العربي الرسمي لها باستمرار.

وهكذا ضلت كل القمم وبياناتها المختلفة محل سخرية وتندر من النخبوي أو المواطن العادي ،فمفردات من مثل ،نشجب، ونستنكر ،ونندد ..الخ تمثل لدى الشارع منتهى العجز والخيبة ،ولعل الصورة التي رسمها الشاعر احمد مطر لبطله عباس في قصيدته الذائعة الصيت تعكس حقيقة الوضع الرسمي وما يقابله من استهجان لدى الشارع.

إلى الدائرة القطرية

بيد أن الثور العربي الشهير فر من الحظيرة،وتبعته بعد حين العجول العربية الأصيلة ،وبأريحية تعلوها ابتسامة ممزوجة بلزوجة نزل الحاكم العربي إلى درجة أدنى ،فحلت علينا الدائرة القطرية وحلت مقولة الوطن أولا ولو بمعية الشيطان .

بكى يومها المثقف العربي دائرته القومية التي كان يلعنها يوم جاءت على حساب الدائرة الإسلامية ،فحن إليها بانين حينما وجد الأوطان تتشرنق في دوائر ضيقة لتحتد بأضراسها على بعضها .

حتى أن الحنين اليوم يتدافع إلى خطاب تفرزه واحدة من قمم اليوم تملؤه مفردات شجية وحبيبة إلى النفس من مثل نشجب ،نستنكر ،ندين ..الخ .

حتى قال قائل ليت عباس بقي على حاله ،يلمع سيفه ،يفتل شاربه ،يبعث ببرقية تهديد.

إلى الدائرة الطائفية

وانزل العرب إلى دوائر بداخل كل دائرة لهم ضيقة ،فبين السودان دوائر تدور،والعراق يدور ويدور ،والأقباط في مصر والنوبيون تجهز لهم دوائر ،وفي صعدة اليمن تدور الدائرة والنماذج متعددة.

أصبح الوجع شديد والمصيبة فاجعة ،فأمنية كل دولة عربية اليوم هي أن تبقى على وحدة ترابها ونسيجها الاجتماعي من أن تتحول إلى منطقة إقليمية بعدد من القطع تسمى دول تحتاج يومها إلى جامعه أو منظمة إقليمية خاصة بها ..وقد يحتد الخلاف بين هذه المزق حول من يكون الأمين العام والدولة المحورية والقائد في مواجهة الجامعة العربية .

اليوم هناك اتجاهان من الرأي :

الأول : يرى بضرورة حل الجامعة العربية ،بعد أن أثبتت عجزها في أكثر من موقف ومشهد ،وأنها أصبحت ثقلا وكلفة ،وان قممها بمثابة الفتيل الذي يزيد البون والشحن بين الحكام والشعوب من بعدهم وذلك في ظل الملاسنات والشتائم والتهادي بالصحون ،وربما أنها صارت أداة لخدمة السياسة الدولية المعادية من خلال استخدامها من بعض من تسمى بالدول العربية المحورية في تقديم مواقف وتنازلات بموقف عربي موحد.

وان الجامعة بافتقادها لأهدافها ومضامينها والثوابت التي قامت عليها أصبحت خطرا يهدد ما تبقى من ثوابت سواء فيما يتعلق بالصراع العربي الإسرائيلي ،أوفي مواجهة المطامع الأمريكية .

كما أن قضايا مثل معاهدة الدفاع العربي المشترك ،أو السوق العربية المشتركة قد انتهت تماما فعليا وأعلن ذلك رسميا في خطاب مبارك وإعلانه الشهير أن الجيش المصري لن يقاتل أبدا إلا ضد أي عدوان على مصر.

فبعد الموقف من الاحتلال الأمريكي للعراق ،والعدوان الإسرائيلي على لبنان،والعدوان الإثيوبي على الصومال فلا ثمة أمل بالجملة في عافية قادمة .تشهدها الجامعة.

ويرى هذا الفريق أن البديل قد يكون بجهود فردية كما حصل من السعودية في احتواء الأزمة الفلسطينية الفلسطينية ،والتي ما كان لها إلا أن تزيد وتشتد لو تعاطتها قمة خاصة.

الرأي الآخر : يذهب إلى القول ..بشيء خير من لا شيء ،وان لا شيء يتبع التراجع إلا مزيدا من التراجع ولجسم به من الحياة نبض فقط خير من جثة هامدة ملفات وأجندة أمريكية طبعا ولا جدال فان السمراء رايس هي من اشرف وراجع أجندة القمة القادمة (كما كل قمة )ان لم تكن من أعدها في الأساس .

والسؤال ما لذي سيقدمه النشامى الأشاوس في مواجهة الملفات العاجلة والاهم

والمتمثلة في :

--الوضع الفلسطيني

--الوضع العراقي

-- الأزمة السودانية

--الأزمة اللبنانية

--الأزمة في الصومال

--الأطراف الإقليمية في تفجير أزمة صعدة (اليمن )

-- الأزمة الشخصية بين العقيد وخادم الحرمين

--الموقف الكويتي من اليمن

توصية ومبادرة

توصية إلى مؤتمر القمة بضرورة مراجعة النظام الداخلي للجامعة وان تستبدل كلمتي الدول العربية إلى جامعة الحكام العرب تسوى فيها ومن خلالها خصوماتهم الشخصية ،وتعالج فيها ومن خلالها قضاياهم الشخصية و بالنسبة للشعوب العربية فأمامها فرصة إعلان جامعة الشعوب العربية من خلال من يمثلها فيها وفي قممها عبر انتخابات شعبية ومنظمات مجتمع مدني .

أما العبد لله فقد أفرط في التفاؤل حتى تجمد خيبة

alhager@gawab.com


في الأربعاء 28 مارس - آذار 2007 09:13:59 ص

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=1423