أمريكا التي نحب .. !!
عبدالجبار سعد
عبدالجبار سعد

مأرب برس – خاص

رسائل الى سعادة سفير امريكا العربي

الرسالة الأولى ..

سعادة السفير الأستاذ نبيل خوري

مساعد سفير الولايات المتحدة الأمريكية .. صنعاء المحترم

سلام من الرب الرحيم على كل من ينشد السلام في هذه الأرض ويتبع هدى الله المنزل على عباده بواسطة أنبيائه ورسله الكرام من لدن آدم حتى محمد مرورا بنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين أما بعد ..

سعادة السفير ..

فقد اخترت مخاطبتك باعتبارك من أمة المجد العربية التي أنجبت الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عبر كل العصور .. و التي تكلم العالم بلغتها ذات يوم ونقلت عبر هذه اللغة كل ذخائر الإنسانية من العلوم والأفكار والآداب .. إلى أمم الغرب فكانت جسرا عظيما بين حضارات الشرق الأولى وحضارات الغرب الحديثة .

سعادة السفير

وباعتبارك أمريكيا عملت وتعمل مع إدارة بوش الابن في كل من العراق واليمن .. في وقت تحولت فيه القيم العظيمة التي قامت عليها أمريكا إلى رماد .. فقد أحببت أن أضعك أمام هذه الخواطر التي لعل من المناسب أن تعرف من خلالها كيف يفكر أكثر من ثلاثمائة مليون من إخوانك العرب فضلا عن أكثر من مليار ونصف من المسلمين في أرجاء المعمورة .

سعادة السفير

حين أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أن تدخل الشرق بسعته .. والشرق العربي على وجه التحديد بثت عيونها وأقامت مراكز أبحاثها .. وجهدت في استكشاف الكثير من العوامل والمؤثرات التي ترتبط بأمة العرب والمسلمين .. وفي الربع الأول من القرن الماضي جاء أمريكي من أصل عربي لبناني أيضا اسمه الأستاذ أمين الريحاني وزار المنطقة العربية والتقى بملوكها وأمرائها وشيوخها وجمع الكثير من المعلومات عن الصراعات التي كانت قائمة آنذاك وأودع الكثير منها كتابه القيم ( ملوك العرب ) وفي هذا الكتاب .. الكثير من الإبداع الأدبي .. والتصنيف الدقيق .. للخصائص العربية . والمناطق العربية وحكام المنطقة في تلك الفترة والخلافات الدائرة بينهم وعلاقاتهم بالدول التي كانت مهيمنة على المنطقة خصوصا بريطانيا العظمى .. وأعتقد أنه بناء على مقترحات هذا الرجل وما قدمه من نصائح وما يشبهه من البحوث تسنى لأمريكا أن تدخل المنطقة بنجاح وتسحب البساط من تحت أقدام الدول الأوربية التي كانت بصدد تقاسم تركة الرجل المريض ( الخلافة العثمانية ) عبر اتفاقية سايكس بيكو .. وقدسا عد أمريكا حينها نشوء الإتحاد السوفيتي وانتصار البلاشفة وانفضاح خطة التقسيم .. بنشر نصوص اتفاقية سايكس بيكوالتي كانت مودعه في خزينة القيصر الروسي ..حينها .

سعادة السفير ..

أجل لقد نجحت أمريكا ودخلت المنطقة وشيئا فشيئا غربت شمس بريطانيا العظمى لتشرق شمس أمريكا العظمى ..

سعادة السفير ..

أمريكا التي نحبها هي أمريكا الحرية والمساواة وحرية المعتقد و تعايش الأعراق والأجناس .. أمريكا العلم والتقنية .. والاستكشافات المتسارعة .. أمريكا حقوق الإنسان ..أمريكا القضاء العادل المستقل .. أمريكا القانون الذي يتساوى فيه القوي والضعيف والغني والفقير والأبيض والأسود .والمهاجر والمقيم فهل لا زالت أمريكا هي أمريكا التي ننشدها ونحبها ؟

سعادة السفير

لقد درست في أمريكا وعشت مع أهلها وزرت كنائسها ومساجدها ودخلت الأحياء الفقيرة فيها ومناطق ذوي البشرة السمراء وعبرت مناطق الجريمة في نيويورك وفي واشنطن دي سي ..المسكونة بالرعب ورأيت كيف يهيمن الخارجون على القانون ويبسطون نفوذهم فيها ودخلت أسواقها وحدائقها وشاهدت براريها وعبرت طرقها الطويلة و أنفاقها وبعض جزرها وأنهارها..ودخلت الكونجرس وزرت البيت الأبيض ــ من أجل السياحة فيه .. كما تعلمون ولا أدري ان كان لا زال ذلك قائما الآن ــ . وفي كل ذلك كان لي موقف الدهشة والحضور المميز مع كل جانب من هذه الجوانب ..

سعادة السفير

الناس هنا وفي كل مكان حين يتعلق الأمر بأمريكا على ثلاثة أنحاء

  اتجاه مفتون بأمريكا إلى حد اعتبارها المدينة الفاضلة التي تحدث عنها الفلاسفة من القدم وهؤلاء يرونها خيرا مطلقا يقاس عليها كل خير وكل فضيلة ويندرج في هذا أناس مبهورون بالتماعات المدنية والأضواء وهؤلاء هم الأبرياء وأناس مبهورون بالتماعات الذهب الذي يغري نفوسهم المريضة فيبيعون لعيون أمريكا أوطانهم وقيمهم وأديانهم وهؤلاء ليسوا بأبرياء

واتجاه يرى في أمريكا شرامطلقا لا تصدر عنها فضيلة ولا يقطنها خير ولا يأتي منها صلاح بالمطلق وهؤلاء هم الذين عموا وصموا عن أن يروا ويسمعوا ما ساهمت وتسهم به أمريكا في كل جديد من عالم التقنية والعلوم على وجه الخصوص .. والمكتشفات الحديثة .

واتجاه ثالث بينهما وهو الذي يقدر لأمريكا قدرها وإسهامها في حضارة العصر .ولا يعفيها او بالأحرى لا يعفي إدارتها من المساءلة حول الانحرافات التي تصل إلى حد ارتكاب أشنع الجرائم ضد الإنسانية من خلال الغزو والتآمر على الشعوب والانقلابات كما في السابق على الأخص و أعمال الجاسوسية وتدمير القيم .. كما أنه يرى أن أمريكا تحتاج إلى إعادة نظر في أخلاقياتها لتحقيق التوازن بين الجانب المادي والروحي من حياتها ..

واراني وكل ذي عقل وإنصاف ياسعادة السفير في هذا الاتجاه ..

سعادة السفير ..

ومن أعجب العجب أنني وأنا القادم من بيئة دينية ومن الشرق ومن بيئة يسود فيها التصوف غالبا كسلوك إلا أنني مع كل ذلك لم أتعرف على التصوف إلا في أمريكا ولم أعرف حقيقة العبادة وحلاوة العبادة إلا داخل أمريكا .. ورأيت من مظاهر السلوك الإيماني السوي ما لايمكن لأحد في الشرق تصوره .. 

سعادة السفير ..

لقد ظللت ولا أزال أقول إن دولة الخلافة الإسلامية التي ينشدها المسلمون لن تكون إلا صورة من هذا النظام القضائي والتشريعي والرقابي التي وجد في أمريكا مستفيدا من كل تجار ب البشر مع فارق طبعا وهو أننا نعتمد في تشريعاتنا على مصدر ثابت وأساسي وهو القرآن والسنة النبوية .. فيما يعتبر الدستور والتشريعات الوضعية هناك هي المصدر في أمريكا . 

سعادة السفير ..

وبعد فهل لازالت أمريكا هي أمريكا التي نحب .. ؟

سعادة السفير

لقد تم غزو العراق .تحت مبررات كاذبة وسمجة .. اعترف بوش بكذبها ولكنه استمر في تدميره العراق .. وأنهى دولته وأسلم البلاد لعصابات من القتلة وفرق الموت .. ليقوموا بما تبقى من محو العراق والعراقيين ..وتصفية قياداته الرسمية والشعبية وتصفية علمائه .. وانتهاك أعراضه .. واهانة مقدساته .. وتهجير بنيه .. كل ذلك تحت حماية ودعم ومباركة القوات الغازية الأمريكية وحليفاتها .

سعادة السفير

أليس من المخجل ان تكون أمريكا تلك هي التي ترى حكومة العصابات وهي تجهز أفرادها وميليشياتها بأزياء عسكرية وأمنية وسيارات شرطه .. ورسميه وأسلحة حكومية ثم تخرج لتهجم على الدور والمؤسسات والقرى والمدن وتعتقل الآلاف وتتفنن في تعذيبهم ثم ترميهم جثثا هامدة على قارعة الطريق .. ويتكرر المشهد على مرأى ومسمع من الأمريكيين .. دون أن يقل دعمهم لهذه الميليشيات واعتمادهم

  عليها .. ؟

أليس من المخجل يا سعادة السفير أن تقوم هذه العصابات وبمباركة الآلاف من الجنود الأمريكيين بحملة أمنية تستهدف تصفية عرقية لطوائف من الشعب العراقي التي لا ترضى عنهم الدولة الفارسية ولا ترضى عنهم إدارة بوش ..؟

أليس من المخجل إن ترى عمليات الاغتصاب تقوم بها هذه العصابات لأعراض العراقيين الشرفاء وتحت عدسات التصوير لتستخدم ضدهم فيما بعد لتدمير كل كياناتهم المادية والأخلاقية ثم يأتي رئيس وزراء هذه العصابات ليكرم المغتصبين وليبرؤهم من التهمة التي نسبت إليهم ظلما كما يقول ..

أليس من المخجل .. أن يفعل ذلك الأمريكيون في ( أبو غريب ) ويمارسونها في كل هجماتهم على مساكن العراقيين في الليل والنهار و التي لا تخضع لمساءلة ولا لمقياس أخلاقي أو عسكري أو إنساني ..؟

سعادة السفير ..

  لقد دخلت أمريكا العراق من خلال مجموعه من الساسة القوادين الذين تفننوا في الكذب عليها ولم يمدوها بأية معلومات حقيقية عن وضع العراق .. فغرقت حتى أذنيها في الكذب والدجل .. ولم تستطع أن تخرج منه .. كما لم تستطع أن تحمي نفسها ولا هؤلاء القوادون استطاعوا أن يحموها أو حتى يحموا أنفسهم إلا بها .. ثم هي تصر على السير وتخترع كل يوم من الأساليب الشيطانية مامن شأنه تعميق الجرح العراقي النازف ثم أنتم أيها الإخوة العرب في هذه الإدارة لا تأخذكم أدنى غيره على إخوانكم .. ولا تنبسون ببنت شفة لتوقفوا هذا الدمار المادي والأخلاقي

  لحضارة وشعب العراق العظيم ..

سعادة السفير ..

في ذات الوقت نراكم هنا يا سعادة السفير تتعاملون مع البعض من أفراد وأحزاب وهيئات ومنظمات عبثية ووهمية يشبهون أولئك الذين تعاملتم وتتعاملون معهم في العراق ..وتعتمدون عليهم في رؤيا الوضع وفي التغيير كما يبدو .. وهم توائم وأخدان لأولئك الذين باعوا وطنهم في العراق ولم يكتفوا ببيعه بل لا يزالون يعملون مافي وسعهم لإبادة ماتبقى من أبنائه تاريخا وأخلاقا وحضارة وإنسانا ..

سعادة السفير ..

لا شك أنكم تحتاجون لمن يقدم نفسه وخدماته .. من أجل تحقيق مصلحة أمريكية .. وهذا شأن لا أحد يلومكم عليه .. ولكن ما يمكن أن نلومكم عليه هو أن تلدغوا من نفس الجحر مرتين فأكثر .. فالخائن هو عبارة عن مخلوق فقد انتمائه لإنسانيته .. الخائن لوطنه عبارة عن مخلوق بهيمي .. يتمتع ويأكل ويشرب كماتفعل الأنعام لكن ليس له قيمة حقيقية .. في حساب القيم .. هل تتذكر قصة نابليون بونابرت الذي استأجر أحد الجواسيس كي يدله على طرق غزو بلاده ثم لما أتم عمله أعطاه مايليق به من مال .. وأراد الرجل أن يتشرف بتقبيل يد نابليون .. فقال له .. نا بليون إن هذا المال هو ثمن خدماتك لنا أما يدي فلا يقبلها خائن مثلك باع وطنه..؟؟

  وأنتم عليكم

وأنتم تتعاملون مع هذا الرهط من العملاء والخونة أن تعرّفوهم أنهم عبارة عن مستأجرين .. لا يشرفكم حتى أن تظهروا معهم في حفلات العشاء التي تقام ويحضرونها معكم ..

سعادة السفير ..

لو اعتمدتم على مثل هؤلاء فإنهم سيضلونكم كما أضلوكم في العراق .. ستتسببون في تدمير شعبنا وشعوب كثار بنفس الطريقة وستجدون أنفسكم وقد تحولتم إلى أدوات تبرير لأكاذيبهم .. بعد أن تفقدوا الكثير من سمعتكم .. وثقة الناس بكم ..

سعادة السفير ..

هل رأيت صور نصر الله بعد حرب تموز كيف ملأت الشوارع والمحال وواجهات السيارات ؟

ثم هل رأيت صور الرئيس العراقي المجاهد صدام حسين كيف حلت محل تلك .. وكيف أصبحت تزين كل جوانب الصورة التي كان يحتلها نصرالله ..أويزيد

إذا رأيت ذلك فاعلم أن من حولكم ممن يحدثونكم عن الشعب اليمني ويباركون لكم غزو العراق وموقفكم من فلسطين ومواقفكم في لبنان كلهم يضحكون عليكم ويكذبون.

الشعب اليمني وكل الشعوب العربية والمسلمة حيثما وقفت أمريكا وقفوا موقف الضد لها وهم مع كل من يتحداها من أسامة بن لا دن إلى هوجوشافيز الى صدام حسن .. و أما هؤلاء الذين يأتون اليكم بكذبهم باسم الأمة فأنهم ممقوتون حتى من أمهاتهم ومن نسائهم وأبنائهم .. وأنهم لا يعيشون إلا على أمل يشبه أمل من سبقهم في العراق بأن يسقط الوضع في اليمن .. وتقسمون لهم مجلس الحكم فتبتل حلوقهم من ظمأ الحكم وبعد هذا فليأت الطوفان .. فهل هذا ما تودون عمله في اليمن .. وهل تريدون أن توصلونا إلى حالة كهذه ..؟؟

سعادة السفير

إنهم يقولون لكم الشعب يبارك ديمقراطيتكم في العراق .. ويمقت الإرهاب .. ويكره صدام حسين .. ويكره القاعدة ويكره طالبان .. وهكذا والأمر بخلاف ذلك يا سعادة السفير فالشعب اليمني وكل الشعوب تشعر بمرارة العناء من القهر التي تكابده من أمريكا .. وتحب أسامة بن لا دن لأنه كما تعتقد هي انتصر لها ذات يوم وتحب صد م حسين لأنه واجه الغطرسة الأمريكية وقاوم وقاوم وقاوم وقهر المستحيل .. وتحب طالبان لأنها لم تذب كماأريد لها أن تكون وستظل تحب الجميع وأمثالهم مالم تثب أمريكا إلى رشدها وتنصف الناس منها وحينها فقط ستقول الأمة وحدها للشيخ أسامة بن لا دن .. ماكان ينبغي أن تتسرع فتهدم المعبد على رؤوس الجميع مثلا ..لكن ليس مع ماهو قائم الآن ..

سعادة السفير ..

نقلت بعض المصادر الصحفية قبل أسابيع أنكم وأنتم تتحدثون مع بعض هؤلاء تساءلتم من سيكون رئيس هيئة مكافحة الفساد في اليمن وأن كل واحد أدلى بدلوه ثم جاء دورك لتقول انك أنت من سيكون رئيس هيئة مكافحة الفساد ..وقد أشكل على الكثير فهم هذه الحقيقة ..؟؟ ولقد تذكرت في هذا السياق .. مانشرته الخارجية البريطانية عن أسرار تركيا قبل موت مصطفى كمال حيث كان السفير البريطاني هو الحاكم الفعلي لتركيا وقبل موت مصطفى كما ل بعث السفير ببرقية .يقول فيها أن مصطفى كمال طلبه واقترح عليه أن يكون وصيا له ويتبعه رئيسا للجمهورية بدلا عنه وهو يعرض الموضوع على حكومة بلاده ..

والبعضخطر على باله أنه ليس رئيس الجمهورية هو الذي عرض عليك أن تكون رئيس هيئة مكافحة الفساد ولكن رئيس هيئة مكافحة الفساد عرض عليك أن تحل محله ربما لأنه يستعد لعمل آخر .. تؤهله له إدارتك ما هو ملحوظ من حركاته في الآونة الأخير ة.. فهل شيئ كهذا حدث يا سعادة السفير ؟

للحديث بقية يا سعادة السفير .. فحديثنا مع مثلك في وقت كهذا حديث

ذو شجون .. فحتى الملتقى ..لك تحياتي .. المعطرة بعبق الفل التهامي ..

suhailyamany@yahoo.com


في الأربعاء 28 فبراير-شباط 2007 04:17:04 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://m2.marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://m2.marebpress.net/articles.php?id=1229