ماذا ينتظرون
محمد عبدالله اسماعيل
محمد عبدالله اسماعيل

فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون \"

فاليوم ننجيك أى نخرجك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيا وفي التعبير عنه بالتنجية تلويح بأن مراده بالإيمان هو النجاة كما مر وتهكم به أو نلقيك على نجوة من الأرض ليراك بنو إسرائيل وقرئ ننجيك من الإنجاء وننحيك بالحاء من التنحية أى نلقيك بناحية الساحل

ببدنك في موضع الحال من ضمير المخاطب أى ننجيك ملابسا ببدنك فقط لا مع روحك كما هو مطلوبك فهو تخييب له وحسم لأطماعه بالمرة أو عاريا عن اللباس أو كاملا سويا أو بدرعك وكانت له درع من الذهب يعرف بها وقرئ بأبدانك أى بأجزاء بدنك كلها كقولهم هوى بأجرامه أو بدروعك كأنه كان مظاهرا بينها

لتكون لمن خلفك آية لمن وراءك علامة وهم بنو إسرائيل إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك حتى يروى أنهم لم يصدقوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بغرقه إلى أن عاينوه مطرحا على ممرهم من الساحل أو تكون لمن يأتى بعدك من الأمم إذا سمعوا مآل أمرك ممن شاهدك عبرة ونكالا من الطغيان أو حجة تدلهم على أن الإنسان وإن بلغ الغاية القصوى من عظم الشأن وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الربوبية وقرئ لمن خلفك فعلا ماضيا أى لمن خلفك من الجبابرة وقرئ لمن خلقك بالقاف أى لتكون لخالقك آية كسائر الآيات فإن إفراده سبحانه إياك بالإلقاء إلى الساحل دليل على أنه قصد منه لكشف تزويرك وإماطة الشبهة في أمرك وبرهان نير على كمال علمه وقدرته وحكمته وإرادته وهذا الوجه محتمل على القراءة المشهورة أيضا وفي تعليل تنجيته بما ذكر إيذان بأنها ليست لإعزازه أو لفائدة أخرى عائدة إليه بل لكمال الاستهانة به وتفضيحه على رءوس الأشهاد وزيادة تفظيع حاله كمن يقتل ثم يجر جسده في الأسواق أو يدار برأسه في البلاد واللام الأولى متعلقة بننجيك والثانية بمحذوف وقع حالا من آية أى كائنة لمن خلفك

وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها وهو اعتراض تذييلى جيء به عند الحكاية تقريرا لفحوى الكلام المحكى

فلماذا النظام العربي لا ياخذا العبرة والعظة من فراعنة هذه الامة الذين خلعوا وولوا من غير رجعة اليس زين العابدين وحسني مبارك ومعمر القذافي عبرة لمن يعتبر ذهبوا مطرودين مفضوحين مقتولين فماذا ينتظر علي صالح والاسد


في الأربعاء 23 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 03:24:06 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=12454