حوار المصالحة الانتقالي
د. محمد البنا
د. محمد البنا

تنتظر جماهير الشعب اليمني قاطبة إجراءات حكومة الوفاق لتنفيذ وعودها التوافقية في مرحلة الانتقال الثانية وأهمها الحوار الوطني المؤدي الى مصالحة وطنية من خلال العدالة الانتقالية المتبوعة بإعداد دستور جديد للدولة اليمنية المدنية الجديدة, غير ان المؤشرات القائمة حاليا لا تبشر بخير للأسباب التالية:

1-قامت وزارة الشئون القانونية بإعداد مشروع المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية لتقديمه الى البرلمان في شهر مارس القادم. ويعتبر قيام الوزارة بنشر مسودة المشروع على العامة خطوة ايجابية لتمكين الجمهور من المشاركة الفاعلة في إغنائه بالملاحظات والمقترحات الايجابية.

إن اعتماد قانون المصالحة قبل الحوار الوطني والذي من مهامه الأساسية المصالحة الوطنية, عملية غير منسجمة قد يبدو منها محاولة فرض الأمر الواقع بقانون على طرف بحيث لا يستطيع الخروج عنه. فلو تم البدء بالحوار الوطني عبر لجان مختلفة تهدف للوصول إلى حلول لكل القضايا المطروحة على طاولة البحث, وتختص كل منها بقضية محددة مثل لجنة للقضية الجنوبية, لجنة لقضية صعدة, لجنة للجرائم السابقة للعام 1990م, لجنة للجرائم الواقعة بين العام 1990م الى العام 1994م, لجنة للجرائم الواقعة بين العام 1994م الى العام 2010م, لجنة لجرائم العام 2011م, على ان تخرج هذه اللجان بمقترح مكتمل للمصالحة الوطنية الشاملة وتضمين حلولها في مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية, والاستفادة من مخرجات الحوار الوطني في مشروع دستور الدولة المدنية المرتقب.

من جانب أخر فان إجراء الحوار الوطني او مناقشة مشروع قانون المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية في ضل وجود أشخاص, ممن يعتقد بأنهم ارتكبوا جرائم تدخل ضمن المصالحة, يتبوءون مناصب عليا في السلطتين التنفيذية والتشريعية ويستطيعون من خلالها فرض رؤيتهم على صيغة أي قانون, يمكن اعتباره إخلالا بمبادئ العدالة والمساواة والهدف السامي للحوار وانحيازا ضد احد أطراف الحوار ينسفه من البداية. لذا يجب تحييد من يمكن ان يكون طرفا في عملية المصالحة الوطنية, عن الوظيفة العامة الأمنية او القضائية او السيادية العليا.

2- قامت حكومة الوفاق مؤخرا مشكورة بعقد ندوات وحلقات نقاش حول المصالحة والعدالة الانتقالية, لكنها اقتصرتها على نخبة منتقاة من الأفراد والجهات التي يمكنها بسهولة تكرار ما تريده الحكومة منهم وفقط في العاصمة صنعاء, وهو مانتوقعه أيضا في الحوار الوطني.

إننا نرى بان اختصار اليمن في صنعاء فقط واختصار الشعب اليمني على من هم مقيمين في العاصمة, عملا غير منصف لن يؤدي إلى تحقيق نتائج مفيدة عمليا على الواقع. حيث يجب ان يشمل عمل اللجان كل محافظات الجمهورية وفقا لبرنامج زمني محدد الزمان والمكان ومعلن مسبقا للجمهور حتى يتمكن من يرى في نفسه المقدرة من المشاركة الفاعلة, خصوصا وان المناطق الأكثر تضررا من الأحداث السابقة للعام 2011م يقع اغلبها في الجنوب موزعا بين عدن وتعز والمناطق الوسطى. لذا يجب على حكومة الوفاق إشراك تلك المحافظات في اية نقاشات حول المصالحة والعدالة الانتقالية والدستور.

خلاصة لما أوردناه نقترح على حكومة الوفاق الأتي:

1) البدء بتشكيل لجان تخصصية رئيسية بكل قضية من ذوي الكفاءة والإمكانيات العلمية والعملية مختارين بحيادية من محافظات مختلفة تكون الأولوية في الاختيار للمتطوعين التي تنطبق عليهم شروط العمل في اللجنة المحددة. يتبع ذلك تشكيل لجان فرعية لكل محافظة بنفس الطريقة, ووضع جدول زمني لعملها يعلن في كل وسائل الإعلام.

2) نشر جميع وثائق المشاريع المعنية من قوانين ودستور وغيرها, بشكل يمكن الجميع من الحصول عليها بسهولة ويسر.

3) تأسيس مركز مساعدة في صنعاء لاستقبال البريد العادي والالكتروني واستلام الوثائق من الأفراد والهيئات, المتعلقة بقضايا المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية والدستور الجديد, من أفكار ومقترحات وملاحظات وغيرها وتسليمها الى اللجان المعنية.

4) ضبط عمل اللجان زمنيا بحيث يتم انجاز المهام في وقت مناسب للتنفيذ, ليس في إصدار القانون فحسب بل وتنفيذه قبل انتهاء الفترة الانتقالية الثانية.

5) إعطاء مسودة مشروع الدستور الجديد اهتماما خاصا في النشر والنقاش والشرح قبل أي استفتاء عليه.


في الإثنين 27 فبراير-شباط 2012 04:24:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=14130